العدد 4167 - الأحد 02 فبراير 2014م الموافق 02 ربيع الثاني 1435هـ

في ورقة عمل بمؤتمر دولي في اسطنبول: ظاهرة " البدون" أصبحت عالمية وليست إقليمية أو محلية

المنامة – وزارة الداخلية 

تحديث: 12 مايو 2017

شاركت مملكة البحرين مؤخراً في المؤتمر الذي نظمته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين وشهدته مدينة اسطنبول بالجمهورية التركية تحت مسمى "الممارسات السليمة في معالجة انعدام الجنسية".

الطبيعة الجغرافية لهذا المؤتمر كانت إقليمية انحصرت في دول إقليم مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتم التركيز فيه على مشكلة عديمي الجنسية من منظور إقليمي استهدف بحث أسباب انعدام الجنسية وتداعياتها واستعراض نطاق انعدام الجنسية في أنحاء العالم وبحث القواعد الإقليمية للاعتراف بالحق في الحصول على الجنسية وتحديد أفضل الممارسات إقليمياً وعالمياً بما في ذلك التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف بين الدول.

البحرين طرحت ورقة في هذا المؤتمر قدمها رئيس الوفد مدير إدارة الجنسية عيسى تركي، الذي التقته "مجلة الأمن" للاطلاع على محتوى الورقة التي استعرضت البحرين فيها ليس رؤيتها لمجهولي الجنسية  فقط وإنما شملت وبينت الخطوات العملية لمعالجة حالات انعدام الجنسية بمبادرة إنسانية ذاتية من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد.

وأوضح عيسى تركي مدير إدارة الجنسية لـ مجلة " الأمن" بإدارة الأعلام الأمني بوزارة الداخلية أن ورقة البحرين التي قدمها في المؤتمر تضمنت ما أنجزته المملكة من عمل رائد مشهود في المجالات الحقوقية والإنسانية في ضوء المشروع الإصلاحي لجلالة الملك الذي طرحه بُعيد تولي جلالته مقاليد الحكم.

وواصل مدير إدارة الجنسية الحديث مؤكداً على أن ظاهرة "البدون" كانت ضمن أولويات جلالة الملك المفدى عند اعتلائه سدة الحكم وكانت من باكورة إنجازات جلالته وما انطوت عليه من اهتمام أدى إلى منح الجنسية البحرينية لمستحقيها من فئة "البدون" وحصل عليها أكثر من 10 آلاف شخص في مستهل عام 2001م.

وأضاف بأنه قد تم الانتهاء من تجنيس المستحقين من هذه الفئة بحلول عام 2008 وهو ما أعلنه صاحب الجلالة الملك حمد في الكلمة السامية التي ألقاها في دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الثاني لمجلسي النواب والشورى إذ قال جلالته: "تمكنا من إنهاء الملف الإنساني الحقوقي المعروف بمشكلة البدون".

ويأتي هذا الانجاز نظراً لما تمثله الجنسية من أهمية كبرى لدى الدول وحياة الأفراد، فالجنسية تعتبر نقطة الانطلاق الحقيقية لحياة الفرد القانونية والاجتماعية والسياسية وهي تعني ولاء المواطن للدولة التي يتشرف بجنسيتها ويترتب عليه التمتع بحقوقه وأداء ما عليه من واجبات.

وتناول عيسى تركي في ورقته صدور التنظيم القانوني للجنسية البحرينية والمعاهدات الدولية ذات الصلة والمراحل التي مرت بها فئة عديمي الجنسية "البدون" وصولاً إلى معالجة المشكلة.

وفي هذا الصدد قال: إن إطلاق مصطلح "البدون" على عديمي الجنسية يعتبر تعبيراً مختصراً ودارجاً بين عموم المجتمع الخليجي للتدليل على فئة اجتماعية غير محددة الجنسية مشيراً إلى أن هذه الفئة تنقسم إلى قسمين، الأول: يضم من لا يحملون جنسية أية دولة، والقسم الثاني يشمل: من ينتمون إلى دولة أخرى ولكنهم أخفوا وثائقهم الدالة على جنسيتهم.

واستطرد قائلاً: تم تعريف انعدام الجنسية بـ "وضع قانوني لشخص لا يتمتع بجنسية أية دولة على الإطلاق".

وعرفته اتفاقية نيويورك المبرمة في 28 سبتمبر 1954م في المادة الأولى بالشخص الذي لا تعتبره أية دولة مواطناً فيها بمقتضى تشريعها، وبالتالي لا يتمتع بعضوية أية دولة ما يحول دون طلب أية حماية من أي ممثل دبلوماسي أو قنصلي ويكون عرضة للترحيل والإبعاد.

وقال مدير إدارة الجنسية إن الفقهاء أجمعوا على ضرورة التفريق بين عديمي الجنسية واللاجئين السياسيين لكون اللاجئ السياسي يتمتع بجنسية دولة معينة لكنه غادرها واستقر في دولة أخرى خوفاً على حياته بسبب جنسه أو عقيدته أو انتمائه إلى طائفة اجتماعية معينة أو بسبب أفكاره السياسية، وبالتالي يعتبر مجرداً "واقعاً" من الحماية في حين يعتبر عديم الجنسية مجرداً قانوناً من الحماية.

الورقة البحرينية قدمت شرحاً لنوعين من انعدام الجنسية، هما: الانعدام الواقعي للجنسية والذي يتحقق للأشخاص الذين غادروا دولهم التي يتمتعون بجنسيتها ولكنهم فقدوا رعايتها وحمايتها لهم أو لأن هؤلاء قد تنازلوا بأنفسهم من الاستفادة من رعاية وحماية دولتهم متنصلين من صلتهم بها لتدهور وضعها الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي على الصعيد الدولي أو بحكم تأزم العلاقة بين دولتهم الأصلية والدولة التي يقيمون فيها أو رغبة في خلق واقع قانوني وواقعي يجبر الدولة المقيمين فيها على منحهم جنسيتها.

والانعدام القانوني للجنسية كما يقول عيسى تركي هو ألا يتمتع الشخص بجنسية أية دولة منذ الميلاد أو في وقت لاحق ولم يكتسب أية جنسية، ولا يعتبر كثير من الفقهاء عديم الجنسية "البدون" أجنبيّاً لأن الأجنبي يحمل جنسية دولة معينة وله مركز قانوني محدد ومنظم وله حقوق وعليه واجبات.

وبينت الورقة البحرينية أن المادة (106) من المرسوم بقانون رقم (155) لسنة 1976 بشأن قانون العقوبات البحريني نصت على انه يقصد بالمواطن في حكم هذا القانون من يتمتع بالجنسية البحرينية ويعتبر في حكم المواطن من لا جنسية له إذا كان مقيماً في إقليم دولة البحرين منذ ولادته.

وهذا أيضاً ما قرره القضاء الإداري في مصر في الحكم الصادر في 18 يناير 1995 والحكم الصادر من القضاء الكويتي في القضية رقم 4910/1987 (جنح) وخلصت فيه إلى أن المتهم بدون جنسية وهذه الفئة تقيم بالكويت ولا يعتبر في المفهوم السائد بأنه غير كويتي أو أجنبي ولم يرد في قانون الجنسية البحرينية لعام 1963 مصطلح "البدون" وإنما ورد مصطلح "لا جنسية له" وفقاً للمادة 4/ج قبل استبدالها بالمرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1989 بتعديل قانون الجنسية البحرينية لعام 1963، إلا أن المادة (3) من القانون رقم (11) لسنة 1975 بشأن جواز السفر أوردت مصطلح "لا جنسية لهم أو من غير ذوي الجنسية الثابتة".

وتناولت الورقة البحرينية كيفية ظهور فئة البدون لتشير أولاً إلى إحصائيات شئون اللاجئين بالأمم المتحدة التي رصدت تزايد عدد الدول التي شهدت ظاهرة عديمي الجنسية من 30 دولة عام 2004 إلى الضعف أي 60 دولة خلال 5 سنوات أي عام 2009.

 وهذا يؤكد على أن ظاهرة "البدون" هي ظاهرة دولية ليست مقتصرة على دولة البحرين أو دول مجلس التعاون الخليجي العربي، وإن كانت هناك دول لم تصل فيها المشكلة إلى مستوى الظاهرة.

وواصل عيسى تركي الحديث عن الورقة البحرينية التي ألقاها في المؤتمر الأممي باسطنبول بأنها –أي الورقة- مهدت إلى واقع ظاهرة عديمي الجنسية الذي عولج وضعهم بتوجيهات من جلالة الملك في وقت مبكر بعد توليه مقاليد الحكم.. مهدت إلى التعريف بموقع البحرين الجغرافي كجزيرة وكموطن لحضارات متعاقبة تميزت بالانفتاح وحسن الترحاب الشيء الذي جعل منها مطمعاً لهجرات العديد من الفئات لاسيما من الساحل الشرقي للخليج العربي وازدادت في عهد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة رحمه الله حينما شهدت البلاد استقراراً سياسياً وأمنياً وازدهاراً اقتصادياً وفكرياً.

وتصاعدت وتيرة هذه الهجرات بعد ذلك خاصة عن طريق التسلل غير المشروع وساعد في ذلك تواضع الإمكانيات والأجهزة الأمنية فيما يختص بآلية مراقبة ورصد عمليات التسلل.. وهو تسلل مدعوم من البلد الأم للمتسللين لأسباب عديدة أولها سياسية في باطنها بعد اكتشاف النفط وإن كان ظاهرها السعي وراء الكسب المعيشي والتجارة.

وقال إن استمرار استقرار هذه الفئة في البحرين أدى إلى التزاوج والإنجاب وعدم اعتراف أفرادها بالوثائق الرسمية البحرينية في ظل قانون الجنسية الصادر عام 1937م وتباطؤهم في طلبها في القانون الصادر عام 1963م لأسباب سياسية واقتصادية تربطهم بمصالح مع دولتهم الأم التي كانت تجردهم من ممتلكاتهم وتعاقبهم وتضيق عليهم عند اكتسابهم للجنسية أو الوثائق البحرينية.

وفسر بعض المحللين هذه التصرفات بأن دولتهم كانت تراهن على هذه الفئة لتحقيق مكاسب سياسية تتمثل في ضم البحرين إليها لاحقاً بزعم أن أغلبية السكان ينتمون إليها.. أو لأنهم سيصوتون للانضمام لدولتهم عند إجراء أي استفتاء على وضع البحرين.

وتابع مدير إدارة الجنسية سرد مضمون الورقة البحرينية فقال: وفقاً للثابت من الوثائق الرسمية أن الحكومة أفسحت المجال للنظر في طلبات الجنسية التي يتقدم بها الأجانب المقيمون لكن تقدم 16 شخصاً فقط ما دلّ على عزوف هذه الفئة عن حمل الجنسية البحرينية فضلاً عن تمتع هذه الفئة بالامتيازات التي يتمتع بها المواطن البحريني كممارسة التجارة والعمل والخدمات الأساسية كالتعليم والصحة وحرية التنقل سواء دخلت هذه الفئة بطريق مشروع أو غير مشروع لوجود ثغرات قانونية وإدارية فقانون الأجانب لم يصدر إلا في عام 1965 بالإضافة إلى حاجة البحرين للأيدي العاملة ولموردي المواد الغذائية والتموينية التي كان بعضها مصدره الدولة الأم لفئة عديمي الجنسية وهو من العوامل التي ساعدت على وجود هذه الفئة.

