العدد 3950 - الأحد 30 يونيو 2013م الموافق 21 شعبان 1434هـ

وزير العدل يؤكد: مقتنع بأننا سنصل إلى توافقات ترضي الجميع وتحافظ على التوازنات

استغرب الحديث عن تغيير تركيبة طاولة الحوار بعد 4 أشهر من الجلسات... في مقابلة مع «الشرق الأوسط»...

وزير العدل
وزير العدل

أعرب وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة عن تفاؤله بنجاح حوار التوافق الوطني في جولته الثانية، مؤكداً قناعته التامة بأن الحوار سيصل في نهاية المطاف إلى التوافقات التي ترضي الجميع، وتحافظ على التوازنات في الدولة والمجتمع، لكنه أبدى استغرابه من الحديث عن تغيير تركيبة طاولة الحوار من دون أي مبرر قانوني أو سياسي مقنع وخصوصاً بعد 4 أشهر من انطلاق الحوار والجلسات والمناقشات المطولة، ما «يطرح أسئلة جوهرية حول الغاية من هذا الطرح الذي يبدو في تقديري عاملا معرقلا للتوافق ومؤخرا للتقدم نحو الأهداف من هذا الحوار»، بحسب الوزير.

ونفى أن يكون هناك مأزق في الحوار، مستنداً في تفاؤله إلى ما يمتلكه البحرينيون من تاريخ طويل من التعايش والتوافق والتسامح، وهذه المقومات جميعها تدفع تدريجيّاً نحو تذليل الصعوبات والاختلافات.

جاء ذلك في حوار أجرته صحيفة «الشرق الأوسط» مع وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف في مكتبه بالمنامة، هذا نصه...

يصنف البعض مملكة البحرين ضمن البلدان العربية التي تشهد استمرار الاحتجاجات السياسية، وخاصة في ضوء مطالبات الجمعيات المعارضة بما تسميه «ديمقراطية حقيقية»... فما ردكم على هذا النوع من المطالبات... وهل ما شهدته البحرين قبل نحو 12 سنة من إصلاحات سياسية ودستورية لا يعتبر ديمقراطية؟

- التطور الديمقراطي بالأساس عملية داخلية يتم إنجازها عبر صيرورة تاريخية يتم خلالها إرساء قيم الديمقراطية وخلق مؤسسات فاعلة ورأي عام جمعي، ولا يمكن أن تكون في شكل قفزات في الهواء، وهذا التطور لا يمكن أن يتم إلا بعد تحقق عدد من الأسس التي لا تقوم الديمقراطية من دونها، من ضمنها وجود ثقافة ديمقراطية وفكر سياسي ديمقراطي، بما في ذلك إرساء مبادئ التعددية في الفكر والتنظيم، والتخلي عن الأيديولوجيا الانقلابية، والاهتمام ببناء دولة المواطنة والرفاهية والاستقرار الاقتصادي.

والمشكلة أن البعض انحرف بالعمل السياسي وقام بتبني مفاهيم تثويرية تخالف مفهوم التطوير والعمل المشترك، وغالباً مّا تقوم هذه المفاهيم على فكر أحادي مبني على الإقصاء، ما يؤدي حتماً إلى الدخول في نفق التقسيم والانشقاقات وبالتالي عدم الاستقرار.

ومن المسلَّم به أن لكل دولة تجربتها الخاصة، كما أن من المفترض أن يكون لكل بلد عربي تجربته الخاصة أيضاً، لكن هذه الخصوصية لا يجب أن تؤدي إلى إلغاء الفكرة الديمقراطية أو تشويهها، أو الحد مما هو جوهري فيها، وهو الحريات العامة والخاصة والمشاركة السياسية والمواطنة المتساوية ودولة القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان، المهم أن يبقى لكل مجتمع طريقه الخاص في التطور بالشكل الذي يناسب ظروفه واحتياجاته ويحفظ توازناته.

وفي الحالة البحرينية، جاء المشروع الإصلاحي لجلالة الملك في العام 2001 في إطار حركة عميقة الجذور، لوضع أسس الإصلاح والديمقراطية والمشاركة على أساس بناء التوازنات في مجتمع متنوع التكوين، لا تستقيم فيه الأمور إلا في سياق التوافق الوطني بين الأطراف الاجتماعية - السياسية، بما يحقق القدر المشترك من الأولويات ضمن أجندة وطنية توافقية، كما تقوم على التدرج في بناء هذه التجربة، بما يضمن عدم تحول التجربة الديمقراطية الوليدة إلى حالة من الفوضى أو الإقصاء. فالتعددية السياسية عاودت انطلاقتها الحقيقية مع مطلع المشروع الإصلاحي الذي اعتمدها كتأكيد على جدارة الشعب بحياة سياسية ديمقراطية تعتمد تعددية الجمعيات السياسية والتنظيمات الشعبية، كما أحاط ممارستها في الوقت ذاته بجملة من الضوابط والقواعد التي من شأنها أن تحفظها وتضمن لها أسباب النجاح والتواصل، إلا أن التحدي الذي واجه هذا التحول هو كيفية ضمان أن تكون التعددية السياسية المكرسة حزبيّاً حصناً منيعاً يحول دون توظيفها للإساءة لحقوق وحريات الأفراد والتعدي على الدولة ومحاولة تقويض المنجزات التي تحققت أو للإساءة للوحدة الوطنية وثوابتها، حيث كان واضحاً في فترة الأحداث المؤسفة أن البعض قد استغل التعددية السياسية وجعلها مدخلاً ومطية لتقويض أركان الديمقراطية وأسس الدولة والإطاحة بركائز المجتمع، بل الأخطر من ذلك هو انزلاق البعض في متاهة تكريس الطائفية... ولذلك كانت الدعوة إلى الحوار قائمة منذ اليوم الأول للأحداث وإلى يومنا هذا، في ضوء ثوابت ميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه شعب البحرين في (14 فبراير/ شباط 2001)، بما يقارب الإجماع، وبالفعل تعددت دعوات الحوار من خلال مبادرة صاحب السمو الملكي ولي العهد، ثم حوار التوافق الوطني في 2011، والآن ومنذ فبراير/ شباط 2013 نستكمل حوار التوافق الوطني لخلق مزيد من التوافق في مجال التطوير السياسي.

الاختلاف على طاولة الحوار طبيعي

تابعنا الجدل الدائر على مدار الأشهر الأربعة الماضية بين المتحاورين البحرينيين على طاولة الحوار الوطني، فلمسنا أن الحوار كأنما يدور في حلقة مفرغة، في الهوامش دون الدخول في صلب الموضوع وهو الإصلاح السياسي، وخاصة في ظل إصرار الجمعيات المعارضة على وضع بعض الشروط الإجرائية قبل الدخول في القضايا السياسية، وإصرار جمعيات الائتلاف وممثلي السلطة التشريعية وممثلي الحكومة على تجاوز تلك المسائل المرتبطة بتمثيل الحكم والتمثيل المتكافئ والاستفتاء وغيرها من الجوانب، مما أظهر وكأن المعارضة في واد والأطراف الثلاثة الأخرى في واد آخر.

- الحقيقة أن هذا الاختلاف الذي أشرت إليه يعكس تعدداً في وجهات النظر، والذي يعكس بدوره اختلافاً في الرؤى والأفكار والمدارس السياسية التي تنتمي إليها كل جمعية سياسية، وهو أمر طبيعي في العرف السياسي، لذلك فالصورة الموجودة على طاولة الحوار بتفاعلاتها وتجاذباتها السياسية والفكرية، تعكس صورة المجتمع السياسي في البحرين، بتنوعه الفكري والسياسي، لكن بالتأكيد أن هذا الاختلاف ليس قطعيّاً وكاملاً، فهناك دائماً تقاطعات في العديد من الجوانب، وخاصة فيما يتعلق بالثوابت الجامعة للمواطنين، هذا بالإضافة إلى ما يمتلكه البحرينيون من تاريخ طويل من التعايش والتوافق والتسامح، وهذه المقومات جميعها تدفع تدريجيّاً نحو تذليل الصعوبات والاختلافات، وأنا على قناعة تامة بأن الحوار سوف يصل في نهاية المطاف إلى التوافقات التي ترضي الجميع، وتحافظ على التوازنات في الدولة والمجتمع، حيث لا يخفى أن ميزة المجتمع البحريني أنه متنوع في تكوينه الاجتماعي والسياسي والطائفي والثقافي، بما يجعل سيطرة طرف على طرف آخر أمراً متعذراً عمليّاً، بل قدر الجميع هو التعايش والتوافق.

