العدد 4114 - الأربعاء 11 ديسمبر 2013م الموافق 08 صفر 1435هـ

لماذا عُمان؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أثار الموقف العماني الرافض لإعلان الاتحاد بين دول الخليج الكثير من التساؤلات وأحياناً التشنجات، لكن هل كان الموقف مفاجئاً فعلاً ومن دون مقدمات؟

العمانيون اليوم يشعرون بالفخر لمساهمة دولتهم في نزع فتيل الأزمة بين إيران والغرب، والتمهيد لإيجاد حلٍّ لمشكلة النووي الإيراني، وتجنيب المنطقة برمتها حرباً رابعة، بعد تجنب توجيه ضربة عسكرية إلى سورية. كانت الحرب تبحث عن من يلقي بعود الثقاب في هذه المنطقة الملتهبة، ليشتعل هذا البلد أو ذاك، وسيتكفل الاحتقان الطائفي باستدراج بقية دول المنطقة وشعوبها إلى المحرقة.

العمانيون اليوم يفخرون بما أنجزته دبلوماسيتهم بعيداً عن ضجيج الإعلام. وفيما بدأوا يتعرضون لحملاتٍ إعلاميةٍ هذه الأيام، فإنهم واثقون بأن من ينتقدهم اليوم سيعترف لهم بحسن التصرف غداً، عندما تنتهي الجلبة ويستقر الغبار.

لماذا غامرت عمان برفع صوتها برفض الاتحاد الخليجي وكأنها تسبح ضد التيار؟ وهل هي وحدها في هذا الموقف أم هناك من فضّل الصمت وتركها تغامر بالرفض؟

عُمان ليست دولةً عمرها خمسون عاماً، وليست ساحلاً متصالحاً، وإنّما تنام على أمجاد إمبراطورية كانت تمتد إلى شرق إفريقيا، ويصل أسطولها التجاري إلى الصين. وسياساتها تعكس هذه النزعة القوية في الاستقلالية والاعتزاز بالنفس. عمان الواثقة من نفسها، تبدو وهي تتصرف وفق هذا المزاج والتاريخ.

بعد معاهدة «كامب ديفيد» ومقاطعة العرب لمصر، فضلت عمان الخروج عن الإجماع العربي وأبقت على علاقاتها قويةً مع نظام السادات، وكان أن قُتل أحد دبلوماسييها في حادث المنصة. لم تكن تدخل المعارك، وإنّما تفضّل تنفيذ ما تريد، ولا تكترث بما ينالها من انتقادات. (شاركها في هذا الموقف المغرب، وليس صدفةً أن البلدين يقعان على طرف الوطن العربي أشبه بالقرنين).

من ناحية التاريخ، وحتى منتصف الخمسينات، لم تكن حدود دول الخليج مرسومةً، وكثيراً ما نشبت حروب، وبعض الدارسين كان يسمّيها غارات. الخلافات الحدودية ربما حُلّ أكثرها عبر تسويات خلال العقدين الماضيين، لكن بقي بعضها خامداً تحت الرماد. الحروب والغارات والخلافات الحدودية على أراضٍ أو حدودٍ بحرية، تبقى عقداً تحكم العلاقات بين الدول وقادتها، حتى لو لم تعد مطروحةً في الإعلام. من هنا، هناك من يذهب إلى القول إن عُمان ليست وحدها، إنّما هي عبّرت عن مخاوف آخرين فضّلوا الصمت.

داخلياً، لعمان حساباتها، فهي مجتمعٌ متعدد، يفخر بالمساواة بين أبنائه، ليس على مستوى الدولة فحسب بل هذا ما تسمعه من ألسنة المواطنين أنفسهم. تقرأ ذلك في صحفهم، وفي تغريداتهم على «تويتر»، وتعليقاتهم على «الفيسبوك»، وفيما يتداولونه على «الواتس أب»، إذ يذكّرون محيطهم المحتقن طائفياً، بأن مساجدهم يصلّي فيها السني والشيعي والأباضي والزيدي... دون حواجز أو تمييز.

مثل هذه الميزة يخشى العمانيون أن يفقدوها حين يتماهون مع سياسات الآخرين أو تجرفهم بإغراءاتها وضجيجها. إنهم يخشون على أنفسهم من الذوبان في بوتقة الآخرين، أو ينجرفون في حروب وعصبيات الآخرين.

