العدد 3980 - الثلثاء 30 يوليو 2013م الموافق 21 رمضان 1434هـ

نظرة إلى الوراء... دور الإعلام في الحوار بين المسلمين والغرب

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

العلاقات المتذبذبة بين العالمين المسلم والغرب تبدو الآن أكثر صعوبة خصوصاً منذ الهجمات على مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك في 11 سبتمبر/ أيلول 2001. بعد المأساة التي نتج عنها مقتل وجرح الآلاف مباشرة برزت الإدانات من كافة أنحاء العالم. بعد ذلك فوراً بدأ الإعلام الغربي ما يسمى «رأي الحرب»، الذي نزع إلى إلقاء اللائمة على المسلمين دون تحفظ لهذه الهجمات.

من خلال الاستشهاد بالرئيس الأميركي جورج بوش بشكل واسع، أصبح الإعلام الغربي قُمعاً للغضب نحو الإسلام الذي أمكنت مهاجمته كونه دين المهاجمين. رداً على ذلك بدأ الإعلام في العديد من الدول الإسلامية هجمة مضادة من خلال تجنيد ردود الفعل السلبية تجاه أية قضية تخص العالم الغربي. الشك وعدم الثقة والغضب والحقد بدأت تنمو بسرعة بين هاتين الحضارتين.

إضافة إلى تقديم تغطية إخبارية متكررة حول الموضوع الرئيسي «الإسلام والعنف» واستخدام كلمات مثل «الإرهابي الإسلامي» و»المتطرف» و»المتشدد» و»الأصولي» و»الإسلام المتطرف» و»الإسلام المسلّح»، أصبح الإعلام الغربي كذلك أسلوباً محورياً للترويج لـ «الحرب العالمية على الإرهاب». في أثناء ذلك أطلقت حملات عسكرية مضادة ضخمة على دول إسلامية مثل أفغانستان والعراق. الإعلام الغربي انخرط كذلك في هذا الجو من خلال إرسال العديد من الصحافيين لتقديم تقارير حيّة حول كيف تدمر العمليات العسكرية شبكات الإرهاب. منذ ذلك الوقت يبدو أن «الحرب المقدسة» السابقة للإسلام ضد المسيحية تراجعت لصالح «حرب الإعلام الغربي ضد الإرهابيين المسلمين».

كجزء من المجتمع الدولي امتص الإعلام الإندونيسي كذلك التغطية الإخبارية الغربية والتي نزعت بشكل متزايد نحو معاداة الإسلام. الإجحاف والحقد اللذان جرى تبادلهما بين المسلمين والغربيين في إندونيسيا ازدادا حدةً خصوصاً بعد تفجير بالي الأول في أكتوبر/تشرين الأول 2002. ورغم أن معظم الإعلام الإندونيسي حاول تقديم أخبار متزنة ومتعقلة حاول البعض إذكاء نار الغضب الإندونيسي على الغرب. كما قدمت هذه الأنواع من مصادر الإعلام مقالات تحليلية ناصرت المسلمين وانتقدت قادة الغرب، وقابلت شخصيات إندونيسية من الذين ساندوا حتى هجمات «جهادية» مماثلة في المستقبل.

هذه الأيام هي الأصعب بالنسبة للإعلام في إندونيسيا، الذي يجد نفسه في نزاع مصالح فيما يتعلق بالإسلام والغرب. من الصعوبة بمكان على الإعلام أن يقدم أخباراً وآراء متوازنة حيادية حيث أن الغالبية في إندونيسيا مسلمة. العديد من مصادر الإعلام تريد كسب قرائها المسلمين، ونتيجة لذلك تختار بعض وسائط الإعلام الإندونيسية عن قصد أن تصبح من أنصار الأصوات المسلمة.

عندما انفجرت النزاعات العرقية والدينية في امبون (1999) وبوسو (2000) وسامبيت (2001) واتشي (2005-1989) أصبحت بعض وسائط الإعلام الإندونيسية أساليب استراتيجية للاتصالات الجماهيرية للمجموعات المسلحة. بدلاً من التصرف كوسطاء وعملاء لحل النزاع، انخرطت بعض وسائط الإعلام المكتوبة والإلكترونية في نشر الأفكار المثيرة واللغة الملتهبة. حسب قول أحد الصحافيين البوسنيين: «الصحافي الذي يختبئ وراء الأقلام والميكروفونات لاقتراح الحرب هو في الفعل أكثر خسّة من الذين يقتلون بعضهم بعضاً». هذا القول كان صحيحاً ومنطبقاً على إندونيسيا في تلك الحقبة.

من خلال الحفاظ على موقف مستقل بعيد عن الإجحاف الديني يستطيع الإعلام فعلياً لعب دور مهم في تشجيع الحوار بين المسلمين والغرب. من خلال إيجاد فرص حوار شعبي متوازن والتشارك في الأمور العامة وتوسيع ساحة التسامح من خلال تغطيتها الإعلامية يستطيع الإعلام جسر الهوة وتشجيع الحاجة المشتركة للعيش جنباً إلى جنب بسلام.

وتماماً مثلما يحتاج الجمهور إلى جو من الحوار الراسخ العميق يحتاج الإعلام إلى صحافيين ناضجين كذلك. ويتوجب على الإعلام والصحافيين اتباع لائحة الشرف الصحافية والحفاظ على مصادر المعلومات بدقة والبحث عن أشخاص ذوي كفاءة كمصادر وكتابة تقاريرهم مستخدمين أساليب التغطية الإعلامية المهنية.

من المثير للاهتمام ملاحظة أن صحيفة إندونيسية سميت مؤخراً من قبل معهد بحوث، أكثر وسائط الإعلام شعبية بسبب أسلوب كتابتها المتعقل والمضاد للعنف. هذه الصحيفة، التي تكتب بالتأكيد عن نفس قضايا النزاع بين المسلمين والغرب في إندونيسيا لا تقدم أي شكل من التغطية المساندة للغرب أو للمسلمين. عندما سئل لماذا اختارت صحيفته هذا النوع من الإعلام غير المنحاز أجاب أحد كبار الصحافيين «نحاول فقط الكتابة بنزاهة ونبعد رسالتنا عن الإجحاف. نحن نتعرض لمخاطرة إطلاق صفة الجبن علينا بل وحتى اتهامنا بأننا أعداء الإسلام من قبل غالبية قرائنا لأننا لا نظهر المداهنة تجاههم. نحن فقط ننفذ معتقداتنا بأن الإعلام يجب ألا يكون طرفاً في أي نزاع».

قد يكون هذا ما يجب أن يكون عليه دور الإعلام في عصر «صدام الحضارات»، كقناة للرسائل البناءة التي تشجّع الحلول بين المسلمين والغرب. إضافة إلى ذلك وبما أن العلاقات بين الطرفين ملتهبة سريعة الاشتعال يتوجب على الإعلام أن يوجد منبر حوار صادق متساو شفاف للجمهور. ويجب أن يركز الإعلام ليس على الحوار نفسه وإنما على إيجاد حوار واستخدام الأساليب اللاعنفية لحل النزاعات والتخفيف من حدة التوتر. من خلال ذلك نأمل أن يلعب الإعلام دوراً مهماً في تشجيع الحوار بين المسلمين والغرب.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3980 - الثلثاء 30 يوليو 2013م الموافق 21 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً