العدد 37 - السبت 12 أكتوبر 2002م الموافق 05 شعبان 1423هـ

تنظيف هوليوود

يبدو الفيلم مثل فيلم ارين بروكوفيتش ولكنه طبعا لا يحمل صوتا كصوت ارين بروكوفيتش، ففي المشهد الذي تجد فيه بطلة الفيلم «جوليا روبرتس» تذكرة وقوف على سيارتها، تشهق مرتين ما يوحي لنا بقوة بأن هناك كلاماً قوياً سيتبع هذه الشهقة، لكن ذلك لم يحدث بل إنها أخذت تحرك رأسها حركات اهتزازية مضحكة ما يشير إما إلى وجود مرض ضعف عصبي أو ان ذلك جزء من الاخراج الضعيف للفيلم.

في هذه النسخة من الفيلم التي تم توزيعها على رغم عدم التفويض بذلك من خلال احد محلات ايجار افلام الفيديو التي تكبر بسرعة في الولايات المتحدة، نجد انه تم حذف الكثير من الكلمات القذرة التي ترددها ارين بروكوفيتش في الفيلم.

وفي النسخة المعدلة بشكل مشابه من فيلم The Godfather لا يموت سوني كورليون بسبب وابل من الرصاص المنهمر بقسوة على سيارته بل ما نراه في الفيلم هو انه هناك في مشهد، وفي المشهد التالي نراه ميتاً.

نستطيع ان نتخيل كيف سيبدو فيلم Saving Private Ryan من دون الدماء المتخثرة على سواحل نورماندي «حيث سيصبح الفيلم أقصر».

ومع ذلك فهذا هو ما تقدمه شركة Clean Flicks وهي سلسلة محلات بدأت بشخصين يملكان جهاز DVD لعمل المونتاج منذ عامين ولكن عملهما تطور الآن إلى محلات كبرى منتشرة في جميع أرجاء البلد إذ إن لها ما يقرب من 70 فرعاً.

وتعلن الشركة أنه لا مزيد من المفاجآت غير السارة وتعد بأن تحافظ على وعدها من أجل المحافظين على القيم العائلية الذين يعتقدون بأن عليهم واجب حماية أحبائهم من الكلام البذيء والمشاهد المنحلة. وعلى رغم ذلك فإن مخرجي هوليوود الذين تم حذف بعض المشاهد من أعمالهم يجدون هذا التطبيق مدعاة للغرابة وليس سارا.

أجبر هؤلاء على الموافقة على تقديم نسخ معدلة من أفلامهم لإعادة بثها على التلفزيون أو الطائرات. ولكن في حال شركة Clean Flicks فإنه يتم عمل التعديل من دون موافقتهم وليس هناك شيء يضمن إغاظة مخرجي الأفلام اكثر من قيام الآخرين بلخبطة أعمالهم.

في الشهر الماضي أعلن اثنا عشر عضوا من نقابة المخرجين الاميركان أنهم يفكرون في رفع دعوى قضائية ضد Clean Flicks لخرقها حقوق طبع الافلام ويطالبون بسحب الأفلام المعدلة من التوزيع التجاري. الاطراف المظلومة تشمل روبرت ألتمان «الذي يوجد فيلمه Gosford Park على قائمة Clean Flicks» ونورمان جويسون «البركان The Hurricane» وكرتيس هانسون LA Confidential ومايكل مان Heat Ali.

ولكن شركة تابعة إلى Clean Flicks لها فروع في كولورادو وايداهو قررت أن تبدأ الهجوم وترفع دعوى في المحاكم الفيدرالية في دينفر. والقضية الملتمسة هنا ليست قضية تعويض بل مجرد اعلان قضائي ينص على أن ممارسات الشركة لا تنتهك قانون حقوق الطبع. ولعمل دعاية كبيرة فإن المتهمين الستة عشر المذكورة أسماؤهم في الدعوى يتضمنون معظم مخرجي هوليوود الكبار مثل ستيفن سبيلبرغ ومارتين سكورسيس وآلتمان وروبرت ريدفورد وسيدني بولاك وستيفن سودربيرغ.

يقول بيت ويب من شركة Corn Flicks في كولورادو «إننا نخرج الرصاصة من القرون، نريد أن نرفع قضية الى المحاكم قبل أن تقوم نقابة المحامين برفع دعواها». ولكن هناك أمرين غريبين يبدوان في الحال، فشركة Clean Flicks قامت برفع دعوى قضائية على المخرجين بدلا من أن ترفعها على الأستوديوهات التي تحتفظ بحقوق الطبع للأفلام. وكذلك فإن بعض المتهمين المذكورة أسماؤهم مثل سكورسيس ليست لديهم أي أفلام في كتيب Clean Flicks مما يعطي الأمر بأكمله مظهر الدعاية البهلوانية الفظة.

أثناء ذلك التزمت نقابة المخرجين الصمت حاذفة بعض المواد من موقعها الالكتروني ومكتفية بالتصريحات الرسمية. وتقول النقابة: نعتقد بأن المدعين من خلال تغييرهم للأعمال الأصلية بطريقة غير قانونية ينتهكون القانون. ربما لا يكونون واعين بأن دستور الولايات المتحدة أوصى الكونغرس بإصدار قوانين للتأكد من أن مبدعي الاعمال الاصلية يملكون حقا مقتصرا عليهم فيما يتعلق بأعمالهم ويمنعون الاستثمار غير المصرح به من قبل الآخرين لأسباب مالية. الجدل الذي تطرحه شركة Clean Flicks مبني على أساس مبدأ «الاستخدام العادل» القانوني. ويقولون انهم اشتروا النسخة غير المزيفة للفيلم بالطريقة القانونية ولأن زبائنهم هم أعضاء في النادي الخاص - وتعمل Clean Flicks بطريقة الاشتراك الشهري - لا أحد يخسر ماليا وللا يتم تصوير اي شيء بطريقة خاطئة.

الخبراء القانونيون انقسموا على أي جانب له الحق. المديرون بالتأكيد يحملون رأيا فنيا قويا ولكن انتهاك الذوق الرفيع ليس ضد القانون.

ما يبدو مدهشا بشكل خاص هو شعبية شركة Clean Flicks إذ أوجدت وعيا في اوتاوا، المكان الذي لا يتمكن الاشخاص المتدينون من مشاهدة بعض الافلام التي تحمل حرف R «وهناك الأفلام التي تحمل حرف E وهذا من ابتكار الشركة». ولكن لماذا يود أي شخص أن يشاهد فيلم Saving Private Ryan بعد التعديل مع العلم أن تصوير المعركة الوحشية هو أهم ما في الفيلم.

العدد 37 - السبت 12 أكتوبر 2002م الموافق 05 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً