أفاد تقرير المساءلة الإنسانية الأخير أن منظمات الإغاثة أصبحت أكثر عرضة للمساءلة ولكنها لا تزال تدير الأمور من قمة الهرم.
وأفاد أن منظمات الإغاثة أصبحت أكثر عرضة للمساءلة من قبل المتضررين من الكوارث عما كانت عليه منذ عقد من الزمن، ولكن المشكلات تبقى في الشفافية حيال التدخلات والاتصال بمتلقي الإغاثة والمراقبة والإبلاغ عن الانتهاكات الجنسية والقضاء على الفساد.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، مدير إدارة الكوارث بمنظمة تيرفاند قال ديفيد بينبريدج أن «المزيد والمزيد من المنظمات تقوم الآن بتحسين مستويات المساءلة من قبل المستفيدين من خلال وضع إجراءات للشكاوى وتعيين موظفين يمكن لمتلقي الإغاثة الاتصال بهم ولكن مثل تلك المساءلة لا يمكن أن توصف بعد بأنها القاعدة السائدة».
ويرى العاملون في مجال الإغاثة أن هناك تغييرا لما استقر في الأذهان، إذ قالت مستشارة التقييم والمراقبة بمنظمة إنقاذ الطفولة ميري غورخمايزان أن «الإقرار بأهمية المساءلة هو أكبر تحول في النظام» وأن هناك «إدراكا بأن المساءلة تتجاوز شخصا واحدا أو إدارة واحدة لأخذ الالتزام على جميع المستويات بما في ذلك القادة لتأييد المساءلة والمحاسبة».
ويقول العاملون في الإغاثة إن العديد من منظمات الإغاثة قامت بوضع أدوات لتحسين مستوى المساءلة من قبل المستفيدين. وقد قامت الكثير منها بوضع نظم للتعامل مع الشكاوى ووضع المساءلة في قلب تقييم المشروعات والتي يتم الإعلان عنها بصورة متزايدة.
وقالت غورخمايزان إن هناك حملات مساءلة تقودها دول أو هيئات إغاثة مثل مجموعة المساءلة «Accountability and Learning Working Group» أو الأنظمة الموجودة في الهند وباكستان والفلبين من أجل اعتماد المنظمات غير الحكومية الخاضعة للمساءلة.
وقال كاتب التقرير السنوي الذي أصدره مشروع المساءلة الإنسانية جون بورتون إن «الانطباع العام هو توسيع وتعميق المساءلة داخل المنظومة الإنسانية خلال العام 2008». وبالنسبة لمدير مشروع المساءلة الإنسانية لنيك ستوكتون فإن أوضح إجراء للالتزام بتحسين البرامج هو انضمام المنظمات إلى نظام الاعتماد الخاص بمشروع المساءلة الإنسانية الذي توافقت بمقتضاه المنظمات على تدقيق حساباتها من خلال مشروع المساءلة الإنسانية وتلبية معايير المساءلة كالمشاركة الفعالة من قبل المستفيدين.
وقد انضمت في العام 2008 تسع منظمات إلى عضوية مشروع المساءلة الإنسانية مما رفع عدد الأعضاء إلى 28 منظمة. وفي العام نفسه، حصلت منظمتان على الاعتماد مما رفع العدد إلى خمس منظمات معتمدة بينما وصل عدد المنظمات المشتركة في نظام الاعتماد إلى 14. وتؤيد الجهات المانحة أيضا نظام الاعتماد هذا. فقد أشار نائب وزير التنمية الدولية البريطاني جاريث توماس إلى أن اعتماد مشروع المساءلة الإنسانية يمكن أن يصبح شرطا لمعونات وزارة التنمية الدولية البريطانية في المستقبل.
ولكن وفقا لستوكتون، فإن هذا ينطوي على مخاطر إذ قال إن «المساءلة ستنجح فقط إذا قامت المنظمات بالتعهد بتنفيذ برامج عالية المستوى والحفاظ على كرامة الأطراف الشريكة لأنها تؤمن بأن ذلك هو ما يجب فعله».
وبينما تحاول الكثير من المنظمات أن تصبح أكثر شفافية حيال العمليات التي تقوم بها، إلا أن المعلومات غالبا ما تنساب بحرية أكبر صعودا إلى المانحين منها نزولا إلى المستفيدين، وفقا للتقرير. وقال ستوكتون إن المساءلة والبرامج عالية الجودة لا تحدد بالضرورة النجاح المالي للمنظمة، مضيفا أنه «بدلا من ذلك فإن قدرات التسويق عالية الجودة تلعب دورا كبيرا في ثروات المنظمات الإنسانية الكبرى».
وكشف «مشروع الاستماع» وهو عبارة عن مشاورات مكثفة مع المستفيدين من الإغاثة في 13 دولة، عن مدى الارتباك بشأن الجهة التي ستئول إليها مسئولية المهام في عملية تقديم الإغاثة وخصوصا مع زيادة تعاقد المنظمات الدولية غير الربحية من الباطن مع المنظمات المحلية.
وقد ذكرت المشاورات أن «الناس في الدول المتلقية للإغاثة يجدون هذا مربكا، فهم غالبا لا يعرفون من هي الجهة وراء المعونة... ولذلك لا يعرفون من الذي يمكنهم محاسبته أو كيفية القيام بذلك».
وعلى رغم أن منظمات الإغاثة تؤكد على لغة المشاركة في وثائق مشروعاتها ومواد الاتصالات إلا أن الكثير من الأطراف الشريكة تقول أنه لم يتم مشاورتها بشأن تصميم البرنامج وأن فرص التغذية الاسترجاعية كانت محدودة.
وقد كشفت تقارير منفصلة صادرة عن منظمة إنقاذ الطفولة ومشروع المساءلة الإنسانية أن الكثير من الاستغلال والانتهاكات الجنسية التي يتعرض لها المستفيدون على أيدي عمال الإغاثة وقوات الأمن وأفراد المجتمع وآخرين لا يتم الإبلاغ عنها بسبب نقص المعلومات عن المكان الذي يتم فيه الإبلاغ والخوف من أن يتم قطع الإغاثة.
وقال مدير إدارة الكوارث بمنظمة «تيرفاند» بينبريدج إن المجتمعات بصفة عامة أصبحت تتكلم من دون خوف أكثر من ذي قبل، مضيفا أن «المشاركة الجيدة هي العمود الفقري للإغاثة... فالمجتمعات تطلب المزيد من المعلومات من منظمات الإغاثة... وتجعلهم مسئولين أمامها عن التعهدات التي قطعوها».
كما ذكرت غورخمايزان أن منظمة إنقاذ الطفولة تقوم بصورة متزايدة بوضع التغذية الاسترجاعية في جداول ولكن العمل بناء على تلك الجداول قد يستغرق وقتا طويلا وتكلفة مرتفعة وهي عوامل يجب على الجهات المانحة أن تأخذها في الاعتبار. وأضافت قائلة: «نحن بحاجة إلى خلق نظم اتصال أكثر مرونة بين المنظمات والمستفيدين والجهات المانحة للمساعدة في تلك العملية».
وقد بدأت رسالة مشروع المساءلة الإنسانية بالانتشار ودليل ذلك عدد المبادرات الخاصة بالمساءلة. وقال ستوكتون أن التنافس حول قضية المساءلة أمر جيد، وأضاف: «ليس لدي شكوك بشأن التنافس الصحي. هذه طريقة عمل السوق، وعندما تعمل المنافسة بدرجة من التنظيم سيعود ذلك بالنفع على المستفيدين».
العدد 2465 - السبت 06 يونيو 2009م الموافق 12 جمادى الآخرة 1430هـ