العدد 4100 - الأربعاء 27 نوفمبر 2013م الموافق 23 محرم 1435هـ

تجارب وقدوات... على طريق النجاح

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

التوكل على الله والثقة بما كتبه بقلبٍ صادقٍ هما تذكرة الخروج من أية أزمة إذا ما رافقهما العمل وعدم التواكل؛ إذ يلجأ كثيرون إلى التوكل على الله لفظاً لا يقيناً، في حين يثق بعضهم بتقديراته عزّ وجل، من غير أن يحرّك ساكناً يخطو به خطوة إلى الأمام باتجاه تحقيق ما يريد، كالشيخ الذي تروي قصص التراث حكايته وهو الورع المؤمن الذي كان ينصح الناس دائماً بالخير فيستشيرونه في أمور دينهم ودنياهم، وعندما حلّ الطوفان في بلدته، ذهبت إليه ثلاث أسر في ثلاث مرات متعاقبة يطلبون منه الرحيل معهم في قواربهم، لكنه كان يجيب كل أسرة قائلاً: «إذهبوا إن الله معي سينقذني». وبعد أن عاد الناس لبلدتهم بعد انجلاء الطوفان فوجئوا به ميتاً وقد ضاع كل ما يملك، فثار اللغط بين الناس: كيف يموت وأين الله ولماذا لم ينقذه؟

لكن أحدهم نبههم قائلاً: «ومن قال إن الله لم ينقذه؟ لقد أنقذه الله ثلاث مرات عندما أرسل له ثلاث أسر، لكنه لم يرد أن ينجو»، فعرف أهل المنطقة أن الله لا يساعدنا بطرق خرافية ووهمية، وإنّما ينجينا بقدر ما نعمل ونسعى.

الأمثلة على التوكل والتواكل كثيرة حتى في حياتنا المعاصرة، فما قصص النجاح العصامية التي من حولنا إلا دليل على وقوف الله بجانب عباده ماداموا على ثقة برحمته، وماداموا يحاولون النجاح بما استطاعوا إليه سبيلاً.

أحد رجال الاعمال مثالٌ حيٌّ على هذا النجاح، فقد بدأ حياته في سوق العمل من الصفر وهو الذي لم يكن ابن تاجر أو غني، حتى أنه عمل في السوق كـ «حمّالي» بأجرٍ زهيد، وأراد أن يكون يوماً مثالاً ناجحاً للشاب البحريني المكافح، فكان له ما أراد، وهو اليوم يمتلك الشركات التي بناها وأسسها من عرق جبينه، لبنةً لبنةً، وهو يفخر بكل ما قام به ويسرده لمن يعرفه ليكون لهم شعاع نور.

أحد أفراد العائلة كان فقيراً لدرجة أنه لم يكمل دراسته، وعمل أيضاً في السوق كـ «حمّالي» ومنظف أسماك، وتدرّج في تحقيق حلمه ليمتلك اليوم شركةً في التخليص الجمركي وأسطولاً من الشاحنات الثقيلة.

هذان مثالان فقط في هذا المجال والقائمة تطول فيه، وفي مجالات أخرى كالعلم مثلاً؛ إذ تحكي إحدى الطالبات التي درست معي في الجامعة قصتها بعد أن سألناها عن سبب رجوعها إلى الدراسة وهي في سن متقدمة جداً، قائلة: كنت لا أملك المال ولا الوقت الكافيين لإكمال دراستي الثانوية لأنني كنت الكبرى في أسرة توفي عنها الأب ولحقت به الأم بعد أربع سنوات، فصار لزاماً علي وأخي الأكبر الاعتناء بأفرادها، وما إن تزوجت آخر أخت لي حتى عدتُ لإكمال دراستي الثانوية مساءً، ودخلت الجامعة لدراسة البكالوريوس وعُيِّنتُ في وزارة التربية معلمة، لأكمل دراستي الآن لنيل الماجستير. مثل هذه المرأة أجلت حلمها لكنها لم تخسره، وكانت على يقين بأن الله سيكون بعونها وسيسهل لها الأمور خصوصاً وأنها انقطعت عن الدراسة لأحد عشر عاماً كاملة، وبالفعل كان لها ما أرادت.

دائماً يكون الله معنا، علينا فقط الوثوق بما اختاره عزّ وجلّ لنا في الحياة، ومواصلة العمل بجدٍ لتتحقق كل أحلامنا وأمانينا، وكما قال الشاعر أحمد شوقي:

وما نيل المطالب بالتمني

ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4100 - الأربعاء 27 نوفمبر 2013م الموافق 23 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 8:04 ص

      بارك الله فيك

      موضوع جميل جدا
      وفقك الله

    • زائر 5 | 6:00 ص

      مقال رائع

      مقال رائع جدا على الأنسان الإيمان بالله و الثقة به من جهة ومن جهة أخرى يجب على الأنسان العزيمة والله سوف لن يخيب أمله وسوف تتحقق أحلامه

    • زائر 4 | 3:23 ص

      دروب النجاح

      الحياة تحتاج الى كفاح وتضحية حتى يصل الانسان لما يريد. هذه تجارب واقعية تشجع الشباب على العطاء والاجتهاد. شكراً لك على هذه الكتابات.

    • زائر 2 | 2:37 ص

      عمار الختار

      مقال قمه في الروعه

    • زائر 1 | 10:33 م

      محمد

      هدي كله احلام ؟ لا قدرات ولا مهارات ولا تدريب كله ما اتفيد في البحرين فقط وكل اللي نجحوا ؟ كله من البوك وبيع لفيز

    • زائر 3 زائر 1 | 3:12 ص

      وش هاليأس

      بالعكس النجاح في كل مكان واحنا كلنا نعرف ان الله يوقف مع عباده في اوقات الشدة ويعطي واحد على قد نيته خلك متفائل وبتحصل الخير

اقرأ ايضاً