العدد 3983 - الجمعة 02 أغسطس 2013م الموافق 24 رمضان 1434هـ

الانتخابات الكويتية ومدلولاتها

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

دعيت «الجمعية البحرينية للشفافية» و«الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان» كأعضاء في «الشبكة العربية لديمقراطية الانتخابات»، من قبل «جمعية الشفافية الكويتية» لمراقبة الانتخابات النيابية الكويتية التي أجريت يوم السبت 27 يوليو/ تموز 2013، وقد كنت ضمن وفد البحرين الأهلي إلى جانب هدى التحو ومحمد فضل، ضمن الفريق الدولي للمراقبة وقوامه 34 مراقباً.

أول مشكلة واجهتنا لدى وصولنا إلى مطار الكويت مساء الخميس (26 يوليو) هو منع الحقوقي محمد فضل من دخول الكويت وإخباره بترحيله، وكنت متخوفاً بأنني المستهدف في ضوء تجارب سابقة. ولكن كان المستهدف عضو إدارة الحقوق محمد فضل، ويرجع ذلك إلى تعميم أسماء أعضاء إدارة الحقوق كأشخاص غير مرغوب فيهم، بعد أن اتهموا من قبل الحكومة بتدريب نشطاء حقوقيين خليجيين. وترتب على ذلك حلّ مجلس الإدارة واستهدافهم خليجياً ليدخلوا ضمن قائمة طويلة من النشطاء الخليجيين الممنوعين من دخول بلدان مجلس التعاون الخليجي. وهو ما يطرح على جميع الديمقراطيين والشرفاء الخليجيين التصدي لهذا العار.

المهم أني بذلت جهدي وأنا في المطار، ثم في جمعية الشفافية الكويتية، لتأمين دخول محمد فضل الكويت للانضمام لفريق المراقبة الدولية، وبالفعل كلّلت جهود الشفافية الكويتية برئاسة د. صلاح الغزالي من خلال اتصالها بكبار المسئولين الأمنيين، بدخول محمد فضل الكويت. وهنا نود أن نسجل أمراً إيجابياً للكويت، وهي أنهم يمنحون وقتاً لمن يقرر إبعاده، وأن القنوات مفتوحة مع الجهات الأمنية خلافاً لما يحدث في باقي دول المجلس.

المهم أنه وعلى امتداد أربعة أيام مشحونة بالنشاط (25 – 28 يوليو)، نظّمت جمعية الشفافية الكويتية للوفد زيارة مقرات انتخابية لمرشحين للانتخابات مثل أحمد المليفي وزير العدل والتعليم السابق، وكذلك زيارة ديوانيات قيادات معارضة للانتخابات. وقد حضرت فعلاً لديوانية مسلم البراك مساء الجمعة (26 يوليو) عشية الانتخابات، حيث أقيم مهرجان تضامني مع معتقلي الرأي، والذين شملهم عفو أميري في 30 يوليو، استجابةً لتحرك شعبي واسع معهم. كما جرت لقاءات مع خبراء ونشطاء كويتيين في مجال الشفافية مثل الخبير الدستوري محمد الفيلي، والذي درّب وفد المراقبة للجمعية الشفافية الكويتية.

وبعد يومين من اللقاءات الواسعة لمختلف الأطياف السياسية والمجتمعية، والتعرف على البيئة والمناخ والتظلم والمواقف والتشريعات، حيث تجرى الانتخابات، وهو ضروري لتقييم الانتخابات في مجرى العملية الديمقراطية، شاركت في مراقبة الانتخابات في الدائرة الأولى (شرق). وهي دائرة مختلطة يتنافس فيها عدة مرشحين، من الطائفتين الكريمتين، الشيعة والسنة، ومن مختلف الاتجاهات الليبرالية والديمقراطية والإسلامية بمذهبيها. وبموجب النظام الانتخابي الجديد، فإن الناخب ينتخب واحداً فقط من بين عشرة نواب يمثلونه، وهو مثار خلاف بين مختلف القوى والتشكيلات السياسية والمجتمعية، والسبب الرئيسي وراء مقاطعة المعارضة للانتخابات في الدورتين السابقين والحالية للانتخابات.

ويجادل البعض أن ذلك انتقاص من حق الناخب باختزال صوته إلى عشر ما يحقّ له، أي اختيار نوابه العشرة. وبالطبع فقد ترتب على تغيير قواعد التصويت من حق الناخب بانتخاب أربعة كما كان سابقاً، إلى واحد فقط، إلى تبدل قواعد اللعبة والتحالفات، لصالح المرشح الفرد على حساب الكتل.

لقد أصدر الفريق العربي والدولي تقريراً إضافياً عن مراقبته للانتخابات الكويتية، وتوصل إلى استنتاجات وتوصيات هي الآن بين يدي الحكومة والقوى السياسية والمجتمعية، وجرى عرضها في مؤتمر صحافي على الهواء مباشرة في اليوم التالي للانتخابات (28 يوليو) في المركز الإعلامي للانتخابات بالشيراتون، ومن دون أن يطلع عليه أي كويتي بما في ذلك الجهة المضيفة (جمعية الشفافية الكويتية). وينبغي الإشارة للمراقبة الوطنية الكويتية ممثلة في جمعية الشفافية ومنظمات وجمعيات كويتية أخرى.

الكويت رائدة الخليج في مجالات عديدة، التعليم والعمران والتطور السياسي والديمقراطية والحريات نسبياً، وقد شهدت أول حركة للمشاركة في 1938 برئاسة ولي العهد حينها الشيخ عبدالله السالم الصباح، أب الديمقراطية والحياة الدستورية والتجربة البرلمانية والتحديث في 1962، والكويت أول من تبنّى دستوراً عصرياً في 1962، وأجرى أول انتخابات نيابية في 1963. ونستطيع أن نستطرد أكثر، ومن هنا فإن العديد من الكويتيين محبطون من التراجعات التي شهدتها الكويت في كل هذه المجالات، من الاقتصاد إلى الحريات والبرلمان والديمقراطية، ويحنّون إلى زمن عبدالله السالم الصباح. وهذا الإحباط ينعكس أيضاً على جماهير مجلس التعاون الخليجي ونخبها التي تستلهم التجربة الكويتية، حيث استضافت الكويت العديد من المناضلين الخليجيين في مختلف مراحل القمع في ظلّّ الاستعمار وفي ظل الاستقلال.

إن قرار سمو أمير الكويت بالعفو عن كل المحكومين والملاحَقين في قضايا ما يدعى بالإساءة للذات الأميرية، هي بادرةٌ إيجابيةٌ يؤمل أن تكون بداية لإلغاء كافة قضايا الرأي والتجمع والتعبير. والآن وقد جرت الانتخابات التي أنتجت مجلس أمة بغالبية من المستقلين وتراجع للإسلاميين من المذهبين، خصوصاً السلفيين، فإنه يؤمل أن تتشكل حكومة كفوؤة تعمل لإدخال إصلاحات ضرورية سياسية واقتصادية، لتفتح الآفاق أمام تطور الكويت لتكون رائدةً كما كانت في المحيط الخليجي والعربي، ولتضع حداً للانقسام الحالي سياسياً ومجتمعياً.

وأول خطوة نأملها من مجلس الأمة الكويتي هي عدم الموافقة على الاتفاقية الأمنية الخليجية التي تستهدف شعب المنطقة ونشطائها ونخبها المخلصة. وأن يطلب من الحكومة إلغاء قوائم الممنوعين من النشطاء السياسيين والحقوقيين الخليجيين من دخول الكويت، وأن لا تكون طرفاً في سياسات القمع والملاحقة لأبناء مجلس التعاون الخليجي، وسياسات التدخل الفجة لإلهاب المنطقة في حروب عبثية كما في سورية، أو المواجهة مع إيران، بل أن تكون عامل تصحيح لمجلس التعاون وسياساته.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3983 - الجمعة 02 أغسطس 2013م الموافق 24 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً