العدد 3945 - الثلثاء 25 يونيو 2013م الموافق 16 شعبان 1434هـ

فرص نجاح الحوار الوطني

محمد عباس علي comments [at] alwasatnews.com

عضو سابق في مجلس بلدي المحرق

يعد أسلوب الحوار لفضّ المنازعات وتأسيس واقعٍ للتعايش السلمي والحضاري بين أفراد المجتمع الواحد وبين المجتمعات المختلفة من أرقى وأنجع الأساليب المجربة في جميع المجتمعات الإنسانية المتحضرة، بمختلف الحقب التاريخية وفي مختلف بقاع المعمورة. كما أنه أسلوب متناغم مع الطبيعة البشرية السوية، التي تحب لنفسها وللآخرين الخير والصلاح، كما أنه من صلب ديننا الإسلامي الحنيف الذي ارتضاه رب العزة والجلالة بأن يكون ديناً رحمة للعالمين.

وقد أحسنت القوى الوطنية البحرينية المعارضة صنعاً بقبولها الدخول في الحوار الوطني وذلك من منطلق مسئولياتها الوطنية وإيمانها العميق بأنه الأسلوب الأمثل لبناء الأوطان، ولنيل الحقوق وإحقاق العدالة الاجتماعية، ولرأب الصدع الكبير الذي أصاب مجتمعنا الصغير بفعل السياسات الرسمية.

ثم لضمان نجاح الحوار، وجب تحديد الغايات والأهداف، والنتائج المرجوة منه، وذلك من خلال التفكير والتخطيط ملياً لما يمكن أن تكون عليه بحريننا الحبيبة، وفق ما يتطلع إليه إنسان هذه الأرض الطيبة، مع الأخذ بالاعتبار الظروف الزمانية والمكانية، والكرامة الإنسانية وفقاً للمبادئ الدولية التي تساوي بين جميع المواطنين بمختلف مشاربهم، بغض النظر عن انتماءاتهم العقائدية أو الإثنية، ما يتيح لهم المشاركة الفعالة في بناء الوطن في مختلف الميادين. ولهذا تكمن أهمية التركيز على تحديد المطالب المشروعة، التي يمكن أن تحدث نقلة نوعية لصالح الوطن برمته، وليس لفئة على حساب فئة أخرى. وكما يقول المثل الإنجليزي «إذا لم تعرف الوجهة التي تقصدها (أو الميناء)، فليس هناك من رياح مواتية تساعدك في الوصول إلى وجهتك المنشودة.»»If you don»t know the harbor you»re heading for, no wind is the right wind.»

من الواضح أن القوى الوطنية المعارضة واعية لهذا الأمر، وعليه فقد حددت أهدافها الوطنية التي تريد من خلالها الخير لإنسان هذه الأرض الطيبة، وقد أعلنتها على رؤوس الأشهاد، وذلك في وثيقة المنامة، التي تشكل الخطوط العريضة ذات المعالم الواضحة، وتؤصل لمشروع سياسي متكامل يمكن أن يخرج البلد من هذه الأزمة السياسية والحقوقية العميقة. وتتلخص في الوصول إلى الملكية الدستورية الحقيقية، من خلال:

1. حكومة منتخبة «تمثل الإرادة الشعبية» ويكون للمجلس النيابي صلاحية مساءلة أعضائها فرادى وجمعاً.

2. نظام انتخابي عادل يتضمن دوائر انتخابية عادلة تحقق المساواة بين المواطنين «صوت لكل مواطن».

3. سلطة تشريعية تتكون من غرفة واحدة منتخبة، وتنفرد بكامل الصلاحيات التشريعية والرقابية والمالية والسياسية.

4. قيام سلطة قضائية موثوقة، من خلال استقلال مالي وإداري وفني ومهني، يضمن استقلال جميع الإجراءات القضائية عن أي من السلطات، ووجود العناصر القضائية الكفوءة والمحايدة والجريئة.

5. أمن للجميع عبر اشتراك جميع مكونات المجتمع البحريني في تشكيل الأجهزة الأمنية والعسكرية المختلفة.

6. التنفيذ الكامل والشامل لتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق (تقرير بسيوني) الصادر في 23 نوفمبر 2011، والتوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الانسان في البحرين (توصيات جنيف).

كما وجب معالجة التجنيس السياسي، وإيقاف سياسة التمييز القبلي والطائفي، والتوافق على سياسة إعلامية وطنية جامعة لجميع مكونات المجتمع البحريني، ووقف العنف والتعذيب الذي تمارسه السلطات.

