العدد 3927 - الجمعة 07 يونيو 2013م الموافق 28 رجب 1434هـ

أوروبا تقف على حافة الهاوية (2-2)

كل ذلك يتلخص في سياسة التقشف الإجرامية التي تفرضها ألمانيا وصندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية برئاسة البرتغالي جوسيه مانويل باروسو، فضلاً عن مدير البنك المركز الأوروبي الإيطالي ماريو دراغي.

لقد أصبح أكثر من واضح أن التقشف يشجع الأسواق الربوية البحتة وأولئك الذين مجرد يقفون وراءها.

كذلك أن التقشف يطمس الدول وشعوبها، لا فقط في دول جنوب أوروبا المسماة بـ «الهامشية»، فانظر إلى هولندا وفرنسا وألمانيا. كان لابد أن تصل الأزمة إلى ألمانيا أيضاً كما تنبأ العديد من الاقتصاديين بما فيهم الحائزان جائزة نوبل للاقتصاد جوزيف ستيغليتز، وبول كروغمان.

وهكذا تعاني ألمانيا حالياً بسبب سياسة التقشف التي قلصت العديد من أسواقها في الدول الأوروبية، وهي التي تمثل 50 في المئة من صادراتها. وإذا تم الاستمرار في التقشف، فستدخل ألمانيا نفسها حالة من الركود.

لقد أدرك الرأي العام الأوروبي ضرورة وإلحاح تغيير السياسة الحالية والطبقة السياسية الحالية التي برهنت على عدم كفاءتها.

فالواقع هو أن الأحزاب الحاكمة الحالية في دول الاتحاد الأوروبي هي في معظمها محافظة متشددة وغير قادرة على استيعاب هذا الوضع الحرج. والواقع أيضاً هو أن الأطراف التي بنت الاتحاد الأوروبي - الاشتراكيون، الاشتراكيون الديمقراطيون، العماليون، والديمقراطيون المسيحيون - لم تعد تمارس السلطة الآن.

الاستثناءات الوحيدة فرنسا وإيطاليا الآن، حيث أعيد انتخاب الرئيس جورجيو نابوليتانو على رغم عمره وحيث يترأس انريكو ليتا الحكومة الإيطالية الجديدة. فأعلن كل من ليتا والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند صراحة عن معارضتهما للتقشف وعزمهما على استعادة دور الدولة في السيطرة على الأسواق، وليس العكس.

لقد أعرب المواطنون في جميع البلدان الأوروبية عن معارضتهم الصاخبة لـ «الترويكا»، والأسواق والسياسيين الزائفين والحكومات الملتزمة بالتقشف.

لقد أصبحت «دولة الرفاه» (نتاج حقبة ما بعد الحرب العالمية) وكذلك الديمقراطية كما تصورناها، ناهيك عن سيادة القانون. أصبحت كلها معرضة للخطر، بل وخلقت الحاجة إلى تحول سياسي عميق وفوري.

والآن نواجه معضلة واضحة: إما محاربة البطالة وانتشار الفقر والركود دفاعاً عن دولة الرفاهية بمعناها الأوسع، أو سقوط الاتحاد الأوروبي في الهاوية إذا انتظرنا فترة طويلة. وهذا سيكون مأساوياً لا بالنسبة للولايات المتحدة الحليفة فقط، ولكن للعديد من دول العالم التي ستعاني أيضاً كالصين، وروسيا، واليابان، والبرازيل، والهند، والمكسيك، وهلم جرى.

ماريو سواريس

وكالة إنتر بريس سيرفس

العدد 3927 - الجمعة 07 يونيو 2013م الموافق 28 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً