العدد 4213 - الخميس 20 مارس 2014م الموافق 19 جمادى الأولى 1435هـ

المياه المعدنية... مواصفات إقليمية ومرجعية

محمد حسين أمان

طبيب ومدرس إكلينكي، باحث في طب الطوارئ

هل تساءل أحدنا يوما ما عن محتوى ما نتناوله باستمرار من مياه معدنية معلبة؟ هل نعي فائدة ومخاطر ما يضاف لتلك المياه في كافة عمليات تصنيعها وتعبئتها؟ تلك فقط بعض الأسئلة والهواجس عندما نتطرق للحديث عن نوعية وصحة المياه المعدنية التي نتوسم فيها الصحة والفائدة الكبيرة. لقد أخذت دوائر ومؤسسات الصحة العامة كافة محليا واقليميا وعالميا، على عاتقها مسئولية وضع التشريعات الصحية المنظمة وسن القياسات الضامنة، قدر الامكان، لسلامة تلك المياه على الصحة العامة على المدى القريب والبعيد، ولكن هنا قبل أن نسترسل في الحديث أكثر عما يجب وما لا يجب دعنا بداية نستبصر ما أعد للانسان من صناعة مائية لا نستطيع الا الوقوف عندها عرفانا وحمدا وشكرا للخالق على بديع صنعه وكماله. لقد أوجد الله سبحانه وتعالى هذا الكون الكبير وجعل له من المقومات المستدامة ما يكفل بقاء الانسان سليما معافى وجعل من الماء كل شيء حي، وفى اطلالة فاحصة متأنية نبحث في اختصار شديد النظام المائي الالهي الذي هو في حد ذاته اية جليلة ونعمة سابغة من كريم فضل الخالق، حيث يحصل الانسان على ما يحتاجه من ماء من مصدرين أساسيين هما المياه السطحية المتمثلة في البحار والمحيطات والأنهار والشلالات، والمياه الجوفية في باطن الأرض، علما أن معظم ما نستهلكه هو من المياه السطحية التي تمثل في اجمالها ما لا يزيد عن 3 في المئة فقط مما يتواجد من ماء على سطح كوكب الأرض، بينما يحتضن باطن الأرض 97 في المئة من المياه وهى تلك المياه التي نقلتها السحب والأمطار من المحيطات والبحار وأسقطتها على وجه اليابسة والصحارى ومنها ذهبت مخترقة طبقات الارض متخللة الفراغات والمسامات الصخرية لتستقر في خزانات جوفية تحت سطح الأرض وبقت في رحلتها هذه المئات من السنين لينتهي بها المطاف اما في خزانات أرضية حرة على امتداد الطبقات السفلى للأرض، أو تم حصرها بين طبقات صخرية غير نافذة مكونة تجمعات مائية أو عيونا قد تجد طريقها ثانية الى سطح الأرض منتجة أبارا ارتوازية. ان رحلة المياه هذه من سطح الأرض الى جوفها هي الصنعة الالهية في تهيئة شريان الحياة بالطريقة المثلى وتضمين الماء ما يحتاجه الانسان كافة من مقومات كما ونوعا دون أدنى زيادة أو نقصان. لقد ذهبت آلة الانسان في عملية تصنيع واعداد الماء للاستهلاك أبعادا كثيرة، بدءا من استخلاص الماء من مصادره وتحليته مرورا بعمليات التعقيم والتخزين والتعليب وغيرها من عمليات التصنيع وما بعد التصنيع انتهاء الى وصوله الى المستهلك، وما سنتطرق اليه هنا ما يحتويه الماء الناتج عن ذلك أو ما نسميه المياه المعدنية، من مكونات عديدة نذكر منها مادة البرومات. مادة البرومات أو أيون البرومات الذي هو مكون لعدد من الأملاح أبرزها برومات البوتاسيوم وبرومات الصوديوم هذه لا تتواجد في حالتها المجردة فيما يتم تعليبه من مياه معدنية، ولكن تتكون من عمليات تطهير المياه بالأوزون أو الكلورة، ويجب أن نشير هنا الى حقيقة البرومات الموجودة في المياه وتحولها الى أيونات يؤدي الى تأكسد أيونات البروميد المليغرام لكل ليتر كما يتواجد 85 و65 بصورة طبيعية في مياه البحر. ان مادة «برومات البوتاسيوم»، وهي مادة محسنة تستخدم في أغراض أخرى مثل تصنيع الخبز والأجبان، بالاضافة الى عمليات تعقيم المياه ويكفي أن نعرف أن برومات البوتاسيوم مادة كيميائية مؤكسدة وقوية جدا اكتشف العلماء أنها مادة مسرطنة حيث تسببت في سرطان الغدة الدرقية والخصيتين عند اعطائها لحيوانات التجارب، وأظهرت تجارب أخرى أنها تسببت في سرطان الامعاء والمثانة وورم الوطاء، بالانجليزية «هايبوثلامس»، بل وتعتبر مادة سامة للأعصاب والكلى مثل تسببها بالتلف العصبي في الأذن، وتشمل الاثار السمية للبرومات أعراض منها الغثيان والقيء وآلام البطن واحتباس البول والاسهال وكذلك فقر الدم الناتج عن تكسر كريات الدم الحمراء وانخفاض ضغط الدم والتورم الرئوي، كما أن استخدام أملاح برومات الصوديوم يشابه تأثيرها ومضاعفاتها اذ تكمن الخطورة الصحية في مادة البرومات نفسها.

في سبيل ذلك ذهبت المقاييس والمواصفات الصحية كافة، بما فيها المواصفات الخليجية المرقمة 1025/2009، الى تحديد النسبة المسموح بها في المياه المعدنية، ومنها ما وضعته منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة من حد أقصى مؤقت للبرومات في مياه الشرب يبلغ 10 ميكروغرام لكل لتر، وهو رقم يخضع للمراجعة في ضوء التطورات التحليلية والتقنية في معالجة المياه اضافة الى دراسات المخاطر الصحية المقترنة بالتعرض للبرومات في مياه الشرب، علما أن هناك منظمات دولية مثل وكالة حماية البيئة الأميركية التي وضعت هدفا أبعد من ذلك وهو خلو مياه الشرب من مادة البرومات تماما. استخلاص رسالتنا هنا هي بعد كل ذلك، هل الى ماء خال من البرومات من سبيل؟

إقرأ أيضا لـ "محمد حسين أمان"

العدد 4213 - الخميس 20 مارس 2014م الموافق 19 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:34 م

      معرفة نوعية المياه بداية

      لتصحيح المعلومة للكاتب ان المياة المصنعة و المعبأة في البحرين ليست مياةمعدنية و انما مياة شرب معباة ..حيث توجد فروق كبيرة بين النوعين. المياة المعدنية لا يجرى له اي تغيير في طبيعتها اثناء استخراجها من النبع و تعبأ و في المقابل يتم مراعاة تعديل مكونات مياة الشرب المعباة لتتطابق و المواصفة الخاصة بها المعمول بها عالميا او اقليميا المرتبطة بدول الخليج موحدة..

    • زائر 1 | 2:02 ص

      ....

      شكراً دكتور ولنا سؤال هنا : هل المياه المصفاة بالجهاز كما هو منتشر قي البيوت حالياً خالية من البرومات؟

اقرأ ايضاً