العدد 3963 - السبت 13 يوليو 2013م الموافق 04 رمضان 1434هـ

الثقافة مفتاح التغيير الحقيقي

عباس المغني abbas.almughanni [at] alwasatnews.com

الحكومات والمعارضات في مجتمعاتنا تحمل في بنيتها الذهنية (الفكرية والثقافية) عوامل الانهيار مع مرور الوقت، بحيث تكون فترات الازدهار قصيرة جدّاً، وفترات الانحطاط طويلة جدّاً.

لعل أبرز مثال، ما أفرزته ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 في مصر، التي أطاحت بحاكم، تجرع الناس في عهده مرارة الذل والفقر، لتأتي بحكم الإخوان المسلمين بانتخابات نزيهة، لكن ما هي إلا فترة قصيرة ليثور الناس عليهم، ويتم خلعهم، لأن تنظيم الإخوان المسلمين يحمل في أحشائه عوامل الانهيار، مثل ما حملها نظام الرئيس المصري السابق.

ثقافتنا وفكرنا منذ قدم الزمان تقوم على التقديس والطاعة لأشخاص (حاكم أو رجل دين أو زعيم سياسي)، وتكون له كل الأهمية في الحياة، والناس لا قيمة لهم ولا أهمية لوجودهم إلا بمقدار ما يساهمون في بناء السلطة لهذا الشخص أو يعملون في الترويج لطاعته وتقديسه وبناء نفوذه.

ثقافة تقوم على القوة والإخضاع والنفوذ والثروة، فعندما يذهب المليونير فلان بن فلان إلى مجلس حتى يقوم كل من في المجلس له احتراماً وتقديراً، بينما لو ذهب المفكر والفيلسوف فلان الفلاني، فلا أحد يهتم لقدومه.

عندما تكون ثقافة المجتمع تقدير القوي، فإن الكل سوف يريد أن يصل ويلتزم بالسلطة والقوة؛ لأن الإنسان بطبيعته يريد التقدير والاحترام، فإذا كان التقدير بقتل الآخرين كما يراه تنظيم القاعدة، فإن عمليات القتل ستكون محور اهتمام منتسب هذا التنظيم، وإذا كان التقدير بمساعدة الناس، فإن المساعدات الإنسانية ستكون محور اهتمام الفرد.

ثقافة مجتمعاتنا تحمل في أحشائها عوامل الفناء، وتغيير الأفراد لا يحل المشكلة، فمن من يدير الحكومة هم أفراد، ومن في المعارضة هم أيضاً أفراد، وكلهم نتاج ثقافة واحدة، الفرق بينهم هو في الأدوار التي يلعبونها في تكوين الدولة. وإذا حدث ازدهار أو تقدم هو نتيجة وصول فرد يحمل ثقافة مختلفة عن ثقافة المجتمع أو نتيجة عوامل خارجية.

مجتمعاتنا بحاجة إلى كسر برمجتها الثقافية؛ لإحداث نقلة نوعية في الحياة، بحيث تزدهر فيه ثقافة التقدير والاحترام للعلم والفن وتكون المعرفة رمزاً للإنسان الحر، وليس السيف.

مجتمعاتنا بحاجة إلى إعادة الاعتبار إلى العقل المنطقي والعقل الفلسفي، لإعطاء الفرد القدرة على حماية نفسه من الذوبان في القطيع، ويدرك ما ينفعه وما يضره على مستوى الحياة الإنسانية، ويكون التصادمُ الحرُّ بين الأفكار هو الآلية الناجعة لإصلاح الأفكار والأوضاع.

إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"

العدد 3963 - السبت 13 يوليو 2013م الموافق 04 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 10:19 ص

      منذ الصغر

      اكيد يحمل في احشاءة عوامل الانهيار لان الجهل قد نقش في ادمغتهم من نعومة اظافرهم فمرسي بجهلة مفتكر بيمشي الشعب المصري على كيفة وراح يخطب خطبتة المشهورة عليكم بالشام هههه وبين على حقيقتة

    • زائر 3 | 3:41 ص

      انا اختلف معك

      عزيزي عباس المغني. هذه الدنبا مجرد عبور فلا يجب ان يضيع الانسان عمره قي السياسه. خلوهم يبوكون وينهبون ويش عليكم منهم؟ لا تعورون راسكم بفلان وعلان وبسكم من الحسد. عسا ماتشوفون واحد ناجح في حياته وغني وعنده فلوس الا حطيتون عليه. خلو الناس في حالها. صراحه بدون مجاملات لو نكدر نسوي نفسهم سوينا اعضم ويش حلوتها فلوس ماتخلص ودنيا حلوه صدقوني اسوي ازيد منهم. انا افكر افتح مشروع لتدريس فنون الفساد وانواعه.وش بعد بكول... اسمحو لي الصيام اثر على مخي (اللهم اني صائم)

    • زائر 5 زائر 3 | 5:08 م

      ههههه

      ونعم الفاشلون

    • زائر 2 | 3:10 ص

      التعليم فقط مفتاح التغيير الحقيقي

      اخي الكاتب المحترم ربما ولاكن انا اعتقد بان التعليم هو مفتاح التغيير الحقيقي. ربما شخصا ما يعشق القراءه وتتكون عنده ثقافه قويه ولاكنها من وجهة نضري لا تستطيع احداث تغير في مجتمع. ولاكن التعليم المستمر لدرجات اعلى تغير مفاهيم الشخص ومنضوره لاشياء كثيره وتضي له طريق لم يستطع البصر فيه سابقا.

    • زائر 1 | 10:28 م

      ملاحظة

      لا أكرربأن مقالك ممتاز و هو عصارة فكر عميق. لكنى أعترض على كلمة مجتمعاتنا فى الفقرة الأولى وتكرار الكلمة فى الفقرات الأخرى. الصحيح هو بأن هذه الثقافة منتشرة بين الناس فى كل المجتمعات منذالأزل وحتى الآن ولا يمكن أن تتغير بتغيير الحكم ووصول شخصيات جديدة الى صدارة المجتمع، ما دامت القاعدتين الإقتصادية و الإجتماعية اللتان تربطان البشر ببعضهم وتكون أواصر العلاقة لم تتغيرا. أنبأبأن النظام الإمريكى سيسقط خلال أقل من عشر سنوات كماسقط النظام السوفيتى. لكن النظام الذى يليه سوف لا يكون أفضل كما فى روسيا.

اقرأ ايضاً