العدد 4000 - الإثنين 19 أغسطس 2013م الموافق 12 شوال 1434هـ

يا واهب المحار والردى

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في مقاله أمس عن «عبدالرحمن السميط» رحمه الله، أشار الزميل محمد عبدالله إلى دراسةٍ حسابيةٍ، أجراها الفقيد الكبير، خَرَجَ منها بنتيجة أن زكاة أربعةٍ من الأسواق المالية الخليجية للأسهم، كفيلةٌ بإطعام جميع فقراء العالم، وليس المسلمين فقط.

قبل أربعة أعوام، عقد في الكويت مؤتمر القمة الاقتصادية والاجتماعية العربية، ونشرت مجموعة كبيرة من الدراسات التي أنتجتها اللجان، وتناول بعضها ضعف التجارة البينية بين الدول العربية، مقارنةً بحركة التجارة مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وآسيا.

كان القرار السياسي هو العائق الأول أمام التعاون الاقتصادي، حتى على مستوى مدّ خطوط سكة حديد، تربط دول الجزيرة العربية بالشام، فضلاً عن شمال أفريقيا. وكان الكتاب والمثقفون والمعارضون العرب ينتقدون هذا الوضع المزري منذ عقود دون أن تكترث الأنظمة.

اليوم، تتطلع الشعوب العربية للمشاركة في القرار، فالأنظمة التي ورثت الاستعمار حكمت شعوبها بطرق استبدادية، دون مساءلة أو محاسبة. وقد شاهد أبناء الجيل كيف انهارت أربعة أنظمةٍ في أعقاب الربيع العربي، وتضرّرت أنظمة أخرى، وانتهى الأمر إلى مخاضاتٍ عسيرةٍ من الصراعات الدامية التي ستطول عقوداً أخرى حتى تستقيم الأمور، وكلها ضريبةُ مدفوعةٌ لحساب حقبة الاستبداد.

الإعلام العالمي يتحدّث اليوم عن دور المال الخليجي وتأثيره على الأحداث الجارية في الدول العربية الرئيسية. كما يتحدّث عن صراع محورين متعارضي المصالح والاتجاه، بما ينذر بفترة نزاعات تدفع ثمنها شعوب تلك الدول، في ظل استقطابات حادة، ليست طائفيةً هذه المرة، بل سياسية، تتجاذبها تيارات الإسلام السياسي السني، بفرعيه الاخوان المسلمون والسلف، في لعبة أمم كبرى.

في السنوات الأخيرة، كُتب وأُذيع الكثير عن «هلال شيعي»، في خطةٍ مدروسةٍ لاستبدال الخطر الصهيوني الجاثم على صدر الأمة بالخطر «الشيعي». وانساق الكثير من الأشخاص والحركات وراء هذا الوهم المبرمج، في سياق «الفوضى الخلاقة» التي بشّرت بها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس، ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد. وكانت سباحةً ضد التيار محاولةُ إثبات أن الصراعات سياسية وليست دينية أو طائفية. وقد عُمل الكثير، وأنفقت المليارات بسخاء، خلال العامين الماضيين في أغلب دول الربيع العربي، لتحريف الحراك السياسي الكبير إلى نزاع ديني أو طائفي أو عرقي.

كانت خطط تكييف الصراع السياسي، تتم حسب البلد المراد احتواؤه، فلم تكن خطط مواجهة الثورات موحّدة. كانت هناك طاقيات إخفاء لكل بلد، فبينما غرقت ليبيا في الفوضى، وتونس دخلت فترة انتقالية متعثرة، وخضع اليمن إلى عملية تبريد للأزمة، استمرت أوضاع مصر في الاضطراب، وأدّى ضعف الأداء والغباء السياسي لفصيل الاخوان إلى تصفية حكمهم خلال عام واحد فقط.

الإعلام العالمي يتكلّم اليوم عن التأثير الكاسح للمال الخليجي في المنطقة العربية، من ليبيا وتونس، إلى سورية ولبنان، وانتهاءً بـ «الانقلاب» الذي جرى في مصر. وهو أمرٌ لم يخفه الخليجيون، فقد كانوا أول المباركين بسقوط حكم الاخوان، وأول المسارعين لتقديم المساعدات بالمليارات للحكم الجديد. وفيما لم يجمع المشاركون في مؤتمر قمة الكويت غير ملياري دولار لمشاريع التنمية، تنفق عشرات المليارات اليوم بسخاء لزيادة التدخلات ونشر الانقسامات في الدول الأخرى.

قبل خمسين عاماً، كان السيّاب يصيح بالخليج وهو على سريره بمستشفى الكويت:

«يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى.

فيرجع الصدى كأنه النشيج:

«يا خليج... يا واهب المحار والردى».

