العدد 4130 - الجمعة 27 ديسمبر 2013م الموافق 24 صفر 1435هـ

معارك النفوذ والهوية تغلَّف بالطائفية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

التفجير الإرهابي في بيروت صباح أمس أودى بحياة وزير المالية اللبناني السابق محمد شطح، كما أوقع المزيد من الضحايا والمصابين. ومن دون شك، فإنَّ هذا العمل الجبان لا يختلف عن الأعمال الجبانة الأخرى التي استهدفت آخرين من أجل خلط الأوراق وتأجيج وإشعال الفتن في المنطقة التي يتقيح حاليّاً فيها الانقسام الطائفي والإثني والقبلي.

إنَّ خطوط النار في الحرب المشتعلة بالوكالة تمتد من لبنان وسورية والعراق، إلى باقي دول المنطقة، وهذه الحرب التي تستعر تأخذ في ظاهرها خلافاً بين الشيعة والسنة، لكنها في واقع الأمر خلافٌ على السلطة والنفوذ، وعلى الهوية، أكثر من أي شيء آخر. فهناك حاليّاً من يستخدم خطابات الطائفية، ويعتمد على المنهج الطائفي، وعلى القوى الطائفية، لكن كل ذلك لا يعدو كونه وسيلة لحماية وتعزيز النفوذ والهيمنة.

قد يتمكن البعض من إخفاء جانب من المشكلة الأساس عبر التمترس خلف الطائفية، وقد يستفيد هذا البعض بصورة مؤقتة من توجيه الطاقات نحو التآكل والتفتيت داخل المجتمعات، بدلاً من إفساح المجال لقوى الإصلاح لتحقيق مطالب مشروعة. الإصلاحيون في أي مجتمع يسعون لتحقيق التماسك الاجتماعي، ويعتمدون على رؤية مستنيرة للمستقبل، بينما يعتمد الرافضون للإصلاح على اجترار الماضي بصورة جارحة ومشوهة، كما يعتمد هؤلاء على تفتيت المجتمعات وتخويفها من بعضها بعضاً.

في السنوات التي سبقت اضطرابات الربيع العربي، كانت الأنظمة والقوى السياسية المسيطرة على الواقع تعتمد خطاباً وطنيّاً من الناحية الظاهرية، وكانت ممارساتها التفتيتية مغلَّفة ومخفيَّة، أما الآن فقد أصبح كل شيء على المكشوف، وحتى التصريحات الرسمية تنطلق من رؤية ضيِّقة وطائفيَّة واضحة ومقيتة.

ان ما يزيد التوتر في المنطقة حاليّاً هو اختلاف الأجندة الدولية مع الأجندة الإقليمية. ففي السابق كانت الأجندة التي تسيطر عليها أميركا والقوى الغربية الأخرى تتطابق بصورة مَّا مع الأجندة الإقليمية المستفيدة من الاقتتال الشيعي - السني. أما الآن، فإنَّ المتغير على الساحة الدولية كشف أن الأجندة الدولية تختلف عن الأجندة الإقليمية، وهذا يعني أن هناك من يستعجل تأجيج الفتن الأهلية والطائفية، مؤملاً في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4130 - الجمعة 27 ديسمبر 2013م الموافق 24 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 2:47 ص

      اعجبني كلامك يا دكتور

      وبالخصوص هذا:
      الإصلاحيون في أي مجتمع يسعون لتحقيق التماسك الاجتماعي، ويعتمدون على رؤية مستنيرة للمستقبل، بينما يعتمد الرافضون للإصلاح على اجترار الماضي بصورة جارحة ومشوهة، كما يعتمد هؤلاء على تفتيت المجتمعات وتخويفها من بعضها بعضاً.
      الرافضون للإصلاح ناقترح أن نجردهم في قائمة وما أكثرهم في هذه الأيام

    • زائر 7 | 2:25 ص

      الأمميه وهتلريه وسقوط رأس ماليه مدوي كما الأبجديه!

      يقال راشد ولا يقال عاقل كما يقال ليس على المجنون حرج (...) في عالم أقرب الى الجنون منه الى الرشد لا يقال إلا إنا لله وإنا إليه راجعون! فقد كتب هتلر عن كفاحه ضد إنتشار الأمميه ولكنها كان جاهلا أو لا يقال كامل العقل – يعني بسلاح وجيوش أو محاربه عسكريه ويقال أمنيه لكن على الهويه أو قد أوقد وأشعل نيران الحروب ثم إنتحر! فعند ما علم أن الروس يصعب هزيمتهم بينما لم يقل أن هارون الرشيد كان من الأغبياء أو الأذكياء ولا طاغيه من الطغاة لكنه كذلك! فهل إختلف رشد هارون الرشيد عن هتلر الطاغيه؟

    • زائر 4 | 12:50 ص

      اضرب هنا ثم اضرب هناك حتى تشتعل الفتنة =تجار الحروب والسلاح

      مشعلي الفتن ومريدي الحرون وسفاكي الدماء يطمحون الى اشعال الحرب في لبنان كما غيرها
      ضربوا في حزب الله وحلفاءه سابقا وهاهم الآن يضربون في تيار المستقبل لكي يتهم كل منهما الآخر ثم تنشب الحرب

    • زائر 3 | 12:25 ص

      حقاً فلقد أصبحت حرب التمييز ضد فئة من شعبنا واضحة وعلى المكشوف، ولم تقتصر على التوظيف والخدمات بل تمتد إلى الدين والتأريخ..

      في السنوات التي سبقت اضطرابات الربيع العربي، كانت الأنظمة والقوى السياسية المسيطرة على الواقع تعتمد خطاباً وطنيّاً من الناحية الظاهرية، وكانت ممارساتها التفتيتية مغلَّفة ومخفيَّة، أما الآن فقد أصبح كل شيء على المكشوف، وحتى التصريحات الرسمية تنطلق من رؤية ضيِّقة وطائفيَّة واضحة ومقيتة.

    • زائر 2 | 11:57 م

      القدوة

      القدوة لا تكون سارقة ï»·ن السارق خائن لتراب الوطن ولا يشرف الوطن أن يكون حاميها حراميها .

    • زائر 1 | 11:50 م

      اوهام

      احسنت يا دكتور على هذا المقال الرائع نعم واهم من يقول بأنه يستطيع ارجاع الساعة الي الوراء مهما فهل التغيير قادم قادم لا محاله

اقرأ ايضاً