العدد 3957 - الأحد 07 يوليو 2013م الموافق 30 شعبان 1434هـ

الخارج المصري ما بعد مرسي هو أيضاً مختلف

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أطاح الجيش المصري بحكم الأخوان المسلمين. ربما استغرق كثيرون، في متابعة زواريب ما حدث في داخل مصر، وملاحقة أخباره؛ وذلك لفهمٍ أكثر لدقائق الأمور، لكن باعتقادي، أن هناك ملفاً آخر، لا يقل أهمية عنه، وهو متابعة ما يقوله الخارج عن مصر وأحداثها، ما بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي والأخوان، ووضع خارطة حكم جديدة للبلد.

لو حدَّدنا المجال الاستراتيجي لمصر لوَجدنا أنه متعدد الجهات والأوجه. هناك، الاتحاد الإفريقي، الذي تنتمي إليه مصر، بحكم وجودها في القارة السمراء، وهو مُكوَّنٌ من اثنتين وخمسين دولة إفريقية، وتأسس في يوليو/تموز من العام 2002، كوريث شرعي لمنظمة الوحدة الإفريقية، التي تأسست أصلاً منذ مايو/أيار من العام 1963.

بالإضافة إلى هذا الاتحاد الموسَّع، تلتقي مصر في علاقات خاصة تاريخياً مع دولتين إفريقيتين، واحدة في غربها وهي ليبيا، والثانية في جنوبها وهي السودان. كما ترتبط مع دول حوض النيل، وعددها إحدى عشرة دولة (باحتساب مصر) وهي إريتريا، أوغندا، إثيوبيا، السودان، الكونغو الديمقراطية، جنوب السودان، بوروندي، تنزانيا، رواندا، كينيا.

أيضاً، ترتبط مصر، في علاقة خاصة بفلسطين، عبر سيناء وغزة بالتحديد التي شملتها اتفاقية كامب ديفيد بترتيبات أمنية دقيقة. كذلك هناك علاقات إستراتيجية وأمنية، قوية جداً، منذ ثلاثين عاماً، تربط مصر بدول الخليج العربية الست، وهي السعودية، الإمارات، الكويت، عُمان، البحرين وقطر.

من المجالات الإستراتيجية للأمن المصري الأخرى، هو العراق. وتنبع أهميته بالنسبة للمصريين من ثلاث زوايا: الأولي كون امتداداً طبيعياً لجغرافيا شبه الجزيرة العربية. والثانية كونه يجاور إيران من مدخله الشرقي، كأكبر جوار عربي لها. والثالث لأنه يمثل وعاءً للطاقة، وللقوى العاملة المصرية، وفضاءً للاستثمارات الاقتصادية المتنوعة.

أيضاً، هناك سورية، التي تمثل أحد مراكز التأثير في الأمن القومي المصري. والسبب، أن سورية واقعة في نهاية الجغرافيا العربية من جهة الغرب الآسيوي، ومتاخمة لمحددين جغرافيين، هما البحر الأبيض المتوسط التي تتنفس منه مصر عبر شمالها، والثاني هو جوارها لتركيا (التي تعتبر محدِداً آخر من محددات الأمن القومي المصري في ظل حكم الإخوان) التي ينزلق غربها في جنوب وشرق أوروبا، وصولاً للممرات القادمة من روسيا.

يبقى مجالٌ آخر مهم بالنسبة للاستراتيجيات المصرية، وهو إيران. وإيران هي بوابة مصر لجمهوريات آسيا الوسطى وأفغانستان وباكستان والهند دون الحاجة للبحار. كما أنها الجوار الأطول مع دول الخليج العربية من الشرق، فضلاً عن كونها صاحبة التأثير في جوار مصر، وبالتحديد فلسطين ولبنان.

الآن نأتي لإسقاط كل تلك المجالات الإستراتيجية والمهمة لمصر، على ما جرى فيها من أحداث، بعد إطاحة الجيش بحكم الإخوان المسلمين. وللعلم، فقد ظَهَرَ أن الأزمة المصرية، هي ليست داخلية فقط، بل لها امتدادات إقليمية معقدة. وقد تبيَّن ذلك من خلال ردود الأفعال التي صَدَرَت، من جميع تلك المجالات التي حددناها وأشرنا لها سلفاً.

دول الخليج العربية اتفقت جلها على الترحيب بخطوة عزل مرسي ومن خلفه جماعة الإخوان المسلمين، والسبب، أنهم يرون أن قوة نفوذ الإخوان تضر بأمنهم القومي، كونهم قد غيَّروا من تحالفات مصر التقليدية، وبالتحديد مع الفلسطينيين والإيرانيين والأتراك.

أما الاتحاد الإفريقي، فقد علَّق عضوية مصر لديه وأدان الإطاحة بمرسي. وللعلم، فإن هذا الاتحاد (فضلاً عن أنه يضم 52 دولة) يستولي على مساحة تزيد عن 29 مليون و757 كم مربع من الأراضي، وعلى مليار إنسان، وبناتج محلي يزيد عن التريليون ونصف تريليون دولار، وبالتالي، فإن موقفه مما جرى في مصر، يدفع الأخيرة إلى التخوف، خصوصاً وأنها تعيش أزمة مياه مع إثيوبيا، التي بها مقر الاتحاد، وخلافات مع دول حوض النيل.

أما ليبيا والسودان، فهما البلدان اللذان يُحكمان بطريقة أو أخرى من قِبَل الإسلاميين المحسوبين على الإخوان المسلمين، لذا، فإنهما متوجسان مما جرى في مصر، ويعتبران ذلك خسارةً لهما، كان يمكن أن تعيد رسم الخارطة الإفريقية والإقليمية لصالح مصالحهما. بالتأكيد، يضاف إليهما تونس، التي عبَّرت بشكل صريح عن رفضها الإطاحة بمرسي.

الفلسطينيون وبالتحديد حركة المقاومة الإسلامية حماس، وإن نأت بنفسها عن ذلك، إلاَّ أنها ترى في الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر، ضربة قوية لها، وهي التي لطالما استندت إليه (على لسان رئيس مكتبها السياسي أبو الوليد). وهو ما يعني إعادة خلط الأوراق بالنسبة لها، والأهم في التحالفات التي كانت قد نسجتها الحركة على إثر مجيء الأخوان للحكم.

العراق، لم يُبدِ موقفاً واضحاً مما جرى، لكنه كان متحفظاً على ثلاثة أوجه للسياسة الخارجية التي انتهجها الإخوان أثناء حكمهم. الأولى: علاقاتهم الخاصة بتركيا، التي يعتبرونها عدواً لدوداً لهم، بدعمها لأكراد العراق، ولأطراف عراقية محدّدة كالهاشمي. الثانية: موقفهم المعادي جداً لسورية، والثالث: توتر علاقتهم بدول الخليج العربية.

السوريون ظهروا على سماطين. الأول هو الحكومة السورية، التي رحّبت بإطاحة الجيش بحكم الإخوان، واعتبرته ثورة ثانية، والسبب هو أن دمشق ترى في ذلك تخفيفاً من الضغط عليها، وضربة لجماعة الإخوان السورية. الثاني هو موقف المعارضة السورية وبالتحديد الإسلامية منها، التي بالتأكيد، تلقت ضربةً قويةً بسقوط حكم الإخوان، والذي أثّر مباشرةً على الائتلاف الوطني، بفوز أحمد الجربا على مرشح الإخوان فيه.

أما الأتراك، فكان موقفهم حاداً، حيث أدانوا انقلاب الجيش المصري على مرسي، ووصفوه بالقبيح على حد وصف نائب رئيس حزب العدالة. بل إنهم طالبوا الجيش بحماية مرسي المُطاح به ومستشاريه. ثم وفي تصريحات لاحقة، طالبوا بعودة الشرعية، وهو ما فُهمَ على أنه رعاية تركية مباشرة لمشروع الأخوان المسلمين في مصر، بل وفي شمال أفريقيا.

في حين وقف الإيرانيون موقفاً رمادياً، حيث أكّدوا على «ضرورة الاهتمام الجاد بالعملية الديمقراطية الشاملة، وتجنب العسكرتاريا، ودعم المطالب المشروعة للشعب المصري لتثبيت أهداف الثورة». لكنهم من الجَنبة الدينية، شنوا هجوماً عنيفاً على مرسي، وعلى الأخوان المسلمين لأنهم «أخطأوا في معرفة الصديق والعدو»، كما وصف ذلك خطيب جمعة طهران، وربما يشير بذلك إلى موقفهم من سورية وممالأتهم للسلفيين.

هنا، قد لا يوجد تعليق أكثر من النظرة إلى كل ذلك المشهد المعقد. لكن ما نفهمه، أن ما جرى في مصر قد أظهر أمرين اثنين، الأول: هو حقيقة العلاقات الإقليمية، ونقاط التقائها ونفورها، سواءً بالنسبة لعلاقات تركيا بدول الخليج العربية، أو مع إيران ودول شمال إفريقيا والعراق أو الموقف من الأزمة السورية. والثانية: هي أن ما جرى، سيُغيِّر كثيراً من خارطة العلاقات الإقليمية والدولية، طبقاً لنقاط الالتقاء والنفور المشار إليها.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3957 - الأحد 07 يوليو 2013م الموافق 30 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 8:26 ص

      حلف جديد

      هل سنشهد حلف إيراني تركي قطري في المنطقة مساند لحركة الاخوان المسلمين

    • زائر 9 | 6:21 ص

      أخطاء الإيرانيين الفادحة

      سيدفع الإيرانيون الثمن باهضا إن بقوا يدعمون الاخوان المسلمين في مصر وهم الذين خانوا الايرانيين وخانوا الوحدة الاسلامية وحرضوا على قتل الشيعة وأظهروهم على أنهم بعبع سرطاني . الموقف الإيراني من الانقلاب على مرسي يظهر أنهم يدعمون الاخوان وهو خطأ فادح سيكلفهم كثيرا
      لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين

    • زائر 4 | 1:56 ص

      ايران ترفض

      الجمهوية الاسلامية الايرانية ترفض طلب المفوضية السامية لحقوق الانسان الدخول الى سجون ايران اكثر من عام وكل شهر تطلب المفوضية لزيارة السجون و ترد ايران فوراً ممنوع دخول كل منظمات الحقوق الانسان في العالم سجوننا حتى الحقوقين الايرنين نفسهم ممنوع عليهم حتى نواب البرلمان مع الوزراء ممنوع وطرد حتى الرئيس احمدي نجاد من الباب الرئيس لسجن كهريزك ، بسبب ان وزير المخابرات يعينة المرشد لثورة خامنئي وهو المسؤول الاول عن السجون هناك جرائم ترتكب جثث متفحمه من قوة صعقة الكهرباء تعذيب حتى الموت بسم الاسلام هذا

    • زائر 3 | 1:55 ص

      هرار

      روح اتريق زاير2 احسن لك . وهالمرة لا تقعد تهر واجر علينه اذا ما تفهم شئ لاتتكلم في امور ما لك علاقة بها.

    • زائر 5 زائر 3 | 2:20 ص

      انت اكتب في البحث غوغل عن رفض السماح لمبعوث المفوضية الساميه لحقوق الانسان

      مع الاسف سجن كثير من البحرينين في الثمانينات في سجون ايران ويخافون من يقولو عن دكتاتورية السجون وقالو مرات خافو من محاربة المجتمع لهم انت نائم لم ترى شئء حتى السيد الرئيس حسن روحاني المحترم صرح ان يتركو الشباب في حالهم بسبب الضغط والمنع لشباب من التعبير عن الراي في التويتر والفيس بوك والمدونات و قال السيد الرئيس الجمهورية نا ضد الدكتاتورية انا مع الشباب المظلوم وان النظام يتهمهم انهم يستخدمون المدونات لنشر الطائفيه و الاباحية كذب قال السيد الرئيس روحاني لقد اعتقل اتباعة في الانتخابات

    • زائر 7 زائر 3 | 4:32 ص

      المبعدين العائدين الى الوطن البحرين 22عام في ايران

      عانو المبعدين البحرينين العائدين الى البحرين الكثير في ايران منهم رحل الى دول الغرب هروب من الحياة القاسية في ايران ومنهم ذهب الى السويد ومنهم الى الدينمارك ومنهم الى السعودية في القطيف ومنهم الى سورية ومنهم الى لندن ومنهم الى كندا ومنهم الى استراليا كثيرين تركو ايران من الظلم النظام الوحشي لشعبهم وايضا تمشيط البحرينين وكويتين وسعودين شيعة كانو مبعدين منهم عانا تعذيب وحشي من البحرينين في السجون الثورة الايرانية التقارير موجده من منظمات حققية لكن اصحاب الظلم يخافون من نشر اسمائهم من ظلم المجتمع

    • زائر 2 | 1:38 ص

      حماس و اخوان المسلمين مصر وايران علاقة قويه سرية

      حركة الاخوان المسلمين في فلسطين اسمها حركة حماس و حركة الاخوان المسلمين في مصر اسمها حزب الحرية والعداله كل الاثنين لهم علاقة قوية مع مرشد الايراني عى كل اختلافاتهم هناك مصالح مشترك والمرشد الايراني يتمنى بقاء الرئيس السابق محمد مرسي بسبب اذا مات الحكم الاسلامي خلاص سينتهي ولاية المطلقة لسيد خامنئي وستنتهي الحركة الاسلامي في تركيا رجب طيب اردغان وعلي الخامنئي اصيبو احباط لأن النار واصل لهم لا يوجد شئء اسمه الحكم بالحديد والنار 33عام من القمع الحرس الثوري في ايران من قتل بالكهرباء و الاعدمات

اقرأ ايضاً