العدد 4287 - الإثنين 02 يونيو 2014م الموافق 04 شعبان 1435هـ

مياو ديشون:السجين الأخير من سجناء أحداث تيانانمين بالصين

الوسط – المحرر السياسي 

تحديث: 12 مايو 2017

حينما هدأت الأوضاع في الشوارع وتوقف إطلاق النار عقب المواجهات العنيفة بين محتجين وقوات من الجيش في يونيو/حزيران عام 1989، بدأت الحكومة الصينية حملة اعتقالات بحق أشخاص اعتبرتهم جناة.

أعتقل وأطلق سراح عدد كبير من الأشخاص، لكن 1600 شخص صدرت بحقهم أحكام بالسجن.
لكن الآن يعتقد أن شخصا واحدا فقط أدين خلال هذه الفترة لا يزال خلف القضبان.
لا توجد لدينا صورته، لكننا نعرف اسمه، إنه مياو ديشون، عامل مصنع من بكين أدين بالحرق العمد بسبب إلقائه سلة على دبابة محترقة.
وبحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في مقابل هذه الجريمة الصغيرة على ما يبدو، صدر حكم بالإعدام مع إيقاف التنفيذ بحق ديشون، خففت للسجن المؤبد بعد مرور سنوات قليلة. ومن غير المقرر إطلاق سراح ديشون حتى 15 سبتمبر/أيلول عام 2018.
ويقول دونغ شينغكون وهو ناشط آخر من نشطاء تيانمين كان يقيم في نفس زنزانة مياو ديشون في حديثه عن الأخير "لقد كان (ديشون) شخصا هادئا، كان مكتئبا جدا في أغلب الأحيان".
وكل من التقتهم بي بي سي وكانوا على معرفة بديشون قالوا إنه كان نحيفا جدا.
وأضاف دونغ "صدرت بحق كل منا أحكام بالإعدام مع إيقاف التنفيذ، وكان من المفترض أن توضع الأغلال في أقدامنا، لقد تم تقييدي (بالأغلال) لكن ديشون لم يتم تقييده. وقال ديشون إن الحراس ربما اعتقدوا أنه نحيف جدا ليكون قادرا على تحمل أغلال القدمين، ولا يمكنه السير تحت وطأة القيود".
حي أم ميت؟
ورفض مكتب السجناء في بكين الرد على تساؤلات بشأن مياو ديشون، مشيرا إلى أنه لا يمكن الإجابة على أسئلة من صحفيين أجانب. لكن منظمة مقرها الولايات المتحدة معنية بالدفاع عن الحقوق القانونية للسجناء الصينيين أوضحت أنه من المرجح بشكل كبير أن يكون مياو ديشون هو آخر سجين مدان بتهم تعود إلى انتفاضة تيانانمين عام 1989.
بالطبع قد يكون مياو ديشون توفي في السجن قبل سنوات، ولم يعلن عن نبأة وفاته. ويؤكد مكتب السجناء فقط حالة السجناء لأقرب ذويهم فقط.
لكن ومع افتراض أن مياو ديشون لا يزال حيا، فلماذا يظل في السجن هذه الفترة الطويلة بعد إطلاق سراح معظم السجناء الآخرين؟
ويتفق معظم السجناء السابقين بأن مياو وعلى عكس معظم الآخرين رفض توقيع خطابات يقر فيها بندمه على المشاركة في احتجاجات تيانانمين. ورفض أيضا المشاركة في أشغال السجن، واختار في المقابل قضاء أيامه في قراءة الجرائد في زنزانته.
وقال سون ليونغ وهو سجين سابق في حديثه عن ديشون "إنه آخر سجين، لأنه لم يقر مطلقا أنه أخطأ، لقد رفض الإذعان للقواعد ورفض المشاركة في الأشغال من خلال برامج إعادة التأهيل".
ويعيش سون حاليا في سيدني بأستراليا، وهو يدير صندوقا مخصصا لمساعدة الضحايا في وقت فراغه وسجناء سابقين لهم صلة باحتجاجات تيانانمين. ويقول إنه غير متأكد إذا كان مياو على قيد الحياة أم لا.
وقال "إنني على اتصال بسجناء سابقين، وفي كل وقت أسألهم إذا سمعوا شيئا عن مياو، وآخر مرة سمع شخص عنه كان قبل نحو عقد من الزمن".
لكن سجناء آخرين اعتبروا أن عقوبة السجن الطويلة بحق مياو كانت لأنه عامل بسيط تورط في احتجاجات، وليس من أصحاب الحظوة.
وأوضح تشانغ باوكون وهو سجين آخر "حينما صدرت عقوبات بالسجن، صدرت أحكام أشد على مواطنين عاديين، والأشخاص الذين لديهم علاقات جيدة، أو الذين يحظون بحماية من مؤسسات محددة، تصدر بحقهم أحكام أقل".
وأضاف "لا يدافع أحد عن أشخاص مثلنا، وصدر بحق وانغ دان، وهو أحد منظمي الاحتجاجات، حكم بالسجن أربع سنوات فقط".
وتابع "في أوائل التسعينيات حينما ذهبت عائلة (مياو) لزيارته، رفض زيارات العائلة، لم يرد أن يقطع والداه المسنان هذه المسافة الطويلة لرؤيته، ومنذ ذلك الحين، لم يره أحد، وأحيانا كنت أنا ومياو مسجونين في غرف فردية في نفس الوقت، وزنزانتي مقابل زنزانته مباشرة".
وأوضح أن "السطات تعاملت معه وكأنه معتوه، وسمعت أنهم نقلوه إلى يانتشينغ"، مشيرا إلى أنه لا يعرف الكثير عن هذا السجن، لكنه يقع على مسافة بعيدة جدا.

