العدد 4081 - الجمعة 08 نوفمبر 2013م الموافق 04 محرم 1435هـ

بين اللطم على الحسين والتعلم منه

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

للحديث عن الإمام الحسين عليه السلام شجنٌ خاصٌ لا يتوقف عند مظلوميته، وقتله، وسبي نسائه وأهل بيته وهو ابن بنت رسول الله، ولا ينحصر في كونه حُرِم من شربة ماء، أو بقي وحيداً بعدما قُتِل أصحابه وأعوانه كما بقي من قبله رسوله وسفيره في الكوفة ابن عمه مسلم بن عقيل حين تنصل أهلها من وعودهم بنصرته والإمام الحسين، أو بالتنكيل بجثته الطاهرة بعد قتله، أو بترويع أهله وحرق خيامهم، ولكن الأمر يصل إلى تضحيته أيضاً بنفسه وأمنه واستقراره وأهل بيته، كي يحافظ على دين جده، وهو على يقين بأن الشهادة هي مصيره ومن معه، وكيف لا يرحب بها مع علمه أن رسالته لن تخلّد إلا بقتله، وأن الله اختار له هذا المصير ليعلي راية الدين، وبالخصوص بعدما أمر أعداؤه بقتله ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة، فآثر الرحيل لكربلاء على ترويع الآمنين في بيت الله عز وجل، ليعلنها ثورة ضد الاستبداد والظلم وانتهاك حرمات الله.

ما لقيه عليه السلام منذ أعلن رفض مبايعة يزيد بن معاوية بعد كل ما شاهده وسمعه وعرفه من ممارسات كان يقوم بها، لا تليق بخليفة للمسلمين، وكيفية إصراره رغم كل ذلك على موقفه هو ومن معه من أهل بيته وأصحابه، يجعلنا نتوقف وقفة صادقة مع أنفسنا، وما نحن عليه، وما نمارسه من أفعال تجاه رفضنا لأي أمر لا يتناسب والأخلاق أو الدين أو الفطرة البشرية السليمة، وما نقوم به ونتفوه به لتبيان رفضنا للظلم الناتج عن أي بشر، أو لاستعادة حقوقنا وحقوق من هم حولنا، فالحسين ثار للحق وبالحق ومع الحق، ولهذا لا يجب أبداً أن يكون إحياؤنا لذكره وأهل بيته باللطم والعزاء والبكاء فقط، فالهدف السامي من إحياء الذكرى هو الاستفادة من كل القيم والمبادئ والأخلاقيات التي خرج بها الحسين ونادى بها وأوصى بها أهل بيته من بعده.

إحياء الذكرى في هذه الأيام من كل عام، يجب أن يكون بذكر المآثر والمواقف التي تجعل المستمع إليها ولو كان أجنبياً أو كتابياًً أو ينتمي لأي دين آخر غير الإسلام أن يتعرف على صفات أهل الدين وعلى أسباب ثورة الحسين، وعلى أهدافها ورسالتها السامية، وهو ما يقدمه اليوم بعض الخطباء والشيوخ ممن يقضون وقتاً طويلاً ويبذلون جهداً ليس بالقليل كي يوصلوا للناس هذه الرسائل ويربطوها بأحداث الوقت الراهن، فيأخذ المستمع العبرة والعظة، ويبدأ في السير على نهج آل البيت في كل أمور حياته وأولها الثورة على كل ما لا يليق بالإنسانية أولاً وبالدين ثانياً وهو الذي جاء لتكريم الإنسان وصون حقوقه ومكانته؛ فبعض الخطباء اليوم آثروا أن يطيلوا في الجانب الإرشادي والتوعوي على الإطالة في ما يدعو للبكاء واللطم، وهم على يقين بأننا بحاجة لهذه الدروس والعبر في زمن كثرت فيه الأصوات الداعية إلى غير ما تدعو له الإنسانية التي هي أساس الدين الإسلامي.

فكم نحن بحاجة لزيادة هذه الأصوات الواعية التي تهتم بتغذية العقول والقلوب كما تهتم بذرف الدموع واستجداء البكاء.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4081 - الجمعة 08 نوفمبر 2013م الموافق 04 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 8:20 ص

      تشويه

      رحم الله الحسين ..ما نقوم به وما يقوم به الشيعة فى بعض الأقطار من اسالة الدماء من الظهور بالسكاكين يعد تشويها لصورة الحسين .

    • زائر 11 زائر 10 | 8:13 م

      نصيحة

      كل إنسان يعبر عن حبه للحسين عليه السلام بالطريقة اللي يحبها مادام أهل الفتوى المتخصصين ماحرموه

    • زائر 7 | 6:27 ص

      خيانة اهل الكوفه

      لقد حذر الصحابه الحسين رضي الله عنه من الذهاب الى الكوفه لان اهلها غدروا باابيه على ابن ابي طالب رضي الله عنه لكنه اصر على الذهاب مع اهله وحاشيته ولما وصل لم يكن احد من اهل الكوفه ينتظره لقد كرروا غدرهم مع الحسين رضي الله عنه.

    • زائر 6 | 2:31 ص

      الحسين مدرسة

      الحسين عليه السلام سيظل ملهم المستضعفون ومنارة للعلم والثقافة

    • زائر 5 | 1:40 ص

      طرح ممتاز وموفق بارك الله فيكي

      ومافائدة اللطم والبكاء اذا لم نتعلم من سيرة الامام الحسين عليه السلام العبره

    • زائر 2 | 12:40 ص

      أصبتِ عين الواقع

      الحسين مدرسة تعلمنا الكثير من الايجابيات في حياتنا وهي مدرسة شاملة وجامعة ولهذا يجب أن نتعلم منها قبل ان نلطم عليها وشكراً لك سيدتي الفاضلة على هذا الطرح

    • زائر 1 | 11:08 م

      حجي مكي

      غ© السلام على الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين غ©
      -
      سيدتي الفاضلة، سؤال ربما نتحاشى طرحه: ولماذا اللطم واستجداء البكاء؟
      أنا أفهم أن نشعر بالحزن البالغ والتأثر الشديد والانفعال و التفاعل مع الحدث والذكرى ولكن هل نحن نفعل ذلك بصورة إيجابية أم بصورة سلبية؟ هل نحن نخلق الصورة الإيجابية والانطباع الحسن أم العكس؟ هل نقوم بفعل اللطم والبكاء لنهرب من الفعل الحقيقي المطلوب وهو التضحية؟ هل نشارك في مواكب حسينية مهيبة أم مهرجانات أكل وشرب وسوالف؟
      هل نتحلى بالشجاعة في طرح الأسئلة والإجابة؟

    • زائر 8 زائر 1 | 8:18 ص

      وما العيب

      أنا لا ارى عيبا في ذرف الدموع واستجداء البكاء. انا فيهما تحريك وإنعاش للعاطفة والمشاعر الانسانية لدى البشر . بل ان الدموع التي تذرف على مصاب الحسين لها قدر كبير عندالله. صار الناس يتخيرون لمن يستمعون حسب رغباتهم و ميولهم وحاجاتهم النفسية والدنيوية فلا تحرموهم من ذلك وتصرو على قولبتهم

اقرأ ايضاً