العدد 4049 - الإثنين 07 أكتوبر 2013م الموافق 02 ذي الحجة 1434هـ

لماذا يتهاون الخليجيون في أمنهم؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

الذي يتابع معظم الصحف الخليجية خصوصاً بعد الاتصال الهاتفي الشهير بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وبين الرئيس الإيراني حسن روحاني، يدرك حجم التخوف الذي يبديه الكثيرون حول أمن الخليج فيما لو وضعت أميركا يدها في يد إيران، وعلى حساب أمن دول الخليج كلها. وهذا التخوف يظهر بجلاء حجم اعتماد هذه الدول في حمايتها على أميركا، وكذلك حجم ضعفها عن حماية نفسها.

جريدة «النهار» الكويتية نشرت حديثاً أجرته مع مدير شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان، أكد فيه أن إيران وأميركا والأخوان هم الذين يهدّدون أمن الخليج، وزاد مؤكداً أن هناك «سايكس بيكو» جديدة، وكذلك خطة لنشر الفوضى في دول الخليج، لكنه لم يقل شيئاً عن الخطط التي يجب أن تقوم بها هذه الدول لكي تحمي نفسها من التهديد الذي يواجهها بحسب ما ذكره الفريق ضاحي.

لم يكن الفريق وحده من استشعر الخطر الشديد على أمن الخليج، فهناك كثيرون عبّروا عن هذه المخاوف، فالباحث عبدالله النفيسي وهو من المختصين في الشئون الإيرانية والعراقية، أكد كثيراً أن إيران تشكّل تهديداً حقيقياً على أمن الخليج، كما أنه يؤكّد أن هناك اتفاقاً بين أميركا وإيران، وأنه سيكون على حساب دول الخليج! وأورد شواهد مماثلة مثل وقوف إيران إلى جانب أميركا عندما احتلت أفغانستان والعراق، وكيف أن هذا التعاون جعل إيران هي الحاكمة بأمرها في العراق، وكيف أن نفوذها امتد إلى سورية فأصبحت هي أيضاً ذات النفوذ القوي هناك.

كثيرون من كتاب الخليج أبدوا مخاوف كثيرة من تخلي الأميركان عن حماية بلادهم خصوصاً بعد تقاربها من إيران، بل إن عدداً كبيراً من الكتّاب البحرينيين قالوا صراحةً إن أميركا تدرّب مجموعةً من المعارضين للدولة وطالبوا بطرد السفير! لكن الدولة آثرت الصمت ولعل في صمتها حكمة! وفي الآونة الأخيرة انتشرت خريطة لدول الخليج وبعض الدول العربية في تقسيم جديد جزأ هذه الدول إلى دويلات صغيرة، وقيل إن أميركا وراء هذه الخريطة، وأنها ستسعى لإخراجها إلى حيّز الواقع، وكل ذلك تحقيقاً للمصالح الإسرائيلية!

إن الواقع الذي نراه يؤكّد أن الدول تسعى لتحقيق مصالحها، وأن قضايا الصداقة لا محل لها في قاموس الدول، فأميركا لا تهمها مصالح دول الخليج بقدر ما تهمها مصالحها ومصالح «إسرائيل»؛ ومعلومٌ أن مصالح أميركا تنحصر في حصولها على البترول بشكل سلس، وكذلك ضمان أمن «إسرائيل»، فإذا ضمنت إيران هذه المصالح لأميركا فما الذي يجعل أميركا تتمسك بأمن الخليج خصوصاً أن إيران دولة قوية، بعكس دول الخليج؟

أما إيران فهي الأخرى تبحث عن مصالحها، ومن هذه المصالح التوسّع في اتجاه الخليج، وأن تكون هي القوة المهيمنة الوحيدة في الخليج على غرار ما كانت عليه أيام الشاه، ومن أجل ذلك سترحّب بأي تقارب مع أميركا وستنسى مباشرةً مقولة أن أميركا هي الشيطان الأكبر، لأن أميركا في مثل تلك الحالة ستكون الملاك الأجمل! ولا أعتقد أن أي منصف سيلوم إيران على هذا الموقف لأنها ببساطة تبحث عن مصالحها، وهذا من حقها، بل من واجبها أن تفعله.

السؤال هنا لا يجب أن يوجّه للأميركان أو للإيرانيين لأنهم بكل بساطة يفعلون ما يعتقدون أنه يحقق مصالحهم، ولكن السؤال هنا يجب أن يوجّه لدول الخليج، وهو: ماذا فعلتم لكي تحموا بلادكم وتحقّقوا الأمن لشعوبكم؟ ثم هل حددت هذه الدول من هو العدو الذي يمكن أن يهاجمها لكي تتخذ الاحتياطات اللازمة ضده؟ المعروف أن بعض هذه الدول تجعل أميركا عدواً لها، وأخرى تتحدّث عن إيران، ونادراً ما أسمع من يتحدّث عن «إسرائيل» دولة قد تغزو دول الخليج أو بعضها! ولكن ليس معروفاً ما هي الخطط التي وضعتها هذه الدول مجتمعةً أو متفرقةً، لكي تحمي نفسها من غزو محتمل حتى وإن كان بعيداً أو احتماله ضعيفاً! ومن المرجّح أنها لم تفعل ما يكفي لمواجهة المخاطر التي يتحدّث عنها الكثير؛ وربّما مازالت تأمل أن تبقى أميركا حاميةً لها إلى أجل غير محدود!

خيارات دول الخليج في تحقيق أمنها الحقيقي الذي تعتمد فيه على نفسها ليست كثيرة، ومع هذا لابد لها أن تسارع إلى اتخاذ كل الفرص المتاحة لها إن أرادت ذلك؛ وأول الاجراءات من وجهة نظري أن تشكّل هذه الدول اتحاداً كنفيدرالياً بينها، لأنه سيعطيها قوةً أكبر مما هي عليه حالياً، وهذا لن يتحقق إلا إذا استشعر قادة هذه الدول أن اتحادهم قوة لهم جميعاً، وبدونه قد يضيعون جميعاً! أما الحديث عن إدخال هذه الدولة أو تلك في الاتحاد الخليجي فهذا لن يفيد شيئاً على الإطلاق، فليتحد الخليجيون اتحاداً حقيقياً ثم ليلتفتوا إلى هذه الدولة أو تلك لتتحد معهم إن كانوا بحاجةٍ لها، أما إذا كانوا متفرقين وبعضهم يكيد للبعض الآخر، وشعوبهم مبعدة عن المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية بالنسبة لها، فسيكون من العبث المطالبة بانضمام دول أخرى لاتحادهم!

وأيضاً هناك شيء آخر قد يستغله أعداء دول الخليج وهو الاحتقان المذهبي في بعض الدول، وكذلك شعور طوائف في المجتمع بالظلم، ووجود الفساد الإداري والمالي، وهذا وغيره قد يكون مدخلاً سهلاً لمن يريد اختراق هذه الدول وتحقيق مصالحه من خلالها وغيرها بطبيعة الحال.

دول الخليج تنفق مليارات الدولارات على شراء السلاح، وكان ينبغي في مثل هذه الأحوال وفي مثل الظروف التي تمر بها، أن تعتمد بشكل كامل على شعوبها لأنهم هم وحدهم الذين سيحمون بلادهم، وهذا يتطلب تدريب كل الشباب على حمل السلاح عن طريق التجنيد الإجباري، ووضع برامج ثقافية تربط الشباب بوطنهم ووحدته، فإذا أضيف لهذا كله تحقيق الإصلاحات التي يتطلع إليها شعب الخليج كله استطعنا ضمان حماية بلادنا وتحقيق الأمن لشعب الخليج الواحد، أما وهم الاعتماد على الغير فهو الذي سيقودنا إلى الدمار والضياع.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 4049 - الإثنين 07 أكتوبر 2013م الموافق 02 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 6:02 ص

      حقيقة يجهلها الكثيرون

      حقيقة أن أمن البلاد لا يحققه احد سوى ابناءها .

    • زائر 4 | 4:00 ص

      دول خليجية؟ أم مناطق يحكمها عملاء بالوكالة؟

      مفهوم الدولة باختصار أنها حكم الشعب من الشعب...اعطني بلدا خليجيا واحدا ينطبق عليه هذا المفهوم. لذا فإن مفاهيم الأمن لديهم هي بمقدار ما تملى عليهم من شروط لإستمرارية الأنظمة المعينة بقمع هذه الشعوب المستضعفه،وهذا لم يتم التهاون به....دول التعاون الخليجي لم يتهاونوا،فجل عملهم هو أمني بامتياز ضد شعوبهم....حفظا على مصالح الغير. وهم أساسا من يساند التوتر الطائفي عملا بمبدأ فرق تسد.

    • زائر 3 | 3:35 ص

      عين الصواب

      وأيضاً هناك شيء آخر قد يستغله أعداء دول الخليج وهو الاحتقان المذهبي في بعض الدول، وكذلك شعور طوائف في المجتمع بالظلم، ووجود الفساد الإداري والمالي، وهذا وغيره قد يكون مدخلاً سهلاً لمن يريد اختراق هذه الدول وتحقيق مصالحه من خلالها وغيرها بطبيعة الحال.

    • زائر 2 | 3:16 ص

      بله

      بله واشرب مايه.
      طول عمركم مستعمرون من الامريكيون والبريطانيون. ماذا لو ايران استعمرتكم.
      بس لانكم طائفيون والمسئله لان ايران شيعه.
      وللعلم نحن البحرينيون الالصليون لم نكن نقبل لابالامريكي ولا البريطاني ولا الايراني.
      هكذا تربينه.

    • زائر 1 | 2:15 ص

      النظر للخارج واهمال الداخل

      الشعوب هي العامل القوي الفعال بالنظر لتلك الدول فهي تعتمد بشكل كلي على شعوبها والتدريب العالي بعيدا عن النظر للديانة فقط المواطنة هي التي تغير كل المعادلات. فبدلا من الاهتمام بالشعوب والنهوض بها هنا عندنا يتم البحث عن صديق جديد بديل للسابق وكما يقول المثل (هالباب على هالخراب) فهل اسرائيل ستكون أفضل من امريكا. للأسف يتم الكلام عن الأسباب وتتجاهل المسببات. لو أن هناك نهوض بالشعوب لما كان هناك خوف من أي عدو

اقرأ ايضاً