العدد 4214 - الجمعة 21 مارس 2014م الموافق 20 جمادى الأولى 1435هـ

الأمم المتحدة: الطلب على المياه سيتزايد... وبحرينيون: «مجلس المياه» مُغيَّب منذ 5 سنوات

وليد زباري
وليد زباري

الوسط - منصور الجمري، مالك عبدالله 

21 مارس 2014

حذر تقرير صادر عن الأمم المتحدة، من أن «الموارد المائية ستتعرض لضغوط متزايدة بفعل ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة»، وأُطلق التقرير أمس (الجمعة) في اليابان، بمناسبة اليوم العالمي للمياه الذي يصادف اليوم (22 مارس/ آذار 2014)، وهذه النسخة الجديدة من التقرير بعنوان «المياه والطاقة»، تسلط الضوء على غياب التعاون والتخطيط بين هذين القطاعين، وتدعو إلى إدارتهما إدارة أفضل بهدف تفادي النقص المتوقّع في المياه والكهرباء.

إلى ذلك، أكد مشاركون في منتدى «الوسط» بمناسبة اليوم العالمي للمياه، أن «إعادة الحياة للعيون الطبيعية أمر ممكن ولابد من العمل عليه».

وبيّنوا أن «العام 2009 شهد إصدار مرسوم إنشاء هذا المجلس لوضع السياسات المائية المتكاملة والتنسيق بين هذه الجهات، ولكن لم يتم التحرك في هذا المجال منذ ذلك اليوم، رغم مرور 5 سنوات، وغياب المجلس يعني غياباً يفتقد التخطيط الاستراتيجي المتكامل»، ولفتوا إلى أن «الدول تنادي الآن بأن يكون هناك هدف خاص للمياه وآخر للطاقة من بين الأهداف الإنمائية لما بعد 2015».


زباري والمرباطي في منتدى «الوسط» بمناسبة اليوم العالمي للمياه 2014:

إعـادة الحيـاة للعـيون الطبيعيـة أمـرٌ ممكـنٌ... و«مجلس الموارد المائية» مغيَّب منذ 5 سنوات

الوسط - منصور الجمري، مالك عبدالله

أكد المنتدون في منتدى «الوسط» بمناسبة اليوم العالمي للمياه 2014 أن «إعادة الحياة للعيون الطبيعية أمرٌ ممكنٌ ولابد من العمل عليه»، وأشار المنتدون إلى أنه بالإمكان «إعادة التدفق للعيون الطبيعية في حال إرجاع المياه الجوفية إلى مستوياتها العالية السابقة، وهذا نوعا ما مستبعد بسبب صعوبة ذلك، وفي حالة عدم استطاعتنا القيام بذلك يمكن إعادة تدفق العيون وإحيائها صناعياً، وهي بالإضافة إلى ما تشكله من أهمية للحياة الطبيعية فهي تعتبر فرصا ضائعة للسياحة».

وبيّن المنتدون أن «العام 2009 شهد إصدار مرسوم إنشاء المجلس الأعلى للموارد المائية، لوضع السياسات المائية المتكاملة، ولكن لم يتم التحرك في هذا المجال منذ ذلك اليوم، رغم مرور 5 سنوات»، ولفتوا إلى أن «الدول تنادي الآن بأن يكون هناك هدف خاص للمياه وآخر للطاقة من بين الأهداف الإنمائية لما بعد 2015».

وفيما يلي نص المنتدى الذي أجرته «الوسط» بمناسبة اليوم العالمي للمياه 2014 وحضره أستاذ الموارد المائية في جامعة الخليج العربي وليد خليل زباري، ومسئول البرامج التنموية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الـ(UNDP) جيهان المرباطي:

البحرين تسمية انطلقت من وجود بحرين وهما بحر عذب وآخر مالح، وكانت فترة الثمانينيات من القرن الماضي هي الفترة الأخيرة لوجود العيون التي تحوي المياه الحلوة، أين كل ذلك الآن؟

- زباري: بقيت بعض العيون ولكن فيها القليل جداً من الماء حتى العام 1998، ولكن جفت الكثير منها، وبعضها تم دفنه بسبب التوسع العمراني، وهناك بالإضافة إليها العيون الصغيرة وهي كثيرة والعديد منها دفن، ولقد طالبت العديد من الدراسات التي أجريت بشأن العيون الطبيعية بالمحافظة على مواقعها فقد نستطيع جعلها مواقع تاريخية والاستفادة منها في الاستثمار السياحي.

والعيون الطبيعية هي عبارة عن مناطق تصريف للمياه الجوفية، ومع استنزاف المياه الجوفية ينخفض المستوى المائي فيها وينخفض معه تدفق العيون الطبيعية، وقد نستطيع إعادة تدفق العيون الطبيعية في حال إرجاع المياه الجوفية إلى مستوياتها العالية السابقة، وهذا نوعا ما مستبعد بسبب صعوبة ذلك، وفي حالة عدم استطاعتنا القيام بذلك يمكن إعادة تدفق العيون وإحيائها صناعياً، وهي بالإضافة إلى ما تشكله من أهمية للحياة الطبيعية فهي تعتبر فرصا ضائعة للسياحة.

15 عيناً مشهورة في البحرين

هذه العيون كمورد حيوي للحياة انتهت، رغم عددها الكبير، صحيح؟

- زباري: كان لدينا 15 عينا قارية كبيرة مشهورة في البحرين، ولدينا إحصاءات بها، منها عين عذاري وبوزيدان ومهزة والرحى وعين قصاري والسفاحية، وأسماء بعضها يدل على عظم تدفقها، فمثلا عين أمهزة سميت بهذا الاسم بسبب أنها تهز الأرض من قوة تدفق المياه منها، وعين السفاحية كانت مياهها تسفح على الارض من شدة تدفقها، وعين عذاري طبعا مشهورة على مستوى الخليج. هذا تاريخيا، ومصدر المياه الجوفية في البحرين التي تغذي هذه العيون الطبيعية هو خزان مياه جوفية إقليمي مشترك يمتد من المنطقة الشرقية في السعودية، إلى البحرين والكويت وقطر والإمارات وعمان، ومياه هذا الخزان الإقليمي هي التي تغذي الخزانات المائية الجوفية في هذه الدول بما فيها البحرين.

هل البحرين في المنطقة المنخفضة أم السعودية؟

- زباري: نعم، طبوغرافيا البحرين توجد في المنطقة الأقل انخفاضاً لهذا الخزان الجوفي الإقليمي، ويلاحظ أن معظم مناطق الاستيطان الرئيسية للناس قديما وحتى وقت قريب في عقد الستينيات كانت متمركزة حول العيون الطبيعية المنتشرة في منطقة الاحساء في السعودية والقطيف والبحرين وكان الناس يعتمدون على هذه العيون المتدفقة لتلبية احتياجاتهم التي كانت آنذاك بسيطة من شرب ونظافة وزراعة. وفي البحرين في فترة الأربعينيات كان عدد السكان لا يزيد عن 90 ألف نسمة وكان عدد السكان في قطر مثلا قليلا جدا بسبب عدم توفر هذه العيون بشكل كبير مثل البحرين والمنطقة الشرقية بالسعودية، وكذلك الكويت التي كانت تأتي بالماء من شط العرب بالمراكب البحرية (الجوالبيت)، أي ان معظم التجمعات البشرية كانت في مناطق العيون.

وإذا رجعنا لعمر المياه الجوفية سنجد انها قديمة جداً، إذ إن عمرها يتراوح ما بين 6 و20 ألف سنة واكثر، وتسمى هذه الحقبة جيولوجيا بحقبة البليستوسين، حيث ان هذه المياه الجوفية تجمعت في باطن الارض آنذاك عندما كانت منطقة الجزيرة العربية تتسم بمناخ رطب كثير الأمطار، وكما يقال كانت جزيرة العرب مروجاً وأنهاراً، وهذه المياه الجوفية حاليا غير متجددة بسبب شح الأمطار.

المياه الجوفية الحالية قديمة وغير متجددة

يعني إن المياه التي لدينا حاليا والموجودة في المياه الجوفية هي مياه تجمعت في فترة قديمة جداً، وكان حينها في الجزيرة العربية نوع من الانهار، وما تبقى من تلك الانهار تسرب إلى الأرض.

- زباري: نعم، الانهار وكذلك التغذية المباشرة للطبقات الحاملة لها من خلال الامطار الوفيرة آنذاك، وتتدفق هذه المياه إلينا بسبب ميل الطبقات الجيولوجية من المنطقة الشرقية على البحرين، وحاليا هناك أمطار تتساقط ولكنها ليست بكافية لمستوى تغذية الخزان الجوفي. وقد تم أخذ عينات من المياه الجوفية في البحرين لقياس عمر المياه من خلال تقنية الكربون 14، ووجد أن عمر المياه يتراوح من 6 آلاف سنة إلى 20 ألف سنة إلى 40 ألف سنة، أي ان المياه الجوفية الحالية قديمة وغير متجددة.

سابقا كان خزان المياه الجوفي يستلم مياها بمعدلات طبيعية من الجانب السعودي ويصرف نفس هذه المعدلات من خلال العيون، إلا أنه ومع بدء الدولة الحديثة في البحرين وبدء صناعة النفط بدأنا نحفر للوصول للمياه وبعد أن كانت المياه تتدفق طبيعيا بدأنا سحبها بالمضخات، وللاسف بدأنا نسحب المياه الجوفية بمعدلات أعلى من كمية التغذية التي نستلمها من المنطقة الشرقية بسبب نمو الطلب على المياه نتيجة لزيادة السكان وارتفاع مستوى المعيشة والمتطلبات، ما أدى إلى استنزاف الخزان الجوفي ونتج عن ذلك انخفاض مستوى الماء.

والعيون الطبيعية التي كانت تعتمد على ارتفاع المستويات المائية في الخزان الجوفي بدأت تجف شيئا فشيئا. وهذا الجفاف لم يكن في البحرين لوحدها بل في جميع المناطق الشرقية بالمملكة العربية السعودية مثل الاحساء والقطيف، ومناطق الخليج، لأنها مناطق جافة أصلاً وهذه المياه قديمة فانتهت، والسؤال كان هل نستطيع إرجاعها طبيعياً؟، وهذا برأيي صعب لانك ستحتاج إلى كميات كبيرة من المياه.

والخيار الآخر هو إعادة الحياة إليها صناعياً، عن طريق ضخ المياه بها، كما أن المناطق المحيطة بالعيون كان فيها تنوع حيوي ومناطق خضراء وإثراء بيئي كبير فعند أي عين ترى الاسماك والسلاحف والضفادع والنباتات المختلفة وكانت هي السبب في اتخاذ الطيور المهاجرة للبحرين محطة لها في فصل الشتاء من أجل الحصول على الدفء والغذاء، وهذا الشيء لا يمكن الاستمرار فيه إلا صناعياً، كما أن التوسع العمراني الكبير تسبب في دفن العديد من الجداول «السيبان» التي كانت تتدفق إليها العيون الزراعية.

نحن نستنزف حوض تجمع منذ زمن، ونحن مرتبطون بالحوض الجوفي للسعودية، فهل هذا تفسير لقرار السعودية الحد من زراعة بعض المحاصيل؟

- زباري: نحن ضمن الحوض الشرقي للمنطقة العربية، بينما المناطق الزراعية المستحدثة في السعودية تعتمد على الأحواض الجوفية الموجودة في الوسط والشمال منها. ومؤخراً صدر مرسوم ملكي في السعودية بوقف انتاج زراعة القمح وعدم دعمه بأي شكل من الاشكال بعكس السابق، إذ أن الحكومة السعودية كانت تدعم القمح وتشتريه من المزارعين في الفترات السابقة، فأولاً تم وقف الدعم عن القمح، وبعدها وقف دعم الاعلاف لأنها هي الأخرى تستهلك الكثير من المياه.

وتاريخياً كان القمح يزرع في المناطق الغربية بالسعودية لأنها كثيرة الأمطار نسبيا، ولكن عندما تم التوسع في زراعة القمح في منتصف الثمانينيات تم التوسع في المناطق الوسطى والشمالية وهي مناطق جافة تحتم الاعتماد على المياه الجوفية غير المتجددة.

استنزاف المياه في البحرين

ما هي أسباب استنزاف المياه في البحرين، البعض يتحدث عن أنه عندما أسسنا ميناء سلمان وكسرنا بالديناميت دخلت المياه المالحة، ما مدى صحة ذلك؟

- زباري: لا أعتقد ذلك، المياه الجوفية ممتدة في طبقات من السعودية إلى البحرين وهذه الطبقات تمتد إلى المنطقة الشرقية من البحرين تحت البحر وهي مفتوحة أصلا على البحر، وماء البحر المالح يتواجد في هذه الطبقات ويكون واجهة ملحية مع الماء العذب نسبياً، والواجهة الملحية كانت سابقاً بحسب البيانات القديمة متواجدة من مناطق ألبا إلى سترة وصولا إلى جنوب الحد، ولكنها اليوم تحركت وغزت الكثير من المناطق في وسط البحرين وجميع جزيرة المحرق، فعندما تستنزف المياه العذبة وينخفض مستواها تدخل المياه المالحة عليها.

ولا أعتقد انه في الوقت الحالي يمكن إرجاع الخزان الجوفي على طبيعته السابقة، وكان يجب أن يكون هناك وعي في إدارة الخزان الجوفي والتعامل معه على أنه ناضب والاستفادة من كل قطرة فيه، وما حصل في السبعينيات والثمانينيات كانت هناك طفرة اقتصادية وتوسع متسارع، وكل شخص كان يريد بئرا خاصة به ولم يتم وقف ذلك، وجميع الحلول التي طرحت في تلك الفترة لم تؤخذ في الاعتبار. وحاليا توجد حلول أخرى ومن أهمها حقن المياه في الخزان الجوفي.

من أين نأتي بالمياه التي سنحقن بها؟

- زباري: المصدر الأول هو المياه الفائضة من الأمطار، إذ لابد أن نقوم بإيجاد طريقة لتجميع الأمطار وتسريبها للخزان الجوفي من خلال آبار تغذية تساعد على وصولها للطبقات المائية، أي نحتاج إلى عملية حفر للوصول إليها. وهناك مثال لذلك قامت به إدارة مصادر المياه في الحوض الموجود في آخر مدينة حمد من خلال تجميع مياه الأمطار وتسريبها للخزان الجوفي.

هل الحفر عميق جداً؟، وهل تحتاج إلى مرشحات؟

- زباري: نعم، تحتاج إلى مرشحات، والحفر يصل إلى نحو 40 متراً تقريباً، ولكن المخاطر هي أن هذه الأمطار التي تتساقط قد تجلب معها بعض الملوثات، وتحتاج إلى عملية تحكم.

والمصدر الاخر هو مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثياً، وطبعا هناك مخاطر كذلك، وهنا يجب ان يتم ذلك بطريقة علمية وأن يكون لديك عملية تحكم عالية جدا تشمل اختيار المواقع المثلى للتغذية الصناعية وتقليل المخاطر من انتقال أي ملوث إلى مياه الشرب، ويشمل ذلك توعية للمزارعين بعدم شرب الماء بشكل مباشر حتى لو كان الماء غير ملوث ومعالج معالجة عالية، ولكن في هذا النوع من العمليات يتم أخذ الحيطة والحذر بشكل عالٍ لتقليل المخاطر الصحية.

إذا حقنته في الأرض وعاد للاستخدام، ألا يتصفى الماء؟

- زباري: صحيح، وهذا يساعد على تقليل المخاطر بشكل اكبر ويعتبر من فوائد الحقن حيث يتم وضع حاجز آخر لتقليل المخاطر فيما إذا كان هناك، لا سمح الله، أي ملوث في المياه المحقونة، فطبيعة الصخور أن تقوم بتصفية الملوثات العالقة إن وجدت. الفكرة ببساطة هي أن المزارع يقوم باستخدام هذه المياه مباشرة للري وهي غير ملوثة، ولكن إذا وجد فائض غير مستخدم، يتم تخزينه في باطن الأرض بدلا من تصريفه للبحر وخسارته.

تغير المناخ أثر على انتظام المياه

فلنفترض أن لدينا في العام 1980 مخزونا من المياه بمستوى معين، فكم في المئة يمكن أن ترجع لنا الأمطار من هذا المخزون؟.

- المرباطي: مع تغير المناخ أصبحت نسبة الأمطار تتميز بعدم الانتظام، ففي المنطقة العربية يبلغ مجموع حجم الموارد المائية الداخلية المتجددة سنويا نحو 6 في المئة من المتوسط السنوي لهطول الأمطار مقابل متوسط سنوي عالمي يبلغ 38 في المئة. ومن المتوقع انخفاض موارد المياه المتجددة بنسبة تصل الى 20 في المئة بحلول عام 2030 نتيجة انخفاض هطول الأمطار، وزيادة الطلب على المياه نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، واختراق مياه البحر للمياه الجوفية الساحلية نظرا لارتفاع مستوى سطح البحر والاستغلال الجائر للمياه الجوفية.

- زباري: ولذلك ليس أمامنا سوى التكيف والتخفيف من هذه الآثار إذ ان الحلول ستكون نتائجها طويلة الأمد وستظهر بعد عقود كثيرة من البدء فيها، فلو تم وقف الانبعاثات الغازية الآن فمن المتوقع أن تظهر نتائجها بعد خمسين سنة.

- المرباطي: خصوصاً، اننا في الدول النامية في طور زيادة استهلاك الموارد الطبيعية وغيرها، وهذه الدول لن توقف أنشطتها.

- زباري: ونرى مثلاً أن الصين، وبشكل عامي، وليس علمي في مفاوضاتها مع أوروبا واميركا عندما طلب منها تخفيض انبعاثاتها الغازية للتقليل من تغير المناخ والحفاظ على البيئة ردت بأن اقتصاداتكم الكبيرة الحالية التي جعلت منكم قوى عظمى قد كانت على حساب البيئة العالمية، وأن سبب تغير المناخ هو الانبعاثات الغازية منذ بدء الثورة الصناعية في الغرب، وأخذتم فرصتكم التنموية لتصبحوا كذلك، وبالتالي نحن لدينا الحق بأن ننمو بالطريقة نفسها ومع أن المسئولية تقع على الجميع في قضية تغير المناخ، إلا أنها يجب ان تكون متباينة وتقع عليكم بالدرجة الأولى، وعليكم ان تخفضوا من الانبعاثات الغازية التي لديكم من أجل الوصول إلى مستوى الانبعاثات المطلوبة على مستوى العالم.

بعد الصين، هناك الهند والبرازيل وغيرها.

- زباري: يشير تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في 2013 الأخير إلى أن اقتصادات هذه الدول سيتعدى اقتصادات الدول الأوروبية مجتمعة خلال الخمس سنوات القادمة، ويعكس هذا كذلك ازدياد الانبعاثات العالمية.

إذاً، ماذا يعني التكيف؟

- زباري: التكيف يعني تخفيف التأثيرات على المجتمع.

- المرباطي: قطاع المياه يتطلب إدارة متكاملة تتخذ إدارة الطلب على المياه كأحد أدواتها. في حين أن ما تقوم به الكثير من الدول الآن هو توفير المياه وزيادة الكمية للايفاء بالطلب المتزايد (إدارة العرض)، ما يخلق أعباء اقتصادية وبيئية في الحد الأدنى.

الاستهلاك الخليجي للمياه

هذا في الوقت الذي يعد معدل الاستهلاك للفرد في دول الخليج أكبر من الدول الاخرى.

- المرباطي: نعم، خصوصا في دول الخليج.

- زباري: ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الظروف البيئية والمناخية تختلف من منطقة إلى أخرى، ولكن رغم ذلك هناك إسراف، وفي الوقت نفسه يجب الحذر من استخدام المؤشرات العالمية ومقارنتها بين الدول، فاستخدام المياه لدينا يختلف عن دول العالم الأخرى. ومع ذلك لدينا دراسات معمقة في البحرين والخليج العربي بينت أن الفرد الخليجي استهلاكه الطبيعي يجب ان يكون بين 250 و280 لتراً يومياً، وهذا المعدل يأخذ في الاعتبار معدل الدخل والعادات الاجتماعية والجوانب الدينية.

ولكن نجد أن استهلاك الفرد في البحرين يصل إلى 500 لتر في اليوم أي ضعف المعدل الطبيعي المحسوب وفي دول خليجية أخرى يصل إلى 600 و700 لتر يومياً، وهذا استنزاف وهدر كبيران للمياه.

- المرباطي: المفارقة أن المنطقة العربية وخصوصا دول الخليج العربي هي من أفقر الدول من حيث المصادر المائية، ولكن استهلاكها هو الأكبر. فليس هناك علاقة بين الواقع الصحراوي ونمط استهلاك المياه.

- زباري: يلاحظ أن هناك هدرا عاليا للمياه في العديد من الدول الواقعة في المناطق الجافة، مثلاً أريزونا في الولايات المتحدة الأميركية ذات الطبيعة الجافة ترى التصرفات نفسها التي تراها هنا في الخليج ولكن باستخدام بعض الادوات الاقتصادية كالتعرفة وتحسين أسلوب الحوكمة كمشاركة المستهلكين وتوعيتهم تم خفض الهدر بشكل كبير. المشكلة اننا لا نتعامل مع المياه كما كان أجدادنا يتعاملون معها، فلدينا جيل لم يعانِ مثلما عانى من قبلنا، بل وجدوا الماء يصل إلى البيوت نظيفا وبكلفة منخفضة، وبالتالي تولد شعور مع الوقت أن الماء رخيص، فلماذا تتم المحافظة عليه؟، وهذا انعكس علينا الآن.

الماء الذي نحصل عليه في البيوت، ما هو مصدره؟

- زباري: مياه التحلية بشكل رئيسي، وتخلط مع المياه الجوفية بنسب تتراوح من منطقة لأخرى.

نعتمد بنسبة 90 في المئة على مياه التحلية؟

- زباري: يعتمد على المنطقة، فمحطة التحلية تعطيك مياه محلاة بنسبة عالية جدا وخالية من الأملاح الضرورية سواء للطعم أو الصحة بالإضافة إلى أن درجة الحموضة فيها عالية، وبالتالي تكون لها درجة عالية في تذويب أي شيء تتصل به وهي مضرة بالمعدة.

في الكويت التي لديها فائض في محطات التحلية تقوم بخلط المياه المحلاة بنسبة 10 في المئة مع المياه الجوفية لزيادة الملوحة ولاستساغتها للشرب. ولكن في البحرين إذا زاد الطلب على طاقة محطات التحلية ولا يمكن لمحطات التحلية تلبية الطلب يتم اللجوء إلى المياه الجوفية ولا يكون من أجل تحسين نوعية المياه بل لسد النقص، ولذلك ترى أن نسبة الملوحة ترتفع وتنخفض وذلك بحسب الطلب ونسبة المياه الجوفية التي تضخ.

هل يؤثر الغبار على استهلاك المياه؟

- زباري: من الممكن، ففي حالة موجات الغبار يقوم الناس بتنظيف بيوتهم برش المياه على الجدران والاحواش وهنا من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على المياه والضغط عليها. وكذلك من يعمل في الصرف الصحي لديهم أوقات معينة تزداد فيها التدفقات من الصرف الصحي على المحطات بشكل كبير، فمثلا هناك ضغط كبير عند الساعة الخامسة عصراً على محطات الصرف الصحي وذلك بسبب انتهاء الناس من أعمالهم ورجوع الطلبة من المدارس واستخدام المياه بشكل كبير.

والتكيف يعني سياسة ضخ مياه جديدة ستحل مشكلة بسيطة لدينا ولكن يجب علينا أن نقوم بها.

في موضوع الأمطار، ألا يمكن التصرف بالأمطار التي تغرق الطرقات؟

- زباري: هذا الموضوع له عدد من الجوانب، الجانب الأول هو أن معظم أراضي البحرين منخفضة بشكل عام، فثلاثة ارباع البحرين لا يزيد ارتفاعها عن 5 أمتار من مستوى سطح البحر، ومياه البحر متداخلة بشكل كبير في أراضيها، ما يعوق التصريف الفعال لمياه الأمطار إلى البحر وهذه مشكلة قائمة في المناطق القديمة من البحرين ومن الصعب التخلص منها بالشكل التقليدي، اما في مدينة حمد وهي موجودة على طبوغرافية مرتفعة فقد تم تصميمها بشكل جيد بحيث يتم تصريف الأمطار من خلال شبكة بعضها طبيعي وبعضها صناعي.

- المرباطي: هل هناك دراسة أو تجربة لاستثمار مياه الأمطار؟

- زباري: في دوار 22 في مدينة حمد تم عمل بئر وكانت تتجمع فيه الأمطار وتتسرب للخزان الجوفي، وبينت نتائج المراقبة في السنوات الماضية أن هناك تحسنا في كمية ونوعية مياه الخزان الجوفي، ولكن قبل أيام مررت على هذه المنطقة ويبدو أنها دفنت وتم عمل ملعب كرة قدم فيها!، كما أن هذه التجربة لو تم تعميمها مع الاهتمام والصيانة المستمرة فبالامكان الاستفادة منها، وهذه الأمور تحتاج إلى استمرارية.

والتكيف هو أن تتحكم في الاستهلاك لأن موضوع شح المياه سيكون مزمنا ولا يمكن حله بل يمكن التكيف معه، فالتحلية لها تكاليف عالية فكلفة انتاج وتوزيع متر مكعب من الماء في القطاع البلدي تصل إلى 750 فلسا بينما يدفع المستهلك 25 فلسا للمتر المكعب، أي هناك فرق كبير بين استرداد التكاليف وسعر الكلفة الذي يتم تحمله. كما أن هناك العديد من الأضرار البيئية التي تنتج عن عملية التحلية، مثل الانبعاثات الغازية التي تنتج عنها مثل أكاسيد الكبريتات، وهو أمر لابد منه إذ انه يأتي كنتيجة لحرق الغاز من أجل عملية التحلية.

- المرباطي: رغم ذلك، سيستمر الاستثمار في التحلية. أغلب الزيادة المتوقّعة ستتركّز في البلدان ذات الدخل العالي من تلك المصدرة للوقود، أي بلدان الخليج على وجه الخصوص، ذلك أن تقنيّة تحلية مياه البحر تتطلّب كثيرًا من الطاقة ورؤوس الأموال.

- زباري: التحلية تحتاج الى تكاليف عالية بالإضافة إلى أن المياه التي ترجع للبحر تكون حارة وعالية الملوحة فبالتالي تتأثر البيئة البحرية، كما أن تنظيف المحطة بالكيماويات التي تنتهي في البحر كذلك له أضرار بيئية، وهناك تأثير آخر ينبغي النظر إليه بالإضافة إلى التأثيرات المالية والبيئة وهو التأثير الاقتصادي، فلكي تقوم بعملية تحلية المياه تحتاج إلى مصدر طاقة وهو الغاز، والغاز ناضب في البحرين وعند انتهاء الغاز ستضطر لاستيراده وبالتالي سيكون له تأثير عال على الاقتصاد.

- المرباطي: تظهر الدراسات مدى اعتماد المنطقة العربية على مياه التحلية إذ ان أكثر من 50 في المئة منها تنتج في المنطقة العربية، والخليج العربي هو الأكبر في العالم من حيث الاعتماد على مياه التحلية. وفي الخليج والجزائر وليبيا هناك خطط لزيادة طاقة التحلية من 36 مليون متر مكعب يومياً إلى 86 مليون متر مكعب في 2025، وحجم الاستثمار 38 مليار دولار منها 27 مليار دولار في منطقة الخليج.

- زباري: وهذا يأتي وسط عدم امتلاكنا للتقنية فمازلنا نستوردها، والتحلية ستلازمنا طوال الطريق، فمن الأولى إذا كانت دولنا تستهلك كل هذه الأموال والتي ستصل في الخمس سنوات القادمة إلى نحو 27 مليار دولار لإنشاء هذه المحطات في المنطقة، فعلينا العمل على توطين التقنية التي تستخدم في تحلية المياه، بل من المفترض أن نصدرها إلى العالم.

والحل هو ادخال الطاقة المتجددة خصوصاً الطاقة الشمسية المتوفرة بكثرة في المنطقة، وتشير احدى الدراسات الى أنه لو استخدم 5 في المئة منها في الدول العربية لأمكن تزويد العالم كله بالكهرباء، ونجد أن الألمان يدرسون حالياً استغلال الطاقة الشمسية في الصحراء الكبرى في دول المغرب العربي لتوليد الطاقة الكهربائية من خلال الطاقة الشمسية وتزويدها لهم. وهناك مبادرات عديدة في المنطقة، ومن أهمها مبادرة الملك عبدالله للتحلية بالطاقة الشمسية في السعودية للعام 2010، إذ يطمح منها أنه بحلول العام 2020 أن تتحول جميع محطات التحلية للعمل بالطاقة الشمسية، وقد تم البدء في المرحلة الاولى بتجربة محطة بطاقة 30 ألف متر مكعب في اليوم في منطقة الخفجي على أن تصل إلى 300 ألف متر مكعب في اليوم في المرحلة الثانية على أن يتم تحويل جميع المحطات في المملكة مستقبلا للعمل بالطاقة الشمسية.

والبحرين ليس لديها القدرة لعمل هذه المبادرات الكبيرة فإما أن تتكيف أو تحصل على مساعدة الدول الأخرى. وهذه هي الحلول المطروحة.

ويبقى أمر آخر وهو التكيف من خلال إدارة الطلب وزيادة الكفاءة، فنجد مثلاً أن التسرب في شبكة المياه في البحرين يصل إلى نحو 30 في المئة، وكل متر مكعب مهدور من خلال التسرب يجب النظر له ليس من منظور الخسارة المالية فقط بل كذلك من منظور التكاليف البيئية من تلوث البيئة البحرية والهواية وكذلك نضوب الغاز الطبيعي المحدود في البحرين، أي هدر للطاقة.

- المرباطي: تطرق دليل البرلمانيين الذي أعده الـUNDP بالتعاون مع جامعة الخليج العربي في الإدارة المتكاملة للمياه تحت مشروع الـUNDP الإقليمي «حوكمة المياه في الدول العربية»، للكثير من المواضيع التي نطرحها اليوم من المنظور البحريني. وقد قمنا بعمل دورة تدريبية للبرلمانيين على الإدارة المتكاملة للمياه استناداً على هذا الدليل، ونأمل أن يدفع ذلك في اتجاه تبني قوانين وأطر داعمة للمسألة المائية في البحرين.

- زباري: لقد كان أحد أهداف هذا الدليل هو تفهم البرلمانيين لاعتمادات الموازنة المطلوبة لقطاع المياه ودعمها، فمثلاً عندما تطلب هيئة الكهرباء والماء اعتمادات مالية تتضمن العمل على تقليل التسربات والتحكم فيها والتي كما ذكرت تصل إلى 30 في المئة، فلو استطعنا من خلال ذلك خفض نسبة التسرب إلى 15 في المئة فإننا بذلك نكون استغنينا عن محطات تحلية جديدة لمدة 10 سنوات، فالحلول هذه أسهل وأقل كلفة وتأثيرها أعلى كما انها تقلل المخاطر.

كما ان لديك كميات من الماء تهدر، فعليك أن تعمل فقط على تقليل الهدر في الماء، ومن خلال هذا ستجد نفسك توفر كمية كبيرة من المياه وبالتالي سترى انك لا تحتاج الى أن تستثمر مبالغ بهذا الحجم وهذه الاستثمارات يمكن أن تحولها لأمور خدمية أخرى.

مجلس الموارد المائية غير مفعل

لدينا عدة جهات معنية بالمياه. ألا توجد ضرورة لتوحيدها من باب الحوكمة؟

- زباري: نعم لدينا وزارة الاشغال، وهي مسئولة عن مياه الصرف الصحي، وهيئة الكهرباء والماء، وهي مسئولة عن المياه المحلاة وقطاع المياه البلدية، ووزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني، وهي مسئولة عن المياه الجوفية وقطاع الزراعة. تم العمل منذ العام 2004 على إحياء مجلس موارد مائية، وفي العام 2009 صدر مرسوم إنشاء هذا المجلس لوضع السياسات المائية المتكاملة والتنسيق بين هذه الجهات، ولكن لم يتم التحرك في هذا المجال منذ ذلك اليوم، رغم مرور 5 سنوات، وهذه إحدى المشكلات وهي إدارة المياه بشكل قطاعي فكل وزارة وجهة تقوم بالتخطيط والادارة بمعزل عن الأخرى، وبالتالي يفتقد التخطيط الاستراتيجي المتكامل، وهذا أحد اهداف مجلس الموارد المائية الذي لم ير النور بعد.

وأول توصية في الملخص التنفيذي في التقرير المقدم للبرلمانيين هي متابعة سير تفعيل مجلس الموارد المائية، والهدف هنا هو تحقيق الاستدامة المائية لنا وللأجيال المقبلة من بعدنا.

- المرباطي: الإدارة المتكاملة لمصادر المياه هي نظام متكامل له مبادئ وإطار عمل؛ فحتى بوجود جهات متعددة فإنه بالإمكان الوصول للأهداف المشهودة.

في القريب العاجل سوف نطلق دراسة عن «أثر تغير المناخ على مصادر المياه في البحرين»، وهي دراسة مميزة حيث تقوم بمحاكاة تأثير تغير المناخ على جميع مصادر المياه وتضع عددا من السيناريوهات؛ وفي جزء منها يتم تقديم التوصيات للتكيف مع هذه التأثيرات.

- زباري: لو قمت أنا بتوفير المياه في بيتي ولكن جيراني لا يقومون بذلك فهذا لا ينفع، ولكن تخيل الوضع التالي، لدينا في البحرين أكثر من 100 ألف وحدة سكنية لو وفرت كل وحدة سكنية مترا مكعبا من الماء في اليوم فقط يعني اننا وفرنا أكثر من 100 ألف متر مكعب من الماء يومياً، وسيكون لهذا تأثير كبير على الوضع المائي في البحرين والطلب على المياه، وكذلك التكاليف الاقتصادية والبيئية والمالية، فالأمر هو مجتمعي وليس فرديا. وهنا يأتي دور الحوكمة وهي تحويل المستهلك من عامل يسبب مشكلة إلى عامل مساعد يحل المشكلة. والمجتمعات التي تستطيع التكيف مع قضايا ندرة المياه وتغير المناخ المستقبلي هي تلك المجتمعات التي تعمل مع بعضها البعض وليست تلك التي تنتظر أن يأتيها أمر بأن تقوم بالتوفير والترشيد للمياه.

وأعتقد ان ادخال برامج التوعية المائية والبيئية في البرامج المدرسية من مرحلة الروضة وما بعدها، فضلا عن الأمور الأخرى مثل تعديل التعرفة وتركيب الاجهزة المرشدة للمياه وقوانين المباني، يؤثر تأثيرا كبيرا في إنشاء هذه المجتمعات.

- المرباطي: أتفق مع زباري على مسألة الوعي المجتمعي. هي الأساس الذي يحكم سلوكياتنا. ومع ان تغيير الثقافة المجتمعية والعادات المكتسبة غير الصحيحة، أمر في غاية الصعوبة، إلا انها من أهم الأمور التي يلزم العمل عليها.

- زباري: وفي مجال التعرفة أن ما يدفعه الفرد في البحرين مقابل الحصول على المياه المنزلية له دور كبير في تقليل قيمة الماء في المجتمع البحريني وكذلك الخليجي، فعند تحليل التعرفة المفروضة على المياه، سنجد أن من يستهلك إلى 60 مترا مكعبا في الشهر، وهي الشريحة الأولى في التعرفة، يدفع 25 فلسا، ومن يستهلك من 61 إلى 100 متر مكعب يدفع 80 فلسا وهي الشريحة الثانية، ومن 100 فما فوق يدفع 200 فلس، وعند مقارنة هذه التعرفة بتكاليف انتاج وتوزيع المياه المالية فسنجد انها تمثل جزءا بسيطا منها حيث تصل إلى نحو 700 فلس. فإذا كانت الشريحتان الأولى والثانية تتم مراعاتهم لانهم يحافظون على الماء ويتم دعمهم بشكل كبير، فما سبب دعم الفئة الثالثة التي يصل استهلاكها للماء إلى أكثر من 100 متر مكعب في الشهر وتسرف في استخدامه، بل برأيي يجب أن تدفع هذه الشريحة مبالغ أعلى من سعر الكلفة. فمن لديه القدرة في استخدام هذه الكمية من المياه فلابد ان تكون لديه القدرة للدفع. وأنت تريد عدالة اجتماعية وتقوم بتقنين استهلاك المياه وهذه ليست ببدعة بل مطبقة في العديد من الدول ومنها اوروبا واميركا. ولكن يجب الاخذ في الاعتبار بعض الخصوصيات والاستثناءات، مثل وجود عدد كبير من العائلات النووية في البحرين أي عائلة كبيرة تتكون من الجد وأسر أبنائهم وهذه الحالات يتم التعامل معها كحالات خاصة.

- المرباطي: تقرير الـUNDP «حوكمة المياه في المنطقة العربية» تناول القيمة الحقيقية للماء، وقيمته الحقيقية ليست في كلفة إيصاله للناس بل هناك تكاليف أخرى هي تكاليف بيئية وأخرى اقتصادية. فيجب أن تدخل في احتساب الكلف الحقيقية للمياه التكاليف المالية/ الاقتصادية، التكاليف الاجتماعية، التكاليف البيئية وغيرها؛ موفرة بذلك أداة ملائمة لدعم السياسات وتحديد الخيارات الأجدى.

كما أن موضوع المياه لا يجب أن يتناول لوحده بشكل مجرد. والاحتفال باليوم العالمي للمياه هذا العام شعاره «ثنائية الماء والطاقة»، ما يدل على أهمية الفهم العميق لعلاقة التبعية المتبادلة بين الطاقة والمياه من أجل إدارة الموارد المائية بشكل سليم. أنت تحتاج لطاقة من أجل انتاج أو استخراج ونقل المياه ومعالجتها، الخ. كما تحتاج إلى الماء في انتاج الطاقة وبغرض التبريد وغير ذلك. تلك العلاقة تكتسب أهمية خاصة من حيث أن كلا الموردين، الطاقة والمياه، وهما موردان حيويان شحيحان يتم استهلاكهما بنسب متزايدة.

وتقرير الأمم المتحدة عن تنمية المياه في العالم الذي سيصدر في هذا الشهر سيظهر الى أن من الغالب أن تكون الفئة من الناس التي تفتقر للوصول لموارد المياه السليمة والصرف الصحي، هي نفسها التي تفتقر للوصول للطاقة (الكهرباء).

- زباري: ما يجري هو أن قطاع المياه يخطط بشكل منفصل عن قطاع الطاقة والعكس صحيح بينما هناك ارتباط وثيق بينهما وداخل قطاع المياه يتم التخطيط بشكل منفصل كذلك، وهذه إحدى المشكلات، فمن دون طاقة لا يمكن أن يكون لديك مياه خصوصا في الخليج العربي، فالطاقة هي التي تنتج المياه وتنقله للناس، فلا يمكن أن تكون الحياة التي نعيشها من دون الطاقة. كما أن الصناعات القائمة تستخدم المياه في إنتاجها وكذلك الصناعة النفطية تستخدم المياه بشكل كبير، ولكن هذه العلاقة قوية أكثر ومنحازة أكثر لاستخدام الطاقة في انتاج المياه. والاهتمام بهذا الموضوع آخذ في التزايد. حيث تم وضع هذه العلاقة كمحور رئيسي في مؤتمر الخليج التاسع للمياه في عمان في 2008، وفي العام 2010 صدر إعلان قمة أبوظبي لقادة دول مجلس التعاون الخليجي والذي كان بامتياز يركز على المياه وشمل جميع ما توصل له مؤتمر المياه الذي سبقه من توصيات. عالميا، نجد ان البحوث العلمية بدأت في السنوات الثماني الأخيرة تتحدث عن العلاقة بين الماء والطاقة، ليس من منظور كلفتهما بل بشأن كيفية إدارتهما معاً. وفي العام 2012 عقد مؤتمر الخليج العاشر في الدوحة وكان موضوع المؤتمر العلاقة بين الطاقة والمياه، وأهم توصية خرجت من هذه المؤتمر هي أن العلاقة بينهما غير مدروسة بشكل جيد بعد، والتوصية للجامعات ومراكز البحوث بالعمل على بحث العلاقة بين الطاقة والمياه والاستفادة من ذلك في ادارتهما إدارة تكاملية، كما أوصى المؤتمر باستخدام الطاقات المتجددة في انتاج المياه المحلاة، وفي العام 2013 قامت الاسكوا وجامعة الدول العربية بالعمل على أهداف الالفية ما بعد 2015، وعقدت العديد من الاجتماعات للجان المياه ولجان الطاقة ونتج عن ذلك توصية بأن من أهم أولويات المنطقة العربية الطاقة والمياه والعلاقة المتبادلة بينهما.

- المرباطي: الأهداف الإنمائية للألفية الى عام 2015، والتي تشكل خطة عمل رئيسية لجميع دول العالم وجميع المنظمات العاملة في مجال العمل التنموي، لم يكن فيها اي هدف معني بالمياه أو الطاقة بشكل منفرد، فاندرجت المياه بشكل مبسط تحت الهدف الخاص بالاستدامة البيئية وتم اعتبار الطاقة عاملا أساسيا لتحقيق جميع أهداف الألفية. ولكن الدول الآن تنادي بأن يكون هناك هدف خاص للمياه وآخر للطاقة من بين الأهداف الإنمائية لما بعد 2015.

وقد أتيحت الفرصة لكل فرد في العالم للتصويت على أولوياته من الأهداف الإنمائية لما بعد 2015 (أو أهداف التنمية المستدامة) في «استقصاء الأمم المتحدة العالمي من أجل عالم أفضل».

تدعو الأمم المتحدة وشركاؤها الناس من كل أنحاء العالم إلى المشاركة في وضع الخطة الإنمائية العالمية المقبلة بالتصويت في هذا الاستقصاء المبتكر الذي يرسم مسلكا استثنائيا للمواطنين يمكنهم من إبداء رأيهم في الأولويات الإنمائية التي ينبغي أن يدرجها قادة العالم في الإطار الإنمائي القادم.


وليد زباري:

المشكلة أننا لا نتعامل مع المياه كما كان أجدادنا يتعاملون معها، فلدينا جيل لم يعانِ مثلما عانى

من قبلنا


جيهان المرباطي:

دول الخليج العربي هي من أفقر الدول من حيث

المصادر المائية، ولكن استهلاكها هو الأكبر

جيهان المرباطي
جيهان المرباطي
بحريني يروي زراعته بالمياه فيما يشتكي مزارعون من تزايد الملوحة - تصوير محمد المخرق
بحريني يروي زراعته بالمياه فيما يشتكي مزارعون من تزايد الملوحة - تصوير محمد المخرق
وليد زباري وجيهان المرباطي في منتدى «الوسط» بمناسبة اليوم العالمي للمياه 2014 - تصوير محمد المخرق
وليد زباري وجيهان المرباطي في منتدى «الوسط» بمناسبة اليوم العالمي للمياه 2014 - تصوير محمد المخرق

العدد 4214 - الجمعة 21 مارس 2014م الموافق 20 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:53 ص

      معروف السبب

      الغاء اخر ما تبقي من الحزام الاخضر لمشروع عراد الإسكاني الذي ليس لأهلها فتلك ألوف الأشجار اقتلعت ولن تعوض وليست الا بداية الدمار علي حساب المتنفذين فالخسارة للجميع

    • زائر 2 | 2:12 ص

      موضوع مهم

      هذه رسالة ونأمل ان تتخذ اجراءات جدية ومعلنة حول الموضوع

    • زائر 1 | 1:40 ص

      الاستهلاك

      الدفان وكسر الرقعة الصخرية في الجوف هي المسبب الرئيس لغياب العيون وهلاكها ،،، لا بحر ولا زراعة ،، المشتكى الى الله على من كان السبب ....

اقرأ ايضاً