العدد 4066 - الخميس 24 أكتوبر 2013م الموافق 19 ذي الحجة 1434هـ

اليابانيون مولعون بالمأكولات البحرية

تتدفق العديد من تيارات المحيط عبر الجرف القاري الذي يمتد من الأرخبيل الياباني، مشكلة بذلك مصائد غنية بالأسماك يمكن أن نطلق عليها «المراعي البحرية». كان هذا أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت اليابانيين إلى تناول هذه الكميات الكبيرة من الأطعمة البحرية منذ الأزمان الغابرة.

تقدم كايزوكا (هضبة المحار) دلائل هامة على ولع اليابانيين في ذلك الحين بالأطعمة البحرية. اذ تشكلت كايزوكا التي يعود تاريخ تواجدها في المقام الأول إلى عهد جومون من الأسماك الصدفية وعظام الأسماك والحيوانات التي كان اليابانيون القدامى يتخلصون منها.

وتدل الآثار التي عثر عليها في هضبة المحار على أن الناس في ذلك الوقت اعتادوا على تناول نوعية الأطعمة البحرية نفسها التي يتناولها اليابانيون في هذه الأيام.

كما أن البعض وضع نظرية تفرض أنهم اعتادوا على تناول ساشيمي (السمك غير المطهو) أيضاً، وذلك لاحتواء هضبة المحار على أشواك سمك الأبراميس سليماً بالإضافة إلى عظام الأسماك المفلطحة.

إحدى الفوائد التي نجنيها من تناول الأطعمة النيئة هي مقدرة الجسم على امتصاص الإنزيمات الطبيعية التي يعمل تسخين الطعام على تدميرها، تمتلك الإنزيمات تأثيراً على وظائف الأعضاء الداخلية للجسم كما تحسن صحة الإنسان. علاوة على ذلك، تحتوي الدهون الموجودة في الأسماك على حمض الدوكوساهيكساينويك (DHA) – الذي يزيد من القدرات الإدراكية ويعمل على تقوية الذاكرة، وذلك من خلال حفز خلايا الدماغ – وحمض الإيكوسابينتاينويك (EPA)، الذي يعمل على تحسين الدورة الدموية من خلال جعل الأوعية الدموية أكثر مرونة.

وقد لعبت عناصر النظام الغذائي هذه دوراً في الحفاظ على صحة اليابانيين. يذكر نص صيني تاريخي، غيشيواجيندين (عصور الوا) أن الواجين (الاسم الذي كان يطلق على اليابانيين في ذلك الوقت) كانوا قوماً يعيشون لفترات طويلة جداً، «فقد يبلغ عمر أحدهم 80 أو 90 أو حتى 100 عام».

ولم يكتف اليابانيون في تلك الفترة بتناول الأطعمة البحرية النيئة فحسب. بل أيضاً كان لهم الفضل في ابتكار تشكيلة متنوعة من أساليب الطهو وحفظ الطعام، بما في ذلك الشي والسلق والتخليل في الملح والتجفيف والتتبيل.

في بادئ الأمر كان السوشي الذي يعد رمزاً قويّاً لواشوكو أسلوب طهو يستخدم لحفظ الطعام على المدى البعيد. يرجع أصل السوشي إلى ما يسمى ناريزوشي - وهو السوشي الخمر الذي كان يتم إعداده من خلال مزج السمك مع الأرز والملح وترك المزيج حتى يصبح مالحاً من خلال تأثير الملبنات.

يعود تاريخ أول ظهور لأسلوب الطهو المعروف باسم نيغيريزوشي المنتشر في هذه الأيام والمتمثل في وضع الأطعمة البحرية على الأرز إلى عهد بونسيي (1818 - 30). انتشر السوشي، وهي وجبة سهلة الإعداد من السمك الطازج والأرز، بسرعة بوصفها إحدى الوجبات السريعة التي تباع في الأكشاك المنتشرة على الطرقات.

هدفت كامابوكو، وهي كعكة السمك التي يتم إعدادها بوضع السمك المفروم في العجينة وطهوه على ألواح خشبية أيضاً إلى زيادة العمر التخزيني للأسماك. تعود أصول كامابوكو إلى السمك المفروم الذي كان يتم لفه على نهاية عصا ومن ثم شيه، ويقال إن هذا الأسلوب يعود تاريخه إلى حقبة جومون. يمكن أن تكون الطبقة الخارجية للكامابوكو على سبيل المثال باللون الأحمر أو الأزرق أو الأصفر، وأحياناً يستخدم كامابوكو في المناسبات الاحتفالية مثل رأس السنة أو حفلات الزفاف وذلك لأن ألوانها جذابة للغاية.

فن ايكيجيمي

تعد ايكيجيمي إحدى الأساليب الأخرى الماهرة التي تستخدم لضمان بقاء السمك طازجاً ومحتفظاً بمذاقه اللذيذ. قوم أوغوري كينجي، وهو تاجر جملة وسيط يعمل في سوق تسوكيجي الشهير للبيع بالجملة في طوكيو حيث يتم بيع الأسماك للمطاعم ومحال السوشي، بشرح النقاط الرئيسية.

وأول ما عليك القيام به هو التخلص من الدم من خلال إحداث جرح تحت الخياشيم وعند قاعدة الذيل، اذ يمكن شحن السمك في حالة جيدة إذا ما تخلص الجسم من الدم الذي يتسبب في انبعاث رائحة كريهة. بعد ذلك، يتم إدخال سلك في العمود الفقري بهدف إزالة الأعصاب وبذلك تموت السمكة في الحال، ويمكن الحفاظ على نضارة السمك من خلال منع تصلب الجسم.

حاليّاً، يتم تطبيق ايكيجيمي على 80 في المئة من الأسماك الحية التي يتم نقلها إلى تسوكيجي. فمنذ الأزمان الغابرة اعتاد اليابانيون على تناول السمك النيء، وتمثل ايكيجيمي الخبرة التي تطورت لضمان احتفاظ السمك بمذاقه الشهي.

العدد 4066 - الخميس 24 أكتوبر 2013م الموافق 19 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً