العدد 4009 - الأربعاء 28 أغسطس 2013م الموافق 21 شوال 1434هـ

روما تتخذ موقفا متمايزا عن حلفائها في شأن تحرك عسكري ضد سوريا

وزيرة الخارجية الإيطالية ايما بونينو
وزيرة الخارجية الإيطالية ايما بونينو

تتخذ ايطاليا التي تمر بأزمة سياسية دقيقة والحريصة على تجنب اي تصعيد، موقفا متمايزا غير مـألوف عن حلفائها الغربيين، برفضها اي عملية عسكرية في سوريا من دون موافقة الامم المتحدة.

واعلنت وزيرة الخارجية ايما بونينو في البرلمان ان "لا حل عسكريا للنزاع السوري. الحل الوحيد هو حل سياسي تفاوضي"، معتبرة ان "خيار التدخل المحدود قد يصبح خيارا غير محدود".

ويعد هذا الموقف الايطالي متمايزا جدا، فيما يستعد عدد كبير من حلفاء روما وفي طليعتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، لتدخل عسكري ضد النظام السوري المتهم باستخدام اسلحة كيميائية في ريف دمشق.

ولاحظ جان بيار دارني الخبير في المسائل الدفاعية في ايطاليا التي ايدت جورج بوش في حربه ضد العراق ولا تزال موجودة في افغانستان، ان "هذا الموقف القانوني ينفصل عن التقليد الايطالي الداعم للحلفاء الاطلسيين".

ويبرر عدد كبير من العوامل هذا "الحذر الكبير"، كما يقول الخبراء الذين اتصلت بهم وكالة فرانس برس.

فقد اعتبر جان-بيار دارني ان "الايطاليين مقتنعون اولا الى حد كبير بان تدخلا لن يؤدي الى ايجاد حلول في سوريا. ولا يمارس الايطاليون الواقعيون جدا الضغوط الداخلية التي يمارسها الرأي العام في الولايات المتحدة او فرنسا على سبيل المثال".

وتفسر هشاشة الائتلاف السياسي اليساري-اليميني ايضا التحفظات الايطالية. ومع الفضائح السياسية القضائية لسيلفيو برلوسكوني التي يمكن ان تؤدي في اي لحظة الى اسقاط الحكومة، لا يسعى احد الى فتح جبهة جديدة.

وخلافا للولايات المتحدة وبريطانيا او فرنسا التي تعتبر ان "من الممكن شن هجوم عسكري بناء على قرار رجل واحد"، يقول جان-بيار دارني ان ايطاليا والمانيا اللتين تلتزمان حيادية نسبيىة، "ديموقرطيتان برلمانيتان" يعتبر فيهما تصويت النواب واعضاء مجلس الشيوخ امرا حاسما.

وقال فينشينزو نيغرو في موقع صحيفة لا ريبوبليكا على شبكة الانترنت، ان "ايطاليا حذرة لأنها ضعيفة". واضاف ساخرا "فاذا كان شعار (باراك) اوباما هو على ما يبدو +يجب القيام بأي شيء بما في ذلك الاخطاء+ فان شعار الحكومة الايطالية هو على ما يبدو +الافضل الا نفعل شيئا حتى لو تعرضنا لبعض الاهمال وابتعدنا قليلا عن حلفائنا التقليديين".

والعنصر الآخر الذي من شأنه تبريد الحماسة العسكرية في سوريا، هو الحضور القوي لايطاليا في لبنان حيث تتولى قيادة قوة الامم المتحدة (فينول) التي تشكل كتيبتها الرئيسية. وقالت سيلفيا كولومبو الباحثة في معهد الشؤون الدولية ان "سوريا هي جزء من لوحة تضم خصوصا لبنان والاردن والعراق، وان اي عمل يستهدف سوريا يمكن ان يؤدي الى تقويض للاستقرار في لبنان".

وما يحمل روما على الشعور بالقلق الكبير هو مصير المسيحيين. ويقول ماركو فولبي المسؤول عن دائرة الشرق الاوسط في مركز الدراسات الدولية في روما، ان "ايطاليا تقدر كل العواقب الممكنة لتدخل عسكري محتمل على التوازنات السياسية والدينية في المنطقة".

واكدت سيلفيا كولومب ان "مصير المسيحيين الذين يهددهم انتشار حركات اسلامية متطرفة، ليس جانبا هامشيا"، فيما يحذر الفاتيكان من مخاطر تدخل عسكري في سوريا.

إلا ان ايطاليا دائما ما تعلن انها "متناغمة مع حلفائها"، وتدين بلا تحفظ استخدام الاسلحة الكيميائية الذي وصفته بأنه "جريمة ضد الانسانية" في بيان اصدرته الحكومة مساء الاربعاء.

وهل يمكن ان يتطور موقف ايطاليا، كما حصل في ليبيا، حيث كانت في البداية ترفض التدخل ثم ما لبثت ان التحقت في نهاية المطاف بالائتلاف الذي قضى على نظام معمر القذافي؟

ويقول جان-بيار دارني انه من الممكن ان تجد المؤسسة السياسية العسكرية "صعوبة في تقبل غياب ايطاليا التي دائما ما تشعر بعوارض غيرة نسبية حيال حلفائها في منطقة لديها فيها مصالح قوية".

والخيار الاخر كما يقول هذا الخبير هو ان هذا الموقف "المترقب يمكن ان يكون ورقة يطرحها الحلفاء ايضا في تسوية مقبلة" تستعيد فيها الدبلوماسية حقوقها.

واضاف ان هذه هي على الارجح فكرة ايما بونينو، المرأة السياسية المحنكة والتي تتمتع ب "شجاعة كبيرة" وتعرف جيدا الشرق الاوسط، - عاشت في مصر وتتحدث اللغة العربية-، وتعرجات السياسية الدولية. عندئذ يمكن ان تعود ايطاليا الى اللعبة على سبيل المثال في مجال مساعدة اللاجئين او المساعدة الانسانية.

وايطاليا ليست في اي حال البلد الوحيد في الاتحاد الاوروبي الذي يتمايز عن مشاريع التدخلات العسكرية في سوريا. فقد استبعدت بولندا الاربعاء المشاركة في هذه العملية العسكرية، واعلنت بلجيكا انها ليست مقتنعة بأسس هذا التدخل.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً