العدد 4046 - الجمعة 04 أكتوبر 2013م الموافق 29 ذي القعدة 1434هـ

العالم في مواجهة العنف والتطرُّف

عطاءالله مهاجراني

وزير الثقافة الإيراني السابق

(المقال نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط) - حملت كلمة الرئيس الإيراني حسن روحاني، التي ألقاها في افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة فكرة جديدة. كانت كل الأطراف تركز على ما إذا كان روحاني وأوباما سيتصافحان ويعقدان اجتماعاً، لكن ذلك لم يحدث.

وخلال كلمة أوباما في المناسبة ذاتها، كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ومندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة محمد خزاعي، حاضرين الجلسة واستمعا إلى كلمة أوباما مباشرة. على النقيض لم يحضر وزير الخارجية الأميركي أو مندوبة أميركا لدى الأمم المتحدة سامنثا باور كلمة روحاني.

ترى أميركا في نفسها محور العالم، ثم هناك باقي العالم! عندما كان الجميع يتحدث عن المصافحة واللقاء المرتقب بين كل من أوباما وروحاني، أشار الأخير في مقابلة مع قناة «سي إن إن» إلى أنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت لعقد هذا الاجتماع، لكن الواضح أن الجليد قد انكسر بين الدولتين، وأن حائط انعدام الثقة بدأ في التداعي، وأن غياب الثقة بين إيران وأميركا بدأ في التحول إلى الأفضل.

قال أوباما إن الولايات المتحدة لا ترغب في تغيير النظام في إيران، وأعتقد أن تلك كانت النقطة الأبرز في كلمته. وإننا نشهد فصلاً جديداً في العلاقات الأميركية - الإيرانية.

فللمرة الأولى منذ العام ثورة 1979 يلتقي وزير الخارجية الإيراني بنظيره الأميركي في اجتماع «5+1» في نيويورك في السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول. خرج كلاهما مبتسماً بعد الاجتماع وصرحا بأن الجلسة كانت إيجابية وبناءة، وأنها مؤشر على بداية فصل جديد بين الدولتين.

أود هنا التركيز على مبادرة روحاني WAVE: العالم في مواجهة الإرهاب والتطرف. وأعتقد أننا كمسلمين بحاجة أكثر من ذي قبل إلى الإعلان صراحة عن رفضنا للعنف والتطرف.

الحقيقة أننا كمسلمين ضحايا العنف والتطرف في العالم، والمفارقة أن المسلمين عادة ما يوصمون بأنهم مصدر الإرهاب والتطرف. ولذا أعتقد أنه ينبغي أن يؤخذ مقترح روحاني على محمل الجد من قبل الدول الإسلامية، وبخاصة المفكرون والكتاب والفنانون والنخب.

وكما نعلم، فقد صاغت وسائل الإعلام الغربية مصطلحاً جديداً للإرهاب، حيث يطلقون على الإرهابيين المسلمين وصف الإسلاميين. وبعبارة أخرى، فهم يحاولون حمل الآخرين على تبني وجهة نظرهم، ويرون الإسلام مكافئاً، أو الوجه الآخر، للإرهاب.

مما يؤسف له أنهم يجدون من الحوادث الجديدة ما يدعم وجهة نظرهم، لعل آخرها المجزرة الوحشية التي شهدتها كينيا على يد مقاتلي جماعة الشباب الصومالية.

وقد ركّز روحاني في الفقرة الأخيرة من خطابه أمام الأمم المتحدة على هذه القضية الحاسمة، عندما قال: «اليوم، تدعوكم جمهورية إيران الإسلامية والمجتمع الدولي بأسره لاتخاذ خطوة إلى الأمام؛ في دعوة للانضمام إلى WAVE: العالم في مواجهة العنف والتطرف. يجب علينا قبول أن نكون قادرين على فتح أفق جديد يمكن من خلاله أن يسود السلم على الحرب، والتسامح على العنف، والتقدم أكثر من إراقة الدماء، والعدالة على التمييز والازدهار على الفقر، والحرية على الاستبداد. وقد عبر عن ذلك الفردوسي، الشاعر الملحمي الإيراني الشهير، بأبياته:

لا تتهاون في النضال من أجل قضية جيدة... يجب أن تجلب الربيع، وأن تبعد الشتاء».

تمتلك مبادرة روحاني القدرة على بناء مناخ جديد في العالم. وكما نعلم، عندما اقترح الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، نظريته للحوار بين الحضارات والثقافات كانت الاستجابة رائعة. كانت نظرية الرئيس خاتمي نظريته للحوار بين الثقافات في ذلك الوقت رداً على نظرية هانتنغتون «الصدام بين الثقافات».

وقد لقيت فكرة نظريته الكثير من الدعم الدولي في العديد من المجتمعات الدولية، لعل أبرزها الأمم المتحدة.

نتيجة لذلك أعلنت الأمم المتحدة العام 2001 عام الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات، تلبية لاقتراح خاتمي. ودفاعاً عن أخلاقيات السياسة أكد خاتمي أن الترجمة السياسية للحوار بين الحضارات جزء من التأكيد على ضرورة أن تسود الثقافة والأخلاق والفن على السياسة.

نحن الآن، نواجه بالفعل عنفاً وتطرفاً غير مسبوق في العالم، منها على سبيل المثال الهجوم الذي وقع على مركز تسوق «ويست غيت» في نيروبي.

أعلنت كينيا الحداد لثلاثة أيام بعد انتهاء الحصار الذي أقامه الإرهابيون وامتد لأربعة أيام، والذي أسفر عن مصرع 72 شخصاً، من بينهم ستة رجال أمن وخمسة من المتطرفين، بحسب ما أعلنه الرئيس أوهورو كنياتا.

غير أن منظمة الشباب التي أعلنت مسئوليتها عن الهجوم قالت إن 137 رهينة قتلوا، لكن هذا البيان لا يمكن التأكد منه.

كان أبرز مقولات رينيه ديكارت: «أنا أفكر، إذن أنا موجود». لكننا الآن نواجه مساراً جديداً «أنا أقتل إذن أنا موجود».

انظر إلى منظمة الشباب، إنهم يتحدثون عن قتل الأفراد كما لو كانوا يتحدثون عن ذبح حيوانات. الأسوأ، أنهم لا يبررون أفعالهم وفقط، بل يعتقدون أنهم يقومون بعمل مقدَّس.

قال لي أحد أصدقائي إن شاباً اعتقل في النجف أثناء محاولته تفجير قبة ضريح الإمام علي.

بدأ الشاب، الذي ربما لم يتجاوز العشرين من عمره، في الصراخ عالياً، قائلا إنه بعد دقيقتين سيكون في الجنة، وهذا توجه غريب في العالم الإسلامي. كيف يمكن التعامل مع هذه الأفكار وتصحيحها؟

بادئ ذي بدء، نحن بحاجة إلى تحرك قوي ضد العنف والتطرف، وأعتقد أن المؤتمرات الإسلامية قادرة على لعب دور رئيس هذه الأيام. وربما تكون مبادرة روحاني الخطوة الأولى، لكننا بحاجة إلى القيام بالدور المنوط بنا عبر دعم مقترحه.

وصدقوني، نحن بحاجة أكثر من ذي قبل إلى الوقوف في وجه العنف والإرهاب في أية صورة كان.

إقرأ أيضا لـ "عطاءالله مهاجراني"

العدد 4046 - الجمعة 04 أكتوبر 2013م الموافق 29 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:05 ص

      أين حرية من حر بلا عداله ؟ أو أعدلكم أعقلكم أتقاكم أحكمكم أعدل؟

      ليس بسر ولا سحر فيها لكن يقال للشخص أو للفرد الذي لا يتحكم في أفعالة أو تصرفاته أو سلوكه أو أعماله التي يقوم بها – ليس حرا وإنما الحرية مسئوليه عن دنفسك وتحافظ عليها ولا تفرط فيها ولا تعتدي على غيرك! فهل الناس أحرار كما صنم الحرية الأمريكي؟

اقرأ ايضاً