العدد 4150 - الخميس 16 يناير 2014م الموافق 15 ربيع الاول 1435هـ

في ظلال المولد النبوي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

احتفل بعض أطراف العالم الإسلامي الأسبوع الماضي بالمولد النبوي الشريف، فيما يحتفل الطرف الآخر بداية الأسبوع المقبل بهذه الذكرى التي تظللنا جميعاً بنفحات الرحمة والهدى.

لسنواتٍ كان الكتاب والشعراء يتناولون في نتاجاتهم ما تتضمه كتب السيرة من مآثر الرسول وشمائله وأخلاقه، أما في الأعوام الأخيرة، ومع اشتداد الوطأة، وانحراف البوصلة عن جهة الأعداء، وانتشار مشاريع الفتنة والتحريض على الاقتتال الطائفي... فأصبح من أوجب الأولويات التذكير بأوضح البديهيات التي نسيناها في هذه الطاحونة من الفوضى القاتلة، وهي أن «المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه»، كما جاء في الحديث الشريف.

ففي هذا المقطع التاريخي، حيث ينزف كثير من بلداننا العربية، لابد من التذكير بمسئوليتنا جميعاً، أفراداً وجماعات، وشعوباً وحكومات، في الإبقاء على ما تبقى من روابط توصل بحبل الله. فنحن أمةٌ تشترك في الدين واللغة والدم والأخوّة الإنسانية. ويجب ألا تدفعنا الاختلافات الفكرية، والخلافات والأزمات السياسية، إلى الهاوية، حيث يكفّر بعضنا بعضاً، دون أن يملك أحدنا من الأساس ما يضمن صحة موقفه وسلامة معتقده وبطلان معتقدات ومواقف الآخرين، إلا أن يكون نوعاً من التحكّم والاستبداد والغرور.

يختلف المسلمون في تعيين يوم مولد الرسول (ص) ووفاته، ولكنهم يُجمعون على رسالته ومبادئه، ويتعبدون – ولو نظرياً على الأقل- بالأخذ بأقواله وأفعاله؛ والعاقل المخلِص لأمته، من يحوّل مثل هذه المناسبات، إلى مناسباتٍ جامعةٍ، موحِّدةٍ، مؤلِّفَةٍ للقلوب. وتشتد الحاجة لذلك مع اشتداد الفتن وتكالب العدو المشترك، وزيادة أعداد المتربصين، وضياع صوت العقل.

إننا بحاجةٍ إلى التذكير الدائم بالأصول، والعودة إلى النبع النبوي، الذي أرسله الله رحمة للعالمين جميعاً، وليس فقط لهذه الأمة أو جزيرة العرب.

سيرة هذا النبي تملأ النفوس رحمةً وإشراقاً وحباً، لهذا الكون بما فيه من مخلوقات وطير، فهو الذي وقف لمواساة طفل كان يبكي لأنه فقد طيراً صغيراً كان يرعاه؛ وهو الذي كان يحن إلى مكة حين اضطره طغاتها إلى الهجرة منها؛ وهو الذي كان يقول لأصحابه الكرام عن جبل أحد: «إنه جبلٌ يحبنا ونحبه»... فكيف بالإنسان؟

وصيّته بالإنسان كانت من أكثر وصاياه تردّداً وتأكيداً، وكان يوصي بالجار حتى ظنّوا بأنه سيورّثه، وكان يوصي بالجيران حتى أربعين بيتاً. كان يملك قلباً رحيماً، حتى في أوقات اشتداد الحرب، كان يوصيهم ألا يُجهِزوا على جريح، ولا يُتبِعوا مُدبِراً هارباً يريد النجاة بنفسه، وحين يقع أحدهم في الأسر، كان يُحسِن معاملته ويأمر بإطعامه مما يطعمون. لم يكن الأسر والسجن لديه تعذيباً أو تشفياً أو محاولة قهر وإذلال، فالإنسان يبقى إنساناً له كرامته حتى لو كان على غير دينه. وكان يتلو ما ينزل عليه من قرآن: «إنما أنت مذكّر. لست عليهم بمسيطر».

بعد هجرته وإقامة دولته، تعايش مع أهل الكتاب، يهوداً ونصارى، ووقّع معهم أول اتفاقية سياسية تضمن حقوق جميع الأطراف، ليعيش الجميع في سلام.

اليوم، نحن بحاجةٍ إلى التذكير الدائم، لنعرف أين يقف كلٌّ منا، وليعرف مدّعو الجهاد في آخر الزمان ماذا يفعلون، من قتلٍ للأبرياء، وتكفيرٍ واستباحةٍ للدماء واستهانةٍ بالأرواح، وتفجيراتٍ جماعيةٍ لا يفعلها حتى الأعداء، في حواضن الإسلام التاريخية الكبرى، في مصر والشام والعراق.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4150 - الخميس 16 يناير 2014م الموافق 15 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 1:10 م

      رائع

      اللهم صل على محمد و آله

    • زائر 14 | 9:15 ص

      يارسول الله

      عاد الإسلام غريبا يارسول الله

    • زائر 10 | 2:45 ص

      قتلة لا مجاهدون

      هؤلاء قتلة اثمون وليسوا مجاهدين.والرسول بريء منهم براءة الذئب من دم يوسف. الله يحفظ المسلمين من رايات القتل والتكفير.

    • زائر 8 | 1:51 ص

      تهنئة

      اولا تهنئة خالص لك ولجميع العاملين في الوسط وجميع القراء بمولد سيد الخلق حبيبتا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وليت مت يدعون الآسلام يتحلون بصفات النبي الكريم نبي الرحمة وحسن التعامل والتسامح ولكن هيهات لقد غلب الحقد والإجرام على نفوسهم والدين الإسلامي منهم براء اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وجمعة طيبة عليك وكل المؤمنين

    • زائر 4 | 12:32 ص

      سيدنا

      الرسول الأعظم لم يأمر اتباعه بقطع الطرق عن الناس ومصايقتهم ولبناء في الطرق العامه

    • زائر 17 زائر 4 | 3:33 م

      لا

      ولكن امرهم بهدم اامساجد وقطع ارزاق الاف من الناس واعتقالهم وتجويع اطفالهم واعتقال حتى النساء. انها لا تعمى الايصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.صدق الله العلي العظيم.

    • زائر 3 | 12:27 ص

      يا حبيبي يا رسول الله

      اللهم صل على محمد وآل محمد

    • زائر 2 | 12:11 ص

      جهال هذه الامه

      ماذا نقول اذا جهال هذه الامه تردو برداء الدين و ادعو بانهم علمائها وذلك تحقيقا لغاياتهم الدنيويه دون الاكتراث لما يسببونه من فتوى الفتن التى تسيل دماء الابرياء وتشتت الامه و تهدر طاقاتها

    • زائر 1 | 10:09 م

      اين انت يا رسول الله

      صار المسلم يكفر المسلم ويذبحه على شاشات التلفزيون لانه شيعي ويقتل اطفاله امام امهاتهم .. صار المسلمون يرفعون صور المشانق في الشوارع العامة لمن يطالب بالاصلاح .. انهض يا رسول الله لترى امتك قد تركت العدو الحقيقي وصارت تعادي من يحارب عدوك

اقرأ ايضاً