والملاحظة الثانية تتعلق بادعاء بعض الأطراف أنهم يمثلون الشعب (والإرادة الشعبية، والإرادة الجماهيرية...)، وذلك لتبرير إصرارهم على فرض أجندة سياسية محددة يجب الاستجابة الفورية والكاملة لها، وخصوصاً في مجال إدارة الدولة ونظام الحكم، وهذا أمر غير مقبول، وخصوصاً أن شعب البحرين قد سبق له أن حسم رأيه في القضايا الجوهرية عبر ميثاق العمل الوطني، لذلك فالواقع على طاولة الحوار كما في المجتمع، أننا مجتمع متنوع، أن هنالك آراء متعددة ومختلفة، ودورنا كممثلي الحكومة أن ندفع لمزيد من التوافق، مع المحافظة بطبيعة الحال على الثوابت الجامعة التي لا يمكن وضعها محل تساؤل ومزايدة أو تهاون بأي شكل من الأشكال.

لامأزق في الحوار

ما هو السبيل إلى إخراج هذا الحوار من المأزق؟

- شخصيّاً لا أتفق مع القول بوجود مأزق في الحوار، هنالك صعوبات يمكن تذليلها تدريجيّاً بالحوار، وتجارب الأمم والشعوب في العصر الحديث تؤكد ذلك، وعلينا الصبر والمثابرة، علما بأننا خلال الأشهر الماضية حققنا بعض التقدم في العديد من النقاط التي توافقنا عليها، مثل آلية إدارة الجلسات، وأن مخرجات الحوار تكون اتفاقاً نهائيّاً، كذلك تم وضع مشروع جدول الأعمال وكذلك آليات تنفيذ المخرجات المتوافق عليها.

التمثيل المتكافئ

اطلعنا مؤخرا على ورقة للجمعيات المعارضة منشورة على الفضاء الإلكتروني حول ما تسميه «التمثيل المتكافئ»، وضرورة تغيير معادلة التمثيل السياسي على طاولة الحوار، باستبدال ممثلي السلطة التشريعية بما يسمونه بمستقلين حقيقيين، فكيف تنظرون إلى هذا الموضوع، وكيف تتعاملون معه؟

- يثير هذا الطرح مسألتين مهمتين: أولاً... أنه لا يعقل بعد 4 أشهر من انطلاق الحوار والجلسات والمناقشات المطولة أن يأتي طرف من أطراف الحوار لفرض تغيير تركيبة طاولة الحوار، من دون أي مبرر قانوني أو سياسي مقنع، مما يطرح أسئلة جوهرية حول الغاية من هذا الطرح الذي يبدو في تقديري عاملاً معرقلاً للتوافق ومؤخراً للتقدم نحو الأهداف من هذا الحوار. وثانياً... إن القبول بمثل هذا الطرح الإقصائي لأحد أهم مكونات الحوار الوطني وهم ممثلو السلطة التشريعية من المستقلين، بما لهذه السلطة من أهمية ومن دور حيوي في الحاضر والمستقبل في تسهيل عملية التوافق وإثراء الحوار، سيعني في النهاية إهانة للمؤسسة التشريعية وللأشخاص الذين يمثلونها ولدورها في الحياة السياسية البحرينية، ولا سيما أن ممثلي البرلمان على سبيل المثال هم أشخاص منتخبون، وشرعيتهم فوق أي شبهات، فالبرلمان الحالي يمثل 52 في المئة من مجموع المواطنين الذين يحق لهم التصويت، وعليه، فمن الواضح أن مثل هذا الطرح بهذه الصورة الإقصائية لا يخدم التوافق الوطني.

تجربتا الحوار في اليمن والبحرين

قرأنا مؤخراً بعض التحليلات التي تحاول إجراء مقارنة بين تجربة الحوار في اليمن وتجربة الحوار في البحرين، فهل ترون أن مثل هذه المقارنة صحيحة... وهل بالفعل أن الحالة البحرينية تشبه في توصيفها وتشخيصها الحالة اليمنية؟

- جاء الحديث عن التجربة اليمنية قياساً عند الحديث عن المستقلين الحقيقيين كمطلب في الورقة المقدمة من الجمعيات المعارضة، كمحاولة لمحاكاة التجربة اليمينية، وهو قياس غير سليم وغير مقبول وغير منطقي، إذ لا قياس بين غير متشابهين، فتجربة الحوار في اليمن لها خصوصيتها من حيث اختلاف وضع المجتمع ونوعية المشكلة، فالمسألة في البحرين ترتبط ببعض أطراف الحراك السياسي الذين يريدون فرض حل مسقط على الدولة والمجتمع، بالضغط أحياناً والابتزاز في أحيان أخرى، واستدعاء العامل الخارجي في بعض الأحيان، لذلك نحن نعتقد أن الحوار في البحرين هو وسيلة لتجاوز حالة الاستقطاب بخلق مزيد من التوافق السياسي وإيجاد أفضل السبل لتطوير عملية الإصلاح السياسي التي بدأتها الدولة قبل أكثر من 12 عاماً... وعليه لا يمكن الحذو حذو التجربة اليمنية المختلفة شكلاً ومضموناً عن التجربة البحرينية، فالحوار في البحرين هو حوار الأخوة في الوطن الواحد بعيداً عن تأثيرات المعادلات الإقليمية والدولية.

التوافق الوطني

ما هو طموحكم كمتحاورين في النهاية من وراء هذا الحوار؟ وما هي تطلعاتكم وتوقعاتكم لمخرجات هذا الحوار في نهاية المطاف؟

- طموحنا الرئيس كمواطنين بحرينيين هو التوافق الوطني الذي يحمي كيان الدولة وشرعيتها، واستقرارها ونماء شعبها ووحدتها الوطنية، هذا بغض النظر عن التفاصيل والحيثيات والمفاهيم والآليات التي تترجم ذلك، وأعتقد أن هذا هو طموح غالبية المواطنين الذي ينشدون الاستقرار والأمن والسلام والتعايش والازدهار لهم ولأبنائهم. وأنا شخصيّاً سأظل متفائلا بأننا سوف نصل في النهاية إلى حل متوافق عليه، لأننا شعب واحد وفي مركب واحد، وليس لنا من بد من التوافق، وهذا سوف يتطلب المزيد من الحكمة والعقلانية والوصول إلى حلول وسط فيما يتم الاختلاف بشأنه سياسيّاً.

تطوير الأداء الإداري في القضاء

على صعيد تطوير منظومة العدالة في مملكة البحرين في ضوء الإصلاحات الجارية بعد الجولة الأولى من حوار التوافق الوطني الذي جرى في العام 2011، وفي ضوء توصيات لجنة البروفيسور بسيوني، ما هي أبرز أوجه التطوير الحاصلة في هذا الجانب؟

- بالنسبة إلى استقرار السلطة القضائية في البحرين نبحث تطوير الأداء من حيث الجانب الإداري عبر استحداث نظام إدارة الدعوة إلى الإسراع في البت في القضايا، كما نعمل على توفير بدائل جديدة لفض النزاعات مثل التحكيم والوساطة.

ومن الأشياء المهمة التي تقوم بها الوزارة أيضاً متابعة التدريب القضائي بتطبيقات حرية التعبير وحرية التجمع، ومبادئ المحاكمة العادلة وتطوير قواعد التفتيش القضائي على المؤسسات القضائية وأماكن الاحتجاز... والمهم أن يكون هناك نقل لمفهوم العدالة الناجزة إلى الرأي العام وتعزيز دور المجلس الأعلى للقضاء.

العدد 3950 - الأحد 30 يونيو 2013م الموافق 21 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 9:26 ص

      الحل

      الحل فى البحرين حكومة منتخبه وافراج عن جميع المعتقلين وانتخابات نزيهة وقضاء مستقل هاده هو الحل

    • زائر 6 | 6:16 ص

      وتحافظ على التوازنات

      معناها مواصلة التعامل على حسب القبيلة أو العائلة أو الطائفة و استمرار الأزمة

    • زائر 5 | 6:01 ص

      تصريحات وقتية

      هذه التصريحات وقتية، تنتظر دهاب الوفد الأوروبي لتدير لنا الوجه الآخر، أنا وأنت والجميع يعرف ذلك.

    • زائر 4 | 6:00 ص

      التوازن سوف يفرضه الشارع وليس انت ومنا معك

      التوازن سوف يفرضه الي في الشارع الذين لم يتوقفوا عن الحراك

    • زائر 3 | 3:26 ص

      لا اعتقد

      اربعة اشهر وانتم على نفس طاولة الحوار وتقول انك متأكد من نجاحه ؟؟ اشك في ذلك مع احترامي لرأيك سعادة الوزير

    • زائر 2 | 2:59 ص

      لا أمل لنا وانت المتحدث

      عن نفسي ووجهة نظري الخاصة انا لا اثق في اي كلام لك سعادة الوزير بل على العكس انا ارى انك احد اوجه التأزيم قد لا يعجب البعض وجهة نظري لكني اراها حقيقة

    • زائر 1 | 10:06 م

      العبد

      نزلت علاوةةةة الغلاء او لا

اقرأ ايضاً