واسترسل عيسى تركي قائلاً: لقد تغير الوضع من عزوف عن التقدم بطلب الجنسية البحرينية إلى التكالب في طلبها بعد استقلال البحرين وسقوط رهان إيران لضم البحرين حيث تنكرت هذه الفئة خاصة الجيلين الثاني والثالث لأصولها وقامت بإخفاء وثائقها الدالة على جنسيتها الأصلية للادعاء بأنها بحرينية لا تحمل أية جنسية أخرى وظلت تطالب بمنحها الجنسية البحرينية بالتجنس أو عن طريق القضاء إلى أن صدرت الإرادة الملكية عام 2001 بمنح الجنسية البحرينية لمستحقيها من فئة عديمي الجنسية "البدون" فعولجت مشكلتهم بدوافع إنسانية واجتماعية أدت إلى استقرار بعض الأسر البحرينية التي كان عائلها من فئة "البدون".

 

قرارات مؤتمر اسطنبول حول الممارسات السليمة في معالجة انعدام الجنسية

أشار المشاركون إلى أهمية دراسة قضية انعدام الجنسية من منظور إقليمي، مع التركيز على الحلول العلمية فأعربت المفوضية عن تقديرها للمشاركة القوية، والعروض والتدخلات المقدمة من قبل الوفود التي حضرت المؤتمر.

اتفق الحضور على النقاط التالية كاستنتاجات للمؤتمر وخطوات محتملة مقبلة:

1. تعبير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن الشكر للدور الإيجابي والإنساني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتقديمها الدعم والمساعدة للاجئين في شتى أنحاء العالم، ولاسيما اللاجئين السوريين في أزمتهم الإنسانية الراهنة.

2. التأكيد بأن مشكلة عديمي الجنسية هي مشكلة عالمية ولها تأثير سلبي ومباشر على حياتهم وتؤثر على قدرتهم بالتمتع بحقوقهم الأساسية ومصالح المجتمعات التي يعيشون بها، والتأكيد على ضرورة العمل الجماعي في سبيل إيجاد الحلول المناسبة لها.

3. الإشادة بالدور الايجابي الذي تقوم به دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في محاولتها الجادة في إيجاد حلول لمشكلة عديمي الجنسية من خلال طرق عديدة من بينها خلق الآليات المناسبة لتحديد الاحتياجات الأساسية، وباتخاذ الإجراءات اللازمة في سبيل منع حدوث وتقليص عدد عديمي الجنسية فيها.

4. التأكيد على أهمية التفرقة ما بين المهاجرين غير الشرعيين الذين يحملون جنسيات بلادهم واللاجئين وعديمي الجنسية، مع الأخذ بالاعتبار أن محاولة إيجاد حل لمشكلة عديمي الجنسية هو سبيل لحل مشاكل أخرى في المنطقة ومن بينها مشكلة الاتجار بالبشر.

5. الإشادة بالدور الهام الذي تقوم به الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في المساهمة في مجال حقوق الإنسان، وتأتي مشاركتها في هذا المؤتمر من خلال مكتب حقوق الإنسان لتعكس ذلك الدور الفاعل.

6. التأكيد على التزام مكتب المفوضية السامية لشئون اللاجئين لدعم جميع الأطراف المعنية على الصعيد الإقليمي والمحلي، وذلك من خلال تقديم الخبرات والتقنيات المناسبة لمعرفة نطاق المشكلة وكيفية إيجاد الآليات والحلول المناسبة في ظل الممارسات الجيدة لها وفي إطار القيم والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وذلك عن طريق تقديم الاستشارات والمشاركة في المناقشات بين الأطراف المعنية، وكذلك تسهيل الاتصال والتواصل بين الدول المعنية والقيام بالزيارات الميدانية لها حال طلب أي من الدول لذلك.

7. تعزيز عمل مؤسسات المجتمع المدني للمساهمة في معالجة قضايا انعدام الجنسية.

 

  

 

 

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً