العدد 4230 - الأحد 06 أبريل 2014م الموافق 06 جمادى الآخرة 1435هـ

الكراهية... شهادة فشل دولة الاستقلال

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

المداخلة التي استوقفتني في ندوة «الوسط» عن شيوع ثقافة الكراهية، التي عرضتها أمس في ثلاث صفحات في قلب الصحيفة، كانت مداخلة ندى حفاظ.

المداخلات الأخرى أهميتها في كشف جزءٍ مما يفكّر به المتحاورون، حيث كانت سجالاتٍ بين أطراف، معارضةً وموالاة، أما مداخلة حفّاظ فتقدّم شهادةً تاريخية مهمةً.

حفّاظ طبيبة ووزيرة صحة سابقة، وشورية لاحقة، وهي من التكنوقراط الذين خدموا في وزارات ومؤسسات الدولة لأكثر من ثلاثة عقود، يوم كان الحراك والتدرّج الوظيفي متاحاً للجميع، بعيداً عن القيود والمعايير الطائفية.

أشارت حفاظ إلى أن «ثقافة الكراهية مؤشر للتعصب بسبب عدم وجود ثقافة التعددية، ورغم أننا كنا نعتقد بأن مجتمعنا منفتح إلا أننا فوجئنا بواقع مخالف». وأضافت: «أنا أشعر بالفشل، وهذا الفشل قد لا يكون شخصياً وأنا أنظر لأزمة البحرين... كلنا كان يدرك أن التعليم مثلاً بحاجة إلى تطوير، ولكن لم أكن أعلم أن لدينا كل هذه النواقص في مؤسسات الدولة، وأن هذه المؤسسات التي أنجزت الكثير، فيها مواطن خلل انفجر بسببها الوضع ليفاجأ المجتمع سواء المعارضة أو الفئة التي اندهشت بخروج هذه الأعداد المعارضة». وخلصت للقول: «في الأزمات تظهر القيم المترسّخة في المجتمعات، ولكني شعرت بفشل الدولة خلال سنوات طويلة بترسيخ القيم الصحيحة». (وأضيف: «السياسات الوطنية الصحيحة الجامعة»).

إن ما حدث في 14 فبراير 2011، كان شهادة فشل دولة ما بعد الاستقلال، التي راكمت من الأخطاء السياسية والتنموية، ما أدّى إلى تفكك المجتمع، وتشطيره وتمزيق لحمته الوطنية. كان الوضع السياسي بلا شك هشّاً، والاحتقان بقي مستمراً، والثقة تتآكل، ولكن بدأ ذلك قبل سنوات من زمجرة العاصفة في فبراير 2011.

لم تسقط الثقة في ذلك اليوم، وإنما قبل ذلك بأعوام، وتحديداً في أغسطس 2006، حين بدأت تتسرّب النتف الأولى من التقرير المثير. وحين انتشرت النسخة الألكترونية وجرى نسخها وتوزيعها ورقياً على الملأ، استغرقت الصدمة أسابيع طويلة دون أن يتمكّن الرأي العام من استيعابها وامتصاصها. كان الزجاج قد تهشّم فعلاً.

قبلها، كنا نشعر بوجود عناصر تعمل على تلويث الأجواء والتلاعب بواقع الأرض. كنتَ تشعرُ بوجود أشباح تتحرك في الخفاء، فجاء التقرير ليضع بين يديك المخطّط بالأسماء. كانت صدمةً مروّعة جداً، وبقينا نكتب عنها يومياً لأكثر من أسبوعين، نفتح النسخة الالكترونية ونغرف منها مادةً غزيرةً للكتابة والنقد والتعليقات.

في الأسبوع الثالث، (وهذا ما وددت قوله للمنتدين ولكني آثرت الصمت والاستماع)، كنت قد انتهيت من كتابة مقالٍ عن طريقة تناول كاتب التقرير لواقع الطائفة السنية، وانتقاده لكل صغير وكبير، ومن مختلف الفئات (رجالاً وشباباً ونساءً، وجمعيات ومثقفين ورجال دين...). شعرت بأنه طرحٌ مليء بالعنصرية لما فيه من تحقيرٍ شديدٍ لهذا المكوّن الرئيسي من الشعب، ما أثار حفيظتي كمواطن بحريني. كان المقال جاهزاً للنشر، وكانت المفاجأة أن وصل تعميمٌ من القضاء يمنع التطرق للتقرير المثير، ولا أخفيكم أنني ندمت كثيراً لعدم نشر ذلك المقال.

الثقة لم تسقط في 14 فبراير 2011، كما أشارت ندى حفاظ، وإنّما قبل ذلك بستة أعوام، إن لم يكن قبلها بسنوات. وتبقى مداخلتها شهادةً على فشل دولة ما بعد الاستقلال.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4230 - الأحد 06 أبريل 2014م الموافق 06 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 2:53 ص

      أوافقك مائة في المائة

      و أوافقك أنّ الدولة الناجحة هي التي تعمل على إزالة هذه الكراهية بتطبيق العدالة و الإنصاف و المساواة بين جميع مكونات الشعب. و لكن الوزر الأكبر يقع على من يعنيه الأمر؛ و هم العلماء و الفقهاء و المراجع، فبعضهم متهلل وجهه مسرور؛ و البعض الآخر خائف مجامل ؛ و الباقي لا يعنيه الأمر.

    • زائر 7 | 6:29 ص

      اخر

      اخر كره من الصحيفة الحكومة كره الشيخ علي سلمان متهمينه بسب الصحابه ليرفعون عليه قضيه مثل ماسو فى نبيل رجب وتهموه بسب اهالى المحرق انهم يعملون ليلا ونهار بكره الطائفة المغضوب عليها ويخططون والشيطان معهم ونسو دكر الله وماشيين فى كرههم ملاحضة ليس لديهم اى دليل سب الصحابه على الشيخ علي الله سوف ياخد الحق

    • زائر 6 | 5:59 ص

      قناص

      عشنا عقودا من الزمن وعاش ابائنا واجدادنا أيضا منذ عقود بل قرون من الزمن ولم نسمع ان هناك أحد من ابناء الظائفتين الكريمتين وقف على منبر احد المساجد في البحرين وشتم ابن الطائفة الاخرى ونسب له كلام لا يليق ان ينطق به انسان مسلم الا في هذه السنوات الاخيرة بعد عملية التحنيس االعشوائية دخل الغرباء بيننا واخذوا ينخرون هذا الجسد الواحد بالتكفير والشتم في المساجد وعلى مسمع من وزارة الاعلام ووزارة الشئون الاسلامية ومن يشتم له حماية كاملة لا احد يستطيع ايقافه وفتت هذا المجتمع الواحد .

    • زائر 5 | 3:19 ص

      هل

      هل تستطيع ندى او غيرها من اصحاب المناصب في الحكومة ان تصرح بهذا في كل موقف و مكان ام انها شقشقة فقط؟

    • زائر 3 | 1:28 ص

      إنشطرت البحرين واللي كان كان

      مع الأسف لم يعد بإمكاني تقبل الآخر فلذلك نطلب حياة كريمة للجميع لكن لا تطلب مني أن أنسى وأخذ بالأحضان من ظلمني كل هذا الظلم الكبير. نعم نعيش معا لكن على طريقة صباح الخير يا جاري إنت في حالك وأنا في حالي.

    • زائر 2 | 11:00 م

      من المسؤول

      السؤال الاهم هو من المسؤول عن هذا الفشل؟ والى متى سيستمر هذا الفشل

    • زائر 1 | 10:59 م

      جرس

      اعترافات جمال فخرو وندى حفاظ رغم تاخرها لكنها جرس للمطبلين

اقرأ ايضاً