العدد 4271 - السبت 17 مايو 2014م الموافق 18 رجب 1435هـ

كيف أعيش الآن": ليس فيلماً للمراهقين.. أبداً

فضاءات (الوسط) – المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

لن يتمكن أي من مشاهدي الفيلم البريطاني "كيف أعيش الآن" "How I Live NOW من نسيانه أبداً، فهذا الفيلم الذي عرض في أكتوبر 2013 قدم لمشاهديه تجربة سينمائية فريدة، ليست ممتعة لكن يمكن وصفها بالجميلة بشكل شاذ وغير مألوف.

الفيلم الذي أخرجه كيفن ماكدونالد (أشهر أفلامه The Last King of Scotland ) مقتبس من رواية للمراهقين تحمل الإسم نفسه كتبتها الروائية الإنجليزية ميغ روزوف. هذا الرواية تم الإحتفاء بها بشكل كبير وحصلت على عدة جوائز أدبية، وهي رواية خيال علمي لقيت رواجاً كبيرا وحققت مبيعات عالية.

لكن ما يجعل هذا الفيلم مختلفا هو ان اقتباسه مختلف نوعاً ما عن اي اقتباس لأي رواية مراهقين نعرفها. ليست الرواية هي المختلفة وإن كانت رواية خيال علمي، لكن الاقتباس هو المميز، وإن بشكل غير مألوف.

في العادة يلتزم كتاب السيناريو والمخرجون في اقتباساتهم بالروايات موضع الاقتباس ويحشرون أفلامهم بكم كبير من المشاهد الواردة في الرواية، حتى لو عنى ذلك أن يكون الناتج أفلاماً مملة وبطيئة. حدث ذلك في أفلام "هاري بوتر" Harry Potter. لكن صناع فيلم "كيف أعيش الآن" "How I Live NOW يرفضون هذا النهج بشكل قاطع.

في هذا الفيلم، يتجاهل مخرج الفيلم الاسكتلندي الحائز على جائزة الأوسكار، شخصيات الرواية، يغير مواقع الأحداث ويتخلى عن السرد القصصي المألوف. ربما يغضب ذلك من أحبوا الرواية وقد يربك من لم يقرأها بعد، وهذا في الواقع ليس سوى سبب واحد من أسباب كثيرة لافتقار هذا الفيلم "المختلف" لقاعدة جماهيرية واضحة.

سايروس رونان، الممثلة الايرلندية المرشحة للأوسكار، التي ترفع حدة وذكاء أي فيلم تشارك فيه، تقدم في الفيلم دور "ديزي"، المراهقة الأميركية التي تقضى اجازة الصيف في مزرعة مهلهة يملكها أقاربها في انجلترا. في البداية تبدو وكأنها مصممة على أن تنعزل عن أقاربها، لكنها سرعان ما تنجذب لأبناء عمومتها المبتهجين على الدوام خاصة ادموند "يقوم بدوره جورج ماكاي"، وهو شاب قوي هادئ ويفضل الصمت، شاهدته للمرة الأولى يحملق مشدوهاً من خلال سياج المزرعة مع صقر جاثم على ذراعه. عمة ديزي (آنا تشانسيلور) تعمل في السلك الدبلوماسي ونادرا ما تتواجد في المزرعة، ما يعني أن الشابين سيقضيان صيفهما دون رقابة. الإنجذاب الذي يكاد يتحول إلى حب لا يعني أننا أمام فيلم يشبه Twilight أو The Hunger Games ، إذ نفاجئ أولا بطغيان جو غامض و"غير رومانسي" على الفيلم، لكن المشاهدين لن يعرفون أبداً ما سيأتي بعدها من مفاجآت.

أول تلك المفاجآت إنفجار ذري بعيد، يعتقده أبطال الفيلم مطر ثلجي من الرماد، لكنه في الواقع إشارة إلى بداية حرب عالمية ثالثة. يتم الهجوم على بريطانيا من قبل عدو غير معروف، وتنتقل ديزي وابنة عمها الصغرى بايبر "هارلي بيرد"، لسبب ما إلى منزل بعيد عن باقي أفراد الأسرة، لكن الفتاتان تصممان على لم شمل الأسرة والعودة إلى مزرعة الأسرة مهما كلف الأمر، فتقرران القيام برحلة عبر الريف.

عند هذه النقطة يتحول الفيلم إلى فيلم إثارة قاسي يناقش فكرة البقاء على قيد الحياة، فيلم يمكن له أن يصنف على نفس مرتبة فيلم المخرج كورماك ماكارثي "الطريق" The Road من حيث قدرته على تقديم تجربة مشاهدة مغايرة. لا يتطرق المخرج لتفاصيل الحرب الذي تظل غامضة وغير معروفة لكن مقلقة للمشاهد، لا يعرف منها شيئا سوى بعض الاشارات التي تفيد بوجود عمليات اغتصاب ونهب.

في طريق عودة الفتاتين، تقاوم ديزي الجوع وتهديدات بالتعرض لعنف مروع. كل محنة تتعاقب على ابطال الفيلم تترك لدى مشاهديه صدمة وانطباعاً بأنه فيلم ليس موجهاً للصغار ثم تأتي المفاجأة الأكبر حين يتحول أحد أبطال الفيلم الرئيسين إلى جثة تأكلها الديدان ثم تُترك لتلتهمها الثعالب .

يقول منتج الفيلم تشارلز ستيل "أردنا أن يقدم هذا الفيلم قصة حب موجهة للمراهقين". وهو إدعاء يجعلك تتساءل عن أي نوع من المراهقين يتحدث ستيل، فالفيلم يشبه كابوس للمشاهدين الصغار، وفيلم قريب من أفلام الرعب بالنسبة للمشاهدين الكبار. في الواقع يبقى السؤال عما إذا كان هناك أي جمهور لهذا الفيلم القاسي والجميل بشكل شاذ في الوقت ذاته.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً