العدد 4148 - الثلثاء 14 يناير 2014م الموافق 13 ربيع الاول 1435هـ

كلٌّ يدعي الأمر... فكيف التفريق؟

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

كلٌّ، ونعني بها كثرة من الأطراف، من الحكومة والقوى السياسية والدينية بجميع مشاربها، والأفراد في مواقع المسئولية، وغيرهم من الأفراد العابثين.

ادعاء الأمر، ونعني به الادعاء بموضوعات عدة، إدعاء حب الوطن والخشية عليه؛ إدعاء المواطنة ونبذ الطائفية والفرقة؛ إدعاء الوطنية ونشد العدالة والمساواة؛ إدعاء العمل على نبذ الكراهية ونبذ الاصطفاف الطائفي... إلخ. فكيف التفريق بين الجمع لتبيان حقيقة الوجدان والمواقف؟ فالوطن هو الأساس الذي يتبنى كلٌّ موقفه حياله، بدعوى إما المواطنة وإما الوطنية.

فما الوطن وهو مبعث الاحتراب؟ الوطن هو الأرض التي تحتضن جميع المواطنين، بالسكنى والعيش الكريم، في توازع ثرواتها بالعدالة، وهو البشر الذين طاب لهم المستقر في هذه الأرض منذ بدء تاريخ الأرض الاجتماعي، فعمروها كداً بالعمل، وتعارفوا فيما بينهم على ميزان التواصل والتكامل، كلٌّ يعطي بما له من ملكات، سواء جسدية أو مهنية أو علمية، وكلٌّ يأخذ لقاء ما أعطى، فلا يُجحد أحد لا في العطاء ولا في الأخذ، الكل يدٌ بيد لرفعة الوطن ورفعة المواطن، متراحمين فيما بينهم، فتناسلوا ولداً بعد ولد. والوطن هو منظومة القوانين التي تحكم العلاقات بين أفراده، فلا ظالم ولا مظلوم، وجمع المواطنين هو الشعب الذي يختار سلطاته، لإدارة الثروة الوطنية وتنميتها، وهو السلطات التي تسهر على خدمة المواطنين سواءً بسواء، فهل هناك معنى آخر للوطن، يجمع الأرض والثروة والمواطنين في كلٍّ واحد، لا يقبل التجزيء؟

إلا أننا نجد أن بعض الأطراف يرمي الآخرين بالخيانة الوطنية، إخراجاً لهم من الانتساب للوطن، ويتمادى البعض في توزيع الجنسية الوطنية بما يحقق له الاستفراد بالوطن دون غيره وجماعته، سواء الحكومية أو السياسية أو الدينية أو الطائفية، ويرفض للمواطن الآخر خارج جماعته، أن يشاركه خيرات الوطن، ويمنع عليه العمل ويمنع عليه السكنى، وذات البعض يتغنى بدفاعه عن الوطن ويتوسله.

وهناك من يسقي تراب الوطن بدماه، ويبذل في حمى الوطن فقده أهله، وهناك من يُسخِّر وقته وملكاته من أجل أن تعم العدالة والكرامة والمساواة، لينعم بها جميع المواطنين، غير مستحوذ لذاته ولا جماعته، سواءً السياسية أو الدينية أو الطائفية، فهل يستوي هذا بذاك، حين القول «أحب وطني وأذود عنه»؟

فليس للإنسان أن يحكم بخوفه الوهمي من الآخر، ليس لسبب سوى اختلاف العقيدة أو المذهب، الأمر المعني به المعبود لدى صاحب العقيدة، لينال جزاء الآخرة، فالوطن ليس مذخوراً لعقيدة ذا أو ذاك، فدعك في عقيدتك ودعه في عقيدته، واحكم بما أتى به عملاً واقعاً، إن كان يشملك وإياه كمواطن بالمساواة أو لا.

والشعوب بجمعها أو بعضها، تختلف، وقد تتصارع مع حكوماتها، متى ما قصَّرت أو ميزَّت، أو متى ما حادت عن الوعد والعهد، أو متى ما استحوذت القرار والثروة، أو متى ما أضرت بالمواطن في عيشه وسكناه، في حقه وكرامته، أو متى ما تسببت في ضياع ثروات الوطن وضياع هويته، وللشعوب وسائل لتنبيه الحكومات، ووسائل متى ما لم تُصغِ لتنبيهات شعوبها للضغط عليها، وللشعوب وسائل لإبدال أفراد حكوماتها بغيرهم من المواطنين، فيا أيها البعض، لك أن تكون مع الجمع، أو متى ما عجزت لخوف من بطش أو ضرر، فالزم بيتك واحفظ لسانك، وليس عليك من ملامة، حين الفوز بما يفوز به الجمع، فما يجتمع غالبية شعب على مطالب، إلا لفقدها، والتاريخ الشعبي البحريني يزخر بالحراكات الشعبية المطلبية في جوانبها المعيشية والسياسية، التي ما تطوّر المجتمع في صالح جميع المواطنين لولاها، على رغم تمنُّع ومجادلات وربما مجابهة البعض حينها، إلا أنهم يرفلون اليوم في عطاءاتها.

ويا أيها الحكومات، قد تصبر الشعوب باستمرارها في مطالبها، رغم اختلافها مع البعض منها، ولكنها لن تقبل التفرقة عبر بث الكراهية لبعضها البعض، سواء السياسية أو الإثنية، المذهبية أو الطائفية، التي في استشرائها، تكون كالنار في الهشيم، لسبب أنكم لن تستطيعوا لها جمعاً وتوحيداً، من بعد استشرائها، فتكونوا أيها الحكومات، أنتم القسمة بين بعضي الشعب، ولن ينفع الصوت بعد الفوت، فلا تسمحوا لبعض شعبكم ببث الكراهية تجاه بعضه الآخر، واتعظوا ما دمتم حكومات، باستخدام أدواتكم في تطبيق القانون على كل من يبث أفكار الكراهية بالقول أو الفعل، وفعّلوا العمل لتجنبها، بالردع القانوني، ضد كل من توسل له نفسه بث الكراهية، لغرض في نفسه، سواءً كان دينياً أو طائفيا أو سياسياً، بغض النظر عن ما إذا كان نصيركم أو معارضكم، بل أنكم مساءلون عن مَن يناصركم أكثر مِمن يعارضكم، فاتقوا يوماً تفلت فيها العقول.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4148 - الثلثاء 14 يناير 2014م الموافق 13 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 4:12 م

      فهل يستوي هذا بذاك

      سلمت يابن بلدي وسلم قلمك الحر.

    • زائر 6 | 3:04 ص

      شكر

      شكر خاص للكاتب الوطني المتميز حقاً ف أغلب مقالته التي ينوي من خلالها لملمة الشمل من الفرقة وانتشار الكراهية بين ءبناء الوطن الواحد.

    • زائر 5 | 2:14 ص

      ما اروعك يا حر

      مقالك يا استاذنا الفاضل اليوم يغضب طيف ويفرح آخر والمقال بصورة عامه كله ذرر ولو مثقفينا ونوابنا كلهم بهكذا مستوى لاصبحنا دوله افلاطونيه بحق وحقيقه لكن مشيئة الله ان يكون في المجتمع ظالم ومظلوم عبيد واحرار , والعدل الذي يرضي الجميع لا يقبله متسلط على رقاب البلاد والعباد

    • زائر 4 | 1:11 ص

      تحية

      تحية لك ايها الوطني المخلص

    • زائر 3 | 12:29 ص

      المشكلة في الاستخدام

      المشكلة حين يستخدم القانون لالباس المعارضين تهمة الكراهية لبث الكراهية.

    • زائر 1 | 10:29 م

      كفيت ووفيت

      خير الكلام مقال ودل كفيت ووفيت أيها الكاتب الشريف ورحم الله والديك على ما تكتبه بشجاعة وشرف ومروة والعتب على من يملك القرار ويسكت عن اتخاد الإجراءات ضد المحسوبين عليه

اقرأ ايضاً