العدد 3986 - الإثنين 05 أغسطس 2013م الموافق 27 رمضان 1434هـ

المتحاورون... ماذا بعد إجازتهم الطويلة؟

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لقد أثبتت الأطراف المشاركة في جلسات التهيئة للحوار بعد عشرات الجلسات الموسعة والمصغرة للرأي العام، أنها غير قادرة على التوافق بينها، وليس طول الإجازة التي تمتد إلى 28 أغسطس/آب 2013 قادرة على تغيير المشهد الرتيب الذي بقي يراوح مكانه طوال المدة السابقة التي قضوها بين أخذ ورد، من دون التوصل إلى توافق مفيد.

لقد أعلنت قوى المعارضة أنها حريصة على التوصل إلى حل جذري للأزمة السياسية، ولكن أطراف الحوار وآلياته وأساليبه التي أشغلت المجتمع في الفترة الماضية بالمهاترات والاتهامات والجدالات العقيمة، جعلت قوى المعارضة الوطنية غير قادرة على نقل الحوار إلى مرحلة جديدة لقلة عددها على الطاولة، وبسبب رفض ائتلاف معارضة المعارضة بممارساته، الذهاب إلى حوار جاد، حيث تؤكد قوى المعارضة على ضرورة تمثيل الحكم فيه، وترى أن وجود الحكم في أي تفاوض ضرورة حتمية بكل المقاييس السياسية والإنسانية والوطنية.

لقد أثبتت الأطراف غير المعارضة عجزها عن التعاطي مع المطالب السياسية لقوى المعارضة الوطنية حتى ولو بنسبة متدنية، لانعدام الثقة المتبادلة بينها وبين قوى المعارضة أولاً؛ ولعدم قدرتها على اتخاذ قرار توافقي مع قوى المعارضة، لخوفها أن يدخلها هذا التوجه في متاهات سياسية يفقدها مواقعها التي حصلت عليها في أثناء الأزمة ثانياً؛ ولعدم قدرتها على طرح الرؤى والمقترحات السياسية العقلانية ثالثاً. والدليل أنها إلى الآن لم تقدم أي رؤى سياسية لها قيمة وطنية لحل الأزمة السياسية التي دخلت عامها الثالث، وخلّفت تداعيات خطيرة وقاسية في أوساط المجتمع، بسبب الانتهاكات الكثيرة لحقوق الإنسان التي أورد تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق نماذج محدودة منها، والتي لم تتمكن جميع الجهات التي قامت بممارسة مختلف أنواع الانتهاكات الحقوقية والإنسانية والسياسية نفيها.

إن عجز أطراف «معارضة المعارضة» عن طرح أطروحاتها السياسية حتى هذه اللحظة، بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على بدء جلسات التهيئة للحوار بينها وبين قوى المعارضة الوطنية، يوحي إلى المتابعين للشأن السياسي في البلاد بعدم جديتها في حل الأزمة السياسية، وعدم رغبتها الانتقال إلى مرحلة الحل، وأنها تتباين مع قوى المعارضة بنسبة كبيرة في المفاهيم الوطنية والسياسية. ففي حين نجد قوى المعارضة تنادي بأن يكون الشعب مصدر السلطات في المرحلة السياسية القادمة، التزاماً بما ينص عليه الدستور، فإن «معارضة المعارضة» لا ترغب الوصول لذلك الوضع السياسي، الذي تعتقد المعارضة أنه السبيل الأفضل لاستقرار البلد أمنياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، من دون أن تقدم في معارضتها لهذا المطلب السياسي أي مبرر واقعي، يتناغم مع مفهوم الديمقراطية الحقيقية.

ما نريد قوله أن الإجازة الطويلة للأطراف المتحاورة لن تغيّر من مجريات النقاشات بعد رجوعهم ثانية إلى طاولة الحوار، والتجربة خير برهان. فلهذا لابد أن تتغير الصورة تماماً على طاولة النقاش في شكلها وتركيباتها ومضمونها وآلياتها في المرحلة القادمة، إذا ما أريد بالفعل حل الأزمة السياسية في البلاد، التي أثرت بلا شك سلباً بصورة مباشرة على إنسان هذا البلد، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

إن أغلب أبناء الوطن اليوم يعتقدون أن الأزمات السياسية لا يمكن حلها إلا بجلوس قوى المعارضة الوطنية مع الحكم على طاولة واحدة، أو بقرار سياسي من الحكم. ويرون أن أي تأخير في الانتقال إلى هذه المرحلة يؤخّر الحل ويزيد تعقيد الأزمة، وهذا الأمر نعتقد أنه غير مرغوب فيه من الطرفين (المعارضة والحكم)، لأنهما وحدهما المعنيان والمتأثران إيجابياً أو سلبياً بصورة مباشرة بالأزمة السياسية، فنفي الثابت ونكرانه ليس سبيلاً لحل الأزمة. وما يحل الأزمة السياسية التي تفاقمت وتشعبت بعد 14 فبراير/ شباط 2011، هو الاعتراف بوجودها قبل كل شيء، لأنه بمجرد الاعتراف بوجود الأزمة يبدأ التفكير بجدية في الحلول، وهذه حقيقة سياسية لا جدال فيها.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3986 - الإثنين 05 أغسطس 2013م الموافق 27 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:15 ص

      المتحاورون ... ينتظرون

      وجبة دسمة بنظام الفوفيه لا تخلو من حلاوة أم علي

اقرأ ايضاً