"مرتاح الضمير"
وانتقلت بي بي سي بالسيارة لمسافات استغرقت ساعات وسط الجبال للوصول إلى بوابة سجن "يانتشينغ" الذي يضم السجناء المسنين والذين يعانون من مشاكل عقلية. ويشير الموقع النائي للسجن على ما يبدو أن مياو ديشون قد انفصل تماما عن المجتمع العصري، بعيدا عن الأجواء السياسية لساحة تيانانمين.
وتفاوتت درجات نجاح السجناء السابقين في استعادة حياتهم الطبيعية.
جرب تشانغ باوكون بعد أن غادر السجن عام 2003 العمل في وظائف عديدة لإعالة زوجته وابنه الذي ولد بعد إطلاق سراحه.
وندد تشانغ بفترة العقوبة التي قضاها في السجن ووصفها بأنها "نقطة ملوثة" في سجله، وتساءل عن جدوى مشاركته في احتجاجات تيانانمين عام 1989.
وقال "لن أشارك في شيء مثل هذا مرة أخرى، لقد كانت بلا جدوى، لا يمكنك أن تغير بلدك مهما بذلت من جهود مضنية".
ومنذ أن غادر السجن قبل ثمان سنوات، لم يعثر دونغ شينغكون على وظيفة بدوام كامل. ويعيش منفصلا عن زوجته وابنه مع أمه العجوز البالغة من العمر 76 عاما، لكنه لم يندم مطلقا على اختياراته السابقة".
وقال "إنني مرتاح الضمير، الكثير من الناس قدموا تضحيات كبيرة، إنهم لم يضحوا بحياتهم من أجل المجتمع المادي اليوم ".
وبدا دونغ غير عابئ لدى سؤاله عن آخر سجين من سجناء تيانانمين مياو ديشون وفترة احتجازه الطويلة.
وقال "لا يثير دهشتي استمرار وجوده في السجن حتى الآن، لقد مرت 25 عاما، لكن السلطات يمكنها أن تفعل ما يروق لها".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً