العدد 4270 - الجمعة 16 مايو 2014م الموافق 17 رجب 1435هـ

التوظيف والخصوبة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: هل تهب الأمهات للنجدة؟

البنك الدولي (12 مايو 2014) 

تحديث: 12 مايو 2017

يواجه الشباب الذين يلتحقون بالفئات السكانية التي بلغت سن العمل في أغلب بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سياسات وهياكل اقتصادية تخفق منذ زمن بعيد في خلق العدد المناسب من الوظائف الجديدة. خلال السنوات الأخيرة، كان ما يقرب من 5 ملايين شخص ينضمون إلى من بلغوا سن العمل سنوياً، ولم يحصل سوى ثلاثة ملايين منهم على فرصة عمل.

ولسوء الحظ، تشير الاضطرابات السياسية الجارية والظروف الاقتصادية والسياسات المصاحبة لها إلى أن التحدي الذي تمثله الوظائف سيشتد وطأة خلال سنوات كثيرة قادمة. ومع هذا، قد تكون النجدة على الطريق من مصدر "لم يكن على البال": انخفاض معدلات الخصوبة. ووفق بحث جديد أجراه نيكولاس إيبرستاد وأبورفا شاه، تشهد البلدان الإسلامية (بما فيها بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، واحدة من أسرع نسب التراجع في معدلات الخصوبة في العصر الحديث. وبتخفيض عدد الباحثين عن وظائف في المستقبل، يمكن لهذا التغير في السلوك بين الأمهات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يقلص حجم التحدي الذي يشكله التوظيف خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة.

وهنا بعض المؤشرات ذات الصلة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:

- من بين عشر حالات تراجع فيها إجمالي معدلات الخصوبة في حقبة ما بعد الحرب، حدثت خمس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سلطنة عمان، إيران، الكويت، الجزائر، ليبيا).

- إجمالي معدلات الخصوبة بين السكان في البحرين وإيران ولبنان وقطر وتونس أصبح أدنى من نسبة الإحلال السكاني البالغة 2.1 في المائة؛ وعلى الجانب الأقصى، كانت هناك أربع بلدان تزيد فيها معدلات الخصوبة عن ثلاثة في المائة (انظر هنا).

- النمو السكاني ينخفض إلى أقل من 2 في المائة سنوياً في أغلب بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ كانت هذه النسبة أعلى في بلدان مجلس التعاون الخليجي التي تستقبل أعداداً كبيرة من العمال المغتربين وأيضاً في بلدان كاليمن والعراق والأردن (انظر هنا).

لا ينبغي أن تكون هذه الاتجاهات مفاجئة. فقد شهدت بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ سبعينات القرن الماضي نمواً سريعاً في التوسع الحضري وتعليم الفتيات وتراجعاً سريعاً في وفيات الأطفال. وكان لهذه العوامل تأثير سلبي أكيد على الخصوبة. علاوة على ذلك، فإننا نرى أيضاً ارتفاعاً في متوسط عمر الفتيات اللواتي يتزوجن للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فقد ارتفع هذا المعدل إلى أواخر العشرينات – وهو أعلى مما هو عليه في أغلب البلدان النامية، وإن كان أقل من الدول الغربية (انظر هنا). ولا ينبغي بشكل عام أن نندهش من هذا الهبوط الحاد في معدلات الخصوبة.

ووفقاً لكل من إيبرستاد وشاه، فعند المعدلات الحالية للخصوبة، ستشهد العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (التي تشمل الجزائر والمغرب وإيران وقطر وتونس والإمارات العربية المتحدة) خلال ربع القرن القادم تراجعاً كبيراً في الضغوط التي تسببها قوة العمل (من جانب العرض) مع ارتفاع أعداد من سيبلغون سن العمل (من 15 إلى 64 عاما) إلى أقصى مستوى لها بحلول عام 2050. وبالنسبة للبنان، ستصل أعداد القوة العاملة أقصاها مبكراً بعض الشيء، بحلول عام 2023!

بالطبع، مازالت معدلات الخصوبة لدى بعض البلدان الأخرى، كاليمن والعراق، عالية لدرجة يستبعد عندها تراجع الضغوط الديموغرافية أو الضغوط الناجمة عن نقص الوظائف خلال العقود الثلاثة القادمة. ويجب أن يؤخذ في الحسبان أنه في الوقت الذي يمكن أن يخفف تعليم الفتيات من تحديات التوظيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال تأثيره على معدلات الخصوبة، فإنه قد يزيد أيضا من الضغوط على الوظائف لأنه يؤدي إلى ارتفاع معدلات البحث عن وظائف بين الإناث.

في النهاية، في حين أن انخفاض معدلات الخصوبة سيساعد على صعيد التوظيف، فإنه سيثير تحديات جديدة في جوانب أخرى من السياسة العامة. على سبيل المثال، مع انحسار طوفان الشباب بمرور الوقت، سيرتفع عدد الكبار غير العاملين بالمقارنة بالأفراد العاملين. وسيزيد هذا من الضغوط على أنظمة الرعاية الطبية والمعاشات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهذا موضوع تدوينة أخرى.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً