العدد 1572 - الإثنين 25 ديسمبر 2006م الموافق 04 ذي الحجة 1427هـ

الرياضيون و«جماعة التجنيس والهجرة»!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ملاحظةٌ طريفةٌ اكتشفتها في هذا الوطن العجيب، أن هناك نوعاً من سوء الفهم الذي يصل أحياناً إلى درجة الحسد، بين الوسط السياسي والرياضي!

فجماعة السياسيين، يرون ما نالهم من اضطهادٍ وقمعٍ في العقود الماضية، لمجرد أن لهم آراءً لا تعجب الحكومة، أو أن الحكومة لم تكن تعجبهم نوعاً ما! بينما نظراؤهم الرياضيون يعيشون على هامش الحياة، يقضون الساعات والأيام في مشاهدة المباريات ومتابعة الدوري وأخبار اللاعبين!

«السياسيون» يطمحون إلى أشياء مثل العدالة والمساواة والحرية وسيادة القانون على الجميع، وينظّمون من أجل ذلك المسيرات والمظاهرات، بينما أكبر ما يفكّر به الرياضيون أن ينزلوا بسياراتهم إلى الشوارع للتعبير عن فرحهم العارم عند فوز ناديهم بكأسٍ من الحديد الخبث المطلي بطبقةٍ رقيقةٍ من اللون الذهبي المموّه!

المظاهرة «السياسية» تُقَابل بهراوات قوات الأمن، وربما بالرصاص المطاطي أو الحيّ، مع سيلٍ من التهم والشتائم والتشكيك في وطنية المواطنين، يتولاها طابورٌ طويلٌ من الكتّاب من فصيلة «تنابلة السلطان». أما المظاهرة «الرياضية» فهؤلاء «التنابلة» لا يرون فيها عرقلةً لحركة المرور ولا يسمعون حتى أبواق السيارات المنطلقة حتى منتصف الليل!

من هنا، فإن نوعاً من الحسد لدى جماعة «السياسة» من جماعة «الرياضة»، لكن إذا تعمّقت قليلاً، سترى أن «أختكِ مثلك». والغريب أن الموضوع المشترك المقلق اليوم للطرفين هو التجنيس، وكأنه كُتب على الطرفين دفع ضريبة هذه الآفة البشعة.

طبعاً شبعنا كسياسيين من سماع مبرّرات التجنيس العشوائي، ومللنا مما قيل عن تجنيس «الكفاءات» و«غير الكفاءات»، حتى أصبنا بالإحباط ونحن نرى المخاطر الواضحة للعملية على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، والتي سيدفع ثمنها جميع المواطنين، أما في الرياضة فتكتشف عالماً آخر من الاستهتار بالمواطن وعدم الاكتراث بمستقبل الرياضة الوطنية. وعند الحديث مع الرياضيين تشعر بحال من القهر والغضب من هذه السياسة (التجنيس)، بعد أن بدأت آثارها في الظهور. فالرياضة البحرينية اعتمدت فيما مضى على العنصر المحلي، الذي مارس اللعبة بروح وتضحية الهواة، واستطاع أن يترك أسماءً كبيرةً في تاريخ الخليج الرياضي، مثل عدنان أيوب وخليل شويعر وبوشقر وحسن زليخ وبولمعة وسليم وسلمان شريدة ونظير الدرازي وبن سالمين وخالد زباري، كلّ ذلك في ظلّ شح الإمكانات المادية وانعدام المنشآت.

هذا الواقع المشرّف يواجه اليوم تطبيق سياسة «جماعة التجنيس والهجرة»، في عملية شراء واستيراد العناصر الرياضية من الخارج لتمثّل البحرين، كأنها عقمت عن إنتاج العنصر الوطني، تحت مبرراتٍ سخيفةٍ ومقارناتٍ غير منطقية بالدول الأخرى، باعتبار أن هذه الدول تمارس سياسة التجنيس لتحقيق النتائج والفوز بالميداليات.

المقارنة بدولةٍ مثل أميركا مثلاً مقارنةٌ خائبة، فأميركا لم تكن دولةً قبل خمسة قرون، اعتمدت على هجرة الشعوب الأخرى، ومن هذا الخليط تكون الشعب الأميركي، أما في البحرين فأنت أمام دولةٍ كانت موجودةً منذ خمسة آلاف سنة.

على مستوى الخليج، تتحفظ دولٌ كالسعودية والكويت على هذه السياسة المدمّرة احتراماً لشعبها، أما إذا اضطرت دولٌ أخرى كقطر أو الإمارات، لاستيراد «العمالة الرياضية»، فالسبب قلة عدد السكان، بينما أنت في البحرين تشكو وتندب حالك بسبب «الكثافة السكانية»، ودائماً ما تحرّض «تنابلتك» ومهرّجيك على إثارة قرحة «التفريخ السكاني»، بلا أدنى أدبٍ أو احترامٍ لقيمة مواطنيك، فلماذا تجلب «عمالةً رياضية» لتحلّ محل رياضييك كأنك في أرضٍ بلا شعب؟

من أيام عزّنا الرياضي، ونحن نعاني من سوء البنية التحتية، وعدم توافر المنشآت، وعدم الاهتمام بالقاعدة، وقلة ما يرصد من موازنات... هل بعد ذلك سيتمسك السياسيون بموقفهم من الرياضيين المحسودين على «موتة الرياضة» وكارثة التجنيس؟?

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1572 - الإثنين 25 ديسمبر 2006م الموافق 04 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً