الاشتباكات في ليبيا بين الجماعات المسلحة التي أطاحت بحكم العقيد معمَّر القذافي تعكس المصالح والأجندات المتضاربة لقوى ليبيَّة داخليَّة وللقوى الإقليميَّة... ويمكن حاليّاً متابعة الخبر الليبي في الفضائيَّات الرئيسيَّة لرؤية الفرق في طريقة تناول الخبر، وهو مماثل للفرق في تناول الخبر المصري، إذ ترى فضائيَّة تقف مع هذا الفريق، والأخرى مع الفريق الآخر.

ويوم أمسِ، نقلت وكالات الأنباء أنَّ رئيس البرلمان المعلق نوري أبو سهمين كلف إحدى الميليشيات، «قوات درع ليبيا»، إعادة الأمن إلى طرابلس وبنغازي، ما ينذر باشتباكات، في وقت انضمَّت قوات جديدة إلى حملة اللواء المتقاعد خليفة حفتر. الأخير شنَّ «عمليَّة الكرامة»، وقال إنَّه يهدف إلى تطهير ليبيا من الإسلاميين المتطرفين وإعادة الثورة إلى مسارها الصحيح، وفي الوقت ذاته، اتَّهمت وسائل الإعلام التابعة إلى جماعة الإخوان المسلمين حفتر بأنه يسعى إلى تكرار «المشهد المصري» ويلعب دور السيسي.

ما يجري حاليّاً في ليبيا صراع على السلطة، وهناك مصالح إقليمية مختلفة، وبالتالي فإنَّ الصراع الداخلي هو انعكاس أيضاً للصراع الإقليمي. وهذا يعني أنَّ الليبيين ربما يفقدون السيطرة على أجندة بلادهم، والجماعات المختلفة مجرد انعكاس لأجندات خارجية، والضحيَّة في نهاية الأمر الشعب الذي كان قد عانى تحت حكم القذافي، وهو يعاني حاليّاً بسبب عدم قدرة النُّخب على إدارة الشأن العام.

الليبيون يحتاجون إلى من يساعدهم على التَّوصل إلى حل تفاوضي فيما بينهم بدلاً من تشجيع الأطراف المتحاربة على الدخول في معارك دامية. كما أنَّ أية دولة تحترم نفسها لا يمكنها أن تعتمد على ميليشيات موزعة الولاء على قبائل أو توجهات متطرفة؛ لأنَّ نتيجة ذلك انقسام البلاد وتفتُّت نسيجها.