العدد 4092 - الثلثاء 19 نوفمبر 2013م الموافق 15 محرم 1435هـ

إنسانية حملات التبرع بالدم... وواجب وزارة الصحة الوطني

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لا شك أن حملات التبرع بالدم التي تنظمها الجمعيات الخيرية والمؤسسات الدينية والأهلية في البلاد، تمثّل الجزء اليسير للإنسانية التي دعا إليها إسلامنا العظيم. بهذا العمل الإنساني الرائع تمكّن الشعب البحريني من خلاله تجسيد المعنى الراقي للإنسانية، واستطاع أن يكشف للعالم عن معدنه الأصيل وعن وعيه بالأهداف السامية لدعوة الرسول المصطفى محمد وآله الأطهار، الذين علموا الأمة الإسلامية أن لا يمايزوا في عطائهم الإنساني بين شخص وآخر على أساس مذهبي أو عرقي أو ديني.

فأبناء هذا البلد الطيب الذين عرفوا بتدينهم وبحبهم للنبي محمد وأهل البيت النبوي الشريف، أخذوا يتبرعون بدمائهم طواعيةً طوال السنة، ومنذ سنوات بعيدة في مختلف المناسبات الدينية، لأناس لا يعرفونهم، فنجدهم في النعيم وكرانة والمحرق والمنامة والنويدرات ورأس الرمان والدراز ومدينة عيسى ومناطق أخرى، يستغلون مناسبات أهل البيت (ع) ليقدّموا أغلى ما عندهم وهو الدم الذي يجري في عروقهم لكل محتاج له من المرضى، من دون النظر إلى هويته الدينية أو المذهبية أو العرقية. وشعارهم في حراكهم الإنساني قول الإمام علي (ع): «الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق»، لفهمهم الواعي للمعاني الإنسانية التي أرساها رسول الهدى وأهل بيته، حيث أعطوا الدروس البليغة في النبل والعطاء الذي يتخطى جميع الحدود بين البشر. ولكن مع الأسف الشديد لم تقم وزارة الصحة بالدور المطلوب منها، ولم تستثمر هذا العمل الإنساني وطنياً، فقد كان تركيزها على تجميع أكبر وحدات من الدم، من أجل أن تتباهى به في المحافل والمؤتمرات الصحية الأقليمية والعربية والعالمية، وأنها من بين 62 دولة في العالم التي تعتمد في تحصيل الجزء الأكبر من احتياجاتها من وحدات الدم على المتبرعين المتطوعين؛ وأن حملات التبرع بالدم توفّر 40 في المئة من احتياجاتها من وحدات الدم، ولكنها لم تخبرهم بالسبب في تسابق أبناء الشعب للتبرع بدمائهم، ولم تعطِ للأسباب الحقيقية التي تدفع الناس بالتبرع بدمائهم، أو إبداء الاهتمام بهذه الحملات في مختلف الوسائل الإعلامية حتى بنسبة متدنية.

هذا التغافل المتعمّد من وزارة الصحة في إخفاء الحقيقة عن المحافل والمنتديات الصحية العالمية، وعن وسائل الإعلام، قد مكّن الأصوات الطائفية النشاز من نشر أكاذيبها وافتراءاتها وسمومها الطائفية البغيضة في أوساط المجتمع، عن هؤلاء الذين قدّموا للإنسانية أكثر من 10 آلاف وحدة دم على مدى 15 عاماً، وقد نجحت تلك الأصوات المعادية للوطن بنسبة معينة في إيجاد تباعد نفسي بين أبناء البلد الواحد. ما نقصده أنه لو قامت وزارة الصحة بدورها الوطني وبيّنت للمرضى عن مصادر الدم الذي كان سبباً في إنقاذ حياتهم، لما استطاعت الأصوات الطائفية اختراق الجسد الوطني وإضعافه بهذه الصورة المؤسفة، ولما استطاعت إعطاء صورة مغايرة لواقع هذا الشعب النبيل.

فلهذا نقول ليس بمستغرب إذا ما قامت الجهات المنظمة لحملات التبرع بالدم بهذا الدور الوطني الذي عجزت الصحة عن القيام به طوال السنوات الماضية. وهناك أساليب كثيرة من الممكن تحقيق الأهداف الإنسانية والوطنية من خلالها في وقت واحد. وشعب البحرين -ولله الحمد- يمتلك قدرات وكفاءات بشرية متميزة في مختلف المجالات، ولكنها مع الأسف الشديد لم تستثمر بالصورة الصحيحة لاعتبارات طائفية بغيضة. فبإمكان الجمعيات الخيرية والمؤسسات الدينية والأهلية المنظمة لهذا العمل الإنساني الكبير، تغيير أو تطوير آلية عمل حملات التبرع بالدم، لتكون أكثر فاعليةً في الجانبين الإنساني والوطني. وباستطاعتها أن تخطو بالعمل خطوات نوعية، في التطوير الذي يزيد من عدد المتبرعين بدمائهم طوال السنة، لابد لها أن تفكر تلك الجهات الذي نقدر عملها الإنساني في إيجاد إستراتيجية وطنية وإنسانية جديدة للحملات. فجميعها بحاجةٍ إلى مراجعة شاملة ودقيقة لرؤيتها ورسالتها وأهدافها الإنسانية والوطنية. وتسأل نفسها هل استطاعت تحقيقها جميعها بالمستوى الذي كانت تطمح الوصول إليه؟

كل المؤشرات الواقعية تدل على أنها لم تحقق أهدافها الإنسانية والوطنية إلا بنسبة معينة التي لا ترتقي إلى طموحاتها التي كانت تتمناها، وأولها لم تستطيع بالأسلوب الذي تتبعه في عملها الإنساني حماية الوطن من عبث العابثين الطائفيين الذين عاثوا في البلاد فساداً. والكل يعلم أن جميع حملات التبرع بالدم تحمل حباً إنسانياً ووطنياً كبيراً لكل مكونات الوطن، ومن واجبنا الأخلاقي تجاه هذا العمل الإنساني المتميز، التقدم بالشكر والتقدير لكل الجهات المنظمة لحملات التبرع بالدم ولكل المتبرعين بدمائهم لإخوانهم في الإنسانية، قاصدين من ورائه رضا الله وثوابه العظيم.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4092 - الثلثاء 19 نوفمبر 2013م الموافق 15 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:32 ص

      ابو عبدالله

      شكراً اخي الكريم على تسليط الضوء على موضوع التبرع بالدم

اقرأ ايضاً