لقد حذف كلمة اللؤلؤ من ترجيع الصدى... وأبقى على المحار والردى.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4000 - الإثنين 19 أغسطس 2013م الموافق 12 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 7:48 ص

      لو عاد السياب ماذا سيقول؟

      لقد حذف كلمة اللؤلؤ من ترجيع الصدى... وأبقى على المحار والردى>
      فعلا لو عاد السياب اليوم فهل كان سيقول كلام آخر؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 11 | 4:32 ص

      حركة سوق أو بيع وشراء بعقود تجاريه؟

      تمليك الأراضي بعد تدمير الزراعه وإنشاء عمارات أو مستعمرات كما في فلسطين بتمويل من جمع التبرعات لدارفور. لم تكن من المسائل التي عرضت على جحا لحلها. لكن عمارات سكنيه وشقق فندقيه قامت ولم تقعد في دول العالم الثالث أو المستثمرات القديمه حلت بخلق مشاكل لحل مشكلة الدين أو الاسكان بزيادة عدد السكان وتسكين أو توطين مستوطنين جدد وبيعهم الأراضي التي يعتقد أو يضن أنها من أملاك الدولة. مشكلة جديده سكان جدد لكن عندهم عقار يتمسكون به.

    • زائر 10 | 4:05 ص

      فتنه أو سحر أو الغنى نفس أو غنى ماله وهم؟

      بعد الغناء أو العناء وتعب وتدمير ومرمرة ناس وقتل آخرين على ويش؟ يشاع أو يقال تجار من التجار- تاجر عمله و تاجر عمله فاتح متجر بالبشر بس في السر.. فلم يعد سراً ولا جهراً ان معضلة العالم في النقد أو العملات التي إبتدعها اليهود من أجل التجارة وتسهيل المعاملات التجاريه والربح في المعاملة والتعامل وفي العمله وبالعمله. وأوجدت أنواع من العملات والعمليات المصرفيه حسب تصنيفات مجلس النقد الدولي أو البنك الدولي وتديرها عبر شبكات عالميه. يتضح اليوم أن هذه الأوراق لا قيمة لها يعني صدى المال لكن القيمه فعلها

    • زائر 9 | 4:00 ص

      من؟

      من يحاسِب ومن يسائل؟

    • زائر 8 | 3:46 ص

      فكر يمكن تربح أو تفوز؟

      يقال تدري أو لا تعرف؟ أن بعض من الناس يحكمهم مال أو يقضي حاجاتهم قاضي من تها.. فقد يقولون أسلموا لكن يحتار العقل كيف أسلموا ويقتلوا ويذبحوا – متبعين شيطان أو راكب رأسهم إبليس أو على خطوات الشيطان أو إتبعوا سنة من سنن الأولين أو شرعنوا شريعة مختلفه عن ما شرع لهم من السماء يعني؟ فحتى القتل فيه حريه وصار له جيش حر تابع أو نابع من تجاره بالأجره أو منظمة إرهابيه بالتجارة العالميه الحرة؟

    • زائر 7 | 3:00 ص

      لماذا؟؟؟؟؟

      الله انعم على الخليج بهذه الاثروات الطائلة وبدل استغلالها في تنمية مجتمعاتها تستخدمها في ...مجتمعات الاخرين والتدخل في شؤونهم.

    • زائر 6 | 2:54 ص

      هذا هو الحال

      بدل ان نصدر المحار واللؤلؤ اصبحنا نصدر الارهابيين والتفجيريين للدول الأخرى.

    • زائر 4 | 11:09 م

      مليارات الطعم

      لكن هل يفهم الأغبياء إن فيها رقهم رحمك الله يا أباء ذر الغفاري وشكراً إيميل لحود عندما رفضت المال الذي وضعوه لك على الطاولة وأبيت المساومة على المقاومة وفلسطين.

    • زائر 3 | 10:47 م

      نقاط جوهرية

      مقال زميلك اعطى نموذج لرجل جعل من الأسلام حياة لا موت وتفجير و اقصاء و الغاء و تكفير وووووو
      مقالك تناول فزاعة (الهلال الشيعي) الذي ساندته اموال انظمة بدعم السلفية البغيضة المكفرة حتى اوهموهم بأن الصراع السوري سني شيعي!؟
      واكثرها ضحكا الصراع في مصر سني شيعي .. فما أن مسك الاخوان حتى جاءت الدعوات من السلفية البغيضة بطرد وقتل و الروافض وووو
      النقطة الأخيرة تصرف المليارات في دول وشعوبهم تموت من الفقر والتخلف والبنية المستهلكة عدا ما يستعرضه Tv من مشاهد لشوراع عامة قريبة من القصور

اقرأ ايضاً