في المقابل، يحق لنا التساؤل: هل يملك الطرف المقابل للقوى الوطنية المعارضة مشروعاً سياسياً واضح المعالم، يمكن أن يلبّي بشكل ما تطلعات جميع المواطنين البحرينيين بغض النظر عن انتماءاتهم المذهبية؟ أم أن هذا الفصيل لديه مهمة محددة تتلخص في تشكيل خط صدٍّ وممانعةٍ لوقف تطلعات المواطنين المطالبين بتطبيق الديمقراطية الحقيقية في البلاد؟

جميع الوقائع تشير إلى أن الطرف المقابل للقوى الوطنية المعارضة لا يمتلك مشروعاً سياسياً، غير الذي هو قائم، وإلا فقد أفصح عنه، كما أن النظام كذلك يفتقد المشروع أيضاً. فان المشاريع الوطنية الكبيرة لا تكون وليدة اللحظة، بل تبنى على أسس وقواعد فكرية وأيدلوجية معمقة، تأخذ في طياتها مصلحة الشعب بجميع مكوناته، الذي هو مصدر السلطات جميعاً.

هذا من جانب، ولكن لو افترضنا جدلاً أن لدى الطرف المقابل للقوى الوطنية المعارضة مشروعاً سياسياً تم التكتم عليه، ولكنه وطني بامتياز ويرقى إلى تطلعات جميع فئات هذا الشعب. بقيت إشكالية مرتكزات الحوار، التي لم يتم التوافق عليها حتى بعد مرور عدة شهور على بدء اللقاءات الممهدة للحوار. فهل يمكن أن يكتب لأي حوار جاد وشامل أن يفضي إلى حل حقيقي، (حتى ولو اتفقت عليه جميع الأطراف المشاركة)، دون أسس وضوابط واضحة المعالم؟

فمن البديهي أن لا ينطلق الحوار من دون الاتفاق على الأسس والمبادئ الضابطة له (من تمثيل متكافئ، وممثل للنظام في طاولة الحوار، والاستفتاء على مخرجاته...إلخ)، والتي تؤمّن فرص نجاحه، وإلا أصبح هذا النشاط برمته أمراً عبثياً ولتقطيع الوقت، وإن تم فسوف يعمق المشاكل ويعقدها!

وعليه نتساءل: هل الأسس والمبادئ التي تطالب بها القوى الوطنية المعارضة لإنجاح الحوار هي ركائز أساسية وضرورية وجوهرية لإنجاحه، أم أنها أمور شكلية وهي بمثابة وضع العصي في الدواليب بغرض إعاقة مسيرة الحوار؟ وهل يحق للقوى المعارضة التنازل عن الحقوق الأساسية التي تلبي تطلعات المواطنين؟ وهل يحق لها التنازل عن شرط الاستفتاء الشعبي على مخرجات الحوار؟

وعليه فإن الحل لهذه الأزمة يكمن في حوار جاد وحقيقي بين القوى الوطنية المعارضة وممثلي النظام، وبدون إهمال أي مكون من مكونات المجتمع. وسيشهد التاريخ أنه على رغم كل التشدد والمقارعة التي تواجهها القوى الوطنية البحرينية المعارضة من هذا وذاك، بما فيهم بعض شركاء الوطن، فإنها متمسكة حتى النخاع بالسلمية وبانتهاج الحوار والتفاوض للحصول على الحقوق التي كفلتها جميع العهود والمواثيق الدولية.

إقرأ أيضا لـ "محمد عباس علي"

العدد 3945 - الثلثاء 25 يونيو 2013م الموافق 16 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:59 ص

      لا حوار ولا خوار

      معروفه السالفه وحفضنا الدرس يا حسين دائره مغلقه ما فى اى مخرج

    • زائر 2 | 11:13 م

      تأذن فى خرابة

      يا دكتور الجميع يعرف ان المعارضة لديها مشروع واضح المعانى .وان الحكم مشروعه واضح ايضا وهو بقاء الاوضاع كما هى .والحل الامنى سيد الموقف . كل ما طرحته فى مقالك الجميل هو حلا للخروج من الازمة الا ان الحكم لا يريد ذلك وهو يسخر ادواته للتشويش والتهويش وحرف البوصلة ..ويستجير باصدقائه الذين لا يكترثون بالمبادئ البتة وانما يعملون على مصلحتهم . لذ كأنك تأذن فى خرابة .

    • زائر 1 | 10:37 م

      الحوار الوطني ؟؟؟

      قصدك قصة فشل الخوار الوطني

اقرأ ايضاً