العدد 4256 - الجمعة 02 مايو 2014م الموافق 03 رجب 1435هـ

قاسم: التعدِّي المتواصل على مقام صعصعة إصرارٌ على محو تاريخ البلد

الشيخ عيسى قاسم
الشيخ عيسى قاسم

رأى إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم، أن التعدي المتواصل على مقام الصحابي الجليل صعصعة بن صوحان العبدي، هو إصرار على محو تاريخ هذا البلد، وألا يبقى أثر لمقام هذا الصحابي.

وفي خطبته أمس الجمعة (2 مايو/ أيار 2014)، تساءل قاسم: «ما ذنب صعصعة بن صوحان العبدي الرجل الصالح المجاهد في سبيل الله؟ ما ذنب مقامه؟ لا الرجل ولا مقامه اليوم يقوم بدور مضادٍ للسياسة القائمة في هذه الأرض، والتي تعتبر كلمة الحقّ في وجهها من أنكر المنكرات وأبشع الجرائم».

وذكر أن «المقام مضروب عليه سياج من الحظر الأمني الذي عزل عنه روَّاده، وأبقاه مبنى متواضعاً صامتاً لا ينطلق منه ذكر ولا تلاوة...، لكن بقي استهدافه والتعدّي عليه، والغارة بعد الغارة التي تُشنّ ضدَّه أمراً مستمرًّا متواصلًا، كأن الإصرار لابد ألا يبقى للمقام أثراً، ألّا يبقى لصاحبه ذكر في تاريخ البلد، أن تُحمى شهادة هذا المقام بتعفية كلّ أثر من آثاره ومن كل ما يذكّر به وبصاحبه».

وقال: «إنَّ وجوده نفسَه ذنب وإثم وضرر بالغ فلا يصح له بقاء»، مشيراً إلى أن «للسياسة نظرات ونظرات وأهداف وأهداف، لابد لها من بلوغها وإن كان على حساب الدين، وأمانة التاريخ، وحقائق الواقع، وقيمة الأحياء، وحرمة الأموات كذلك».

وأكد أن «الشعوب اليوم على تنبُّه كافٍ لكل ذلك، وهي غير مستعدة لأن تخون دينها، وتقبل تزوير تاريخها، ونسيان أمجادها وأبطالها ورموزها».

وتحدث قاسم في خطبته عن المتوفى عبدالعزيز العبّار، الذي لم يوارَ الثرى حتى الآن، منذ وفاته في 18 أبريل/ نيسان الماضي (2014)، مبيناً أن «السلطة تقول إما أن تدفنوا جريمة قتل العبّار...، وتقبرونها كإقبار جسده أو أشدّ، وتبرّئوا السلطة ومأموريها من دمه براءة الذئب من دم يوسف (ع)، وإمَّا أن يُحرَم الرجل المؤمن حقَّ مواراة جسده وإجراء مراسيم الموتى عليه، وتكون الثلاجة قبره».

وتساءل أيضاً «كيف تُدفن جريمة واضحة للعيان الدفنَ الذي يُنسيها، ويُعفي عن القاتل عقوبةَ ارتكابها بحيث لا يُطالِب بها مطالب؟!».

وتحت عنوان «سجناء تحت العذاب»، أشار إلى أنه «كلما ذكرت التقارير الحقوقيّة تعذيب السجناء والموقوفين كلما قابل ذلك إنكارٌ من السلطة. فماذا عمّا حدث من ضرب وكسر وجرح وسبّ وشتم وألوان إهانة لسجناء جو الأشراف؟!».

وقال: «ما كان بالوسع أن يُدفن خبره وواقعه تحت الرمال، وهنا لابد أن يأتي التبرير لما لا يُقرّه دين أو قانون ولا يقبل به عرف سليم، وأي قتل ظلماً وأي بشاعة ترتكبها قوات الأمن وأجهزة من أجهزة السلطة، وتصدر بها الأوامر، لا يكون نصيبها إلا الإنكارَ من قبل السلطة، أو التمسُّك بعذر وهمي مختلق لتبريرها؟! وكم من دم ضاع لأبناء الشّعب، وكم من روح أُزهِقت على يد قوات السلطة وأُزهق حق القصاص العادل لها؟! شعبٌ لا حدّ للظلم الذي يقع عليه، ولا حدّ لإصراره على حقّه، والصبر الذي يتحلّى به الذي لا ينفذ لديه».

وفي تساؤل «ما شرط أن تعيش؟»، بيّن قاسم أن «في رأي حكومات ظالمة في الأرض، شرط أن تعيش أنت الإنسان على الأرض التي وُلِدت فيها، وكان قد وُلِدَتْ عليها السلسلة الطويلة من أجدادك، وتربّيت عليها منذ نعومة أظفارك، ولم تعرف لك وطناً غيرها، وشرط أن ينال الإنسان حقوقه المقررة له دينيًّا وإنسانيًّا ووطنيًّا، وعقلائيًّا، وعرفاً عالميًّا في الأرض التي هي مهدُك ومهد أجدادك أن يتم التنازل منك ومن أيّ إنسان مماثل عن دينك، وحقوقك منَّةً وإحساناً، أن يكون الإنسان حَيَواناً بلا حقوق مطلقاً ولا كرامة، ألّا يرتفع له صوت منادياً بالحق والتغيير والإصلاح، أن يرضى بالذلّ والهوان، وبأخسِّ مستوى للعيش وأحطّه وأردأه».

وتابع «أن يسكت على أنواع الانتهاك للدّين والقيم والأخلاق الكريمة، أن يرى الظلم يعبث في الأرض فساداً فيسكت أمامه بل يضحك له، أن يتخلّى عن كلِّ صلة إنسانية وعلمية ودينية لا ترتضيها السياسة وتدخل السياسة وسوسة منها، ألّا تكون له أيّ مرجعية ولو في أمر من أمور الدين غيرُ مرجعية هذه السياسة، أن يكفر بكلّ قيمة ما لم تكن في خدمة هذه السياسة، أن يقبل بطش هذه السياسة، أن يحسِّن قبيحها، ويقبّح حسن كل من وما خالفها من شيء، أن يكون رهن الأمر، أو الإشارة من هذه السياسة».

وأردف قائلاً: «كل ذلك مطلوب منه وعليه أن يدفعه ثمناً في غير تبرّم ولا تضجُّر لأن يعترف له بحق العيش أخس عيش وأحط عيش في وطنه وأرضه وأرض أجداده».

وطرح تساؤلات عدة بقوله «أيُّ وطن هذا؟ وأيّ إنسانية هذه التي تقبل كل هذا الإذلال، وهذه التبعية البهيمية الرخيصة؟ أعلى المنازل في جنة الخلد لم يُجعل ثمنها هذا الثمن الباهظ الخيال. أهذه شروط يتفوّه بها عاقل، وتُطرح من إنسان على إنسان؟».

وأجاب على التساؤلات بالقول: «نعم هذه هي الشروط التي تمارس طرحها عمليًّا، وبكلّ قوة وبصراحة، أوضح من كل بيان وكل مقالة سياسةُ الظلم والطغيان في أي مكان رسّخت فيه وجودها القاتل».

وتحت عنوان «إلا الدكتاتورية»، بيّن قاسم أن «ما يقوله عدد من الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية بأنه لا دين، لا ديمقراطية، لا أيَّ شيء آخر في مجال الحكم والسياسة إلّا الدكتاتورية. تقول هذه الأنظمة لا لأي شيء، نعم للديكتاتورية. ولا شيء أبداً مما يمسُّها. وكل شيء وكل قدرات الوطن، وكل السلاح والجند والمخابرات ومجالس التشريع والقضاء ومختلف أجهزة الدولة ومخططاتها وعلاقاتها ومؤسساتها وموازنتها لحماية الديكتاتورية».

واستطرد «تُقام تحالفات ومعاهدات تعاون لإجهاض أي بادرة تطلع برأسها في صالح الديمقراطية، وتُشَنُّ الحروب المشتركة لتركيز الديكتاتورية وحماية الديكتاتورية. ويُنكّل بأي شعب أشدَّ التنكيل ويحارب محاربة لا رحمة فيها من محيطه الإقليمي والعربي العام على مستواه الرسمي إذا ارتفع له صوت ينادي بالديمقراطية».

وأفاد أن «هناك مقدّس واحد مقدّم على كلّ مقدّس لو قُدِّر لغيره شيء من التقديس وهو الديكتاتورية، وخائن للوطن، ناقض للأمانة، متخلٍّ عن دينه، ساقط في إنسانيته، مبيح لكل حرماته من رفع صوتاً ضدّ الديكتاتورية. لا عهد ولا ذمّة ولا حرمة ولا حقّ، ولا وطن لمن ناهض الديكتاتورية، ومنبوذ من لم يتعاون مع الديكتاتورية. أعان الله شعوب الأمة وهي تتجه للتحرر من الديكتاتورية، وتصرّ بكل شدة على هذا التحرّر».

العدد 4256 - الجمعة 02 مايو 2014م الموافق 03 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 6:53 ص

      الحين

      ويش استفادو من قتلهم الابرياء هل هاده عمل بطولى لين تقتل مواطن وتسجنه وتعذبه وتهدم مساجده

    • زائر 8 | 3:45 ص

      تكفريين

      بدعم حكومي

    • زائر 4 | 12:30 ص

      دلائل ودلالات

      حرمة القبور ومقامتها في عندل كل العالم محط تقدير واحترام فما بالك اذا كانت قبور لعظماء من الامة وبالأخص اذا كانت لأحد الصحابة او التابعين . ومقام صعصعة ابن صوحان هو من صحابة الامام علي الخليفة الرابع للمسلمين فلندع كلمة شيعة وسنّة.
      الامام علي عند كل المسلمين خليفة رابع وهذا احد صحابته فلماذا محاولة النيل من هذا المقام؟ وما هي اهداف من يحاول هدم قبر او التعدي على حرمته؟
      مهما كان للبعض اختلاف في الرأي لكن حرمة هذه المقامات يجب ان تظل بعيدا عن التجاذب الا ان تكون الانسانية قد سقطت

    • زائر 2 | 9:48 م

      احسنت

      عقلية بوزن بلد لاعجب بحقد النظام على هذا الانسان العالم والدكتور المفكر الكبير حفظه الله لكم ياشعب البحرين

اقرأ ايضاً