العدد 4094 - الخميس 21 نوفمبر 2013م الموافق 17 محرم 1435هـ

سلامة المريض من أبجديات الرعاية الصحية إلى منطلقات مبادرات الجودة

محمد حسين أمان

طبيب ومدرس إكلينكي، باحث في طب الطوارئ

في الولايات المتحدة الأميركية، ساهمت منظمتان حكوميتان في خفض معدلات حوادث الطيران عالميّاً، حيث تقوم الهيئة الوطنية لسلامة النقل بالتحقيق في حوادث الطيران، بينما يتولى نظام رصد سلامة الطيران تلقي تقارير طوعية عن نواقص قد تؤثر على سلامة المسافرين.

كما يوفر ذلك النظام البنية المعلوماتية التحتية لقيادة برامج التخطيط وتحسين جودة الخدمة، علماً بأن النظام يوفر سرية تامة في عملية الرصد ويتبعها بتغذية راجعة للأطراف والجهات المعنية بآلية تضمن تحقيق فلسفة الجودة في عدم القاء اللائمة على أفراد أو جهات اعتبارية، لكنها المنظومة الادارية وعمليات التشغيل ما يحتاج دوماً لاعادة هندسة وصياغة.

هناك الكثير من أوجه التشابة والاختلاف في ثقافة السلامة بين صناعة الطيران وعالم الطب والرعاية الصحية، حيث يخضع الطيارون والأطباء لبيئة عمل معقدة جدا تتفاعل فيها عوامل عدة، منها التكنولوجيا، وقابلية التعرض للاجهاد والضغوط النفسية والخطر المحدق، وفقدان الحياة والمكانة الاجتماعية كناتج طبيعي للخطأ أو السهو والنسيان.

لذلك وقياساً على ما حققته صناعة الطيران في السلامة الجوية وتجنب الحوادث، تتطلب الرعاية الصحية استحداث أنظمة رصد للآثار غير المحبذة وكذلك لمخرجاتها، ويجب أن يبنى ذلك النظام على معيارين أساسيين، الأول أن يكون الرصد وآلية التبليغ إجبارية تنظيميّاً للحالات الشديدة أو المميتة، والمحور الأخر طوعية التبليغ والبعد عن انتهاج مبدأ العقاب والمحاسبة على المستوى الشخصي، ويجب أن تسود روح الفريق الواحد ذلك النظام تدريباً وأداءً، ويعمل في سبيل تحقيق غايته على آلية التغذية الراجعة لتقييم الأداء كما يضمن الالتزام المؤسسى للأقطاب كافة ذات العلاقة في جمع المعلومات وتحليلها.

لذلك نحتاج في هذا السبيل عند هيكلة منشآتنا الصحية وفي نطاق هندستنا الادارية، إلى تفعيل مبدأ سلامة المريض عن طريق خلق وتطوير نظام يعنى برصد والتبليغ عن الآثار السلبية على المريض، كما يجب أن يتبنى ذلك النظام إبراز قصص النجاح في جودة الخدمة، وجعلها دافعاً خلاقاً للرقي بالأداء وتقليص الهوة بين الخدمة الصحية المقدمة ومخرجاتها الايجابية.

ماذ عن أخطاء كادت أن تقع، هل نرصدها وكيف لنا الاستفادة منها؟

هناك الكثير من الأخطاء التى تكاد تقع لأي مريض، ولكن لسبب أولآخر يتم تجنبها، وهي عبارة عن أحداث غير مخطط لها ولا تنتهى بضرر أو مرض أو إصابة. لقد أثبتت الدراسات بما لا يدع مجالا للشك أن رصد تلك الحالات وتحليلها أداة هامة لتقليل امكانية حدوث الخطأ وتقنية جديدة نسبيّاً من تقنيات الوقاية من الحوادث والاصابات. ان تحليل حوادث كهذه يسهم في انتاج نظام انذار مبكر لتفادي أخطاء محتملة.

إننا هنا نتحدث عن خلق شبكة أمان متكاملة للرصد والتبليغ والتعامل الذكي مع ما يجمع من بيانات ومعلومات يتم تأطيرها في الوصول الى بيئة من الرعاية الصحية أكثر أمان لمرضانا وتحقق أهداف التنمية البشرية الصحية في مفهومها الواسع.

هناك الكثير من الإمكانات والمصادر المختلفة تبذلها وزارات ومؤسسات الرعاية الصحية لتقديم رعاية ذات كفاءة وفاعلية للفرد والمجتمع، ولكن يبقى النهج الاستراتيجي في وضع وقياس برامج الرعاية من منطلق تحسين وتطوير الأداء نوعاً في المقام الأول، ما يدفع العمل المؤسسي الصحى على المستويات كافة. تتحدث الصناعات كافة عن أنظمة ذكية والأجدر بنا في تخطيط برامجنا الصحية استحداث منشآت صحية ذكية ولاسيما ونحن نتعامل مع أسمى وأذكى مخلوق أوجده الله سبحانه وتعالى على هذا الكوكب.

إقرأ أيضا لـ "محمد حسين أمان"

العدد 4094 - الخميس 21 نوفمبر 2013م الموافق 17 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً