العدد 4234 - الخميس 10 أبريل 2014م الموافق 10 جمادى الآخرة 1435هـ

مرض الحصبة

فيصل عبداللطيف الناصر

رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع في جامعة الخليج العربي

إن أول من عرّف مرض الحصبة وميزه عن مرض الجدري هو الطبيب الإسلامي أبوبكر الرازي في عام 900 ميلادي ببغداد حيث ألف كتابا أسماه «كتاب في الجدري والحصبة». وفي عام 1757 استطاع الطبيب الأسكوتلندي فرانسيس هوم أن يكتشف ويدّون أن مرض الحصبة يتسبب عن طريق عدوى في دم المريض أما في عام 1954 فلقد تم عزل فيروس الحصبة بواسطة الطبيب جون إندر وتوماس بيبلز وذلك بمدينة بوسطن الأميركية، ولاحقاً في عام 1963 اكتشف الباحث الأميركي جون فرانكلين اللقاح ضد الحصبة حيث يعتبر من اللقاحات الفعالة في منع الإصابة بالمرض بكلفة قليلة حيث يكلف أقل من دولار واحد لكل جرعة.

يعتبر مرض الحصبة من الأمراض الخطيرة جدا التي تصيب الإنسان وخصوصاً الأطفال وهي من العوامل الرئيسية المسببة للوفاة لدى الأطفال، وللمرض فترة حضانة تتراوح ما بين 10 و12 يوما ومن بعدها تظهر أعراض المرض. هو مرض شديد العدوى يتسبب به فيروس من عائلة (Paramyxo virus) وهو مرض يصيب الإنسان فقط ولا يصيب الحيوانات.

ومع تطور سبل الوقاية للمرض إلا أنه ليس هناك أي علاج فعال لحالات الإصابة بالمرض رغم أن معظم الحالات التي لا تتطور إلى الإصابة بالمضاعفات تشفى في خلال 3 أسابيع.

تتراوح نسبة الوفاة بنحو 3 في الألف (كما سجلت في عام 2000) إلا أن نسبة الوفاة قد ترتفع لدى المصابين بنقص المناعة لتصل إلى نحو 30 في المئة.

ينتشر المرض في معظم دول العالم إلا أنه في دول افريقيا وآسيا يكون الانتشار أكبر حيث تقدر إحصاءات منظمة الصحة العالمية بإصابة 20 مليون شخص بالمرض في هذه الدول، كما يزداد انتشار المرض بعد خروج الدول من المصائب والكوارث التي تؤثر مباشرةً على الخدمات الصحية كمثل الأعاصير والطوفان والحروب التي تدمر النظام الصحي.

لقد رصدت منظمة الصحة العالمية عدد الوفيات الناتجة عن هذا المرض بعدد 120000 شخص يموتون سنويا أي بمعدل 330 حالة وفاة يوميا أو 14 وفاة في كل ساعة. هذا ولقد استطاع التطعيم أن يخفض نسبة الإصابة والوفاة إلى أكثر من 87 في المئة.

ظهور الوباء

لقد ظهرت مؤخرا حالات من الحصبة حيث سجلت في الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية. فلقد بينت الإحصاءات أن هناك نحو 320 حالة في أميركا إلا أن السبب الرئيسي في تلك الإصابات أن معظم هذه الحالات تمت بسبب عدم حصول الأطفال على تطعيم مسبق للحصبة بسبب رفض الأمهات تطعيم أطفالهم خوفا من مضاعفات التطعيم حيث ان هناك اعتقادا خاطئا بأن التطعيم يؤدي إلى الإصابة بالتهاب أغشية الدماغ، ولكن تؤكد منظمة الصحة العالمية باستمرار أن هذا المصل ليست له أية خطورة تذكر.

عوارض المرض

يصيب المرض عادة الأطفال من سن 1 - 5 سنوات ومن الممكن أن يصيب الكبار إذا لم يكونوا قد أخذوا التطعيمات اللازمة. وتبدأ العوارض بارتفاع شديد في درجة الحرارة والتهاب في أغشية جفون العين وأغشية الأنف والحلق، يصاحب ذلك السعال والغثيان والاستفراغ وبعد ذلك بفترة نحو يومين إلى ثلاثة تبدأ البثور في الظهور على رقبة ووجه المريض ومن ثم تنتشر في كامل جسده مع شكوى من الإنهاك والتعب.

كيفية العدوى

ينتقل هذا المرض عن طريق التواصل المباشر بين الأصحاء والمرضى بواسطة السوائل المخاطية من الأنف أو الحلق عن طريق العطاس أو الكحة وكذلك عن طريق الملامسة المباشرة واستخدام حاجات المريض مباشرة (كالملعقة والشوك والمنشفة).

مضاعفات المرض

يتسبب المرض في مضاعفات عديدة وشديدة جدا على الأطفال وعلى المرضى الآخرين وخصوصا إذا ما كانت هناك أمراض ملازمة تؤدي إلى ضعف المناعة لدى هؤلاء المرضى فمن المضاعفات الشديدة

- التهاب وهلاك أغشية العين ومن ثم العمى.

- التهاب الأغشية المتعلقة بالجهاز التنفسي ومن ثم الالتهاب الرئوي.

- التهاب أغشية الدماغ ومن الممكن تدمير خلايا المخ.

- التهاب الإذن الوسطى.

العلاج

كما ذكرنا مع الأسف الشديد ليس هناك علاج فعال لهذا المرض إلا أنه يجب العناية بالمريض بواسطة السبل التالية:

- الراحة التامة.

- خفض درجة الحرارة.

- زيادة أخذ السوائل.

- علاج الالتهابات البكتيرية بواسطة المضادات الحيوية.

- وصف مضادات للاحتقان.

- الاعتناء بالنظافة.

- الاعتناء بالعين.

- يحدث خلال الإصابة بالحصبة بمرض الحصبة نقص شديد في فيتامين A (وخصوصا في مرضى الدول النامية) لذا يحتاج المريض إلى جرعتين من فيتامين A على فترة 24 ساعة حيث يمنع هذا الفيتامين هلاك خلايا أغشية العين وبالتالي يمنع إصابة المريض بالعمى.

والجدير بالذكر ان المريض بعد شفائه من المرض يحصل على مناعة دائمة من الإصابة بهذا المرض مرة أخرى.

الوقاية

تتم الوقاية أساسا بأخذ التطعيم المضاد للحصبة حيث يعطى للأطفال عند سن سنة وقبل دخول المدرسة (جرعتان من مصل الحصبة) والمصل يتكون من فيروسات الحصبة المضاعفة جدا التي عندما تحقن للإنسان يبدأ بتنشيط مناعة الجسم ومن ثم تكون مناعة ضد مرض الحصبة.

وخلال الوباء لابد أن يعتني الشخص بالنظافة الشخصية وخصوصا إذا ما كان ملامسا لمريض الحصبة وذلك عن طريق غسل اليدين بالماء والصابون مرارا وتكرارا والامتناع عن استخدام حاجيات المريض وعند الحاجة للتعامل مع المريض لابد من ارتداء الكمامة والقفاز إن أمكن.

سياسة منظمة الصحة العالمية للسيطرة على هذا الداء

لدى منظمة الصحة العالمية استراتيجية على مدى عدة سنوات تعمل على أولاً تخفيض نسبة الوفاة الناتجة من الحصبة إلى أكثر من 95 في المئة مع حلول 2105 ومن ثم القضاء على المرض تماما في 2020.

ختاما نرجو بأن لابد ألا يكون هناك فزع عام من هذا الوباء فإذا اطمأن شخص بأنه قد أخذ الجرعتين من التطعيم خلال الطفولة فهذا يمنع الإصابة بالمرض كما نكرر أن العناية بالإرشادات الصحية الواقية من المرض والتي ذكرت وذلك من خلال التعامل مع المريض أو في أماكن تواجد المرض سوف تساعد جداً على الحد من حدوث أو انتشار هذا الداء.

إقرأ أيضا لـ "فيصل عبداللطيف الناصر"

العدد 4234 - الخميس 10 أبريل 2014م الموافق 10 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:28 ص

      الحصبة مسئولية دولة

      تم رصد حالات الحصبة في البحرين بمعدل اكثر من السنوات السابقة فلابد ان هناك مشكلة، ولحل هذه المشكلة يجب بحث أسبابها و جذورها و الاعتراف بها. طمأنة الناس لا يأتي بنشر مقال يتيم يا دكتور.. اين تعاون وزارة الصحة و الاعلام عن حدث انتشار الحصبة؟ كم هي الاحصاءيات و في اي مناطق؟ لماذا حدث outbreak للحصبة ؟ اين هي د أمل الجودر رئيسة التثقيف الصحي في الوزارة من كل هذا؟ اين الباص الذي نزور به في البحرين ؟ للأسف مقال أجوف لا يسمن من جوع

    • زائر 1 | 1:13 ص

      شكرا دكتور.. معلومات طبية في غاية الأهمية

      بارك الله فيك دكتور ، معلومات هامة جدا و مفيدة

اقرأ ايضاً