العدد 4117 - السبت 14 ديسمبر 2013م الموافق 11 صفر 1435هـ

مانديلا... مخلد في الوجدان الإنساني الرافض للتمييز العنصري!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لقد كان الزعيم الإفريقي الكبير نيلسون مانديلا تاريخ شعب، ناضل ضد الفصل العنصري من أجل أن يؤسس فهماً حقيقياً لشعوب العالم الإنساني الذي يتطلع إلى تحقيق العدل والمساواة بين أبناء البشر، وقد أوجد بصموده الكبير النموذج الرائع للمجتمع الإنساني الخالي من التمييز، وكان بإرادته وثباته وصموده قد أثبت للعالم الإنساني أنه أقوى من السجان الذي أن يكتم صوته المجلجل في آذان الإنسانية، وقد أثبت أن الشعب الذي يتمسك بمبادئه وقيمه الإنسانية لابد أن يحقق مطالبه المشروعة طال الزمان أو قصر.

لم تستطع 27 عاماً التي قضاها في السجن أن تقلل من عزيمته وإرادته الصلبه، ولم تستطع أن تثنيه عن مطالبته بالحرية لشعبه، لم يكن في فكره وثقافته الانتقام من أحد، كان همه تحقيق العدل والمساواة بين جميع الناس بلا استثناء، لم يكن ينظر إلى لون البشر أو دينهم، كان ينظر إلى إنسانيتهم وكرامتهم وعزتهم.

لقد استطاع بإنسانيته التي استوعبت كل الناس أن يجعل اللون الأسود من أجمل الألوان في أعين العالم الإنساني، وقد أصبح الأنشودة التي تطرب كل إنسان يناضل من أجل الحرية والكرامة. لم يكن يفكر في الموت بقدر ما كان يفكر في حياة الآخرين. كان همه أن يصنع الحياة الكريمة للبشر جميعاً. لقد كان معلماً لكل المقهورين المطالبين بحقوقهم الإنسانية، حقاً كان قلبه يستوعب الإنسانية جمعاء.

لم يقبل أن يعيش في أوساط المجتمع الإنساني بلا إحساس ولا ضمير، وكان يأبى لنفسه أن يسمع صوت مظلوم ولم ينصره بموقف أو كلمة. كانت الإنسانية المقهورة في كل مكان تعيش في وجدانه الإنساني، ولهذا لم تغب قضية فلسطين عن ذاكرته، فقد كان يقول «لن يكتمل تحرر شعب جنوب إفريقيا إلا بتحرر الشعب الفلسطيني». بهذا القلب الكبير والرؤية الإنسانية الواسعة ملك القلوب الإنسانية واستحوذ عليها بلا منازع، فلم تتخلف دولة ولم يتأخر شعب على الكرة الأرضية عن تقديم التعازي لشعبه الذي ضحى بكل ما يملك من أجل تحريره وتخليصه من ظلم النظام العنصري البغيض، الذي مارس ضده كل أنواع الفتك والتنكيل والانتهاكات، لأن فطرة الإنسان تميل دائماً إلى العدل والمساواة والإنصاف، وتنبذ الظلم والتمييز بكل أشكاله وألوانه الكريهة.

وليس غريباً أن يجمع العالم على تقدير واحترام مانديلا، لأن المبادىء الإنسانية التي كان يناضل من أجلها طوال حياته جديرة بالاحترام والتقدير. وكان أمله أن يرى جميع المجتمعات البشرية تعيش في أمن في حياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن لا يكون التمييز سبباً في تخلفها وتراجعها في مختلف المجالات الإنسانية والعلمية والحقوقية. وكان يحث الشعوب التي تعاني من التمييز العنصري من خلال أقواله وممارساته، على الاستمرار في مطالباتها بحقوقها المشروعة، وأن لا تفتر ولا تتراجع وأن لا يصيبها اليأس أبداً، لأنه يعتقد أن الشعوب المطالبة بحقوقها الإنسانية لابد لها أن تحققها في يوم من الأيام.

ستبقى أيها الزعيم الإنساني خالداً في فكر وثقافة شعوب العالم، وستكون التاريخ الذي تتغنى به الأجيال المقبلة في عالمنا الإنساني الكبير.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4117 - السبت 14 ديسمبر 2013م الموافق 11 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً