العدد 4157 - الخميس 23 يناير 2014م الموافق 22 ربيع الاول 1435هـ

الدبلوماسية الأميركية للشرق الأوسط: توسعة الروابط التجارية (1)

آنّ باترسون

مساعدة وزير الخارجية لشئون الشرق الأوسط

(والكلمة ألقتها في حفل غداء أقيم في معرض المجلس المصري لتصدير الملابس الجاهزة)

اسمحوا لي بأن أرحّب بزملائنا الدبلوماسيين، وبالقنصلَيْن العامِّيْن لكل من مصر وإسرائيل، وأن أرحب بنوع خاص بدعوة المسئولين التنفيذيين المصريين والإسرائيليين إلى الولايات المتحدة والاستماع إلى العمل الذي تقومون به جميعكم في صناعة الأزياء والملابس الأميركية.

إننا، في وزارة الخارجية نهتم بعمق بإدارة العلاقات الخارجية الأميركية- كما أن قضايا الشرق الأوسط كثيراً ما تسيطر على أجندتنا. فكما تعلمون جميعكم، يعمل وزير الخارجية جون كيري في وقت متزامن، ومن دون كلل، لدفع اتفاقية السلام في الشرق الأوسط، والتوصل إلى حل للحرب الأهلية السورية، وإلى قرار شامل يعالج هواجس المجتمع الدولي حول برنامج إيران النووي، علاوة على دعم انتقال مصر إلى الديمقراطية.

إن هذه المسائل ليست سهلة بل تشكل تحديات صعبة، إلا أننا نعلم أن المحادثات الدبلوماسية لا تجري أبداً في فراغ. فالظروف الاقتصادية لأي بلد تؤثر بعمق على مشاعر عامة الناس، وبالتالي قدرة القادة القوميين في اتخاذ القرارات الصعبة، وهذا يصح أيضاً على الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى الأخرى مثلما يصح على بلدان العالم النامي. ففي الوقت الذي يركز فيه الانخراط الدبلوماسي على أعمال القادة، يُركز الدبلوماسيون الأميركيون أيضاً على الطرق التي تؤثر فيها الشئون الاقتصادية والروابط الاقتصادية بين الدول على الخيارات السياسية.

خلال السنوات الخمسين الماضية، ساهمت الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم، في مشاريع تتعلق بالصحة والزراعة والاتصالات والبنى التحتية. تساهم مساعداتنا الأمنية في تعزيز شراكاتنا الهادفة لحفظ السلام، ومؤخراً لمحاربة المتطرفين. ونحن ندعم برامج تعزيز الديمقراطية والحقوق العالمية للرجال والنساء.

لقد استفادت إسرائيل ومصر بشكل رئيسي من برامج مساعداتنا الخارجية، إنما ما تفعله إسرائيل ومصر هنا الآن يشكل عاملاً مهماً للغاية، وكثيراً ما يتم تجاهله، في بناء السلام والاستقرار الاقتصادي، بناء الروابط الفعالة في قطاع الأعمال. وعملت الولايات المتحدة كثيرًا لدعم العولمة الاقتصادية التي لعبت فيها صناعتكما دوراً لافتاً للغاية. ومرونة مُصنّعي الملابس اليوم في التحرك عالمياً بين مختلف الموردين تعزز المعايير الرفيعة للكفاءة والجودة. إنكم تستفيدون ويستفيد زبائنكم، ونجد أن القيمة الهائلة التي سنحصل عليها من التشابك بين شبكات الاستثمار والتجارة ستقرب أكثر بين الشركاء من أمثالكم في هذه القاعة وأولئك الموجودين في كل بلد من بلداننا. فالانخراط التجاري والأعمال بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط يساعد في تعزيز الروابط التي تُنشئها الاتفاقيات السياسية بين الشعوب- حلقة متواصلة من الاستثمار القوي، والنمو والفوائد والوظائف التي تعود بالفائدة على الجميع.

إننا نعيش في عصر تتقزّم فيه الموارد المتوفرة للحكومات أمام المبالغ الطائلة اللازمة لإنشاء البنى التحتية وتحفيز النمو الاقتصادي الذي ينتظره المواطنون من حكوماتهم، في بلدنا وبلدانكم. وإننا نتذكر جميعاً كم كانت قضية خلق فرص العمل مهمة في انتخابات 2012 .اليوم، وعلى امتداد العالم العربي، تواجه الحكومات التوقعات المُحَبطة لشرائح واسعة من الشباب العاطلين. وقد استثمرت عائلات الكثير من الشباب مواردها المحدودة وتطلعاتها لتأمين حياة أفضل من خلال التعليم، ولكنها كانت تجد في معظم الأحيان أن الوظائف غير متوفرة للمتخرجين حديثًاً. ولذا فإن إحدى أولوياتي كمساعدة للوزير لشئون هذه المنطقة، إحراز تقدم في القضايا الاقتصادية والتجارية الحيوية لأجل تقدم الاستقرار والرخاء بالمنطقة.

الولايات المتحدة وإسرائيل تربطهما علاقات صداقة وثيقة جداً، وهما شريكان في مجموعة واسعة من المصالح، إذ ترتكز الروابط الحكومية القوية بيننا على دعم قوي جداً من شعبي بلدينا، ومع تطور إسرائيل اقتصادياً على مدى السنين، عملنا على تنمية الروابط بين الشركات. والتزامنا بأمن إسرائيل ورغبتنا في الحيلولة دون وقوع أية نزاعات في المستقبل هما سببان مهمان في انخراط الولايات المتحدة العميق في صنع السلام في الشرق الأوسط.

فعلى مدى أكثر من 35 سنة، منذ توقيع اتفاقات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، أقامت الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر شراكة وثيقة في نطاق تعزيز أمن الشرق الأوسط والسعي في سبيل التوصل إلى اتفاقية سلام نهائية. وفي نفس الوقت، طوّرت الولايات المتحدة ومصر شراكة قوية قائمة على المصالح والقيم المتبادلة.

وقد غيّرت الاضطرابات التي بدأت تعم العالم العربي منذ 2011 المنطقة بصورة دائمة. على الرغم من أن الوضع السياسي المتأزم في المنطقة قد نشأ جراء العديد من المظالم السياسية، إلا أن هذه الثورات قد أشعلها أيضاً الغضب العميق الناجم عن اعتقاد الناس بأنهم يواجهون آفاقاً اقتصادية قاتِمة. وبدأوا يطالبون حكوماتهم باتخاذ إجراءات مُلحة وملموسة لدعمهم. صحيح أن الكثير من عناصر الربيع العربي هي عناصر فريدة بالمنطقة، إلا أنه كانت هناك أيضاً مظاهرات في إسرائيل والولايات المتحدة سنة 2011 و2012 قائمة على أساس الهواجس حول الوظائف والمسائل الاقتصادية. فالشبان العرب الذين مكنّتهم التكنولوجيات الجديدة أكثر من أي وقت مضى من فهم التغييرات الجارية في بلدان أخرى، ومن التواصل الآن وتنظيم أنفسهم من خلال استخدام وسائل الاتصال الاجتماعية، لن يقبلوا بعد الآن بإسكات صوتهم.

ففي المنطقة، تبلغ نسبة الشبان دون سن 25 قرابة 60 في المئة من السكان، كما أن رُبع الشبان في سن العمل هم عاطلون عن العمل. تشهد مصر، أكبر بلد عربي والرائدة ثقافياً وفكرياً في المنطقة، نمواً سريعاً في السكان. ولقد عكست ثورة مصر سنة 2011، جزئياً، الغضب الشعبي الذي تراكم على مدى سنوات من الزمن ضد الحكومات التي كانت غير راغبة، أو غير قادرة على التعامل مع التطلعات التي تنشد التمتع بحياة أفضل ودور أكبر في اتخاذ القرارات في البلاد.

لقد مرّت مصر بأوقات صعبة خلال السنوات الثلاث الأخيرة. فكما أوضح الرئيس أوباما والوزير كيري، فإن الولايات المتحدة تعتزم مواصلة دعمنا القديم للشعب المصري ورغبته في بناء حكومة ديمقراطية تحمي حقوق الإنسان العالمية، وتساعد في معالجة التحديات الاقتصادية الحاسمة.

لقد وضعت الحكومة الحالية خريطة طريق لاستكمال انتقال مصر إلى الديمقراطية، وهي تسير قدماً في الخطوة الأولى من هذا الانتقال من خلال دعوة المصريين للتصويت على المسودة الجديدة للدستور. ونأمل بأن تكون هذه عملية يستطيع الشعب المصري احترامها واعتبارها عملية حقيقية، ومن ثم أن يبني على أساسها. إن خريطة الطريق تلحظ إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في وقت لاحق من هذه السنة، وقد شاهدت بنفسي مدى أهمية الانتخابات بالنسبة للمصريين الذين يطالبون عن حق بكرامة السيادة الشعبية، وبأن تُسمع أصواتهم بعد سنوات من الحكم المتسلط.

إن الشعب المصري هو الذي سوف يصوغ مصيره الخاص ويختار قادته، ونحن بصفتنا أصدقاء، سنفعل كل ما بوسعنا لدعمه، كما وعد الرئيس أوباما بذلك مؤخراً. سوف يتوقف نجاح مرحلة مصر الانتقالية على ممارسات الحكومة التي ستنتخب هذه السنة. ترغب مصر بعملية مُنفتحة، وتعددية سياسية تسعى إلى دعم واسع، وتتحمّل المعارضة السلمية إذا كانت تأمل في إعادة تحريك النمو وخلق الوظائف. إن تجريم المعارضين السياسيين أو إجراء محاكمات ذات دوافع سياسية يمكن أن يُقوّض السلام والأمن اللذين ينشدهما المصريون.

في هذه الأثناء، سيُركز أصدقاء مصر في المجتمع الدولي على ما نستطيع القيام به لخلق الوظائف الجديدة. ونحن نفعل ذلك عبر عدة استراتيجيات بما فيها إجراء مناقشات مع المؤسسات المالية الدولية، ومع أصدقاء مصر في المنطقة، ومن خلال إعادة هيكلة علاقات مساعداتنا الثنائية، وعن طريق تشجيع الاستثمار والتجارة في مصر.

إقرأ أيضا لـ "آنّ باترسون"

العدد 4157 - الخميس 23 يناير 2014م الموافق 22 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:39 م

      مصالحكم اهم من مبائدكم

      المصالح التجارية تجعلكم تغمضون العين عن مبادىء يما تغنيتم بها هنا الطامة الكبرى التي تجعلكم حماة لأنظمة تنتهك حقوق الانسان وديمقراطيتهم هي الدكتاتورية المطلقة المحمية من مبادئكم التي تتغنون بها كذبا وأقول امريكا هي حامية الأنظمة الشمولية المتبقية في هذا القرن الحالي عيب الكيل بمكيالين

اقرأ ايضاً