العدد 4023 - الأربعاء 11 سبتمبر 2013م الموافق 06 ذي القعدة 1434هـ

المحاصصة الطائفية... بين ائتلاف الفاتح وقوى المعارضة الوطنية

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في مؤتمر صحافي لائتلاف الفاتح عقد يوم الاثنين (2 سبتمبر/ أيلول 2013) بمقر جمعية الوسط الإسلامي، أعلن رفضه أية محاصصة طائفية في الوزارات والمناصب القيادية، وكأنه يريد أن يقول أن مطالبات قوى المعارضة الوطنية طائفية ومطالباته هو الوطنية، وهو يعلم قبل كل أحد، لم تكن المعارضة الوطنية الديمقراطية في يوم من الأيام تتحدث عن «محاصصة طائفية» في الوزارات والمناصب القيادية، ولم توجد هذه الفكرة الطائفية في استراتيجياتها السياسية، ولم يسمعها أحد طوال حراكها السياسي الذي بدأ في 14 فبراير/ شباط 2011 طالبت بهذه الفكرة المقيتة، وإنما كانت ومازالت تعتبر فكرة المحاصصة الطائفية والممارسات الطائفية في التعيينات والتوظيف والترقيات والمكافآت والحوافز والبعثات والرغبات الدراسية لا تتناغم إطلاقاً مع المفهوم الديمقراطي، ولا مع مبدأ المواطنة الحقيقية الذي تنادي به المعارضة الوطنية منذ نشأتها. والكل يعلم أن كل ما تطالب به هو استحقاقات سياسية وبرلمانية وإدارية، تنتج من مشاركة شعبية عادلة لجميع مكونات الشعب، وتطالب بممارسات ديمقراطية نزيهة، بعيداً عن التمييز الطائفي أو العرقي أو القبلي، ويكون الأساس فيها تطبيق مبدأ المواطنة وتكافؤ الفرص التي تعتمد على الكفاءة والخبرة والإخلاص للوطن، لأن قوى المعارضة بمختلف توجهاتها السياسية، تعلم أن المحاصصة الطائفية نفق سياسي مظلم، لا يمكنها تحقيق طموحات البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

فالدول التي فرضت عليها الدول الاستعمارية الأخذ بمبدأ المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب القيادية غالباً لم تنعم بالأمن الأهلي ولا بالاستقرار السياسي ولا بالنمو الاقتصادي، ولبنان والعراق الشقيقان خير مثال في واقعنا العربي. ومن يثير مفهوم المحاصصة ويدّعي أنه مطلب للقوى المعارضة الوطنية التي تعارضه جملةً وتفصيلاً، إما أنه لم يستوعب مطالبات القوى المعارضة رغم مشاركته معها في الحوار القائم الذي يقول عنه أنه قد يستغرق سنوات، وهذه مصيبة كبرى.

فهل يعقل أن أحد قيادات ائتلاف الفاتح لم يسمع قوى المعارضة وهي تطالب بحكومة منتخبة، وبرلمان كامل الصلاحيات في التشريع والرقابة، ودوائر انتخابية عادلة تحقق صوت لكل مواطن، وتطالب بتجريم التمييز بكل أشكاله ومسمياته، ومساءلة ومحاسبة القائمين على الفساد الإداري والمالي والأخلاقي قانونياً، ونبذ التمييز والعنف من أية جهة كانت، ورفض الانتهاكات الإنسانية التي تمارس خارج القانون ضد مختلف فئات المجتمع. إذا ادعى أنه لم يسمع عن مطالبات المعارضة الوطنية التي ذكرناها آنفاً، فهو يحاول تضليل نفسه قبل تضليل غيره، وهذا يدل أنه لا يثق بوعي الشعب البحريني الذي لا ينطلي عليه مثل هذا الكلام البعيد عن الحقيقة. ونعتقد أنه أكثر الناس علماً أن من الأسباب التي جعلت الشعب المصري يرفض أساليب الأخوان في الحكم، هي محاولتهم الاستئثار بكل المناصب القيادية، والتحدّث بكلام ليس له نصيب في واقع مصر السياسي، وممارستهم الإقصاء والتهميش والتحريض الطائفي ضد كل يخالفونهم في توجهاتهم السياسية والأيديولوجية. كل ذلك هو الذي أدى إلى صدامات طائفية عنيفة لم يسبق لها مثيل في تاريخ مصر العروبة.

إن قوى المعارضة الوطنية البحرينية لم يسمعها أحد تنادي بمبدأ المحاصصة الطائفية في الوزارات والمناصب القيادية. لقد كانت واضحة، في تصريحاتها وبياناتها ومؤتمراتها الصحافية، بأنها تعارض الاستئثار بالمناصب القيادية بأيّ مبرر غير ديمقراطي، وأنها تقبل بكل ما تفرزه الديمقراطية الحقيقية، وتقول بكل صراحة أن وقتنا الحاضر لا يتحمل الرجوع بالوطن إلى مسافات بعيدة عن التطلعات الديمقراطية، وتنادي بتطبيق المادة الدستورية رقم (1) الفقرة (د) التي تنص حرفياً: «نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً».

إن تعمد الائتلاف بإشغال أبناء الوطن بخزعبلات وشائعات ليس لها نصيب في واقع المعارضة السياسي، يضعفه جماهيرياً، ويفقده موقعه السياسي في المستقبل، شاء أم لم يشأ. ولابد له أن يعتمد في حديثه على المصداقية إذا ما أراد لنفسه وجوداً في أوساط المجتمع مستقبلاً، والعيب كل العيب إذا ما أصر على تزييف الحقائق ونسج الأخبار الكاذبة، التي يراد من ورائها تسخيف عقول الناس واللعب بمشاعرهم. ولابد للائتلاف من الرجوع إلى حقيقة ما يحدث في البلاد، والتحدث بموضوعية بعيداً عن المؤثرات النفسية التي تعجز عن إيجاد حلول واقعية تنهي الأزمة السياسية التي دخلت عامها الثالث. وأما أن يعمل على جعل الحوار يستمر سنوات دون جدوى، وهذا هدفٌ لا يتوافق أبداً مع مصالح الوطن، وإنّما يتوافق مع مصالحه الفئوية البعيدة عن تطلعات الشعب البحريني الذي عاش الألفة والمحبة منذ وجوده على هذه الأرض الطيبة، وكان دائماً يرفض الأصوات الطائفية النشاز التي تريد أن تنخر في نسيجه الاجتماعي الذي رسخه الأجداد والآباء.

إن كل ما تطالب به قوى المعارضة الوطنية من أعضاء الإئتلاف أن يتذكّروا قبل التحدث بأية عبارة غير صادقة كلام الله تعالى: «إِنَّ السمعَ والبصرَ والفؤادَ كلُّ أُولَئك كانَ عنه مسئُولاً» (الإسراء، 36). وأن لا يتعاملوا مع الشعب البحريني وكأنه شعبين متباينين في حقوقهم وواجباتهم الوطنية، لعل وعسى أن ترتدع نفوسهم وتمتنع ألسنتهم عن قول كل ما فيه مضرة للبلاد والعباد. نسأل الله لهم التوفيق في عملهم الوطني، وقول الحقيقة كما هي من دون زيادة أو نقصان، حتى ولو كانت مرّةً عليهم أو على قوى المعارضة الوطنية، حتى لا يستغرق الحوار الوطني في شقه السياسي سنوات كما تتمناه بعض النفوس.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4023 - الأربعاء 11 سبتمبر 2013م الموافق 06 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:11 ص

      هم يستحوذون على كل شيء فذلك ليس طائفيا ولكن عندما يطالب الشعب بشيء من حقه فهو طائفي

      ما اغرب منطق هؤلاء وعجرفتهم الآن هم مستحوذين على معظم المناصب العليا ومعظم الوزارات والشركات وليتهم الاكثرية الساحقة لكي نقول هذا حقهم.
      ولكن ما إن يطالب الناس بأقل حقوقهم رفعوا عقيرتهم الطائفية ورموا اخوانهم في الوطن زورا وبهتانا بانهم طائفيون .
      واقول والله يعلم انكم طائفين وظالمون لحقوقنا ومشاركون في ظلامتنا ولنا معكم موقف يوم الحساب وسترون يكون حساب الله

    • زائر 2 | 2:18 ص

      مقال رائع

      كفيت ووفيت استاذ.... للأسف لا حياة لمن تنادي.. جزاك الله كل الخير

اقرأ ايضاً