العدد 4071 - الثلثاء 29 أكتوبر 2013م الموافق 24 ذي الحجة 1434هـ

حرب التجويع التي يشنها الأسد

جون كيري

وزير الخارجية الأميركية

(الكلمة بمناسبة إصدار التقرير السنوي للاتجار بالبشر)

يعمد النظام السوري إلى منع تسليم المعونات الغذائية والطبية والإنسانية الحيوية؛ ومع اقتراب فصل الشتاء، تصبح حياة آلاف الناس معرّضة للخطر.

إن العالم يعلم الآن أن بشار الأسد قد استخدم الأسلحة الكيماوية والقصف العشوائي والاعتقالات التعسفية والاغتصاب والتعذيب ضد أبناء شعبه؛ ولكن الشيء الآخر الذي لم يصل إلى أسماع الناس إلا بدرجة أقل بكثير، مع أنه لا يطاق بنفس الدرجة، هو حرمان قطاعات هائلة من السكان بصورة منتظمة ومنهجية من المساعدات الطبية والمواد الغذائية وغير ذلك من المعونات الإنسانية. هذا الحرمان من أبسط حقوق الإنسان ينبغي أن يتوقف قبل أن تصل حصيلة وفيات الحرب- التي تجاوزت الآن 100 ألف نسمة- حتى إلى مستويات كارثية أكثر جسامة.

وقد حفزت أنباء سوء التغذية عبر مساحات شاسعة من سورية التي تعاني من حصار النظام، مجلس الأمن الدولي إلى إصدار بيان رئاسي يطالب بتوفير الوصول الفوري للمساعدة الإنسانية. ولدعم موقف الأمم المتحدة، يجب على كل دولة أن تطالب باتخاذ إجراء على أرض الواقع فوراً. ويتضمن ذلك الحكومات التي سمحت لحلفائها السوريين بأن يمنعوا أو يقوضوا جهود الإغاثة الحيوية التي مفوّض القيام بها القانون الإنساني الدولي.

وبعبارة أخرى، يجب أن يتصرف العالم سريعاً وبصورة حاسمة لإيصال المعونات المنقذة للحياة إلى المدنيين الأبرياء الذين يتحملون العبء الأكبر من الحرب الأهلية. وأي تقصير في ذلك ينطوي على احتمال ظهور «جيل ضائع» من الأطفال السوريين... جيل أعطبته ويتّمته وجوّعته هذه الحرب الهمجية.

إن بالإمكان التخفيف من حالة اليأس بصورة كبيرة، حتى في خضمّ القتال. فالمفتشون الذين أوفدتهم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يثبتون كل يوم بعملهم من خلال النظام، وبمساعدة روسيا وآخرين، أن بمقدور المحترفين أن يقوموا بعملهم الضروري حيثما ظهرت الإرادة السياسية. وإذا كان مفتشو الأسلحة قادرين على تنفيذ مهمتهم الحاسمة الأهمية لضمان ألا تستخدم الأسلحة الكيماوية السورية أبداً مرة أخرى، فإن بوسعنا نحن أيضاً أن نجد طريقة للعاملين في مجال الإغاثة، في مهمتهم التي لا تقل أهمية، لإيصال الغذاء والعلاج الطبي إلى الرجال والنساء والأطفال الذين يعانون دون أي ذنب لهم.

ولقد اضطلعت الحكومة الأميركية بمساعٍ جوهرية للتخفيف من المعاناة. فمنذ بداية الأزمة السورية، تزعمت الولايات المتحدة كوكبة من المانحين الدوليين في المساهمة بنحو 1.4 بليون دولار للمساعدات الإنسانية. وقامت الوكالات الدولية الكبرى، ومن جملتها وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين، وبرنامج الغذاء العالمي، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والهلال الأحمر العربي السوري، وكبرى المنظمات الكبيرة غير الحكومية، بتوزيع المعونات على كل جزء من سورية.

وحريٌّ بالتنويه أن معظم العاملين في مجال الإغاثة هم سوريون شجعان يخاطرون بسلامتهم ليعبروا خطوط المعارك المتغيرة وغير الثابتة، من أجل تحقيق منفعة الآخرين. لقد حققوا المعجزات وأنقذوا آلاف الأرواح؛ ولكنهم كوفئوا على ذلك بالتعرض لسلسلة من الأهوال. لقد تعرضوا للمضايقات والخطف والقتل، ومُنعوا عند كل منعطف من الوصول إلى المدنيين الأبرياء المتشبثين بأهداب الحياة بصورة مستميتة.

إن العقبات موجودة على جانبي الحرب. وقد دوّن المراقبون الأجانب من الأمم المتحدة ومن منظمات غير حكومية الطرق التي منع بها المقاتلون المتطرفون من المعارضة تسليم المعونات إلى المحتاجين، وحوّلوا الإمدادات وانتهكوا الحقوق الإنسانية لأناس كانوا يحاولون إيصال هذه المساعدات.

ولكن سياسات النظام هي التي تهدّد بارتكاب كارثة إنسانية والدفع بها نحو الهاوية. ذلك أن حكومة الأسد ترفض تسجيل وكالات المساعدات المشروعة، وتحجب المساعدات عند حدودها، وتطالب قوافل الأمم المتحدة بالسير على طرق ملتوية وعبر عشرات من حواجز التفتيش قبل أن يصلوا إلى المحتاجين. وقد دأب النظام بصورة منتظمة على منع وصول الشحنات الغذائية إلى المناطق ذات المواقع الاستراتيجية، ما أدى إلى تفاقم حصيلة الموت والبؤس.

وقد أهاب بيان الأمم المتحدة الذي صدر في وقت سابق من هذا الشهر بجميع الأطراف أن تحترم التزاماتها بمقتضى القانون الإنساني الدولي. كما حدّد البيان سلسلة من الخطوات التي تقطع، في حال تنفيذها، شوطاً بعيداً نحو حماية الشعب السوري ومساعدته. ينبغي تسريع القوافل التي تحمل المعونات؛ وينبغي توفير المرور الآمن لجهود تأمين الرعاية الطبية للجرحى والمرضى، وينبغي أن تتوقف جميع الهجمات على المرافق الطبية والعاملين بها.

ومن غير الواقعي إلى درجة محزنة أن نتوقع من نظام كنظام حكم الأسد أن يسمو للوفاء ببيان مجلس الأمن نصاً وروحاً بغير ضغط دولي منسق. إن نظاماً قضى على شعبه بالغازات السامة ويحرمه من الغذاء والدواء بصورة منتظمة، لن ينحني إلا لضغطنا، وليس لآمالنا. ويجب على حلفاء الأسد الذين لهم نفوذ أو تأثير على حساباته أن يطالبوا بأن يلتزم هو ومناصروه بالأعراف الدولية. فمع اقتراب فصل الشتاء بسرعة، ومع تزايد أعداد الجياع والمرضى يوماً بعد يوم، لا يسعنا أن نهدر أي وقت. يجب أن يحظى العاملون في مجال المساعدات الآن بإمكانية الوصول الكامل لأداء مهمتهم. فالعالم لا ينبغي أن يقف مكتوف اليدين بينما يموت الأبرياء.

إقرأ أيضا لـ "جون كيري"

العدد 4071 - الثلثاء 29 أكتوبر 2013م الموافق 24 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 1:41 ص

      التجويع في البحرين له طابع طائفي

      عزيزي المحرر
      في البحرين ايضا هناك تجويع مقنن يمارس ضد فئة معينة من الشعب.
      مذا يعني احضاؤ المئات من المدرسات وتعينهم في مدار البحرين واعطائهم سلف مالية لبدء حياتهم؟؟
      اذا افترضنا ان من تم استجلابهم امس 100 مدرسة فقط
      الا يعني ذلك حرمان مئة عائلة بحرينية من مصدر رزق بغرض التجويع والتركيع؟
      الا يعني ذلك حرمام مالا يقل عن 500 مواطن بحريني من العيش الكريم؟
      اتحدى ان تنشر وزارة التربية والتعليم قائمة بالتخصصات التي تم اشغالها والغير موجودة لدى البحرينين كما ينص قانون الخدمة المدنية.

    • زائر 3 | 1:06 ص

      جون كيري رجل ورجال قليل

      شكرا لوزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية كلام يلامس الحقيقة النظام السوري نظام فاقد للإنسانية وفاقد للشرعية وهو مجرد عصابة مغتصبة للسلطة حسن ضياء ‏

    • زائر 2 | 11:34 م

      الذئب فى جلد الحمل

      من إبتكر التجويع و الحصار غير الولايات المتحدة و حلفاؤها؟ حصار كوبا مستمر منذ 50 عاما. لماذا حلال على دولتك يا سعادة الوزير كيرى و حرام على غيركم؟ أليست سياساتكم تجبر الأطراف أن تسير على خطاكم ؟ هم يسيرون على خطى السيد الأعظم فى تجويع الناس و قتلهم و قتل الأبرياء بكل الوسائل و منها الحصار الذى تتكلم عنه فى مقالك.

    • زائر 1 | 10:02 م

      صاحب السعادة كيرى مع التحية

      الذى بدأ الحصار الإقتصادى وجوع الشعوب هى بلدك و الدول المتحالفة معهامنذ الحرب العالمية الأولى. منذ ذلك الحين و حتى الآن بلدك يستغل الحصار الإقتصادى و يجوع الشعوب. الآلاف فقدو حياتهم بسبب جشعكم. مادلين اولبرايت التى كانت فى موقعك فى ردها على موت نصف مليون طفل عراقى بسبب الحصار قالت: هذا ثمن قليل يدفع. ثمن ماذا و أنتم المعتدون؟؟؟ ماهى مديونيتنا لكم؟ منذ أربعة قرون و نحن ندفع لكم من حضارتنا و ثرواتنا و أرواحنا و لم تكتفوا يوما و لا زلت تنهبوننا. الكلام المعسول لا يخدعنا و لا ينسينا.

اقرأ ايضاً