العدد 4185 - الخميس 20 فبراير 2014م الموافق 20 ربيع الثاني 1435هـ

من سوتشي إلى شباب الربيع العربي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

خلال الانتظار لإنجاز معاملةٍ في إدارة المرور مساء الأربعاء قبل الماضي (12 فبراير)، كان التلفزيون يبث مشاهد مسجّلة من حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي الروسية، التي افتتحت قبل ذلك بخمسة أيام.

الحفل بدا فخماً، واستمر ساعتين ونصف الساعة، وحضره 40 ألف مشاهد، من بينهم 40 من قادة العالم، وتابعه ثلاثة مليارات مشاهد، أي نصف سكان العالم، عبر شاشات التلفزيون. وقد اهتم الروس بإبرازه في أحسن صورة، وألقى الرئيس فلاديمير بوتين كلمة الافتتاح، فالمسابقات الرياضية من المجالات التي تتنافس فيها الدول لتضيف أرصدةً جديدةً إلى سمعتها الدولية. وقد اختار الروس أن يقدّموا تاريخهم من خلال فتاةٍ اسمها «لوبوف» («الحب» بالروسية)، وشاركها في العرض الراقص تسعة آلاف شخص.

حجم البعثات الرياضية تتراوح من دولة إلى أخرى، فجاءت أكبر الوفود من الولايات المتحدة وبريطانيا والصين، فضلاً عن الدولة المضيقة (روسيا). ويلاحظ أنها من أكثر الدول فعاليةً في السياسة الدولية. كما لاحظت أن أكثر الوفود حركية واغتباطاً (وربشةً بالعامية) الأميركي والبريطاني.

وكانت هناك وفود دول صغيرة لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة أو اليدين، مثل مالطا ولاتفيا وأندورا وليختنشتاين. وبعض هذه الدول حديث الاستقلال، بعد عمليات انفصال وتفكّك دول أو حروب أهلية في العقدين الماضيين كمقدونيا وتشيكيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك. ولعل أكثرها لفتاً للنظر وفد «برمودا»، المثلث الشهير، الذي جاء مرتدياً سروالاً قصيراً.

متابعة العرض تجدّد معلوماتك الرياضية وتنشّط ذاكرتك السياسية، خصوصاً تلك الدول التي كانت تبرز في نشرات الأخبار. وبعض هذه الدول تذكّرك بماضيها الاستعماري وما صنعته في الشرق، وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا، وبعضها يذكّرك بما عانته الشعوب الأخرى من وطأة المستعمر الأسباني والبرتغالي في الطرف الآخر من الأرض: أميركا اللاتينية.

كان المشهد يولّد في النفس الكثير من المقارنات والأفكار المتضاربة. أغلب هذه الشعوب، التي كانت مستَعْمِرَةً أو مُستَعْمَرَةً، تعيش اليوم في أمن ورفاهية، في ظلّ أنظمة ديمقراطية، وسيادة قانون، فلذلك يتفرغ جزءٌ من أبنائها للأنشطة الرياضية، ويبدعون في مجالات الترفيه. هؤلاء نتاج أنظمة رعاية اجتماعية متقدمة، تظهر على صحتهم، وملامح وجوههم، فلا يعانون من مظاهر ظلم وفقر وجوع، ولا تثقل كواهلهم مهمات مقاومة التمييز أو الاضطهاد السياسي.

كانت مفارقةً كبرى، مقابل هذه الوفود الشبابية المبتهجة، التي جاءت من 88 بلداً من الشرق والغرب، هناك ألوفٌ من شباب الربيع العربي يصارع من أجل الحرية، وأمامه دربٌ شاقٌ طويل، ويُستكثر عليه أن يعيش بكرامةٍ كبقية شعوب الأرض.

هذه الجموع الشبابية المبتهجة، يعيش أغلبها في ظل أنظمةٍ لا تحاسبه على أفكاره، ولا تسجنه على مواقفه السياسية، ولا تعتبر أحلامه وتطلعاته إلى غدٍ أفضل جريمةً يُعاقب عليها القانون، فتزجّ به في المعتقلات، ويتعرّض لأشد أنواع التعذيب على أيدي جلاوزةٍ وجلادين لا تعرف قلوبهم الرحمة.

إنها المفارقة العربية الكبرى...

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4185 - الخميس 20 فبراير 2014م الموافق 20 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 10:31 ص

      إذا كان هذا قانونهم

      غفر الله ذنبك أستاذي العزيز
      فمن يستخدم القوة والمدخرات لإخماد ومحاربة شعب كامل لن يستطيع إعلاء شأنه
      فكان غير المسلمين أجدر برفع مقامات ومواهب شعوبهم ورعيتهم
      يكفي حرب، مقاطعة وسرقة الشعب بأسم القانون

    • زائر 12 | 10:23 ص

      السواد بستان لقريش

      هذا في زمن مضى اما الان فكل امير وملك البلاد والعباد له ومن قال شيئا اسجنوه او اقتلوه او جوعوه

    • زائر 11 | 6:27 ص

      هكذا هم العرب

      صدقني لو إتبع المسلمون ما أراده لنا النبي الأعظم في بادئ الأمر وما خالفوا إرادة الله عز وجل , ولكنهم مستمرون إلى يومنا هذا يعتقدون أن خلافة المسلمين التحكم والهيمنة واللعب بمقدرات الشعوب وقتل الناس بغير حق ويبقى حالنا هكذا حتى يفرج الله

    • زائر 10 | 5:26 ص

      صدقت يا سيد قاسم

      وجوه يومئذ ناضرة ..... ننتظر ذاك اليوم اما يومنا الحاضر وجوهنا عابسة كالحة وينطبق علينا وهن العظم منا واشتعل الرأس شيبا بسبب انه لا كرامة لنا ولا احترام لانسانيتنا والتمييز والاقصاء والتهميش لنا تعبنا شعب البحرين مرهق جدا ومن هو سبب ذلك ؟ ................الله ينتقم منهم في الدنيا و.........

    • زائر 9 | 3:31 ص

      يعاملوننا كقطعان وليس بشر

      خلهم يعاملون الشعوب العربية كبشر وليس كقطعان بعدها سترى الناس مبتهجين وسعداء.

    • زائر 7 | 1:36 ص

      نتيجة ونتيجة

      الديمقراطية تنتج مبدعين في المجتمعات التي تتمتع بها، والدكتاتورية تنتج مقاومين يلاحقون زنقة زنقة - ولا مجال فيها للهروب - كما يقول احدهم ، وتنتج في الجهة الاخرى مطبلين ينقعون كما تنعق الغربان ويرددون ببلاهة وغباء ما يتم تلقينهم إياه تحت يافطة (حب الوطن)!

    • زائر 6 | 1:09 ص

      سيد هذا اقوي مقال

      والله قراءت كل كلمه في هذا المقال المعبر الصادق مشكله العرب ان لازالت تعيش بعقليه القرون السالفه فوين الله يوفقنا

    • زائر 8 زائر 6 | 2:22 ص

      اكبر دليل ...

      لا زال يطارد بالطائفية لأنه صرح عن رأيه هو وزملائه في ميدان اللؤلؤة فكان مصيرهم السجن والتعذيب والتضييق عليهم في الرزق وآخرها ..

    • زائر 5 | 1:02 ص

      شكرا سيد

      اعتقد انك سرحت بعيد نحن هما قتل الاخر تخوين الاخر تفخيخ تفجير قطع الرؤوس اكل الاكباد الركض وراء حور العين لن نتزرزح من اماكننا

    • زائر 3 | 12:38 ص

      ع ع

      والأغرب من ذلك إن غالبية أعضاء مايسمـى مجلس " النواب " يطلقون كلمة شهيد على ... ، وتقوم القيامة عندهم عندما يموت بدون ماأحد يعرف السبب ، ولكن عندما يقتل أحد المواطنيين يشمتوا ويسكتون .

    • زائر 2 | 12:28 ص

      ذهبت للغرب فوجدت إسلاما ولم أجد مسلمين

      للأسف الحكومات العربية والتي هي إمتداد للحكومات الإسلامية من زمن الرسول الأعظم مرورا بحكومات الخلفاء الراشدين وبني أمية وبني العباس وحتى يومنا هذا لا تعرف من الحكم الا الديمومة على الكراسي والإستيلاء على مقدرات الأمة ولا يهمها من جاع ومن عرى وللأسف الأمة هي من مكنت أمثال هؤلاء الحكام على الجور والتعسف بمسميات باطلة ماأنزل الله بها من سلطان مثل أطع ولي الأمر برا كان أم فاجرا في حين الأمم الأخرى إحترمت عقلها وحقها في تقرير مصيرها بتشكيلها لأنظمتها الحاكمةالصالحة

    • زائر 1 | 11:55 م

      هناك الاسلام الحقيقي وهنا الاسلام المتخلف برغبة عبادة الشخص

      انظر لعظمة الاسلام وطني دولة واحدة اسلامية او عربية بالذات او خليجية خاصة تعطيك لآلة واحدة احترامها لحقوق الانسان المصانة في إسلامنا العظيم

اقرأ ايضاً