العدد 4174 - الأحد 09 فبراير 2014م الموافق 09 ربيع الثاني 1435هـ

اختلاس زوج الأميرة كريستينا

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

انشغلت الصحافة الأوروبية ووكالات الأنباء العالمية خلال اليومين الماضيين، بمسألة مثول الأميرة كريستينا الابنة الصغرى لملك إسبانيا خوان كارلوس أمام القضاء، في سابقة هي الأولى من نوعها، منذ تحوّل إسبانيا في 1975، من دكتاتورية فرانكو إلى النظام الملكي الدستوري.

كريستينا تواجه اتهامات بالتهرب الضريبي وغسل الأموال، باستخدامها لأموالٍ من شركة تشترك في ملكيتها مع زوجها المتهم في جرائم عدة، من بينها اختلاس ستة ملايين يورو (فقط) من المال العام! وقد استجوبت الأميرة في جلسة مغلقة، وكانت بعض القنوات الأوروبية تتابع القضية أولاً بأول، ولفتني أن إحداها كانت تنقل مباشرةً أن الأميرة مازالت تخضع للاستجواب.

القضية تتعلق بالفساد، والفساد يثير حساسية الأوروبيين، لأنهم يشعرون بأنه إهانةٌ لكرامتهم، وسرقةٌ لأموالهم، لأن المال هو مال الشعب وليس الحكام. ولهذا لن تجد بينهم من يدافع عن الفاسدين وسارقي المال العام أو مستغلي مناصبهم الرسمية. هناك ثقافة حقوق وواجبات لا مكرمات وأعطيات: ندفع الضرائب كاملةً، وتعطونا حقوقنا كاملةً غير منقوصة.

يرى بعض الفلاسفة أن الشر والفساد نزعةٌ أصيلةٌ لدى البشر، ويؤكد رأيهم أنه حتى الأنظمة الديمقراطية لا تخلو من قضايا الفساد، فالأميرة الإسبانية التي فجّرت قضيتها غضباً عاماً من فساد النخبة الحاكمة، حيث يستدعى أحد أفراد العائلة المالكة لتحقيق جنائي. وهي متهمة بالتغطية على زوجها الذي استغل قربه من البلاط، للحصول على عقود سخية دون منافس من حكومة جزر البليار لتنظيم أحداث رياضية في 2008. كما اتهم بفرض رسومٍ مبالَغٍ فيها، وتحميل الحكومة رسوماً على خدمات لم تقدمها.

حتى حين سمحت المحكمة للأميرة بركوب سيارة إلى باب المحكمة مبرّرة ذلك بدواعٍ أمنية، أثار ذلك غضباً كبيراً لدى الجمهور، لوجود تمييز لدى القضاء في المعاملة، ولأن هذا الاجراء سمح لها بالإفلات من تصوير مئات الكاميرات التلفزيونية، حيث احتشد أكثر من 400 مراسل وصحافي لنشر تفاصيل الحدث. فالديمقراطية الحقيقية تفرض تطبيق الشفافية والمساواة أمام القانون على الجميع، دون تمييز أو فذلكات.

في التقارير التي بثتها «رويترز» و«أ ف ب»، إن قرار التحقيق مع كريستينا، الذي وقّعه القاضي بعد شهور من العمل الشاق، جاء في 227 صفحة، وكان له وقع القنبلة على العائلة الحاكمة التي شعرت بأنها لم تعد محصّنة، وتأمل بأن تنتهي بسرعةٍ مما وصفه رئيس الديوان بأنه «عذاب». ومع أن التحقيق بدأ في العام 2010، إلا أن الصدمة الأكبر جاءت في 2012، بعد الكشف عن رحلةٍ مكلفةٍ قام بها الزوج إلى بوتسوانا لصيد الفيلة، في وقتٍ تواجه البلاد أزمة اقتصادية عميقة.

المبلغ الذي اختلسه زوج الأميرة من الأموال العامة تم تقديره من خلال حسابات الشركة، حيث سجل مبلغ 436 ألف يورو لتجديد الفيلا، و262 ألفاً كنفقات خاصة، مع بعض الكسور، حين جمعتهما لم يصل المبلغ الإجمالي 700 ألف يورو! وحين كان القاضي يسرد هذه الوقائع والفواتير المفبركة كان يُلحقها ببعض التعليقات الساخرة! فمن أكثر ما يثير سخرية الشعوب اختلاس المال العام.

وبهذه الطريقة يحافظ الأسبان على ديمقراطيتهم، وعلى أموالهم، وعلى كرامتهم، وعلى احترامهم بين الشعوب، فلا يخرج نقابيٌ طرطورٌ مزوّرٌ محتال، من السجن خلال 24 ساعة، بعد إدانته أمام القضاء. فالأسبان يريدونها ديمقراطيةً حقيقيةً دون تزوير ولا تمييز ولا مكياج!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4174 - الأحد 09 فبراير 2014م الموافق 09 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 5:09 م

      احسنت

      احسنت بارك الله فيك

    • زائر 14 | 12:24 م

      اتهامات كيدية

      انها اتهامات كيدية ترويجها المعارضة العميلة للصفويين ويبدو من حرض لمحاكمة هذه الأميرة يريد ان ترجع اسبانيا لديكتاتورية فرانكو فهذه الارض ومن عليها هي ملك للعائلة المالكة وعاشت اسبانيا وليخسأ المحرضين الصوفيين

    • زائر 13 | 6:21 ص

      ويسوون له ليوة احتفاءً به

      يخرج نقابيٌ طرطورٌ مزوّرٌ محتال، من السجن خلال 24 ساعة، بعد إدانته أمام القضاء ويروح الدوام ثاني يوم الصبح ويسوون له ليوة بعد. هههههههه

    • زائر 12 | 3:19 ص

      التعويض

      من يسرق أموال العامة ف البلد يكافئ بمناصب أفضل من سابقتها ...من أمن العقوبة أساء الادب.

    • زائر 10 | 2:41 ص

      الظلم

      من شيم النفوس =فان تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم ....... هذا لمن يؤمن ان الظلم والتعدي نزعة اصلية وهناك من يرى ان الظلم والفساد طاريء فالنفس صافية وصفحة بيضاء والاصل فيها الصلاح وبسبب عوامل تسلك طريق الفساد والافساد

    • زائر 7 | 1:13 ص

      فعلاً

      فمن أكثر ما يثير سخرية الشعوب اختلاس المال العام. ترى يحسبونها بالدينار

    • زائر 6 | 1:12 ص

      يا علي سلمان

      واحنه ما عندنا تزوير ولا تمييز ولا اختلاس يا .... كمل العبارة !!!!

    • زائر 5 | 12:59 ص

      صمت مخجل من قبل من يعنيهم الأمر

      وبهذه الطريقة يحافظ الأسبان على ديمقراطيتهم، وعلى أموالهم، وعلى كرامتهم، وعلى احترامهم بين الشعوب، فلا يخرج نقابيٌ طرطورٌ مزوّرٌ محتال، من السجن خلال 24 ساعة، بعد إدانته أمام القضاء

    • زائر 4 | 12:33 ص

      سياتي يوم عندنا

      يتساوى فيه الجميع و يقف المختلس كان من كان امام القضاء ليلقى عقابه العادل. وان غدا لناظره قريب

    • زائر 3 | 12:33 ص

      رجعتهم يا سيد

      في الصميم ياسيد مسمار فى لوح

    • زائر 2 | 10:59 م

      أحسنتم

      دائما ننتظر الجديد من مقالكم..

    • زائر 1 | 9:59 م

      تعتبرهم كفرة من وجهة نظر البعض وهم يطبقون تعاليم الاسلام

      عندنا خير مضاعف ونحن بلد المسلمين فما يتم هو معاقبة الضيف وافلات الكبير من العقاب اسبانيا تطبق تعليم الاسلام ونحن نوفر المبرر القانوني للسرقات ولكم بقضية ألبا الكو التي شهدت فصولها لندن عندما قدمت حكومتنا مستند براءة المتهمين بانه تم ذلك بعلم الحكومة وهي تقديم الرشوة للوزير المشرف على ألبا هنا اسبانيا وهنا العالم الاسلامي يجعلك تكفر

اقرأ ايضاً