العدد 4099 - الثلثاء 26 نوفمبر 2013م الموافق 22 محرم 1435هـ

خمسة لقاءات سرية على الأقل عقدت بين مسئولين أميركيين وإيرانيين منذ مارس الماضي

استقلت المجموعة الصغيرة، التي انتقاها الرئيس الأميركي باراك أوباما بنفسه، طائرة عسكرية في مارس (آذار) الماضي إلى وجهة ومهمة كانت أحد أكثر أسرار الولايات المتحدة تكتما. لم تكن خطط سفر الدبلوماسيين ومستشاري السياسة بين الرحلات المعلن عنها، ولم يلقوا استقبالا رسميا لدى وصولهم، فما كان ينتظر الأميركيين في سلطنة عمان كان السبب وراء كل هذه السرية.. وفد إيراني متأهب للقائهم.

كان ذلك أول اجتماع رفيع المستوى في موقع آمن في العاصمة العمانية مسقط يسهم في تمكين إدارة الرئيس أوباما من وضع أسس الاتفاق النووي التاريخي الذي وقع نهاية الأسبوع الماضي بين القوى العالمية وإيران، حسبما نما إلى علم وكالة «أسوشييتد برس».

وفي التقرير الذي أوردت فيه «أسوشييتد برس» تفاصيل المباحثات السرية الأميركية – الإيرانية، لم يكن حتى أقرب حلفاء الولايات المتحدة على علم بالمحادثات، وكانت المرة الأولى التي يطلع فيها الرئيس أوباما مسؤولا أجنبيا على هذه الدبلوماسية السرية في سبتمبر (أيلول)، عندما أعلم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالأمر، لكنه لم يسرد سوى تفاصيل محدودة حول المدة التي استغرقتها المحادثات بين إيران والولايات المتحدة.

ثم أطلعت إدارة أوباما عقب ذلك الدول الخمس الكبرى التي تدير المفاوضات إلى جانب الولايات المتحدة - بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا. ومنذ ذلك الحين ركزت الدبلوماسية العامة الأميركية مع إيران على دمج وإضفاء الطابع الرسمي على التقدم المحرز في المحادثات الأميركية الإيرانية الخاصة. وعلمت «أسوشييتد برس» أن خمسة لقاءات سرية على الأقل عقدت بين إدارة أوباما وكبار المسؤولين الإيرانيين منذ مارس، وأن نائب وزير الخارجية ويليام بيرنز، وجيك سوليفان مستشار السياسة الخارجية لنائب الرئيس جو بايدن، قادا وفود الولايات المتحدة. كما شاركت كبيرة المفاوضين النوويين الأميركيين ويندي شيرمان في آخر المحادثات المباشرة.

وقال ثلاثة من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية لـ«أسوشييتد برس» إن الاجتماع الأخير شهد موافقة الجانبين النهائية على الخطوط العريضة للاتفاق الذي وقع قبل فجر أول من أمس الأحد بين مجموعة «5+1» وإيران. وقد تحدث جميع المسؤولين شريطة عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين للحديث عن دبلوماسية حساسة.

وكانت «أسوشييتد برس» علمت بشأن اجتماع الولايات المتحدة وإيران للمرة الأولى في مارس بعد وقت قصير من وقوعه، لكن البيت الأبيض ووزارة الخارجية شككا في صحة الرواية، ولم تتمكن الوكالة من تأكيد الاجتماع. وحصلت الوكالة أيضا على معلومات حول جهود دبلوماسية سرية جرت في الخريف، وهو ما زاد من الضغط على البيت الأبيض ومسؤولين آخرين. ومع اقتراب محادثات جنيف من التوصل إلى اتفاق، قدم كبار المسؤولين في الإدارة لوكالة «أسوشييتد برس» تفاصيل موسعة. لكنهم تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بمناقشة المحادثات السرية.

ورغم الضجة الكبيرة والاهتمام العالمي الذي صاحب الاتفاق الذي وقع في وقت مبكر من صباح يوم الأحد - مساء السبت في واشنطن، بانضمام وزير الخارجية جون كيري إلى نظرائه في التوقيع على الصفقة وإعلان أوباما الاتفاق في خطاب تلفزيوني إلى الأمة الأميركية من البيت الأبيض، فإن هذا المسار لم يعد سرا بعد الآن. وكان تدني التوقعات من المحادثات السبب في مشاركة مسؤولين من المستوى المتوسط في لقاء نظرائهم الإيرانيين عام 2011 في مسقط، واحدة من أكثر عواصم العالم العربي هدوءا. وكانت المحادثات تسير بتوجيه من السلطان قابوس، العاهل العماني الذكي، الذي يحتفظ بعقود من العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة والقوى الإقليمية الرئيسة في المنطقة، المملكة العربية السعودية، وإيران.

تقرب قابوس إلى إدارة أوباما إثر القبض على ثلاثة سائحين أميركيين عام 2009 عبروا الحدود العراقية إلى إيران. ونجح كوسيط في الإفراج عنهم خلال العامين التاليين، مما دفع المسؤولين الأميركيين إلى التساؤل عما إذا كانت الفرصة الدبلوماسية تستحق مزيدا من المحاولات أم لا.

ظلت التوقعات متدنية تجاه إجراء محادثات أولية أميركية - إيرانية. وتجنب المسؤولون مناقشة القضايا الكبرى وركزوا في المقام الأول على الخدمات اللوجيستية لإقامة محادثات على مستوى أعلى. كانت القضية الأبرز بالنسبة للولايات المتحدة ما إذا كان قادة إيران مستعدين للتفاوض حول القضايا الموضوعية سرا مع البلد الذي يلقبونه بـ«الشيطان الأكبر» أم لا. كانت المحادثات الخاصة بمثابة مقامرة بالنسبة للولايات المتحدة التي قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران عام 1979 بعد قيام الثورة الإسلامية وأخذ الرهائن الأميركيين الاثنين والخمسين لمدة 444 يوما عقب اقتحام ثوار السفارة الأميركية في طهران. وحتى يومنا هذا تعتبر وزارة الخارجية إيران أكبر داعم للإرهاب في العالم.

عندما قرر أوباما إرسال بيرنز وسوليفان إلى سلطنة عمان، كانت إيران لا تزال تحت حكم الرئيس المتشدد محمود أحمدي نجاد، الذي أسهمت خطاباته التحريضية في ازدياد علاقات الجمهورية الإسلامية بالغرب سوءا.

ترشح أحمد نجاد لفترة رئاسية ثانية، في وقت مبكر من رئاسة أوباما، تلته أعمال قمع إيرانية عنيفة ضد المتظاهرين المؤيدين للإصلاح، والتي كانت اختبارا عصيبا للرئيس الأميركي الذي تعهد في بداية رئاسته بالتواصل مع أعداء أميركا. كان الهدف الأميركي، بحسب مسؤولين أميركيين، معرفة ما إذا كان بمقدور الولايات المتحدة وإيران الترتيب بنجاح لعملية لمحادثات ثنائية مستمرة. وأكدت المحادثات منخفضة المستوى على توتر العلاقات بين البلدين. وصحب بيرنز وسوليفان في مسقط مساعد الأمن القومي الوطني بونيت يالوير وأربعة مسؤولين آخرين. ولم يحدد المسؤولون الذين تحدثوا إلى وكالة «أسوشييتد برس» الوفد الإيراني الذي التقوا به، لكنهم قالوا إن الوفد كان يضم دبلوماسيين وأعضاء في مجلس الأمن القومي وخبراء في القضايا النووية كان يتوقع أن يظلوا أعضاء رئيسين بعد الانتخابات التي ستجرى في الصيف.

بعد بضعة أيام من بدء الولايات المتحدة والقوى الأخرى جولة جديدة من المحادثات النووية مع إيران في ألماتا، بكازاخستان، حقق المسؤولون الأميركيون تقدما متواضعا، وأدركوا أن الإيرانيين الذين جاءوا إلى مسقط لديهم على الأقل بعض السلطة للتفاوض من آية الله علي خامنئي، الذي يملك القول الفصل في البرنامج النووي والقضايا الإيرانية الرئيسة الأخرى. وقال المسؤولون إنه باستثناء القضايا النووية أثار الفريق الأميركي في اجتماع مارس (آذار) المخاوف بشأن التدخل الإيراني في سوريا وتهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز ذي الأهمية الاستراتيجية، وموقف روبرت ليفنسون، عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي تعتقد الولايات المتحدة أنه اختطف في إيران، إلى جانب أميركيين آخرين معتقلين في إيران.

وطمعا في الحفاظ على القنوات مفتوحة، قام كيري بزيارة رسمية إلى سلطنة عمان في مايو (أيار)، كان الهدف الظاهري لها تعزيز صفقة عسكرية مع السلطنة، لكن المسؤولين قالوا إن الرحلة ركزت بشكل فعلي على الحفاظ على دور السلطان قابوس الرئيس كوسيط، وبشكل خاص بعد الانتخابات الإيرانية التي تقرر إجراؤها الشهر التالي.

وأوضح المسؤولون أن انتخاب حسن روحاني، الذي كانت إحدى ركائز برنامجه الانتخابي تخفيف العقوبات التي تكبل الاقتصاد الإيراني والرغبة في الحوار مع الغرب، أعطى دفعة جديدة لجهود الولايات المتحدة. وفور تنصيب روحاني عُقد اجتماعان سريان في شهر أغسطس (آب)، بهدف تحريك المفاوضات النووية المتوقفة مع القوى العالمية، ثم عُقد لقاءان آخران في شهر أكتوبر (تشرين الأول).

وقال مسؤولون في الإدارة إن الوفد الإيراني كان مزيجا من الوفد الإيراني الذي التقاه المسؤولون الأميركيون في مارس في سلطنة عمان، وآخرين كان يحضرون المحادثات للمرة الأولى، وكانوا جميعا يتحدثون الإنجليزية بطلاقة. وعقدت تلك الاجتماعات في العديد من الأماكن، بيد أن المسؤولين الأميركيين لم يحددوا هذه الأماكن، وأبدوا رغبتهم في عدم الإضرار بقدرتهم على استخدام نفس الأماكن في المستقبل. أو على أقل تقدير، استمرار انعقاد بعض هذه المباحثات في عمان.

وقد تزامنت هذه الاجتماعات الخاصة مع حالة عامة شهدت تخفيفا في حدة الاختلاف الأميركي - الإيراني. ففي أوائل شهر أغسطس، أرسل أوباما خطابا إلى روحاني لتهنئته بفوزه في الانتخابات. ورأى البيت الأبيض أن رد روحاني على هذا الخطاب كان إيجابيا، وسرعان ما أدى هذا الأمر إلى إرساء قواعد لعقد المزيد من المباحثات السرية. ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم كانوا مقتنعين بأن هذا التحرك حظي بمباركة المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي، بيد أنه لن يكون مطلقا. ورغم عمل المفاوضين وراء الكواليس، كانت التكهنات تدور حول احتمالية عقد اجتماع بين أوباما وروحاني على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة المنعقد في شهر سبتمبر، والذي حضره الرئيسان. ويقول المسؤولون إن بيرنز وسوليفان سعيا لعقد مباحثات مباشرة، بيد أن هذا الاجتماع لم ينعقد، وكان السبب وراء ذلك يرجع بشكل كبير إلى المخاوف التي تساور الإيرانيين. وعلى الرغم من ذلك، فبعد مرور يومين تحدث أوباما وروحاني عبر الهاتف، وكان ذلك هو أول اتصال مباشر بين رئيس أميركي وإيراني خلال ما يزيد على 30 عاما.

وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن الولايات المتحدة الأميركية بدأت، بعد تلك المكالمة الهاتفية بين أوباما وروحاني فقط، في إطلاع الحلفاء على المباحثات السرية التي جرت مع إيران. وقد تعامل أوباما مع المحادثة الأكثر حساسية بنفسه، وأخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن ملخص ذلك أثناء اجتماع انعقد في 30 سبتمبر في البيت الأبيض. وأخبر أوباما نتنياهو عن الاجتماعين اللذين عُقدا في الصيف فقط، في حين لم يطلعه على شيء بخصوص المباحثات التي جرت في شهر مارس، للوفاء بوعد البيت الأبيض بعدم إطلاع الحلفاء بشأن المناقشات مع إيران والتي كانت جوهرية وجديرة بالاعتبار.

وفي المقابل، لم يصف المسؤولون الأميركيون رد فعل نتنياهو حيال ذلك. لكن في اليوم التالي، ألقى نتنياهو خطابا في الجمعية العمومية منتقدا روحاني وواصفا إياه بأنه «ذئب يرتدي ثوب الحمل»، ومحذرا الولايات المتحدة من إساءة فهم تغير نبرة إيران وخلط ذلك مع التغيير الفعلي في ما يخص الطموحات النووية. وانتقد نتنياهو في ما بعد إبرام الاتفاق النووي المحتمل، واصفا ذلك الاتفاق بأنه «صفقة القرن بالنسبة لإيران».

وقد جرى إطلاع شركاء أميركا في المفاوضات على تلك المباحثات السرية، على الرغم من أن المسؤولين الأوروبيين قالوا إنهم ظنوا أن شيئا ما يجري ترتيبه بين واشنطن وطهران قائما في الأساس على التقدم المفاجئ باتجاه عقد صفقة بعد أكثر من عشرة أعوام من التوقف التام للمباحثات.

وربما تفسر المباحثات السرية التي بذلها أوباما ذلك التوتر بين الولايات المتحدة وفرنسا، التي سعت مطلع هذا الشهر لإحباط الاتفاق المقترح، والتوتر بين أميركا أيضا وإسرائيل، التي انتابها الغضب بشان الاتفاقية وأدانت بمنتهى الحنق الجهود الدبلوماسية المبذولة تجاه إيران. ورغم محاولات وزارة الخارجية الأميركية الدؤوبة لإخفاء مشاركتها في تلك المفاوضات، واصل بيرنز وسوليفان جهودهما وراء الكواليس خلال المفاوضات الرسمية الأكبر، التي عُقدت هذا الشهر، بين القوى العظمى في العالم وطهران في جنيف.

ولم تتم إضافة أسماء بيرنز وسوليفان على قائمة الوفد الرسمي، كما جرى توفير أماكن إقامة في فنادق مختلفة عن تلك التي تم توفيرها لبقية أعضاء الوفد الأميركي. كما لجأ المسؤولان إلى استخدام الأبواب الخلفية للدخول والخروج من قاعات الاجتماعات، وجرى أيضا إدخالهما إلى جلسات المفاوضات من خلال مصاعد البضائع أو من خلال الردهات غير المستعملة بعد أن يغادر المصورون الصحافيون. ولم يجر إطلاع الكونغرس بالتفصيل على جهود الدبلوماسية السرية، وهو ما يمثل تحديا كبيرا لأوباما الذي خاض حربا شرسة ضد النواب الجمهوريين والديمقراطيين لمنعهم من تمرير عقوبات جديدة ضد إيران في الوقت نفسه الذي كان يحاول فيه عرض تخفيف العقوبات على طهران.

وقد سخر كثير من نواب الكونغرس في الحزبين يوم الأحد من شروط الاتفاقية التي جرى توقيعها بين القوى العظمى وإيران. وفي إشارة إلى الدور الرئيس الذي لعبته إدارته، وصف بعض النواب نتائج تلك المباحثات باتفاقية أوباما. ولم يقل أي منهم إنه قد جرى إطلاعه على تلك المباحثات السرية.

وفي حديثه مع وكالة «فوكس نيوز» يوم الأحد الماضي، قال السيناتور بوب كروكر، العضو الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ «لا أعرف ما هو رد الفعل الذي ينبغي أن أتخذه، فالإدارة كانت تحاول وضع الإطار المناسب لتلك المباحثات منذ مدة، بيد أنني أعتقد أن صدمتي في ما حدث ليست كبيرة».





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:45 ص

      نعم الشطان الاكبر هم التفكيرين

      انا معك يا عزيزي الغالي اتضح لجميع ان الشطان الاكبر هم التكفيرين الارهابين
      اينما حلوا حل الدمار الشامل والخراب الكامل دمار البلاد والعباد في االصومال
      فغانستان وباكستنان العراق والان في سورية حتى الشقيقة السعودية لم تسلم منهم ومن اجرامهم فماذا تتوقع بعد ذلك على الاقل يا اخي امريكا لم تحتل اي ارض من ايران

    • زائر 2 | 3:27 ص

      افا

      من أحين ورايح لو سمحتون ، لا أحد يعور راسنا بمسرحية الشيطان الأكبر ، والسالفة وضحت أحين من يتعاون مع الغرب والصهاينة.

    • زائر 1 | 3:13 ص

      وين الشيتان الاكبر

      طلع مافي شيتان ولا شي والامور تمام وطيبه والشياتين بينهم عيش ومله

اقرأ ايضاً