العدد 4107 - الأربعاء 04 ديسمبر 2013م الموافق 30 محرم 1435هـ

النجف حين خرجت عن الصمت

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من التقارير التلفزيونية التي تم تداولها شعبياً في الأيام الأخيرة، مقطع فيديو مقتطع من نشرة أخبار إحدى القنوات العراقية، عن موقف مرجعية النجف من الاعتداء على جندي بريطاني في البصرة.

الجندي أقدم على نزع راية دينية وتمزيقها، ما أشعل الغضب في نفوس حشدٍ من الجمهور فأقدم على ضربه، وقد انتشر ذلك على نطاق واسع، ما أثير الكثير من ردود الأفعال المؤيدة والمعارضة. إلا أن اللافت هو إعلان عددٍ مهم من الحوزات العلمية والمراجع الدينية موقفها الرافض لهذا السلوك الذي يسيء إلى مدرسة أهل البيت النبوي الشريف.

الفيديو المشار إليه، تضمن لقاءات سريعة مع عددٍ من علماء الدين من قلب الحوزة الدينية في النجف، المقربة من المرجعية العليا، وهي مرجعيةٌ محافظةٌ تنأى بنفسها عن الحسابات السياسية، ويتركز همّها على الحفاظ على المسار التاريخي لهذا المذهب الإسلامي العريق. لذلك فإن موقف المرجعية لا يمكن تفسيره بالسعي لتحقيق أهداف سياسية أو مصلحية أو انتخابية.

الأهم أن إعلان الموقف لم يقتصر على التنديد بإقدام مجموعة متحمسة على هذا الفعل العنيف فحسب، بل ذهبت إلى ما هو أبعد، باستنكار نشر هذه الرسومات التي تصوّر بعض أئمة أهل البيت النبوي، واعتبارها مسيئةً للمذهب ولهؤلاء الأئمة الكبار.

هذه الرسوم واللوحات التي لا يُعرف لها أصل، تنتشر في كثيرٍ من بلدان المنطقة التي يجري فيها إحياء مراسم عاشوراء. وهي لوحاتٌ مستنسخةٌ، وكثيرٌ منها يفتقر إلى العمق، لو طبقت عليها المعايير الفنية للرسم، إذ يجري تصوير الشخصيات بما لا يتلاءم مع واقع الحال، كتصوير شخصٍ مصابٍ بسهم في جبهته، ويسيل منه خيط من الدم، وهو جالس بوجهٍ مبتسمٍ كأي شخص يجلس في استوديو حديثٍ للتصوير.

مثل هذه اللوحات التي نشاهدها منذ صغرنا ألفناها فلم تعد تثير لدينا تساؤلاً، بحكم الاعتياد، أما من ينظر إليها من خارج المحيط فقد يتلقاها بكثيرٍ من النفور أو الاستغراب. وهو ما ألمح إليه علماء الدين بذكاء الذين استمعناهم في التقرير المذكور، من أن هذه اللوحات تسيء إلى هذا المذهب الإسلامي العريق.

مثل هذه الآراء المتحرّرة، الصادرة عن أوساط دينية محافظة، ستجد معارضةً من أوساط متدينة أخرى، يعتبرون ما قام به الحشد دفاعاً عن شعائر عاشوراء. وهي قضايا إشكالية تشهد الساحة (الشيعية) مراجعات واسعة بشأنها في السنوات الأخيرة، بعد التغيّر السياسي الكبير في العراق، وظهور عشرات القنوات الفضائية الخاصة، من توجهات دينية شتّى.

المرجعية الدينية في النجف أقرب في أدائها إلى الأخذ بالقول المأثور: «إن في الصمت لحكمة، وقليل فاعله»، وهي إحدى درر لقمان الحكيم. فإذا خرجت النجف عن صمتها وأخذت تتكلم بصوت مسموع، فإن ذلك يعني وجود تجاوزات كبيرة، تتعلق إما بالجانب الإنساني، أو بالجانب الشرعي والأخلاقي، أو كليهما معاً.

وهكذا وجدنا النجف تنطق بعد طول صمتٍ، فلم تتوقف عند إدانة عملٍ عنيف، بل حاولت التذكير بما «وجدنا عليه آباءنا»، وتحوّل إلى جزءٍ من مقدساتنا، ليكون موضع مراجعة وتصحيح، على طريق من يستمعون القول فيتبعون أحسنه... أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4107 - الأربعاء 04 ديسمبر 2013م الموافق 30 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 28 | 2:27 م

      ابتعدت عن الموضوع

      ليس موضوعنا إن كانت الشعائر العاشورائية أو كما تقول "الطقوس" صحيحة أم خاطئة الموضوع هو أن هناك شعب لديه عادات وتقاليد ولا يخلو أي شعب من الخرافات ولكن من غير المقبول أن يأتي غريب على المجتمع وهو يعمل عند هذا الشعب ويقوم بالاستخفاف والإستهزاء بعادات وتقاليد هذا الشعب، ويا غريب كن أديب .

    • زائر 27 | 1:00 م

      يا سيد انت لم تقل شيء منكراً

      يا سيد انت لم تقل شيئا منكرا واكلوك.هناك ناس ما يريدون يسمعون احد حر يفكر وبيناقش لذلك يلجاون إلى التخويف واللوم وكأنك على خأ. ولا يدرون انهم يشوهون الدين والمذهب بهذه الممارسات التي ما انزل الله بها من سلطان. حتى المشي على الجمر وهو من عادات الهندوس جعلوه شعيرة مقدسة. .الله يهدينا ويهديهم.

    • زائر 26 | 12:25 م

      يا سيد هناك جماعة مو مستعدين يسمعون ولا يراجعون أنفسهم واعمالهم

      ليكون موضع مراجعة وتصحيح، على طريق من يستمعون القول فيتبعون أحسنه... أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب. هناك من يرى ما يقوم به من طقوس بعضها مستورد من الهندوس والمسيح هو أصول الدين.

    • زائر 25 | 4:36 ص

      الشعب العراقي المنكوب

      الشيعة في العراق يتعرضون لحملة إبادة معلنة بينما المرجعية تتحدث عن أخلاق أهل البيت ثانيا لا يوجد أي جندي أجنبي في العراق بل من قام بهذا الفعل حارسي أمن مصري وبريطاني يعملان في شركة نفط متعاقدة مع شركة نفط متعاقدة مع الحكومة العراقية ومن ضرب البريطاني عمال في نفس الشركة التي يعمل فيها البربطاني،أخيرا المشكلة ليست في الراية بحد ذاتها بل في احترام عادات وتقاليد البيئة المحلية، ولا يحق لك أو للبريطاني أو المصري الاستخفاف والإستهزاء حتى على خرافات المجتمع الذي تعمل فيه ويا غريب كن أديب .

    • زائر 24 | 4:19 ص

      هذا الشييء متوقع منك يا سيد,,,,,,

      و هذا الذي كنا نخشاه ,,,,,,,
      النقد دائما يبدأ بالتطبير ,,,,,ثم لا يقف عند حد,,,,,,
      و من ثمة نتحول الى ركام من الأخطاء ,,,,,,,اما غيرنا فيتحول كل ما يفعله مبرر و مقبول ,,,,,حتى و لو كان تمزيق راية عزتنا و كرمتنا و انسانيتنا التى لم يبقى منها الإ صوت استغاثة مظلوم قد انهكه العطش في صحراء كربلاء,,,,,

    • زائر 23 | 4:01 ص

      ابوهاشم

      بغض النظر عن هذه الرسومات اهي صحيحة او لا ،ان التصرف الذي فعله هذا العامل هو بمثابة التهجم على المذهب ،وفي الاساس لايحق له ان يوافق او يعترض على هذه الشعائر ،وعلى ماقال السابقون(ياغريب كن اديب) .
      للاسف باجر بتطلعون لينا وبتقولون الرسومات المسيئ الى النبي يجب ان لا تحارب

    • زائر 20 | 2:05 ص

      سيد قاسم

      انته ليش ما انتقدت فعل الجندي البريطاني فهو عمل مدان وهو يمس مشاعر جمهور الشيعة ويستحق ما جرى له بعدين انته ما يعجبك الصور وما شابه احتفظ برايك لنفسك رجاءا بالنسبة للمرجعية ففي فترة السلامة الا الوطنية انتهكت اعراضنا وكنا نرى الموت في كل لحظه ولم تحرك المرجعية ساكن في تلك الفترة
      مالكم كيف تحكمون

    • زائر 19 | 2:02 ص

      رجاء أخي حسين

      رجاء حار من اخونا الكاتب المحترح حسين أن لا يكون في كتاباته (ليس مضمونها فله الحرية) و ألفاضها نوع من الاستهزاء بطرف معين لكي يلقى قبول الجميع و شكرا

    • زائر 18 | 2:00 ص

      للأسف

      للأسف نريد المرجعية تنطق على هوانا !! من قال ان المرجعية كانت صامته و الآن تكلمت بحدود؟؟
      جد لي قضية واحدة لم يكن للمرجعية فيها رأي بل و قرار ؟؟ أم نريد رأس المرجعية أن يظهر في الإعلام و يتكلم و مقابلات و استعراض للمؤلفات و الكتب فبذلك نكون قد رضينا على المرجعية و أصبحت (تتكلم) ؟؟؟

    • زائر 17 | 1:55 ص

      الحمد لله

      الحمد لله ان هذا التصرف لم يخرج من مواكب التطبير العظيمه والمقدسه التى حافظ عليها كبار المراجع والمفكرين منهم الشهيدان العزيزان السيد محمد باقر الصدر والسيد حسن الشيرازى واوصوا رضوان الله عليهم بالاخلاق حتى مع من يقف ضد شعائر الحسين وهو لايعرف اسرارها وحكمتها فقط يعرف المظهر ولايحاول التعمق ويطرح الاستشكالات هنا وهناك حتى يتعلق بالعنوان الثانوى ويستخرج منه توهين المذهب.

    • زائر 15 | 1:03 ص

      اصيل

      فعلا سيد هناك كثير من الامور التي تحتاج الي غربلة وتصحيح ذكرتني بموقف مع امي،منذ ربعين سنة عنداكنت طالبة وقلت لها لماذالايكون هناك بنك الدم الحسيني.بدلا من اراقة الدماء فاتهمتني حينها بالشيوعية...

    • زائر 12 | 12:39 ص

      الكآبة

      أدخل أي قريه بخرينيه تحس بالكآبة وضيق كان الحسين ثورته سوداويه وهو المبشر وسيد شباب الجنه

    • زائر 11 | 12:31 ص

      لقمان الحكيم

      يقول لقمان تعلمت الجكمه من الجهلاء

    • زائر 10 | 12:17 ص

      موقفها الرافض؟

      نأخذ بالعقل لو ان التصرف سيء لهذا الحد ونواسيه بموقف سيد الشهداء فباختلاف الموقف كلا الموقفين دافع عن الدين الى متى السكوت حرق القران ودوس الاقدام عليه من قبل الغرف والان تاتي المرجعيات ترفض وتستنكر فعل بنظري صحيح لان الان اتحدى شخص يقدم على نزع رايه من الرايات لانه يعرف ردة الفعل وهذا الفعل ليس رجعيه الدين تربطه العاطفه والرايه من الشعائر القريبه للقلب اعتبرو حبيب يدافع عن حبيبه

    • زائر 9 | 12:13 ص

      آخر الزمان

      يموت العلماء ويبقي الجهلاء فيضلون الناس بفتواهم

    • زائر 8 | 12:07 ص

      لكل

      سيدنا قال أحد الحكماء لكل داء دواء يستطب به إلا الجهاله إعيت من يداويها

    • زائر 7 | 12:04 ص

      موقف غريب

      ولماذا صمت النجف طوال السنوات الماضية ؟ نتقبل صمته قبل عشر سنوات ولكن بعد ذلك لا عذر له ولهذا الصمت ، إذا كانت الحوزات العلمية والمرجعية العليا تقف صامتة إزاء ما يحدث من تشويه للسيرة ولأهل البيت من خلال الرسومات والتشبيهات فهذا موقف مرفوض أصلا، ولا عذر لهم في ذلك ، لماذا لم يتحرك النجف بعلمائه إلا بعد حادثة الجندي البريطاني وكأنما يريدون أن يقولوا للناس إن هؤلاء الجنود خط أحمر لا مساس بهم، أي بمعنى لو لم يضرب الجندي البريطاين لما تحرك النجف ولا علمائه وهذه في اعتقادي خطيئة كبرى. أم لكم رأي آخر؟

    • زائر 6 | 11:37 م

      ارسوا على بر

      حين تقوم المرجعية بعمل يعجنا نؤيدها.. وحين تفتي بممارسة شعائر معينة ننتقدها ونعتبرها متخلفة.. ارسوا على بر يالحبايب

    • زائر 5 | 11:37 م

      من حكم لقمان المأثورة

      يا بني ! ما ندمت على الصمت قط. وإن كان الكلام من الفضة كان السكوت من الذهب.
      يا بني ! ليكن لك علو الهمة في طلب الجنة والعزم للشهادة في سبيل الله.
      يا بني ! إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك.
      يا بني ! جالس العلماء وزاحمهم بركبتك، فإن الله ليحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء.
      يا بني ! نقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم.

    • زائر 4 | 11:24 م

      المرجعية

      المرجعية الدينية هي صمام الامان

    • زائر 3 | 11:17 م

      المعرفة قوة

      رفع مستوى الوعي لدى العامة تحكمه أمور كثيرة ونحن نرى بان وقت ما تكون المعلومة السياسية والتاريخ تتعارض مع الحاكم تمنع هذه الحقيقة من الظهور لذا تنشا عقول غير متكاملة والعراق عاش سنوات القمع والظلم وقتل العلماء والمعرفة لذا هذا نتتيجة وليس اصل لدى المجتمع العريق

    • زائر 2 | 10:49 م

      معركة الثقافة و الجهل

      ما جاء فى المقال يدور حول إدخال الفكر و العقل فى العقيدة أو تركها تدور فى وسط العامة بشكل غير واع و ساذج. أمام هذين الطريقين يدور الصراع و لا حل الا بغلبة طريق على الآخر. كما قال مفكر عراقى (المهندس رفعت الجادرجى):"" تاريخنا يدور بين الحضارة و البداوة"". متى ينتهى هذا الدوران؟ علمه عند الله.

اقرأ ايضاً