ذكر تقرير نشر في صحيفة «نيويورك تايمز» يوم الثلثاء الماضي (13 مايو/ أيار 2014)، أن الحكومة الفرنسية أقالت رئيسة متحف بيكاسو، آن بالداساري من منصبها، بعد احتجاجات قام بها الموظفون، وسط جدل مرير بشأن تأخر إعادة فتح المتحف الذي تم إغلاقه بسبب عمليات الترميم التي بدأت قبل خمس سنوات تقريباً.

المتحف الذي يتخذ من مبنى شُيّد في القرن السابع عشر، في حي ماريه في باريس، مقراً له، سيتضاعف حجمه ليضم أكبر مجموعة من أعمال بيكاسو في العالم. وكان من المقرر إعادة فتح المتحف في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2013، ثم تأجل إلى يونيو/ حزيران المقبل، فيما تم تأجيل افتتاحه هذا الشهر (مايو)، ليتقرر افتتاحه - على أقل تقدير - في سبتمبر/ أيلول المقبل، في الوقت الذي لا يملك المتحف عقوداً لموظفي الأمن أو للعاملين في المطعم الجديد التابع إليه.

وظهرت آن بالداساري، التي قادت مشروع الترميم منذ توليها رئاسة المتحف، في وزارة الثقافة يوم الثلثاء الماضي (6 مايو الجاري)، قائلة، إنه تم عرض وظيفة بديلة عليها في المتحف ولكنها رفضت؛ من بينها أن تكون مسئولة عن عرض اللوحات، وفقاً لتصريح مسئول حكومي رفض ذكر اسمه، لأنه غير مصرح بذلك من قبل الحكومة الفرنسية.

وفي بيان لاذع صدر عقب الاجتماع، قالت وزارة الثقافة، إن بالداساري قد تمّت إقالتها بسبب «بيئة العمل المتدهورة بشكل خطير». وأشارت إلى مراجعة إدارية في مارس/ آذار 2014، من قبل المفتش العام الذي أوصى بإصلاح شامل بسبب «المعاناة العميقة في مكان العمل والأجواء المتسمّمة» التي أدّت إلى سلسلة من الاستقالات من قبل كبار المسئولين الذين كانوا يتمتعون بالحيوية ومتحمّسين من أجل إعادة افتتاح المتحف.

وكانت إقالة بالداساري من قبل وزيرة الثقافة أوريللى فيليبتى، بمثابة الفصل الأخير في الصراع الذي كان قائماً منذ ما يقرب العامين في متحف بيكاسو.

وتحت قيادة بالداساري، غادر اثنان من المديرين التنفيذيين، واحد بعد أقل من عام، وبعد بضعة أشهر، استقال أيضاً مدير إعادة ترميم المتحف.

بالداساري التي تبلغ من العمر 59 عاماً، هي عالمة بأعمال بيكاسو، ارتقت في عملها خلال أكثر من عقدين لتصبح رئيسة للمتحف. وأشاد مؤيدوها بالمساعدة التي قدّمتها في سبيل تأمين التمويل لمعظم المشروع خلال فترة الركود الحاد عن طريق إرسال الأعمال في جولات متعدّدة إلى المتاحف من سان فرانسيسكو إلى سيدني، في أستراليا.

وعيّنت الوزارة صاحب تجربة في الخدمة المدنية، جيروم بويه، كرئيس مؤقت. ولم يتسنَ الحصول على تعليق يوم الثلثاء من بالداساري.

وافتتح المتحف للمرة الأولى في العام 1985 بفندق سلا السابق. وكان من المفترض أن يكتمل مشروع التوسعة، الذي تضاعفت موازنته إلى ما يقرب من 70 مليون دولار، في غضون عامين عندما بدأت في العام 2009، ولأن الأعمال نمت على مستويي النطاق والحجم، تم إعلان مواعيد إعادة فتحه وتأخر عدّة مرات.

وفي الآونة الأخيرة، حدث لغط وضجة في حي ماريه على بعض أعمال الترميم من دون الحصول على تصاريح من قبل السكّان.

الضغوط على بالداساري تكثفت هذا العام بعد أن تعهّدت بإعادة افتتاح المتحف في يونيو. وعندما غيَّرَت وزيرة الثقافة موعد الافتتاح إلى سبتمبر - حتى يمكن الانتهاء من العمل في ظروف مثالية، انتقد نجل الفنان بيكاسو وعضو مجلس إدارة المتحف، كلود بيكاسو، علناً الوزارة لتعريض والده إلى الامتهان بتكرار عمليات التأخير. وأصرّ بيكاسو الابن أيضاً على أن الصراع الداخلي في المتحف كان مبالغاً فيه.

وأصرّت المتحدثة الرسمية باسم بيكاسو الابن، كريستين بينو، التي استمرت في الدفاع عن بالداساري، يوم الثلثاء، على أنه ليس هناك سوى رئيس فرنسا، فرانسوا هولاند، الذي له الحق في تنحيتها؛ على رغم أن مسئولاً بوزارة الثقافة قال، إنه سيوقع قرار الفصل. وأضافت بينو بأن تنحية بالداساري «لن تحل مشكلات المتحف بطريقة سحرية، تماماً مثل التلويح بعصا».

وقام عدد كبير من موظفي المتحف بملء استبيان كي تقوم وزارة الثقافة بإعادة النظر في أوضاع المتحفن وذلك في شهر مارس الماضي، وأوصوا بإصلاح شامل للإدارة. في المقابل، أرسلت بالداساري إلى صحيفة محلية، 44 صفحة تدافع فيها عن فترة توليها رئاسة المتحف.

وقالت: «لم يكن هنالك شيء في تقرير المفتش العام قد فاجأنا». مسئول في وزارة الثقافة قال يوم الثلثاء: «كان ذلك يحدث منذ سنوات. الحقيقة هي أننا لا يمكن أن نفتح المتحف مع كل ما يحدث من استقالة كل أولئك الموظفين الذين تركوا العمل فيه».

يُذكر، أن متحف بيكاسو في باريس يضم أكثر من خمسة آلاف عمل فني للرسام الإسباني بيكاسو, ويستقبل نحو نصف مليون زائر سنوياً بينهم 65 في المئة من الأجانب.