العدد 3972 - الإثنين 22 يوليو 2013م الموافق 13 رمضان 1434هـ

إخوة يوسف

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

خصّص القرآن الكريم سورة باسم النبي «يوسف» (ع)، وخاطب الله نبيه (ص) بقوله في مستهلها: «نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن». (الآية 3).

قصة يوسف تبدأ برؤياه أحد عشر كوكباً والشمس والقمر له ساجدين، تنتهي بقوله «لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب» (الآية 111). وهي عبرة تتجدّد على مدى الدهر، حيث كاد الإخوة لأخيهم ليرموه في غيابة الجب، بعدما اختلفوا على قتله، ليلتقطه بعض السيّارة، فتأخذه القافلة إلى مصر، ليباع في سوق العبيد، ويمهّد الله له طريقاً إلى حكم مصر، بعد أن يتعرض إلى سلسلة من المؤامرات النسائية والرجالية، عبوراً بقنطرة السجن.

يوسف نبيٌ ابن نبي، ومن تآمر عليه كانوا إخوته وليس من الأغراب، بدأوا بالكذب على أبيهم، وتلفيق تهمةٍ لأخيهم، واختلاق قصةٍ عن تركهم يوسف عند متاعهم فأكله الذئب، حتى غدا هذا الذئب مثلاً يُضرب على براءة المتهم الغافل، بينما يضرب إخوة يوسف مثلاً على المتآمرين الحاقدين جماعياً.

هذه الجماعات قد تنشأ بين أصحاب المهنة الواحدة، من باب التنافس والتكالب على الموارد والفرص، وقد تتحوّل أحياناً إلى مرضٍ يعاني منه بعض المعقّدين. فهم لا يجدون طوال 365 يوماً إلا الكتابة عن منافسيهم، أو المختلفين معهم، أو أصحاب الرأي الذي لا يعجبهم. وقد شاهدنا نماذج كثيرة من هذه النماذج المريضة في برامج تلفزيونية على الهواء في 2011، تسبّبوا في فصل آلاف المواطنين من أعمالهم، وقطع أرزاقهم، وتجويع أسرهم.

إنه ليس هناك شخصٌ ولدته أمّه حراً، يرفض أن تطبق في بلاده مبادئ العدل والمساواة بين الناس، وتكافؤ الفرص، وتطبيق القانون على الجميع دون تمييز أو انتقاء.

ليس هناك شخصٌ حرٌ غيورٌ، يمكن أن يطالب بخنق صوت الآخر لمجرد اختلافه معه في بعض القضايا والمواقف السياسية، أو معاقبته بحرمان ابنه المتفوق من الحصول على بعثة دراسية مستحقة، عبر أنظمة ملتوية ما أنزل الله بها من سلطان، مثل بدعة المقابلة الشخصية التي ستبقى عاراً على الطاقم المتنفّذ.

ثم إنه ليس هناك من يحترم نفسه ولا يوفّر مفردةً من مفردات الشتائم السوقية إلا استخدمها، ليس ضد الشخصيات المعارضة فحسب، بل حتى ضد زملائهم الذين يعبّرون عن آرائهم في قضايا الوطن والشأن العام.

لماذا هذه النزعة الاستبدادية التي تضيق بوجود الآخر؟ ولماذا هذه الرغبة السادية والمطالبة اليومية بتعليق الآخرين على المشانق؟

إن مثل هؤلاء إنّما يؤسّسون لتوجه انعزالي منغلق على نفسه في فكره ومواقفه، ولا يجيدون غير لغة الشتم والتحريض، ويعملون على تدمير مفهوم الوطن وقيم التسامح والتعايش المشترك.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3972 - الإثنين 22 يوليو 2013م الموافق 13 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 1:02 م

      متغيرات المنطقه ستطحنهم طحنا

      المنطقة على صفيح ساخن وأجزم يقينا أن الآية ستنقلب قريبا .. بس المشكلة أن أخلاقنا ما تسمح لنا بالإنحطاط

    • زائر 14 | 5:38 ص

      مزيدا من التقدم ياسيد

      كل من لا يقرأ التاريخ جيدا مخطأ وهويتحمل النتائج المترتبة ويوشك أن يحل بنا العذاب لما نراه من ظلم فاحش لبني الانسان أخيرا أقول دوام الحال من المحال .

    • زائر 13 | 3:49 ص

      انانية وحقد

      وكل اناء بالدي فيه..... هكدا دائما يتصرف الغرباء ممن جاءت بهم بوانيش التهريب . لم يمانعوا من بيع ...من اجل ابقاء في بلادنا . لاتتعب نفسك ياسيد لأن هؤلاء سيرميهم الزمان في المكان الدي يستحقونه .

    • زائر 12 | 3:06 ص

      المصلي

      نحن جميعاً نعيش في وطن منسلخ تماماً عن بقية الأوطان في هذا العالم هو في الحقيقة مختطف من قبل فئات الفزعه والنزعة الطائفية في الدراسة وفي العمل وفي المعاملة وفي كل مناحي الحياة ولذلك تشظى الوطن واصبحنا جميعاً وطن ومواطنين على كف عفريت حيث تأخرت التنمية السياسية والأقتصادية وحتى الأجتماعية وكل هذه المصائب النازلة علينا سببها هذه الطائفية والأقصاء لمكون رئيس من مكونات هذا الشعب ولكن هذا المكر السيء سيحيط بأهله في يوم من الأيام فلا يصح الا الصحيح اذا الشعب يوم اراد الحياه

    • زائر 11 | 3:02 ص

      أكبر عبرة من قصة يوسف هو التحذير من الحسد والحاق الضرر بسببه

      سيقت هذه السورة كعبرة للمسلمين في صدر الاسلام لكي تقول لهم ولنا ايضا
      احذروا الحسد الذي يدمّر حتى علاقة الاخ بأخيه والحسد يتم في ابسط الامور حتى في عطف الأب على ولده يتيم الأم. وساق الله القصّة للعبرة ولكن للاسف أولي الالباب قلّة في ذلك الزمان وفي هذا الزمان.
      اين هم اولي الالباب؟ هل تبدلوا لأولي الاحقاد والأضغان والكراهية والبغضاء؟
      هذا ما نعيشه في وطننا نرى من حولنا يحقد علينا ويكرهنا ويمارس كل انواع العنصرية صدنا لأننا طالبنا بحقوقنا

    • زائر 10 | 2:47 ص

      أنا شخصياً واسمحوا لي على كلامي هذا

      وبصفتي أحد المفصولين ظلماً والذي تسبب في فصلي هو من كان يوم من الايام معي في نفس العمل وبعدها تحول إلى أحد المسئولين في الدولة ( لا يشرفني ولا أقبل أن أقول له ولغيره من المتسببين كلمة (أخوي) إنما أعتبره (عدوي) ولا أقبل منه أيضاً ان يقول لي كلمة أخوي) ولو حتى مجاملةً ولو قالها سأرد عليه وأفضحه وفعلاً حصل ذلك بيني وبينه) الإنسان الذي ينسلخ من إنسانيته ويتسبب في قطع رزقي ورزق عيالي بقصد تجويعي وإذلالي لا أعتبره إنسان حتى أقول له (أخي) وسأدعوا عليه ليل نهار ليأخذ الله حقي منه.

    • زائر 9 | 2:30 ص

      مافي مقال عن التجمع الوحدوي

      سيد نبي مقال تسلط فيه الضوء على ماحصل في التجمع الوحدوي

    • زائر 7 | 1:30 ص

      الحيدري ‏:‏ ‏‏>‏‏>‏‏>‏‏> معاك يا سيد ولكن ‏

      أنا معاك يا سيد ولكن ‏..؟؟؟؟ لو إفترضنا أن كل ماقلته صحيح وواقع لا مفر منه ولكن أليس على الطرف الآخر الذي يمثل المعارضة أن يضبط الشارع من الإنزلاق لمنهج العنف والترهيب فمثلا عندما تسرب معلومات عن تعرض أحد السجناء أو السجينات لإعتداء أو تحرش جنسي تشاهد على الفيسبوك أو التويتر أو بعض المواقع الإلكترونية دعوات للثأر والجهاد المقدس والمقاومة والرد بالقوة وترى بعض أقطاب المعارضة للأسف تصب تصريحاتهم في هذا الجانب ألا يوجد في هذا العالم منظمات حقوقية وإذا لم ينصفك من في الأرض سينصفك من في السماء

    • زائر 6 | 1:16 ص

      اخوه يوسف

      هؤلاء المرضي عندما يخلون مع بعضهم نسمعهم يتباكون على وضعهم الاقتصادي وعلى أحوال البلد من فساد وتجنيس وتمييز فقلت لأحدهم ذات يوم إذا كنتم تعانون من كل هذه المشاكل فلماذا لا تشكون ؟ فقال نحن تعودنا أن لا نتكلم لكي لا يصيبنا ما أصاب الآخرين ! ولكنهم في المقابل لم يتوانوا في طلب تعليق المشانق لإخوتهم في الشوارع ! فهل نتوسم خيرا فيهم؟

    • زائر 5 | 1:09 ص

      وإن لكم في القصاص حياة يا إلي الألباب .. وفي القصص عبر

      هابيل وقابيل وأخوة يوسف وكيف نزغ الشيطان بينهم. في قصة النبي يوسف (ع) كان حكيم فقد أوتي من العلم كما أوتي حكماً. فلم يجعل للشيطان طريق رغم ما فعلوه أخوته فيه كما ي موقفه مع إمرءة العزيز. فالشيطان عدو ولم يقله أحد أن عليه إتخاده خل أو صديق أو حتى إطاعته أو سماع كلامه حتى ولو كان على لسان فلانه أو علان. مواقف النبي يوسف (ع) كانت واضحة وبينه لنضجه ورشده ورجاحة عقله وحكمته فلم يضل عن ما خلقه الله اليه. الناس قد لا تقرءا قصص الأنبياء لكن من الحكمة التي يقول البعض أنها ضالة المؤمن فمن ضل الآخر؟

    • زائر 4 | 10:47 م

      شهر رمضان

      نرى الصدى على قلوبهم كاللحام

    • زائر 3 | 10:16 م

      اخوة يوسف

      نجدهم في كل مكان في الموسسة والدائرة والشركة والنقابة والمدرسة كثيرون هم لهذا نحتاج لمضاد قوي لاجتثاثهم وطبيب قائد قوي لا يخاف المواجهة وهذا منعدم في حدود القيادة القائمة لهذا نحتاج لقائد قوي وجراح لايقاف اخوة يوسف عند حدهم

    • زائر 1 | 10:00 م

      زائر

      الدنيا دوارة

اقرأ ايضاً