العدد 4252 - الإثنين 28 أبريل 2014م الموافق 28 جمادى الآخرة 1435هـ

مَسٌّ من الجنون

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

القضاء العادل هو أحد أعمدة الدول، فإذا انهار أو اختل، مال ميزان العدالة واختلت أركان الدولة وأصبحت على خطر عظيم.

مناسبة الحديث ما يحدث في الشقيقة الكبرى مصر، وما يصدر عن قضائها من أحكامٍ غير مسبوقة، ضد المعارضة الحالية، التي يمثل غالبيتها الاخوان المسلمون.

لاشك أن الاخوان ارتكبوا أخطاء قاتلة خلال فترة حكمهم العابرة، بسبب عقلية الإقصاء والرغبة في الاستئثار. ولاشك أيضاً أنهم أضاعوا على مصر فرصةً تاريخيةً لاستقلال قرارها السياسي والاقتصادي، والخروج من سياسة المحاور الدولية والإقليمية، بحيث تغدو قائدةً وليس مقودة، لهذا الطرف أو ذاك. إلا أن ما يُفعل بالاخوان منذ الإطاحة بهم، يخرج عن دائرة العدل والإنصاف والمعقول.

لقد أصبح واضحاً أن ما يجري هو عملية تصفية حسابات من قبل الجيش العائد ثانيةً إلى السلطة، بعد عامٍ واحدٍ من الإبعاد. وخلال نصف عام تم إعادة ملء السجون مجدّداً بعناصر الاخوان، وهي عمليةٌ لن تجلب الاستقرار لمصر كما تؤكّد المؤشرات.

الأخبار الأخيرة التي تناقلتها الفضائيات ووكالات الأنباء، تتحدث عن صدور مئات الأحكام القضائية المتعجلة. ففي الخبر الأول لـ (أ ف ب): قضت محكمة جنايات المنيا، بصعيد مصر (السبت) بحبس 13 من أنصار مرسي، لمددٍ تتراوح بين 5 سنوات و88 عاماً، بتهمة «إثارة الشغب والتخريب وتكدير السلم العام». وهي تهمةٌ فضفاضةٌ يمكن لأي نظامٍ لصقها بمعارضيه، حتى لو كانوا ملتزمين بأقصى درجات السلمية.

هذا الخبر سبقته أخبار مشابهة طوال الأسابيع الماضية، إلا أن الخبر الأخير أمس (الاثنين)، كان محمّلاً بشحنةٍ كبيرةٍ من السلبية والإحباط. فقد قضت محكمة جنايات المنيا نفسها، برئاسة المستشار سعيد يوسف، بإعدام 37 من أعضاء الإخوان، والسجن المؤبد لـ491 آخرين. والطريف أن الخبر يقول بأنه تم تحويل أوراق 528 متهماً إلى مفتي الجمهورية لاستطلاع الرأي الشرعي في إعدامهم، وكأن أرواح البشر بهذا الرخص ليتم الاستئناس برأيه في إزهاقها، بهذه الطريقة الجماعية المجنونة! وهناك محكمةٌ أخرى في نفس الدائرة، تتولى محاكمة 683 متهماً آخر، بينهم المرشد العام للجماعة محمد بديع.

من الواضح أن هذا القضاء مُسيَّسٌ وغير نزيه، ويستحيل مع هذه الأحكام المتسرّعة وغير المعقولة، الحديث عن استقلالية القضاء، فهو قضاءٌ يعاني من تبعيةٍ واضحةٍ للسلطة التنفيذية، التي يختبئ وراءها الجيش وحكم العسكر.

لا يمكن أن تقوم دولة متحضرة دون قضاءٍ مستقل، ولا يمكن النظر باحترامٍ في هذا العصر لأي نظام سياسي، لا يلتزم بحقوق الإنسان، ويستبيح كرامة مواطنيه. ولا يمكن استمرار منهج استباحة حقوق البشر بعدما يتم تصنيفهم في خانة الخوَنة، وشيطنة المعارضين وإخراجهم نهائياً من الدين والوطنية. فحتى المعارضون لهم حقوقٌ يجب احترامها، في مقدمتها حرية الرأي والتعبير، وعدم تلفيق التهم لهم، أو تشويه سمعتهم، وتقديمهم أمام محاكم عادلة، يديرها قضاة مستقلون، إن لم يكونوا يخافون الله، فلا أقل من النزاهة المهنية والضمير الحي.

إذا أردت أن تدمّر مستقبل البلد فدمّر نظامه التعليمي، وإذا أردت أن تدمّر حاضره، فعليك بنظامه القضائي، فإذا سقطت العدالة انتشر الفساد وعمّت المظالم، «ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناها تدميراً».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4252 - الإثنين 28 أبريل 2014م الموافق 28 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 9:53 ص

      الاخوان المسلمين من أول من أدان مقتل الشيخ حسن شحاتة

      قال عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة : ((( على الجميع إدانة قتل الشيخ حسن شحاتة وأتباعه في "زاوية أبو مسلم"، وقبله ابن الجماعة اﻹسلامية وحزب البناء والتنمية في "الفيوم"، وعضو الدعوة السلفية وحزب النور في "المحلة الكبرى"، . . . فلا نفرق بين أحد منهم كلهم مصريون ودماؤهم حرام ويجب جلب كل القتلة إلى العدالة دون تفرقة ... ورحم الله مصر وأهلها وشهداءها ))) انتهى . . . . . رجاء يا أخي لا تحمل الاخوان وزر أخطاء و جرائم بعض العامة الطائشين . . ولنكن منصفين

    • زائر 17 | 5:57 ص

      بالضبط

      إذا أردت أن تدمّر مستقبل البلد فدمّر نظامه التعليمي، وإذا أردت أن تدمّر حاضره، فعليك بنظامه القضائي، فإذا سقطت العدالة انتشر الفساد وعمّت المظالم، بالضبط......

    • زائر 16 | 5:39 ص

      اي ضمير

      يخافون الله، فلا أقل من النزاهة المهنية والضمير الحي.
      لا يوجد شيئ اسمه ضمير لا في مصر و لا في البحرين .

    • زائر 15 | 4:33 ص

      متى

      متى يارب اتخلص شعب البحرين من ظلم القضاة الماجورين الظلم فى البحرين يزداد المشتكى لله والله افرج عن معتقلينا المظلومين ويرحم شهدائنا الابرار

    • زائر 14 | 4:02 ص

      احكام قراقوشيه

      برغم كراهيتنا للاخوان وتصرفاتهم الا ان العدالة يجب ان تاخذ طريقها وعلى القضاة ان يكونوا نزيهين حكم الاعدام ليس عمل شوربه او اكل بطيخ هذا الحكم فيه مصير ناس لديهم عوائل واهل خصوصا اذا جاء حكم الاعدام لشخص لم يكن متواجد في مكان الجريمه ولديه الاثباتات خصوصا نفس اللي عندنا الاعتراف يتم تحت التعذيب وتحت التهديد بهتك عرض الزوجه او الاخت ومعروف مخابرات مصر من ايام بسيوني وهوائل التعذيب

    • زائر 13 | 1:56 ص

      مقالك دقيق ياسيد صائب .

      ما أحوجنا اليوم الى عدالة الامام علي عليه السلام التي تم تنحيتها بشكل متعمد خذ مثالا الاحكام في مصر وغير مصر كلها أحكام مسيسة وتفوح منها رائحة الانتقام وقديما قيل العدل أساس الملك .

    • زائر 12 | 1:34 ص

      يالله ...مقال رائع

      كل ما جاء فيه جميل ومعبر وختامه مسك فهل معتبر ؟ !

    • زائر 11 | 1:01 ص

      الاخوان والسلطة

      كلامك صحيح ياسيد فعلا ضرب من الجنون ولاكن الاخوان حدهم حزب ويخب عليهم والجرائم اللى صارت لا يمكن التغاضى عنها ويجب محاكمة المسئولين عنها وليس كل الاخوان

    • زائر 10 | 12:41 ص

      وليش نشمّر ونرمي بالطرف الى مصر؟

      عندنا وعندهم خير وما لدينا يفوق نسبيا ما لديهم
      كم هو عدد شعب البحرين؟
      كم هي عدد سنوات السجن المحكوم بها السجناء السياسيين؟
      ما هي نسبة الاحكام بالنسبة للشعب البحريني وقارنها بالاحكام في مصر وعدد سكانها سترى الفارق في النسبة لا يقارن

    • زائر 8 | 12:33 ص

      العزيز

      العدل عدل الإخوان حالهم حال أي حزب فيهم المتشدد التكفيري وفيهم المعتدل و على القضاء الحكم بالعدل في من أجرم فقط بحكم الله . وليس الإنتقام من حزب الإخوان كاملا حتى لو إعتبرته حكام العرب بأنهم إرهابيون بل العكس هو الصحيح لأن الحكام كل من يخرج عليهم أعتبر إرهابيا .

    • زائر 7 | 11:58 م

      نستنكر هذه الأحكام الظالمة على الجماعة التي لم تستنكر الظلامة التي وقعت علينا.. هكذا تعلمنا من أهل البيت عليهم السلام..

      قضت محكمة جنايات المنيا نفسها، برئاسة المستشار سعيد يوسف، بإعدام 37 من أعضاء الإخوان، والسجن المؤبد لـ491 آخرين. والطريف أن الخبر يقول بأنه تم تحويل أوراق 528 متهماً إلى مفتي الجمهورية لاستطلاع الرأي الشرعي في إعدامهم ...

    • زائر 5 | 11:24 م

      7

      سؤال سيدنا ... هل الذي يحمل السلاح ويقتل ويقوم بالاقصاء والتحريض .. خذ مثالا على قتل شحاته ... وحرق الممتلكات العامة .. هل هذا يستحق الدفاع عنه .. ووصفه بالمعارض الوطني .. الاخوان منظومة ارهابية ..هدفها الاستئثار بالسلطة ..

    • زائر 9 زائر 5 | 12:35 ص

      هذا هو الانصاف

      السيد قاسم دافع عن مفاهيم العدالة والانصاف والحريات العامة وحقوق الانسان. دفاع عن العدالة وليس الاخوان.لنكن منصفين وعادلين حين نطالب بالعدالة لانفسنا.

    • زائر 4 | 11:18 م

      العدل في الإسلام

      عن معقل بن يسار (رضي الله عنه) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول:
      «ما من عبد يسترعيه الله رعية فيموت يوم بموت وهو غاش لرعيته، إلا حرّم الله عليه الجنة»
      قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «إنما أُهلك الذين من قبلكم إنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ، وأيم الله لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لَقَطَعْتُ يدَها»
      ويقول الرسول لمعاذ: "... وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْـمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ"

    • زائر 3 | 11:13 م

      العدل أساس المُلك

      أرسى الإسلام قواعد العدل بين الناس، لأن العدل أساس المُلك وهو من مثل العليا والقيم الخالدة، في كل زمان ومكان. وفرض الله على المؤمنين إتباع الحق، وإلتزام الصدق، والترفع عن الظلم، لأن الظلم مرتعه وخيم؛ ولأن الظلم ظلمات يوم القيامة، والله لا يحب الظالمين. ويهتف الإسلام بالضمير البشري أن يتحرى العدل في القول والعمل - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى

    • زائر 1 | 10:20 م

      لا تبكى قتلى غيرك يا ثكلى

      انوح على فقد ابن الجيران وانا ابني فقيد

اقرأ ايضاً