ذهاب عمان إلى التهديد بالانسحاب من المجلس حين قرار الاتحاد، يشير إلى وجود شكوكٍ عميقةٍ وخلافاتٍ مسكوتٍ عنها. فالقمة الثلاثون التي استضافتها الكويت أيضاً (ديسمبر 2009)، وشاركت في تغطيتها، سمّتها بعض الصحف بـ «قمة الإنجاز» و«قمة القمم»، لكنها لم تنجح في إقرار العملة الخليجية الموحدة، وشهدت خلافات حول مقر البنك المركزي الخليجي. حتى شبكة الكهرباء وقّعتها أربع دول ورفضتها الإمارات وعمان.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4114 - الأربعاء 11 ديسمبر 2013م الموافق 08 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 36 | 5:09 م

      توبي وراش حفره

      توبي وراش حفره

    • زائر 35 | 12:34 ص

      عبود ربل

      الله يخلي عمان واهلها وحكامها.
      والله اننا نغبطكم على ما تملكون!!
      اللهم لا حسد

    • زائر 32 | 9:51 م

      زائر

      عمان بلد قديم وذا حضارة وتاريخ مشرق وقابوس وشعبه يمشون على نفس المنهج العقلاني الذي ورثوثه من أجدادهم القدامى فهنيئا لهم بهذه النعمه و وعلى ما رزقهم من حاكم حكيم يزن الامور بعين البصيره وليس كبعض الحكام الاخرين الذين يقودهم التعصب والتشنج والتمذهب في ادارة حكمهم.

    • زائر 31 | 9:51 م

      زائر

      عمان بلد قديم وذا حضارة وتاريخ مشرق وقابوس وشعبه يمشون على نفس المنهج العقلاني الذي ورثوثه من أجدادهم القدامى فهنيئا لهم بهذه النعمه و وعلى ما رزقهم من حاكم حكيم يزن الامور بعين البصيره وليس كبعض الحكام الاخرين الذين يقودهم التعصب والتشنج والتمذهب في ادارة حكمهم.

    • زائر 29 | 5:31 ص

      عمان التسامح

      ستبقى بلادي عمان حرة ابية لها كيانها المستقل وسوف لن تذوب في اي اتحادات لاننا لسنا في حرب مع احد كما هو حال بعض الدول الخليجية التي نصبت نفسها شرطية على الدول العربية الاخرى

    • زائر 28 | 2:10 ص

      عمان نبض واحد

      عمان بلد عضيم ربي يحفضها ويحفض شعبها وقائدها من كل شر

    • زائر 26 | 5:31 م

      سماحة اية الله العظمى محمد

      انا مو مطلع على موقف العمانيين بشكل معمق ؟؟ لكن انا صراحة كمواطن متحفض على دعم ... للانقلاب في مصر ؟ تدخلهم في شؤون الدول ؟ انا صرحة ما اشوف احنا وجهاء ولا اشوف احنا اوصياء على العالم والمغامرات والتصرفات الغير مسؤوله ما اتوحد احد ؟؟ هذا هو الطريق الى التمزق
      من حق العمانيين يرفضون الاتحاد ؟؟ اذا كانو مدركين لما يقولون فهدا حقهم لكن الطريق الى الاتحاد هو طريق الى الفوضى لنك اول عدل المشاكل اللي عندك

    • زائر 25 | 4:12 م

      عمان تفتح ذراعيها لك

      عزيزي الزائر 22
      هل تعلم ان وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي سني ؟ وهل تعلم ان الوزير المسؤول عن الشؤون المالية اسمه درويش ( البلوشي ) وهو سني ؟ وهل تعلم ان الوزيران السابقان للمالية والاقتصاد من الشيعة ؟ هل تعلم ان اكثر من نصف وزراء عمان سنة ؟؟!!
      انا ادعوك لزيارة عمان ومشاهدة كيف يعيش الشعب بجميع طوائفه بتجانس رائع يحسدنا الكل عليه .. لا يهمنا مذهب الاخر ( سني - اباضي - شيعي ) عمان شعب واحد

    • زائر 24 | 12:12 م

      منيرة

      ردا على زائر رقم 22
      انا سنية من عمان....ابن عمي متخرج من معاهد تعتمد المذاهب اï»·ربعه بالشارقه وهم امام مسجد معين رسميا وبراتب من الدوله
      تخرجت من الجامعه واعمل بأرقى الوظائف ...وكذلك سائر عائلتي
      فأخبرني بالضبط إلى ماذا تلمح بردك؟؟!!
      ما هي الحقائق التي تقصدها؟!

    • زائر 23 | 8:43 ص

      الناس على أديان ملوكهم

      عندما يتسم الحاكم بالعقلانية والحكمة فإنه يجر البلد الى درب السلامة، وعندما يتسم الحاكم بالحالة المعاكسة فإن مصير البلد الى الدمار. عندما آلت المور الى يد مانديلا حول بلده من بلد تفرقه عنصرية الى بلد متسامح متحد، وعندما يمسك بالمور شخص مهووس بالنزاعات الداخلية مظطرب الشخصية فإن أنفعالاته الداخلية تطبق على بلده. عمان عن
      ما درست الموضوع بعقلانية، رفضت (الفزعة المؤقته) والتى سرعان ما ينتهى مفعولها لتبدأ في إهلاك نفسها، عكس ما يدعوا له أصحاب الفزعات، وما أكثرهم في بلادي. واااجددددددد

    • زائر 22 | 7:11 ص

      سلامتك

      حبيبي روح شوف السنه شنو يشتغلون في عمان وشوف البلوش والايرانيين.. لا تقول ما فيه تمييز ... لا تبيع خبزك على خباز هههه .. وخذ معاك محققين محايدين وادخل مساجدهم مع السنه واكتبوا تقريركم هههه

    • زائر 27 زائر 22 | 6:46 م

      واتت اهني شنو وضعك

      يا حظي وانت شوف البلوش وش يشتغلون هني

    • زائر 21 | 4:14 ص

      v

      والله نغبط عمان علة الحكمة السياسية لسيادتها

    • زائر 20 | 4:02 ص

      سلمت

      سلمت تعليقاتكم وهنيئا هذا الحب من شعبنا الابي الي عمان واهلها الطيبين وان ذهبت عمان من الاتحاد الخليحي فلن تذهب من قلوبنا وستبقي دول الخليج اخوه لأننا لا يجمعنا قرارات ولا شعارات انما يجمعنا الاخوه والمحبه بين شعوبنا فسلاما علي شعوب منطقتنا

    • زائر 18 | 2:50 ص

      على الاقل في عمان

      لا يوجد ............. فلذلك تقدمت عمان في كل الجوانب وبقينا نحن متاخرين
      لاننا لا نريد ان نعطي فئة من الشعب حقوقها السياسية بسبب المعتقد والطائفه
      وما ينفقونه على الامن والتسليح يفوق ما كانوا سينفقونه لو اعطو الشعب حقوقه
      لا لا حياة لمن تنادي

    • زائر 17 | 2:33 ص

      خوف كل دولة من الاخرى يجعل من القمم مهزلة

      يتكلمون عن اتحاد وكل دولة خائفة على نفسها من غدر الاخرى فهناك حدود منهوبة بين الدول وهناك دول تفرض سياستها على جيرانها بالقوة ولو فتشت عن داخل الزعماء انفسهم لوجدت ان الشعور الغالب هو .......................

    • زائر 15 | 2:21 ص

      عمان

      شكراً للعمان حكومة وشعب وحفظ الله عمان من كل شر

    • زائر 13 | 1:45 ص

      عمان حكيمة بحاكمها و نظامها

      عندما كنا صغار كنا نضحك على اخواننا العمانيين كما المصريين يضحكون على الصعايدة و الان استوعبنا اننا نحن الجهل و العمانيون انضج و اعقل منا بكثير

    • زائر 12 | 1:27 ص

      الحقيقة الصافعة

      الحقيقة الصافعة : موجودة في تقرير بسيوني و توصيات جنيف و تقارير الرقابة المالية والإدارية.
      ا

    • زائر 11 | 1:12 ص

      احترام الانسان كإنسان في عمان لا يتعرض احد لك على اساس مذهب ولا عرق

      ذهبنا الى عمان مجموعة ورأينا كيف يحترم الانسان كإنسان ولا يسأله احد عن مذهبه او عرقه او انتمائه وحسب ما عرفنا لاحقا ان مسألة المناقشة في هذه المسائل ممنوعة وغير مسموح بها في الاماكن العامة والوزارات والمنافذ وغيرها وان هناك عقوبة تترتب على اي شخص يخوض في مثل هذه الامور.
      اقول للعمانين تعالوا عندنا وشوفوا واللي ما يشتري يتفرّج بس

    • زائر 10 | 12:29 ص

      تحية لعمان الشقيقه

      السلطان قابوس وسياسته المعتدله اراد ان يبعث رساله للدول الخليجيه أن فقوا فكروا اين تذهبون !! ..................... وبمجرد ان اختلفت عمان عنهم اصبحت عليها ما عليها من غضب وامتعاظ ووو ....

    • زائر 9 | 12:15 ص

      المختار الثقفي

      حينما تسود الحكمة البلاد والعباد ينتشر الامن والعدل وقس على ذلك كل خير هو لصالح الحاكم والمحكوم وذلك تمثل في السلطان قابوس، ولكن حينما يتحكم .........في امور الشعب فابشر ................الدين والمواطنين، فانظر الى جميع من حملوا السلاح ضد اخوانهم في الانسانية وقلبوا الامور واحتكرو الجنة التي عرضها السماوات والارض لأنفسهم، فملأوا الارض قتلا وحرقا باسم الاسلام وباسم الله كل يغني على ليلاه.... ومن يؤتى الحكمة فقد فاز.... الا أمثال هؤلاء خابوا

    • زائر 8 | 12:01 ص

      افتكرت حقدهم مقتصر على فئة معينة لكن الواضح اعظم

      ماقام به السلطان قابوس من حراك منع فيها حربا طاحنة ستقع فى خليجنا يسعى لها من لايملك اسباب بقاءه في كرسيه الابدعم اجنبي لتدمير مقدارات شعوب الخليج بعد شحن أدمغة المواطنين على مدى أكثر من 30سنة بان إيران هي العدو ولقد حانت الفرصة لتدميرهم بعد فشلهم في سوريا لكن الله مسخر الأسباب منع حلم ألجأهليه والفضل من بعد الله للسلطان قابوس

    • زائر 7 | 11:53 م

      وهو ما كان يحدث في البحرين سابقا

      بأن مساجدهم يصلّي فيها السني والشيعي والأباضي والزيدي... دون حواجز أو تمييز.
      وهذا ما كان يحدث سابقا في البحرين والتي تحولت إلى انعزال واحتقان طائفي بغيض ساهم فيه مع الأسف ثلة من المواطنين المتمصلحين وكثير من الغرباء الذين باتت الأزمة تمثل مصدر دخل كبير ومصالح آنية ويتمنون أن تبقى الأزمة قائمة مادامت تدر عليهم الأرباح والفوائد . حفظ الله عمان وشعبها وقادتها ونتمنى أن تعود البحرين إلى سابق عهدها.

    • زائر 6 | 11:42 م

      هالني مارايت وتلك التصرفات الشعب البحريني الاصيل يرفضها

      اللهم زد وبارك بوجود رجل دولة محنك كجلالة السلطان قابوس لديكم ايها العمانيون فهو رجل محنك بلده منفتح وتوجد لديهم روح المحبة والسلام والدليل الكم الكبير من الكنائس والمعابد لشتى الديانات لكنهم لاتراهم كالبعض يتفاخرون ويفشرون بالعأمية بأنهم بلد متسامح. .ماقام به هذا السلطان المعظم دليل حنكة وبصيرة

    • زائر 5 | 11:36 م

      عمان

      عمان اثبتت ان لديها شخصيه مستقله وانها لا تمشي حسب اهواء البعض.

    • زائر 4 | 11:14 م

      هدهد

      سيد المكرفونات المكرفون العربي

    • زائر 2 | 9:42 م

      شتان بين دولة تساهم في صنع السلام و دول تساهم بتصدير الانتحاريين التكفيريين

      من يزود التكفيريين بالمال الضخم المتواصل الذي منه يزود " المجاهدين " بالمال له و لعائلته و السلاح و يوفر لهم الدم المادي للتنقل والاتصال المحترفة ؟؟ عمان لن تدنس نفسها بهذا الخبث فآثرت السلام

    • زائر 1 | 9:10 م

      نعم حكمة السلطان.

      هذه هى عمان ونعرفها من زمان حكمة قابوسها العظيم وتفكيره البعيد يجعل من عمان لس كغيرها ممن يركض وراء السراب ويستمع لكلام المتشنجين والمتمصلحين من حوله عمان قيادة وشعب واعى . وفقهم الله جميعا.

اقرأ ايضاً