العدد 4135 - الأربعاء 01 يناير 2014م الموافق 28 صفر 1435هـ

العودة إلى نبع الكوثر

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ما أحوجنا كأمةٍ، للعودة إلى النبع الصافي لحضارتنا، استلهاماً للمثل والدروس، مع استقبال عامٍ جديدٍ يترافق هذا العام مع ذكرى وفاة نبي الإسلام الكريم.

يلذّ للكاتب والشاعر العاشق الحديث عن هذه الشخصية الملهمة، التي أنشد فيها المنشدون روائع القصائد الخالدات، وكم تطرب الأذن لسماع هذه الكلمات:

بمديحِك طاب لي الكلِمُ... وحلا لأحبتي النغمُ

كم همتْ روحيَ نحوكُمُُ... فبكَ الأرواحُ تنسجمُ

مشتْ في الأرض عدالتُهُ... وتآخى العُربُ والعجمُ

وكم نحن بحاجةٍ إلى استذكار أننا أمةٌ واحدة، نبينا واحد، وقبلتنا واحدة، وقرآننا واحد، وإذا كنا نحن العرب مادة الإسلام الأولى، فإن الأقوام المجاورة لجزيرتنا العربية، دخلت في دين الله أفواجاً، فلم نعد نحن العرب نمثل أكثر من ربع المسلمين. ومن المعيب في زمان الردة هذا، أننا بتنا في إعلامنا العربي نعيّر الأقوام الأعجمية الأخرى التي تشاركنا في ديننا، بدياناتها السابقة، وكأنها لم تدخل الإسلام بعد، ولا تحج إلى بيت الله، ولا تصوم رمضان. ونتناسى أن أكثر أئمة المذاهب والمفسّرين وجَمَعَة الحديث بعد القرن الهجري الأول، كانوا من هذا القطر غير العربي أو ذاك، بينما انشغلنا نحن العرب يومها بتوسيع الفتوحات والغزوات والغنائم.

إن من المعيب جداً في زمن الردة هذا، أن نتمسك بعصبياتنا الجاهلية، ونصرّ على تكفير بعضنا بعضاً، ونستخف بدماء الإخوة في الدين. ومن المفارقات الموجِعة أن أكثر الدم المسفوك هذه الأيام على وجه الأرض، هو دم المسلمين، والعرب خصوصاً، وبأيديهم أيضاً.

منذ عشر سنوات، تتصدر أخبار التفجير والقتل نشرات الأخبار اليومية، وأغلبها يحدث على الأرض العربية، وبعدما كانت محصورةً في فلسطين المحتلة، تحوّلت إلى الميادين المفتوحة في العراق وسورية واليمن ولبنان، امتداداً إلى مصر وليبيا وتونس والسودان. وأغلب عمليات القتل، تفتخر بتنفيذها الحركات المتشددة التي تقيم من نفسها وقياداتها أوصياء على الأمة، تدّعي احتكار الإيمان وتسوق غيرها بالجملة إلى سقر.

من أسوأ بلايا الأمة في هذه الفترة الكالحة، الاستهانة التامة بالدم، حتى غدا دم المسلم أرخص الدماء في العالم. وأغلب هذا الدم يُسفك على أيدي مسلمين يعتبرون أنفسهم ممثلين وحيدين للإسلام. وهي دعوةٌ لا تثبت لأصحابها، خصوصاً عندما نعود إلى النبع الطاهر النقي. فالله سبحانه يخاطب رسوله الكريم (ص): «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك»، ويشهد له في آيةٍ أخرى بقوله: «وإنك لعلى خلق عظيم». فأين تلك الفظاعات من مبادئ الحنيفية السمحاء؟

مثل هذه الأنشودة التوحيدية، يتغنّى بها المنشدون سنةً وشيعةً، لرقتها وعذوبتها ومعانيها الجامعة للقلوب. والسيرة المتداولة بين المسلمين أغلب وقائعها وأحداثها مجمَعٌ عليها، والكل يتداول قصة الصحابي أسامة بن زيد الذي قتل شخصاً شهد أمامه بالشهادتين، لأنه حكم عليه بأنه لم يُسلِم إلا خوفاً من القتل، فقرّعه النبي (ص) بقوله: «هلا شققت عن قلبه»؟ فكيف وصل ببعضهم الحال إلى أن يكفّروا ملايين المسلمين من المذاهب الأخرى، ويصرّوا على إخراجهم تماماً من حظيرة الإيمان.

حين نقرأ السيرة النبوية، سنكتشف دور المصالح في تحديد المواقف، ودور المال في الفساد والإفساد. فلم يكن زعماء قريش وعتاتها، الذين حاربوا محمداً (ص) قرابة ربع قرن، يؤمنون في دواخلهم بأن الأصنام آلهةٌ تضر وتنفع، وإنّما كانوا يدافعون عن مصالحهم وتجاراتهم، وأوضاعهم الاجتماعية التي توارثوها أباً عن جد.

كانوا يدافعون عن امتيازاتهم الطبقية، ولذلك واجهوا بكل تلك الشراسة الرجل الذي أعلن سقوط نظام التمييز بقوله: «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى»، وحمل لواء تحرير العبيد، وبشّر بالأخُوّة بين البشر، وأذاب صحابته، أبي ذر العربي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وبلال الحبشي، في تلك البوتقة الأممية الكبرى.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4135 - الأربعاء 01 يناير 2014م الموافق 28 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 12:40 م

      الارهاب يضرب في الضاحية


      الارهاب الذي ضرب في العراق ها هو يضرب في الضاحية الصامدة خدمة لاسرائيل.

    • زائر 20 | 7:24 ص

      لهذا تقدمت الأمم الأخرى

      وأصبحنا متخلفين في العلم والتكنلوجيا، نحن العرب همنا الكرسي والغنائم وتكبير هوة الخلاف بيننا ونسينا أن بالعلم ((ليس ماندرسه في مدارسنا وجامعاتنا فقط)) ولكن أقصد العلم "المحظور علينا" وهو الذي أوصل الأمم الأخرى للتكنلوجيا المتطوره ، إلتفت حولك وأنظر الى الأجهزه المتطوره جداً وستعرف مدى التخلف الذي نحن فيه.
      نصيحه للعرب المسلمين: أنسوا الأحقاد وضعوا يدكم بيد بعض لنهضة اللإسلام.

    • زائر 18 | 3:26 ص

      انها جاهلية ويدعون انها الاسلام

      هل قتل المسلمين اسير؟
      هل حفر المسلمين القبور؟
      هل سائل المسلمين هل تصلي؟ ليقتل
      هل قتل المسلمين الاطفال و النساء؟
      ....

    • زائر 6 | 1:40 ص

      هيهات أن ترتد شمسك يا محمد للأفول!

      ذكرى رحيل المصطفى (ص) ليس حدث عابرا، بل محطة للتأمل وشحذ هممنا نحو الخير ! "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين.." فهو ملك لكل البشرية والباحثين عن الحقيقة! عجبي أننا أتباع الرسول الأمي نتفرق ونختلف في حقنا بينما الآخرون متفقون على باطلهم! عجبي أن نكرس جهودنا لإسقاط بعضنا، بينما بني صهيون يمرحون في قدسنا! وتشدني رائعة إقبال: الم يبعث لامتكم نبي يوحدكم علي نهج الوئام! ومصحفكم وقبلتكم جميعا منار للأخوة والسلام! (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق)

    • زائر 5 | 11:51 م

      زمن الارهاب

      نحن في زمن الارهاب و هؤلاء لا يفهمون هذه اللغه .

    • زائر 4 | 11:29 م

      القوم ابناء القوم

      يا سيد لن تجد اذان صاغية ولا قلوب مطمانة لما تقول فالقوم ابناء القوم الذين لم يأمنوا برسالته بل كانوا ومازالوا طلقاء. لم يهتدوا لرسالته الانسانية والدينية التي تدعو الي الله الذي هو الرحمة والعدل بين جميع البشر بلا ستثناء.

    • زائر 3 | 11:28 م

      يذكرون ماضي غيرهم وينسون ماضيهم.

      هؤلاء الإعراب يذكرون ماضي الامم السابقة وماكانوا يعبدون بالاستهزاء والاستنقاص بينما يتناسون ماضيهم بانهم كانو عبدة أصنام يعيشون الجاهلية الجهلاء

    • زائر 2 | 10:51 م

      سلام الله على نبي الرحمه

      يوم ولد ويوم عاش طاهرا مطهرا وعادلا وتقيا الى وفاته الذي فقد من بعده المسلمين شخصا جليلا لا فرق بين عربي او عجمي الا بالتقوى المعروف ان الكرم والايثار عند العرب وطبعا مازال ولكن في زمن الرده اصبح في غير محلها يكرم الكذابون والايثار والكرم الحقيقي لمن يمد يده للمستضعين في جميع العالم

    • زائر 1 | 10:09 م

      شكراً سيدنا على أخذنا للنبع

      هذا النبع الصافي الذي استقينا منه حلاوة الايمان يسعى أفراد (تسعة رهط) الى تجفيفه.
      القران الكريم (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ)
      أكبر المفاسد هو بيع الخمور في البلاد الاسلامية وأشنع المفاسد هو السكوت على ذلك والأكثر شناعة هو عدم الاكتراث بهذه المشينة...
      ألاحظ أن اخوتنا السنه هم أكثر اكتراثاً منا نحن الشيعة بهذا الأمر فبارك الله فيهم.

    • زائر 19 زائر 1 | 4:37 ص

      ااا

      أخي الكريم حبكت الا علي الخمر ما أكثر المفاسد

اقرأ ايضاً