العدد 3967 - الأربعاء 17 يوليو 2013م الموافق 08 رمضان 1434هـ

منظمات أهلية: مشروع قانون «الجمعيات» يصادر الحق الدستوري بحرية تأسيسها

انتقدوا عدم استجابة «التنمية» لتحفظاتهم

تحذيرات من خلق المشروع بقانون لردات فعل سلبية اتجاه العمل التطوعي - تصوير محمد المخرق
تحذيرات من خلق المشروع بقانون لردات فعل سلبية اتجاه العمل التطوعي - تصوير محمد المخرق

اعتبر ممثلو عدد من المنظمات الأهلية، أن مشروع قانون الجمعيات الأهلية المعروض على مجلس النواب، يصادر الحق الدستوري في حرية تأسيس الجمعيات، منتقدين في الوقت نفسه عدم استجابة وزارة التنمية الاجتماعية للتحفظات التي أبداها ممثلو الجمعيات.

جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، مساء أمس الأول الثلثاء (16 يوليو/ تموز 2013)، في مقر الجمعية، بشأن مشروع قانون الجمعيات.

وفي هذا الصدد؛ قال عضو مجلس إدارة الجمعية عيسى إبراهيم: «هناك عزوف عن العمل التطوعي وخصوصاً بعد أحداث (14 فبراير/ شباط 2011) التي شهدتها البحرين، ومشروع القانون قد يخلق موجات من ردات الأفعال السلبية تجاه العمل التطوعي».

وأشار إلى أن الحق في حرية تكوين الجمعيات يستند إلى نص دستوري، وأن المادة (31) من الدستور، لا تجوِّز للقانون الذي يصدر عن السلطة التشريعية أن ينال من جوهر الحق.

واستدرك بالقول: «على رغم ذلك، فإن نحو 90 في المئة مما يحكم جميع الأنشطة في البلاد، صادر بمراسيم من السلطة التنفيذية أو من رأس الدولة، وبالتالي فإن أغلبية القوانين صادرة بإرادة السلطة التنفيذية، لا بالتشاور مع الناس أو بسلطة تشريعية منتخبة تناقش القوانين وتنظم بما يدفع بالعملية السياسية إلى الأمام».

ولفت إبراهيم إلى أن الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان كانت نظمت في العام (2009) دورة تدريبية على مبادئ حقوق الإنسان بمشاركة نشطاء خليجيين، إلا أن وزارة التنمية الاجتماعية أقدمت لاحقاً على حل مجلس الإدارة بسبب تنظيمها الدورة، معلقاً: «كأن تهمة الجمعية هي تدريب نشطاء خليجيين على السلاح لا مبادئ حقوق الإنسان، على رغم أن أنشطة الجمعية واضحة ومعلن».

وأشار إبراهيم كذلك، إلى أن العديد من العهود والاتفاقيات الدولية بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، تبين طبيعة الحق في التجمع السلمي، وحرية تكوين الجمعيات مع الآخرين من دون تدخل من الدولة، مؤكداً أن السائد في الفقه الدولي عدم جواز وضع قيود على الجمعيات والتجمعات إلا فيما ينص عليه القانون.

وقال: «تكوين الجمعيات يجب أن يكون باستقلالية ومنفصلاً عن توجهات السلطات، وهذا الحق ليس منحة من السلطات، وإنما هو حق دستوري».

وتطرق إبراهيم إلى منع الحكومة الجمعيات من التواصل مع منظمات في الخارج إلا بعد إبلاغ وزارة التنمية، وهو ما نص عليه مشروع القانون الجديد، منوهاً في هذا الإطار بما ورد في تقرير الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان الصادر في العام 2013، والذي أشار إلى أن العديد من الدول تقيد حرية تكوين الجمعيات باللجوء إلى إجراءات متنوعة يتعذر تحقيقها أو مطاطية أو مائعة أو تطبق ممارسات تمييزية أو تقييدية أو من خلال التدخل في عمل الجمعيات، ناهيك عن العقبات في عملية التسجيل التي تهدم في حرية تكوين الجمعيات، وبالتالي تؤثر هذه الإجراءات في قدرة المنظمات على ممارسة أنشطتها بحرية، وأيضاً في الوصول إلى التمويل اللازم.

كما أشار إبراهيم إلى عدم جواز جمع التبرعات في البحرين إلا بإذن من الوزارة، معتبراً أن الحكومة تمارس ذلك بشكل تحكمي، وأنه في حين تحصل الجمعيات القريبة من التوجهات الرسمية على الدعم المالي بسهولة، فإن الجمعيات المستقلة تواجه العقبات في هذه المسألة، على حد قوله.

واعتبر إبراهيم أن منع الجمعيات من التواصل مع منظمات الخارج، يخالف المدة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وهو ما يقيد المشاركة في المؤتمرات الخارجية التي تدعو إليها المنظمات الدولية.

وقال: إن «الجمعيات المعنية بحقوق الإنسان، تواجه القيود الأكثر في المشاركات الدولية؛ لأن عملها يتعلق بمواجهة الانتهاكات، وخروقات القانون التي تمارسها الدولة، وهذا يؤثر على إقبال الناس على العمل التطوعي عموماً، وحقوق الإنسان خصوصاً».

وختم إبراهيم حديثه بالإشارة إلى أن قانون الجمعيات يحدد عقوبات تصل إلى الحبس لمدة 6 أشهر والغرامة التي تصل إلى ألف دينار، على رغم أنه كان من الممكن الاكتفاء بالعقوبات الواردة في قانون العقوبات على هذا الصعيد، وفقاً له.

من جهتها، انتقدت عضو الاتحاد النسائي البحريني ابتسام خميس مشروع قانون الجمعيات الذي يعطي وزارة التنمية حق مصادرة ما تجمعه الجمعيات من تبرعات من دون الحصول على ترخيص من الوزارة.

وقالت: «نحن لسنا ضد التنظيم لكن ضد التقييد، والقانون الحالي للجمعيات صدر في العام 1989 وبالتالي هناك حاجة ملحة إلى تطوير القانون، لكن مشروع القانون (الجديد) تضمَّن بدلاً من ذلك عدداً من القيود، ومن بينها تلك المتعلقة بتأسيس الجمعيات الجديدة».

وأضافت «اشتراطات تأسيس الجمعيات تقيد العمل التطوعي، إذ يشترط مشروع القانون أن يكون للمنظمة تحت التأسيس مقرٌّ وموازنةٌ تشغيلية لثلاثة أعوام».

وختمت حديثها بالقول: «من يطلع على مشروع القانون، يشعر أن وزارة التنمية تود التعامل مع أعضاء الجمعيات كأنهم موظفون تابعون إلى الوزارة. وما يستغرب له أنه في الوقت الذي أعطى فيه الدستور الحرية للأفراد بالانضمام إلى المنظمات الأهلية، فإن القانون يصادر هذا الحق».

أما نائب رئيس جمعية الشفافية البحرينية سيد شرف الموسوي، فقال: «لا يوجد من يعترض على تنظيم العمل التطوعي والجمعيات الأهلية، فالدولة المتمدنة المتحضرة يجب أن تشمل جميع أنشطتها بالقوانين، وبالتالي ليس لدينا اعتراض على وجود قانون لتنظيم العمل، لكن اعتراضنا يكمن على القيود الممارسة في العمل الأهلي بموجب القانون المعمول به حاليّاً، والتي أصبحت أكثر تشدداً في مشروع القانون المرتقب». وأضاف أن «المادة (22) من العهد الدولي أقرت الحق لكل فرد أن يشكل جمعية تعمل في نشاط معين ضمن اهتماماتها، والدستور نص على حرية تشكيل الجمعيات، بينما المشروع بقانون يصادر ما ورد في العهد الدولي والدستور».

وتابع: «هناك دور مهم للمنظمات الأهلية لا يمكن للحكومة من دونها أن تنهض بالمجتمعات، والتعاون المتبادل بين وزارة التنمية ومنظمات المجتمع المدني أصبح ضرورة، باعتبارها ذات علاقة قريبة بالقاعدة العريضة من الناس».

ودعا الموسوي مجلس النواب إلى الأخذ بملاحظات الجمعيات على مشروع القانون، مبدياً استعداد الجمعيات لمناقشة وزارة التنمية بشأن مشروع القانون، مشيراً إلى أنه وعلى رغم التصريحات المتكررة التي تعلن مواقف الجمعيات الرافضة لمشروع القانون، فإن وزارة التنمية لم تبادر لدعوة الجمعيات إلى الاستماع لتحفظاتها على المشروع.

العدد 3967 - الأربعاء 17 يوليو 2013م الموافق 08 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً