العدد 4280 - الإثنين 26 مايو 2014م الموافق 27 رجب 1435هـ

«العرف» الأخطر هو الذي يلغي «الدستور»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

فشل مجلس النواب اللبناني الخميس الماضي - للمرة الخامسة - في انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال سليمان في (25 مايو / أيار 2014)... وعلى رغم أنَّ الدستور اللبناني لا ينصُّ على الطائفة التي يجب أن ينتمي إليها الرئيس، فإِنَّه وبحسب «العرف» يجب أن ينتمي إلى الطائفة المارونيَّة المسيحيَّة.

المثال اللبناني يوضح أنَّ «العرف» أقوى من «الدستور» في بعض الأحيان، وهذا الوضع لا يخصُّ لبنان فقط، فالعرف قد يكون سلبيّاً... وأحياناً قد يكون مفيداً في ملء الفراغ الدستوري بممارسات لا تقلُّ عن مستوى الديمقراطية في أي مكان، ومثال ذلك بريطانيا التي تعتمد كثيراً على الأعراف (وهي أساساً من دون دستور مكتوب)، لكنَّ «العرف» المعمول به لا يخِلُّ بالحقوق الفردية والجماعية، ولا يحدث اختلالاً في النِّظام، ولا يؤدي إلى إهانة كرامة الإنسان.

مشكلة «العرف» أكبر عندما يزاحم النصَّ الدستوري، بل وقد يناقضه، وتكون له تداعيات غير متوازنة وخطيرة على كل جوانب الحياة العامة. ففي البحرين مثلاً، يتردَّدُ كثيراً أنَّنا في «دولة القانون والمؤسسات»، وأَنَّ أي شخص يتمُّ التَّعامل معه على أساس المواطنة المتساوية أمام القانون. لكن على أرض الواقع، فإنَّ هناك أعرافاً أكثر قدسيَّة من الدستور، وإذا كانت هذه الأعراف مستنكرة في السابق، فإنَّها أصبحت الآن محلَّ تفاخر شبه علني.

البحريني - من ناحية «العرف» المعمول به حاليّاً - ليس متساوياً مع البحريني الآخر، وتدخل عوامل كثيرة، أهمها أصله وفصله وانتماؤه، في إمكانية تعيينه في أي منصب، وفي أي وزارة وفي أية مؤسسة، بل وحتى في إمكانيَّة حصوله على وحدة سكنيَّة أو بعثة دراسيَّة أو سفرة تابعة إلى العمل... الخ، وأصبح حتى الأجنبي مفضلاً على البحريني الذي ينتمي إلى فئة غير مرغوبة رسميّاً.

على أنَّ الأغرب من ذلك، أنَّ الذين يتباهون بهذه الممارسة يكيلون التُّهم ضد أي شخص أو أي طرف، ويتهمونه بـ «الطائفية» إذا طالب بتطبيق المبدأ الدستوري القائل بسواسية المواطنين أمام القانون، أو إذا طالب بتفعيل «دولة القانون والمؤسسات» على أسس العدالة التي يجب أن تطبق على الجميع من دون استثناءات أو التفافات لأي سبب غير مكتوب في الدستور أو القانون.

المواطنة المتساوية يسعى إليها كل من ينشد حياة حرَّة وكريمة، وهذه لا تتحقق إلا مع سيادة القانون العادل والملتزم بحقوق الإنسان... وهذه المواطنة تحتاج إلى الالتزام بـ «دستور» وليس بـ «عرف» يناقضها ويلغيها.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4280 - الإثنين 26 مايو 2014م الموافق 27 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 8:26 ص

      شكرا على المقال

      يا دكتور الجهات الرسميه شحنت المواطنين في الاعلام وفي المنابر وللاسف كان اكثر المواطنين يصدقون الخرافات التي يقولونها لهم لذلك تجد اكثرهم يتهمون من يطالب بالديمقراطيه والمساواه والخ لانهم ولاءهم للخارج وغيرها من التفاهات

    • زائر 12 | 5:27 ص

      هاذي هي الدنيا

      الناس على دين ملوكهم

    • زائر 7 | 3:09 ص

      الإنسان الإنسان والاحترام

      أعرافنا وأعرافهم ، سيئاتنا حسنات عندهم. وحسناتهم سيئات عندنا , والنظرية القرآنية محورها الإصلاح والعدالة، إن احترام الإنسان على اساس ذلك. أبو آدم

    • زائر 9 زائر 7 | 5:01 ص

      بحريني

      دكتور هل تقصد من كلامك ان الي اصلهم من محمره مهمشين؟!

    • زائر 5 | 1:37 ص

      كلمة حق

      كلمة حق تقال في حق بعض اصحاب الشركات والمؤسسات الشرفاء الذين يوظفون دون النظر لمذهب الشخص من الشباب والشابات وأعرف الكثير من الموظفين والموظفات ونقدم لهم كل التقدير والإحترام وليت جريدتكم الموقرة تسمح لنا بذكر الأسماء أما في الوظائف الحكومية فهناك حالات توظيف حسب المذهب ولكن الرزق من الله تعالى وليس بيد العبد

    • زائر 8 زائر 5 | 5:01 ص

      والاكثر

      اكثر من ثمانين بالمئة من الشركات تقبل توظف من قبل ديوان الخدمة المدنيه الي تقدم لهم ليته باسماء الموظفين الي ينتظرون وظائف ومنهم الشركات عيني عينك ما توظف وغيره من الشركات الاجنبيه الي ثمانين بالمئة أجانب بالمقابل يستخدمون البحريني للفيزا عشان يجلبون أجانب اكثر !!

    • زائر 4 | 1:07 ص

      صدقت

      صح الله لسانك يالحبيب

    • زائر 2 | 12:46 ص

      !!!

      أن الذي يحدث في هذا البلاد ليس عرف بل هو تمييز طائفي وتمييز عنصري
      لان العرف من منظور قانوني يجب أن يكون متفق عليه من جميع فئات المجتمع
      وهذا غير موجود وبالنتيجة أن الذي يجري في هذا البلاد لا يطلق عليه عرف من منظور قانوني . والتمييز تكون الحكومة هي المسئولة عنه والعرف تكون المؤسسة القضائية هي المسئولة عن تطبيقه

    • زائر 1 | 12:44 ص

      صح الله لسانك

      لو كان هناك تساوي في مجتمعنا لكن بالف خير

    • زائر 10 زائر 1 | 5:01 ص

      وين التساوي

      كفايه ناس عاطلين عن العمل والبحرين تعلن فرص وظيفيه في دول اجنبيه!!

    • زائر 11 زائر 1 | 5:02 ص

      التساوي

      ان تجوف جلب المزيد من الموظفين الأجانب اما العاطلين فيطرون دورهم من سنين من قبل وزارة العمل والأجانب واهو في ديرته للوظيفه والسكن جاهز

اقرأ ايضاً