العدد 4296 - الأربعاء 11 يونيو 2014م الموافق 13 شعبان 1435هـ

الباعة الجائلون تحت لهيب الشمس

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

رؤية الباعة الجائلين في عواصم تعاني كثافة سكانية قياسية، وشحاً في الموارد الطبيعية من نفط ومعادن، وإن بلغت معدلات الفساد فيها مستويات متدنية، أمرٌ لا غرابة فيه، وجزءٌ من حركة السوق يرفدها وينشّطها ويفتح فرصاً لمئات الآلاف من العاطلين عن الأعمال الثابتة، وتنفق على ملايين ولو ضمن الحد الأدنى في توفير الاحتياجات الضرورية، وتترك الضوابط بحسب كل بلد.

الغرابة أن ترى مشاهد وصوراً وحالاتٍ من مواطني دولٍ لا تعاني من الكثافة السكانية في حدودها القياسية، ولا تعاني شحاً في الموارد تلك، وإن عانت فالبدائل ضمن قطاعات كثيرة يمكن لها أن تتجاوز ما يمكن أن تحققه من مداخيل بتلك الموارد. مثل تلك المشاهد والحالات المتكرّرة في دول تظل نفطية بغضّ النظر عن التفاوت في حجم وكميات تلك الموارد، ولديها إمكانات أن تُوجِد مشاريع مبتكرة لاحتوائهم؛ في قطاعات تناسب مؤهلاتهم وقدراتهم، أو تقدّم شكلاً من أشكال الدعم لاستقلال أولئك الأفراد في مهن تناسب طبيعة ما يجولون به على الناس في الشوارع وأمام الإشارات الضوئية. تلك مهمتها ومهمة القطاعات الأهلية التي لم تطلع كنبت شيطاني بل بدعم ومساندة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة في دول لديها نسبية في الشفافية ومحاولات واجتهادات بعزم ونية صادقة لاحتواء الفساد.

ليست وجهة سياحية تلك التي يتناثر فيها مواطنون ضاقت عليهم سبل العيش، وسبل الرزق الذي يبدو أن هناك من لا يخجل تجرؤاً على ادّعاء قدرته على بسطه أو قبضه!

ليس إنجازاً يمكن أن يُضمّن سيرة إنجازات دول في الخليج رؤية مواطنين تحت لهيب شمس هذه المنطقة التي تسجّل واحدةً من أكبر درجات الحرارة ارتفاعاً في العالم، وما يتبع ذلك من مخاطر ومشكلات صحية هي في النهاية فاتورة مدفوعة الثمن تتحملها الدولة في صورة أو أخرى.

ليس إنجازاً أن تظلّ قوانين هيئة التأمين الاجتماعي وما يحصل عليه الموظف في القطاعين العام والخاص من مستحقات وراتب تقاعدي لا يكاد يفي بنصف التزامات الموظف التي نتجت عن استقراره في وظيفة ثابتة، ما يضطره إلى البحث عن بدائل في صور مشاريع لا حصر لها وضمن الحد الأدنى من الإمكانات التي لا يستطيع معها أن يردم فجوة الفارق بين قدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه من يعيل وتجاه الجهات الدائنة من مصارف وغيرها.

لا إنجاز في الجور عبر القرارات، ولنا في ما حدث في الأعوام الثلاثة الماضية خير شاهد، حين صحا آلاف الموظفين من كبار المسميات الوظيفية إلى أبسطها وشائعها على كابوس وعراء البطالة جرّاء الفصل التعسفي الذي اتفقت جهات وللمرة الأولى على تطبيقه ضمن إيقاع واحد ومعروف.

أفرزت الأحداث الأخيرة حالات من أولئك يعدون بالعشرات والمئات ممن اتخذوا الأرصفة والأسواق الشعبية التي تأخذ دورتها على امتداد أيام الأسبوع انتقالاً من قريةٍ إلى أخرى. وأولئك بالكاد يفون بجزء يسير من التزاماتهم.

وبالعودة إلى الباعة الجائلين تحديداً، من أهل هذا البلد الذين صار يزاحمهم من هو مقيمٌ بشكل شرعي أو غير شرعي، وازديادهم يوماً بعد يوم، في ظل مداهمات وإيقاف وحجز وتهديد بعدم ممارسة تلك المهن، لم تخرج لنا الدولة ببديل يقدّم لأولئك. لا نتحدث عن صدقة جارية وتعطّف، ولكن أين بنك الأسرة للأسر المحتاجة مثلاً؟

من قال أن رجلاً أو شاباً ترك مقعده الدراسي لينتصب واقفاً أمام إشارة ضوئية تحت لهب الشمس هو من الأسر التي تملك حسابات مصرفية في «يو بي إس» السويسري أو مصارف في جزر كايمان هرباً من الضرائب؟! فقط نبحث عن إنجازٍ لدعم تلك الحالات وغيرها أيضاً.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4296 - الأربعاء 11 يونيو 2014م الموافق 13 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:20 ص

      صباح الخير

      ك العافية أستاذة أعرف مديرة أجبرت موظفين على العمل في مكاتب حارة بدون تكييف في عز الصيف رغم سماح الشركة للموظفين بالمغادرة! سأحاول التواصل معك فلربما يسعك كتابة موضوع حول ذلك

    • زائر 2 | 1:59 ص

      حكومة البحرين

      ينزعج المسئولين من تلك المناظر وأقسى ما يقومون به هو إهانه الطفل أو الرجل أو المرأة ومنعه من البيع، ينزعجون من صورة ولا يتألمون من أسر بحرينية جوعى ؟؟!

    • زائر 1 | 1:13 ص

      مع الأسف

      أي بالبحرين الهندي قاعد في أفخم السيارات والبحريني واقف عند الإشارة يبيع ماي ولومي صدق من قال عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب شباب في عمر الزهور مع الأسف ضاعت أحلامهم وصار حلمهم سراب يشوفون الغريب يلعب في الديرة وهم حتي كيلو طماطم ما يقدرون يشترون

اقرأ ايضاً