العدد 3972 - الإثنين 22 يوليو 2013م الموافق 13 رمضان 1434هـ

الباحث توفيق السيف وهندسة الاندماج

جعفر الشايب comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

يعتبر المفكر السعودي توفيق السيف من أبرز المنظرين والمحللين السياسيين الذين تناولوا قضايا الاصلاح السياسي وتطور المجتمع السعودي بصورة نقدية وموضوعية من منظور وطني عام. وهو الذي جمع بين الدراسة الدينية والأكاديمية وألف العديد من الكتب حول مختلف أبعاد التحولات الديمقراطية في البلاد الاسلامية، معالجاً فيها أوجه الاختلاف بين الاسلام والديمقراطية، وباحثاً في إمكانية تعايشهما.

يتميز السيف بالجرأة في طرح آرائه الفكرية والسياسية، وبالحيادية في تناوله مختلف القضايا، وفي نقده الموضوعي للآراء السائدة ودعوته إلى تجديد وإصلاح الفكر الديني والسياسي في المجتمع. كما أن تجربته الطويلة في العمل السياسي ساهمت في تشكيل حصيلة معرفية عميقة لديه، وظفها في تحليل الواقع السياسي والاجتماعي المحلي وطرح برامج ومبادرات إصلاحية عديدة.

في العام 2008، أسهم بصورة كبيرة في بلورة مشروع يعد الأهم في برامج الاندماج الوطني، قدّم إلى العديد من الشخصيات والجهات المسئولة في الدولة، طرح فيه إمكانية إدماج المواطنين الشيعة في الإطار الوطني في المملكة، مؤكّداً على أهمية معالجة هذا الملف من زاوية وطنية شاملة.

خلال المقابلة التي أجرتها معه قناة «روتانا خليجية» الأسبوع الماضي، تناول السيف أبعاداً غاية في الأهمية في مشروع الاندماج الوطني، حيث أوضح أن أهم عقبة تواجه ذلك هي عدم الانتقال في المنطقة العربية من دول الغلبة إلى أنظمة المشاركة الوطنية. كما أن غياب الإقرار بالتنوع والتعددية، وتغييب مشاريع الهويات الوطنية، جعل هذه المفاهيم هلامية، وسبّب في حصرها في زوايا ضيقة في الفكر السياسي.

من هنا يعبر السيف عن تزاحم في الأولويات لدى النخب المثقفة والسياسية، وخصوصاً الدينية منها، بين الهوية الوطنية والانتماء الديني الذي يجعل البعد الأممي مكوّناً أساسياً في مشاريع العمل السياسي. كما أن انعدام أطر العمل السياسي – يقول السيف – يؤدي بطبيعة الحال إلى الاتكاء على وسائل تعبير تقليدية أو مضطربة لا يمكنها استيعاب حجم التغيرات والتفاعلات القائمة.

يفرق الباحث السيف بشكل واضح بين الموقف المؤيد أو المخالف لسياسات تضعها الدولة وبين الولاء للنظام السياسي، فيعتبر الأولى مجالاً مشروعاً، بينما الثانية ليست محل نقاش، ويطالب بتوسيع دائرة المشاركة السياسية من خلال آليات مقبولة شعبياً لتكون معبّرةً عن تطلعات المواطنين.

في الشأن الشيعي في المملكة، يرى السيف ضرورة النظر لهذا المكوّن الوطني من منظور واقعي كأي مجتمع يتكون من جماعات يسودها التنوع وليست كتلة صماء واحدة، مستعرضاً أنماط التواصل الرسمي والاجتماعي التي تمت خلال العقود الماضية ونتائجها التي يراها متناسبة مع الجهد المبذول فيها. ويشدّد على أن الخيار النهائي للمواطنين الشيعة هو التعايش والاندماج في وطنهم، مشيراً إلى أن هناك عقبات ومعوقات تحول دون تحقيق الاندماج المطلوب، من بينها توطين التعليم الديني ومعالجة أشكال التمييز بمستوياته المختلفة.

جديرٌ بمثل هذه الأفكار المهمة أن تنال حظاً وافياً من النقاش العميق والحوار الموسّع حولها، فالمصارحة والموضوعية والعقلانية هي أساس أي خطاب وطني يرتجى منه الاصلاح في مختلف مجالاته.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"

العدد 3972 - الإثنين 22 يوليو 2013م الموافق 13 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:18 م

      اختيار موفق

      تحليل واقعي من المفكر توفيق السيف واختيار موفق من الكاتب العزيز لموضوع المقال للإسقاط على واقعنا البحريني.
      شكراً لكم

اقرأ ايضاً